أكد المفكر العربي الدكتور خالد محمود عبد القوي عبد اللطيف
مؤسس ورئيس اتحاد الوطن العربي الدولي
رئيس الإتحاد العالمي للعلماء والباحثين
أن القرآن الكريم دعا الإنسانَ إلى النظر في آفاق الكون من حوله، والتفكُّر في آلاء الله، وقراءة صفْحة الكون المفتوحة أمامَه، "في القرآن الكريم ما يزيد على ألْف آية تتحدَّث عن معالم هذا الكون، وتَذْكر مفرداته من: السماوات والأرض، والشمس والقمر، والكواكب والنجوم، والجبال والبحار والأنهار، والمطر والرعد والبرق.. إلى آخره، وإذا كانت هذه الآيات قد ذَكَرت تلك المفردات في سياقِ لفْتِ الأنظار إلى مظاهر قدرة الله -عزَّ وجلَّ في الخلق، دلالةً على وحْدانية الخالق - جل وعلا- وتُثْبِت قضية البعث الذي أنكره الكفَّار، فإنَّها مع ذلك قد جاءت في أسلوب وعبارة تفتح أمام العقل البشري آفاقًا واسعة للتفكير في دلالاتها عبْرَ عصوره المتعاقِبَة من بَعد نزول القرآن، فيقوم لدَيه من هذه الدلالات في كلِّ عصْر ما يشْهد بالحقِّ الذي جاءت به.
وفي عصرنا الذي نعيشه، وفي غضُون عشرات قليلة من السنين، وبالقياس إلى تاريخ البشرية الممتدِّ، وصلت المكْتَشَفات العلميَّة المتعلِّقة بالكون في آفاقه، وفي أنْفُس مخلوقاته ما لم تصل إليه من قبل.
الإسلام وتطوير العلوم والبحث العلمي:
تضمَّنتْ آياتٌ عديدة مكِّية ومدنيَّة، وكذلك أحاديثُ للرَّسول -صلى الله عليه وسلَّم- أهمِّيةَ العلْم والتفكُّر وفضْل العلماء في الدُّنيا والدِّين، وأنَّهم ورثة الأنبياء؛ تقديرًا لِدَورهم وإجلالاً لعطائهم لخير البشرية وتقدُّم الأمم، وتفقُّهِهم في أمور دينهم ودنياهم.
ولم يقتصر الإسلام على الاهتمام بتطوير العلوم الشرعية فحَسْب، بل كان للعلوم النافعة والساطعة أهميةٌ واهتمام بالغ في الإسلام؛ فالقرآن والسُّنة النبوية خطاب موجَّه إلى جميع الخلق؛ لِيُخرجهم من الظلمات إلى النور، فتعاليم الإسلام صالحة لجميع الأزمنة، محتويةٌ لجميع الأحكام التي تهمُّ البشرية قاطبة، شارحةٌ للقضايا الشرعية (الدِّينية) والسياسية، والاجتماعيَّة، والاقتصاديَّة، والعِلْمية، والأدَبيَّة، والطِّبيَّة، والكونية... إلخ.
لذَا؛ اهتم المسلمون الأوائل بالبحث العِلمي، وأَوْلَوه عناية فائقة؛ لكونه تحقيقًا لتوجيهات الله -عزَّ وجلَّ- للمؤمنين بالتفكُّر والتدبُّر في آيات الله المختَلِفة في الكون والنَّفْس والأُطُر الاجتماعية... إلخ، فكان جهدهم في هذا المجال مِفتاحًا لتقدُّم العلوم وتطورها في شتَّى مجالات العلم والمعرفة، وانطلقت أبحاثهم من منطلقات إسلامية عظيمة، أسُسُها مبنية على عظمة الله -عزَّ وجلَّ- وقدرته، وأنَّه خلَقَ الإنسان وسخَّر له كل شيء؛ ليكون عبْدًا لله يَسْعى لمرضاته، ثم لِخِدمة أمَّته الإسلامية.
يقول الدكتور موريس بوكاي: "وتناوَلْتُ القرآن كلَّه منتهيًا بشكل خاص إلى الوصْف الذي يعطيه عن حشْد كبير من الظواهر الطبيعية الواضحة في النصِّ العربي الأصيل للقرآن، ومطابقة هذا النصِّ غير المترجَم للمفاهيم العلمية التي نملكها اليوم عن نفس الظواهر الكونية التي لم يكن ممكِنًا لأيِّ إنْسان في عصر محمد -صلى الله عليه وسلَّم- أن يعرفها أو يمتلك منها أدْنَى فكرة، أوَّل ما يثير الدَّهشة في رُوح من يواجه القرآن أول مرة هو ثراءُ الموضوعات العلمية"
ولْننظر ونتمعَّن في قوله -جلَّتْ قدرته-: ﴿ سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ﴾ [فصلت: 53].
إنَّه وعْد الله لعباده بَنِي الإنسان أن يُطْلِعهم على شيء من خفايا هذا الكون، ومن خفايا أنفُسِهم على السَّواء، وعَدَهم أن يريهم آياته في الآفاق وفي أنفسهم، حتَّى يتبيَّن لهم أنَّه الحق، هذا الدِّين، وهذا الكتاب، وهذا المنهج، وهذا القول الذي يقوله لهم، ومن أصدق من الله حديثًا؟
ولقد صدَقَهم الله وعْدَه؛ فكشف لهم عن آياته في الآفاق في خلال القرون الأربعة عشر التي تلَتْ هذا الوعد؛ وكشف لهم عن آياته في أنفسهم وما يزال يكشف لهم في كلِّ يوم عن جديد.
منهج النبي في استنهاض العقل:
لقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلَّم- يستنطق العقول؛ ففي الحديث: روى التِّرمذيُّ والإمام أحمد من حديث الحسن عن عمران بن حصين قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلَّم - لأبي: (يا حصين، كم تعبد اليوم إلهًا؟) قال أبي: سبعة؛ ستَّة في الأرض، وواحدًا في السَّماء، قال: (فأيَّهم تعدُّ لرغبتك ورهبتك؟) قال: الَّذي في السَّماء، قال: (يا حصين، أمَا إنَّك لو أسلمتَ علَّمْتُك كلمتين ينفعانك)، قال: فلمَّا أسلم حصينٌ قال: يا رسول الله علِّمْني الكلمتين اللَّتَين وعدتني، قال: (قل: اللَّهمَّ ألهمني رشدي، وأعذني من شرِّ نفسي)
وعندما سَمِع العرب عن دين الإسلام وما دار من حديث حول النبي الذي بعث بمكة، بدأَتْ عقولهم تتفكَّر وتتدبر وتستنْكِر ما هي فيه من كفْر وضلال، فها هو أبو ذرٍّ الغفاري -رضي الله عنه-: "كان يعبد صنَمًا لا يفارقه حضَرًا ولا سفرًا، فخرج يومًا إلى السفر، فذهب لحاجته فقال: أيُّها الصنم، احْفظ متاعي، فلما ذهب جاء الثَّعلب وبال عليه، فلما رجع أبو ذر وجده مبلولاً، فقال: واعجبا، السَّماء لم تمطر، فوجدَ أثَر الثعلب، فرمق بطَرْفه نحو السماء، وقال:
أَرَبٌّ يَبُولُ الثُّعْلُبُانُ بِرَأْسِهِ
لَقَدْ ذَلَّ مَنْ بَالَتْ عَلَيْهِ الثَّعَالِبُ
فَلَوْ كَانَ رَبًّا كَانَ يَمْنَعُ نَفْسَهُ
فَلاَ خَيْرَ فِي رَبٍّ نَأَتْهُ الْمَطَالِبُ
بَرِئْتُ مِنَ الأَصْنَامِ يَا رَبِّ كُلِّهَا
وَآمَنْتُ بِاللهِ الَّذِي هُوَ غَالِبُ"
دلالة القرآن على صدق نبوة محمد -صلى الله عليه وسلَّم- وأنه من عند الله:
لقد دلَّ القرآن على أنَّه مِن عنْد الله -عزَّ وجلَّ- ودلَّ أيضًا على صدْق نبوَّة سيِّدنا محمد -صلى الله عليه وسلَّم- حيث احتوى القرآن: "معارِفَ وعلومًا وأخبارًا وهداية وأسلوبًا لم يتأتَّ للبشر أفرادًا وجماعاتٍ وأممًا وشعوبًا أن يأتوا بمِثله... قال - تعالى -: ﴿ قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَـذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا ﴾ [الإسراء: 88]"
فمِثل هذه الأشياء أنَّى لرسول الله -صلى الله عليه وسلَّم- أن يعرفه، وهو النبي الأمِّي الذي لم يعرف القراءة والكتابة، ولم يكن شيءٌ منها موجودًا في بيئته؟!
"إنَّ مقارنة العديد من الرِّوايات الواردة في التوراة والإنجيل مع روايات نفْس الموضوع في القرآن تبْرِز الفروق الأساسية بين بعض نصوص التوراة والإنجيل غير المقبولة علميًّا وبين آيات القرآن التي تتَّفق تمامًا مع المعطيات العلميَّة الحديثة، وهذه الفروق بين القرآن والتوراة والإنجيل تَدْحَض كلَّ ما قيل - ادِّعاءً دون أدْنَى دليل - عن نقل محمَّد - صلى الله عليه وسلَّم - للتوراة أو الإنجيل حتى يعد نصَّ القرآن"
وفي ختام حديث مؤسس ورئيس اتحاد الوطن العربي الدولي
ورئيس الإتحاد العالمي للعلماء والباحثين
الدكتور خالد محمود عبد القوي عبد اللطيف
دعا العلي القدير أن يحفظ مصر قلب العروبة
ويحفظ الأمة العربية والإسلامية وكل شعوب
العالم المحبة للسلام من كل مكروه
إرسال تعليق