رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يتحدث عن الشخصية السوية

رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يتحدث عن الشخصية السوية



بقلم المفكر العربي الدكتور خالد محمود عبد القوي عبد اللطيف
مؤسس ورئيس اتحاد الوطن العربي الدولي
رئيس الإتحاد العالمي للعلماء والباحثين
مما لاشك فيه أن الفرد هو نواة الأسرة، والأسرة هي نواة المجتمع، والمجتمع هو نواة العالم، وأكبر خطأ يمكن أن يقع فيه الواحد منا هو السعي لإصلاح العالم بأكمله، دون إصلاح نفسه.
وحتى نمتلك تلك الشخصية السوية، فإنه لا بد من التعرف على ماهية هذه الشخصية، ومكوناتها، والعوامل المؤثرة عليها.
مفهوم الشخصيّة:
تُعرَّف الشخصيّة بأنّها خليط مُعقّد يحتوي على العديد من المكونات والجوانب المختلفة: كالسمات، والعادات، والدوافع البيئية المكتسبة، والصفات النفسيّة والجسديّة سواء المكتسبة والموروثة، وتشمل أيضاً العادات والتقاليد المرتبطة بالإنسان، بالإضافة إلى مجموعة القيم، والميول، والاهتمامات، والعواطف التي تتحكّمُ بتصرفاته؛ وغيرها، حيث تكون جميعها متفاعلة وتظهر للنّاس على هذه الصورة من خلال تعامل الإنسان في المجالات الحياتيّة المختلفة.
وإذا حصل خلّل في أحد مكوّنات الشخصيّة أو بعضها ظهر على الشخص ما يُعرف باضطراب الشخصيّة.
العوامل المكوّنة للشخصيّة:
يمتلك كلّ شخص شخصيّة فريدة تميّزه عن غيره من الأشخاص، ونشأت معه كفطرةٍ فيه أو اكتسبها من محيطه؛ لذلك يُخطئ بعض الأشخاص عندما يحكمون على غيرهم من مظهرهم الخارجيّ أو نمط حياتهم فقط؛ إذ أن هذا الشيء غير كافٍ لتقييم الأشخاص، بل يجب تطبيق دراسات تحليلية تهدف إلى توضيح طبيعة شخصيتهم، وتتكوّن شخصيّة الفرد بالاعتماد على العديد من العوامل، وهي:
البيئة: هي من المُؤثّرات التي يظهر أثرها الواضح في الفرد، سواء من خلال التصرفات أو الأفكار المختلفة، ويكون مصدرها من منزله أو مدرسته أو مجتمعه.
الذكاء: هو الجمع بين الفهم السريع، والقدرة على التعلّم، وإمكانية التكيف مع البيئة، والاستفادة من جميع الخبرات السابقة، ويتباين ويختلف الأفراد بمستويات الذّكاء الخاصّة بكلٍّ منهم، ويعتمد قياس مستوى الذكاء على تطبيق مجموعة من الاختبارات الدقيقة.
المزاج: هو عنصر مهمّ في تكوين الشخصيّة، فيؤثّر في النّفس البشريّة بشكلٍ يظهر واضحاً في التصرفات. وقد يكون مزاج الفرد اندفاعيّاً ومسيطراً كصفاتٍ موروثة، أو قد يكون عاطفياً ويشمل مجموعة عُقد اكتسبها ممّن حوله.
الخلق: هو أهم عوامل تشكّل الشخصيّة، والذي يعطيها صفات الخير والشّر، والصدق، والتعاون، والكذب، والصداقة، والمثابرة، والخداع.
الجسم: إنّ صحةَ الجسم وقوّته تكون مصدراً للثقة أو للضّعف والتراجع، كما أنّ سلامة العقل كقوّة التذكّر والتفكير تبني جُزءً من شخصيّة الإنسان، وتُساهم أيضاً إفرازات الغُدد المختلفة في جسمه ببقائه متزناً.
العوامل المؤثرة على تكوين الشخصية:
كما ذكرت آنفا العوامل المكونة لتلك الشخصية، فإن العوامل المؤثرة على تكوين البناء الأساسي لشخصية الفرد تكاد أن تشابه تقريبا تلك العوامل، والتي نذكرها كما يلي:
العوامل الحيوية: وتُمثّل العواملُ الحيوية الوظائفَ الفسيولوجية لأعضاء جسم الانسان، وتؤثّر آلية عمل هذه الوظائف بشكل أو بآخر على نمو شخصية الفرد وتفاعلاته، فالاتزان في الإفرازات الهرمونية للغدد الصُّمّ له الدور الكبير في اتّزان استجابات الفرد وسلوكه بشكل عام، كما يظهر الأثر الواضح الذي يتركه الجهاز العصبي في الإشراف على عمل وظائف الأعضاء؛ أي أنّه المسؤول الأساسي عن مدى تكامل وتلاؤم أداء هذه الأعضاء لوظائفها، فعندما يقوم الجهاز العصبي بمهامه بشكل سليم تكون عملية النمو عند الفرد سليمة ومستقرة.
الوراثة: يحمل الإنسان في موروثاته الجينيّة الكثير من الخصائص ..؛ حيثُ تعتبر الوراثة عاملاً مهماً في تشكيل المظاهر والأنماط السلوكية، فالفرد يرث الاستعدادات والخصائص السلوكية الأولية له؛ أي أنّ الوراثة تحدّد الأساس الحيوي لتكوين الشخصية.
البيئة: هي العوامل المادية والاجتماعية والثقافية الحضارية التي تساعد في بناء التكوين الشخصي للفرد، فالبيئة الاجتماعية تُكسِب الفرد الأنماط السلوكية من خلال تفاعله مع محيطه المجتمعي والذي قد يجعل منه فرداً مميزاً بذاته.
الأسرة: هي البيئة الأولى التي يحتك بها الفرد منذ طفولته، فهي تشرف بشكل مباشر على مستوى نموّه النفسي، وبالتالي لها التأثير الأكبر على عملية تبلور وتكوين شخصية الفرد واتجاهاته السلوكية، فالتنشئة الأسرية السليمة تُنشئ أفراداً أسوياء.
التعليم: عملية التعليم هي عبارة عن مجموعة الأنشطة العقلية والذهنية التي يمارس فيها الفرد خبراته الجديدة سواء أكانت من العادات أو القيم أو الاتجاهات أو المعايير وغيرها الكثير.
فإذا قدر لهذا الفرد أن يحظى بعوامل جيدة ومناسبة، كان نتاج ذلك شخصية إيجابية سوية، قادرة على الاستمتاع بالحياة، وخلق التوازن بين أنشطة الحياة ومتطلباتها لتحقيق المرونة النفسية، هادئ وبشوش، ذكيّ ومُتحمّس، يتّخذ قراراته بعقلانيّة، ويُفاوض ببراعة، ويُصغي للآخرين.
أما إذا لم يقدر له ذلك، وحصل فيما سبق ذكره خلل، فإن ذلك يؤدي إلى ظهور أنواع مختلفة من الشخصيات السلبية كلن بحسب ذلك الخلل الطارئ على حياته، فتظهر لنا تلك الأنماطٍ البشريّة الغير سوية، التي نجد بعضها ممن يصعب فهمه، أو تفسير تصرفاته.
ولو كان الأمر بأيدينا لكنا اخترنا الأفضل، ولكن هي أقدار الله، جعلها الله في هذه الحياة ليختبر أينا أحسن عملا، فقد لا يكون من المتاح لنا الظهور بأجمل صورة نرغبها، ولكنه لا يعد مبررا كافيا لنقرر العيش والبقاء في الظلام، بل نستطيع أن نسجل أفضل ما عندنا بغض النظر عن كل ما مررنا به.
وسواء كان هناك القليل من الأشياء التي تحتاج للعمل عليها، أو سواء كانت الحياة عموما تحتاج إلى تغيير جذري، فإن المشكلة الكبرى تكمن غالبا في معرفة النقطة التي يجب أن تبدأ منها.
تعلم أن تصافح نفسك، اجلس معها، وتحدث إليها، ابحث عن جوانب النقص فيها، وحاول تقويمها، وإن احتجت إلى مساعدة فاعلم أن (المرشد النفسي) لن يتردد أبدا في تقديم العون لك، والأخذ بيدك لتنطلق نحو مستقبلك المشرق، فليس هناك أحد كامل إلا الله سبحانه، ولكننا نأخذ بالأسباب، ابحث عما يرفع من قدرها، ويطورها في شتى النواحي، واسأل الله في كل أحوالك أن يلهمك رشدك، ويقيك شر نفسك، واعلم أنك ما سعيت لذلك فإن عين الله ناظرة لك، ورحمته معينة لك، يقول سبحانه:(إنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ) (الرعد 11)، ويقول سبحانه، ويقول سبحانه:(وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ)العنكبوت 69

اكتب تعليق

أحدث أقدم