رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يتحدث عن الإسلام والإنتاج الزراعي

رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يتحدث عن الإسلام والإنتاج الزراعي



بقلم \ المفكر العربي الدكتور خالد محمود عبد القوي عبد اللطيف

مؤسس ورئيس اتحاد الوطن العربى الدولى
رئيس الإتحاد العالمي للعلماء والباحثين
مما لا شك فيه أن الإسلام حرم تعطيل الأرض عن الزراعة وأجاز للدولة أخذها من يد معطلها ومنحها لمن يستثمرها، وشجع على استثمار الأرض غير المزروعة وإعطائها لمن يستثمرها وهو ما سمي بإحياء الأرض الموات، واعتبر الإسلام العمل الزراعي جهادا يثاب عليه المرء ويستحق التشجيع والإكرام، عن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ حَدَّثَنِي فَنَّجُ قَالَ: كُنْتُ أَعْمَلُ فِي الدَّيْنَبَاذِ وَأُعَالِجُ فِيهِ فَقَدِمَ يَعْلَي بْنُ أُمَيَّةَ أَمِيرًا عَلَى الْيَمَنِ وَجَاءَ مَعَهُ رِجَالٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَجَاءَنِي رَجُلٌ مِمَّنْ قَدِمَ مَعَهُ وَأَنَا فِي الزَّرْعِ أَصْرِفُ الْمَاءَ فِي الزَّرْعِ وَمَعَهُ فِي كُمِّهِ جَوْزٌ فَجَلَسَ عَلَى سَاقِيَةٍ مِنْ الْمَاءِ وَهُوَ يَكْسِرُ مِنْ ذَلِكَ الْجَوْزِ وَيَأْكُلُ ثُمَّ أَشَارَ إِلَى فَنَّجَ فَقَالَ يَا فَارِسِيُّ هَلُمَّ قَالَ فَدَنَوْتُ مِنْهُ فَقَالَ الرَّجُلُ لِفَنَّجَ أَتَضْمَنُ لِي غَرْسَ هَذَا الْجَوْزِ عَلَى الْمَاءِ فَقَالَ لَهُ فَنَّجُ مَا يَنْفَعُنِي ذَلِكَ فَقَالَ الرَّجُلُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ بِأُذُنَيَّ هَاتَيْنِ مَنْ نَصَبَ شَجَرَةً فَصَبَرَ عَلَى حِفْظِهَا وَالْقِيَامِ عَلَيْهَا حَتَّى تُثْمِرَ كَانَ لَهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ يُصَابُ مِنْ ثَمَرَتِهَا صَدَقَةٌ عِنْدَ اللَّهِ -عز وجل- فَقَالَ فَنَّجُ أَنْتَ سَمِعْتَ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ نَعَمْ قَالَ فَنَّجُ فَأَنَا أَضْمَنُهَا قَالَ فَمِنْهَا جَوْزُ الدَّيْنَبَاذِ"[1]".
وعن عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- عَنْ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "مَنْ أَعْمَرَ أَرْضًا لَيْسَتْ لِأَحَدٍ فَهُوَ أَحَقُّ"[2].
2- التأكيد على أن كل شيء بيد الله وهو الفاعل الحقيقي وما على الإنسان إلا الكد والعمل وبذل الجهد ثم التوكل على الله -سبحانه وتعالى-، سيما وأن الانتاج الزراعي مرتبط إلى درجة كبيرة بعوامل الطبيعة، يقول -تعالى-: (وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ الْعُيُونِ لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلَا يَشْكُرُونَ)[3].
ثم ربط -سبحانه وتعالى- الانتاج الزراعي بقدرته -عز وجل- وإرادته، فقال: (أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ إِنَّا لَمُغْرَمُونَ بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُون)[4].
وقال -سبحانه وتعالى-: (أَمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ)[5].
3- أشار الله -سبحانه وتعالى- إلى أن من طبيعة النفس البشرية حب الشهوات وميل النفس اليها، وذكر منها الانتاج الزراعي، فقال -تعالى-: (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ)[6].
4- ربط -سبحانه وتعالى- بين الانتاج الزراعي والماء وأن لا زراعة بدون ماء، فقال -تعالى-: (وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا لِنُخْرِجَ بِـهِ حَبًّا وَنَبَاتًا وَجَنَّاتٍ أَلْفَافًا)[7].
وقال -سبحانه وتعالى-: (وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ رِزْقًا لِلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا كَذَلِكَ الْخُرُوجُ)[8].
5- اعتماد مبدأ التنوع في المحاصيل النباتية، قال -سبحانه وتعالى-: (وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ فَأَنْشَأْنَا لَكُمْ بِهِ جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ لَكُمْ فِيهَا فَوَاكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ * وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهَا وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ)[9]، وقال -تعالى-: (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنَابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)[10].
6- إبراز التكامل بين الإنتاج النباتي والحيواني، يقول الله -تعالى-: (وَاللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ)[11].
وبالنظر إلى هذه الآيات الكريمة نجد الإشارة إلى جميع جوانب الإنتاج الزراعي، فقد ذكر الإنتاج النباتي، والإنتاج الحيواني، وإنتاج النحل، والصناعات الغذائية التحويلية في قوله -تعالى-: (وَمِنْ ثَمَرَاتِ).
7- التأسيس للإنتاج الزراعي على أساس التوازن والاعتدال في جميع مراحل الإنتاج بدءا من الحرث والري إلى السماد والعلاجات والمبيدات وصولا إلى جمع المحصول وتجهيزه فلا إفراط ولا تفريط، والتوازن والاعتدال ركيزة أساسية لضمان نجاح واستمرارية كل نشاط زراعي.
8- إبراز العوامل والآليات التي يقوم عليها الإنتاج الزراعي، والمتمثلة بالعوامل الثلاثة التالية:
أ- العوامل المناخية: " الماء وما يتبعه من حرارة وتبخر وسحب ورياح ". "أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا"
ب: عوامل التربة: "ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا".
ج- النبات "فَأَنْبَتْنَا".
يقول -سبحانه وتعالى-: (فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ * أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا * ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا * فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا * وَعِنَبًا وَقَضْبًا * وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا * وَحَدَائِقَ غُلْبًا * وَفَاكِهَةً وَأَبًّا * مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ)[12].
وهذه العوامل التي تحدثت عنها الآية الكريمة هي أساس نجاح أي إنتاج زراعي، بل لا بد من مراعاتها ودراستها عند الإقدام على أي مشروع للإنتاج الزراعي.
9- تحريم إنتاج وزراعة أي مواد حرمها الإسلام أو تستعمل لمحرم، مثل تربية الخنازير وزراعة الدخان والمخدرات والعنب للخمور، وتحريم اللجوء إلى التعامل بالربا لتمويل الزراعة والإنتاج الزراعي.
10- تحريم التدخل والتغيير في خلق الله من خلال استعمال الكيماويات والبذور المعدلة جينيا لما لذلك من آثار خطرة على الصحة والتنوع البيولوجي والتوازن البيئي، يقول -سبحانه وتعالى-: (وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا)[13].
11- اعتبار العمل الزراعي عبادة ووسيلة لمرضات الله قبل كل شيء وطاعة لأمر الله -سبحانه وتعالى-: (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ)[14].
وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: ((مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا أَوْ يَزْرَعُ زَرْعًا فَيَأْكُلُ مِنْهُ طَيْرٌ أَوْ إِنْسَانٌ أَوْ بَهِيمَةٌ إِلَّا كَانَ لَهُ بِهِ صَدَقَةٌ))[15].
والتأكيد على شرف العمل الزراعي وديموميته إلى يوم القيامة؛ فعن أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: ((إِنْ قَامَتْ السَّاعَةُ وَبِيَدِ أَحَدِكُمْ فَسِيلَةٌ فَإِنْ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا يَقُومَ حَتَّى يَغْرِسَهَا فَلْيَفْعَلْ))[16].
11- الانتاج الزراعي والعمل في مجال الزراعة أكبر دلالات الإيمان وأكثر اتكالا على الله -سبحانه وتعالى-، فالمزارع يشق الأرض ويبذر ثم يتعهده ويسقيه حتى ينمو ثم يتوكل على الله في نتيجة المحصول، والإنتاج الزراعي لا يمكن الجزم والتأكد من نتائجه مسبقا، فربما موسم المطر أو ظهور حشرة أو هبوب رياح أو الصقيع تغير الموازين في آخر لحظة.
12- الاهتمام بالأبحاث والتجارب العلمية واكتساب الخبرات الميدانية وخاصة في مجال الإنتاج الزراعي، يقول -تعالى-: (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ)[17].
وما حصل مع النبي المصطفى -صلى الله عليه وسلم- وحادثة تأبير النخل لأكبر دليل على اعتماد البحث والتجارب في سبيل زيادة الإنتاج الزراعي؛ فعن رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ قَالَ: قَدِمَ نَبِيُّ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- الْمَدِينَةَ وَهُمْ يَأْبُرُونَ النَّخْلَ يَقُولُونَ يُلَقِّحُونَ النَّخْلَ، فَقَالَ: ((مَا تَصْنَعُونَ)) قَالُوا: كُنَّا نَصْنَعُهُ، قَالَ: ((لَعَلَّكُمْ لَوْ لَمْ تَفْعَلُوا كَانَ خَيْرًا فَتَرَكُوهُ فَنَفَضَتْ أَوْ فَنَقَصَتْ)) قَالَ: فَذَكَرُوا ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: ((إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ دِينِكُمْ فَخُذُوا بِهِ وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ رَأْيٍ فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ))[18].
13- تشجيعا للزراعة راعى الفقه الإسلامي ظروف المستثمر في مجال الإنتاج الزراعي عند دفع الزكاة، ففرق بين الزراعة البعلية والزراعة المروية كون الزراعة المروية تحتاج لرأس مال إنتاجي أكثر وتكلفة الإنتاج فيها أعلى لذلك فرض عليها في الزكاة نصف العشر بينما البعلية عليها العشر.
14- شرع الإسلام طرق ووسائل لاستثمار الأرض والمزروعات منها المزارعة والمساقاة.
15- حتى الخليفة الفاروق عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- كان ذو نظرة ثاقبة في مجال استثمار الأرض، فعندما فتحت العراق وطالب بعض الصحابة -رضوان الله عليهم- بتوزيع الأرض عليهم كغنائم، عارض -رضي الله عنه- ذلك؛ لأنه توقع إما أن يتركوا الجهاد ويبقوا في أرضهم يستثمرونها، أو يتركوها بورا ويتابعوا الجهاد، فكان قراره التاريخي أن تبقى الأرض في أيدي أصحابها لضمان استمرارية استثمارها ويفرض عليها ضريبة الخراج.
واليوم ونحن نعيش مع العالم أزمات اقتصادية يجب إيلاء الزراعة والإنتاج الزراعي أهمية قصوى، والنظر إلى مسألة الزراعة ومسألة الماء نظرة شمولية متكاملة تربطهما بالقوة البشرية، إذ لا تطور بـلا زراعة دائمة، ولا حياة بلا ماء، ويمكن أن يعود الإنتاج الزراعي بشقيه النباتي والحيواني إلى السطح واستثمار العلم والتكنولوجيا الحديثة لتطويره كي يصبح أداة استثمارية مهمة لرفع المستوى الاقتصادي للناس وتأمين احتياجاتهم من الحبوب والخضروات والفواكه بأقل من الأسعار التي يولدها الاستيراد بالعملة الصعبة وزيادة تكاليف الاستيراد والشحن والرسوم وغيره، ويمكن المساهمة في أعمال الإنتاج الزراعي وتطويره من خلال عوامل عدة نذكر منها:
1- الدعوة إلى استثمار الأراضي غير المستعملة، والعمل على إحيائها، شريطة أن لا تكون مملوكه لأحد " شخصيا أو اعتباريا " وأن لا يسبّب الاستيلاء على الأرض تعدياً على حقوق الآخرين، فلا ضرر ولا ضرار في الإسلام، ولأجل أن لا يتسبب تطبيق مبدأ الأرض لله ولمن عمرها الفوضى والنزاع، تقوم الحكومة بعملية الإشراف على عملية التوزيع وفق القانون والعدالة وتحقيق المصلحة العامة.
2- توجيه اهتمام الدولة بالزراعة والتخطيط اللازم لها بما يحقق إشباع حاجة السوق من المنتوجات الزراعية المختلفة، وهذه الخطة تعرض على المزارعين والجمعيات التعاونية، والعمل على إرشاد الفلاحين وتوضيح السياسة الزراعية التي يجب اتباعها لإشباع السوق بالمحصول المتنوع الذي هو مورد حاجة الناس، فزيادة وعي المزارعين يجعلهم يسلكون الطريق الصحيح برغبة ذاتية دون ضغوط خارجية، وتحقيقا للمصلحة العامة، فإذا كانت المصلحة العامة تقوم على إنتاج حجم معين من القمح، فلابد أن تراعي الحكومة والمزارعين هذه المسألة في الخطة الزراعية التي ترسمها.
3- العمل على تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والصحية واللوجستية في القرى والمحافظات من أجل إرجاع من هاجر من الريف إلى المدينة، فمنذ أن بدأت الهجرة من الريف إلى المدينة انهار الإنتاج الزراعي وتراجع وأصبحنا نستورد غالبية المنتوجات الزراعية من الخارج، فعندما تهتم الحكومة بالقرى ويعود أهلها المزارعون إليها ويعودون إلى العمل بالزراعة نتخلص من كثير من المشاكل الاقتصادية.
4- العمل على توفير الحوافز للمزارعين الذين يرتبطون بالأرض ويعملون بها وأصحاب الأراضي الذين يرغبون في استثمارها في مجال الزراعة.
5- العمل على تحسين أوضاع المزارعين وتأمين الأجور العادلة وتوفير ما أمكن من ظروف العيش والتعليم والرعاية الصحية لهم.
6- المحافظة على الأراضي الزراعية وحمايتها بالحد من استخدامها لأغراض غير زراعية، وعدم تغول البناء على حساب الزراعة.
7- تقديم التسهيلات المالية للمزارعين، وتشجيع رأس المال الإسلامي على الدخول في ميادين الاستثمار الزراعي بشقيه الحيواني والنباتي، من خلال إعمال بيع السلم والمزارعة والمساقاة.
8- تشجيع استعمال تقنيات وطرائق تتيح توفير أعلى مستوى، فالري والسيطرة على أعداد المزروعات مثلاً يمكن تحقيقها على وجه أفضل، ومن المهم جداً أن يستخدم المزارع موارد عوامل الإنتاج الزراعي استخداماً أكثر ملائمة وعقلانية وأن يكون له جهد كبير في نجاح عمله الزراعي.
9: إنشاء هيئة للتخطيط الزراعي لرسم الخطط الزراعية بالتشاور مع المزارعين والمستثمرين في مجال الإنتاج الزراعي بما يخدم المزارع والمستثمر والمواطن ومصلحة الوطن وليس لجهة على حساب الأخرى.
10- التركيز على الإنتاج الزراعي والعمل على زيادة الوعي بأهميته من خلال وسائل الإعلام المختلفة والمدارس والجامعات.
11- العمل على إحياء أراضي زراعية جديدة وخاصة تلك الأراضي المعطلة عن الزراعة لعوامل يمكن معالجتها وتوفير البدائل لعلاجها.
12- إنشاء جمعيات تعاونية زراعي تعمل على تقديم الخدمات والمشورة والمساهمة في رسم الخطط الزراعية، وتأمين الآلات الزراعية وتأجيرها للمزارعين، وتمويل المزارعين بشراء البذور والأسمدة وتأجير الآلات الزراعية بطرق ميسرة.
13- تطوير نظام التسويق بما يكفل تشجيعاً اكبر للمزارعين ومصلحة للمستهلك، بعيدا عن استغلال الوسطاء وتجار التصدير وجشعهم، فمثلا المزارع الآن يبيع صندوق البندورة بدولار تقريبا وتصل للمستهلك الكيلو بدولار!!.
14- دعم برامج التطوير الزراعي، ومراكز الإرشاد الزراعي بما يعزز من قدرتها على تقديم الخدمات اللازمة للمزارعين.
15- التخفيف عن كاهل المزارع من خلال الإعفاءات الضريبية على البذور والأسمدة والآلات الزراعية، وتخفيف أسعار الماء والكهرباء عليهم لتشجيعهم على الزراعة.
_______________________________________________________________
[1]- مسند أحمد. أَوَّلُ مُسْنَدِ الْمَدَنِيِّينَ -رضي الله عنهم أَجْمَعِينَ-، من نصب شجرة حديث رقم16150.
[2]- صحيح البخاري. كِتَاب الْمُزَارَعَةِ. بَاب مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَوَاتًا حديث رقم 2210.
[3]- سورة يسن الآيات 33-35.
[4] - سورة الواقعة الآية 63-67.
[5]- سورة النمل الآية رقم 60.
[6]- سورة آل عمران الآية رقم 14.
[7] - سورة النبأ الآية 14-16.
[8] - سورة ق الآية 9-11.
[9] - سورة المؤمنون الآية 18-21.
[10] - سورة النحل الآية 10-11.
[11] - سورة النحل الآية 65-68.
[12] - سورة عبس الآية 24-32.
[13] - سورة النساء الآية 119.
[14] - سورة الملك الآية 15.
[15] - صحيح البخاري. كِتَاب الْمُزَارَعَةِ. بَاب فَضْلِ الزَّرْعِ وَالْغَرْسِ إِذَا أُكِلَ مِنْهُ. حديث رقم 2195.
[16] - مسند أحمد. بَاقِي مُسْنَدِ الْمُكْثِرِينَ. إن قامت الساعة وبيد أحدكم فسيلة. حديث رقم 12569.
[17] - سورة فصلت الآية 53.
[18] - صحيح مسلم، كِتَاب الْفَضَائِلِ، ما يصنع هؤلاء فقالوا يلقحونه، حديث رقم 4357 2362.

اكتب تعليق

أحدث أقدم