رئيس الوطن العربي الدولي يتحدث عن الشعراء الأجواد

رئيس الوطن العربي الدولي يتحدث عن الشعراء الأجواد



بقلم \ المفكر العربي الدكتور خالد محمود عبد القوي عبد اللطيف

مؤسس ورئيس اتحاد الوطن العربى الدولى
رئيس الإتحاد العالمي للعلماء والباحثين
اعتاد الناس أن يسمعوا أو يقرأوا أخبار الشعراء، وهم يتكسبون بشعرهم، فيمدحون ويقدحون، طمعًا في العطاء، وتشوفًّا للجوائز، فأردت أن أحدثكم اليوم عن شاعر جواد سمح اليدين، لا ينتظر عطاء أحد، بل ينتظر الناس عطاءه، إنه الشاعر الكريم الجواد حاتم الطائي، وهل يجهل عربي حاتمًا؟ سأحدثكم عن حياته وأسرته، وعن جوده وسماحته، وأذكر عصره و نماذج من شعره، قبل أن أختم بذكر وفاته.
حياته
هو حاتم بن عبدالله بن سعد بن الحشرج من طيئ، وأمه غنية، وقيل: عتبة بنت عفيف من طيىء.
وينتسب حاتم إلى قبيلة طيىء القحطانية، والتي نزلت- بعد هجرتها من أرض اليمن-جبلي أجأ وسلمى، ثم توزعت بعد ذلك في مناطق كثيرة.
ولا يوجد تاريخ مؤكد لولادته، لكن بعض المحققين رجح أن يكون ميلاد حاتم في أواخر النصف الأول من القرن السادس الميلادي (حوالي 544م)، وذلك من خلال متابعة الحوادث التي مرت به، أو أشار إليها في شعره.
وتتكون أسرة حاتم من زوجتيه: ماوية، والنوار، وأولاده: سفانة، وعدي، وعبدالله، وهناك أخبار تفيد بزواجه من امرأة أخرى سواهما، ووجود ولد رابع له، واختلفت الروايات في أم أولاده من تكون؟ والراجح أن أم أولاده هي النوار لا ماوية.
و ماوية بنت حجر بن النعمان الغساني، وفي روايات أخرى هي ماوية بنت عفزر، كانت ملكةً في الحيرة من أرض العراق.
وبنت ثرملة بن برعل البحترية، من أحد بطون طيئ، وامرأةٌ نوار أي: نافرةٌ من الشر عفيفةٌ، ولقد ورد ذكرها في شعر حاتم حين قال:
مهلًا- نوار- أقلي اللوم والعذلا
ولا تقولي لشيء فات ما فعلا
عدي بن حاتم
صحابي جليل أسلم سنة تسع وقيل: سنة عشر للهجرة، وشهد فتح العراق، ثم سكن الكوفة، وهو من الأجواد العقلاء، كان رئيس طيئ في الجاهلية والإسلام (رضي الله عنه).
سفانة
أسلمت قبل أخيها عدي وحسن إسلامها، وأتي بها إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) فقالت: يا رسول الله هلك الوالد وغاب الوافد فامنن علي مَنّ الله عليك.
عبد الله بن حاتم
قال د.عادل سليمان جمال-وهو من أنبغ تلاميذ العلامة محمود شاكر-في دراسته لديوان حاتم عند الحديث عن أولاد حاتم: «أما عبد الله بن حاتم، فلم أجد عنه شيئًا ذا غناء، ولعله لم يدرك الإسلام».
لكنني وجدت خلال بحثي عنه شيئًا جديرًا بالذكر، فقد جاء في تاريخ دمشق:«عبدالله بن حاتم الطائي ذكر أنه كان أميرًا على طيئ ولخمٍ وجذام في الجيش الذي توجه من دمشق مع مسلمة بن عبد الملك لغزو القسطنطينية».
وذكروا أن لا عقب لحاتم إلا من قبل ابنه عبدالله بن حاتم فقط.
جوده وسماحته
سارت بذكر كرم حاتم الركبان، وضربت في سخائه الأمثال، فقالت العرب:«أجود من حاتمٍ».
وقالوا عنه : كان جوادًا شجاعًا شاعرًا مظفرًا إذا قاتل غلب، وإذا سئل وهب، وإذا أسر أطلق، وإذا أثرى أنفق.
وذكروا أنه ممن انتهى إليهم الجود في الجاهلية، وأنه كان إذا اشتد البرد، أمر غلامه يسارًا، فأوقد نارًا في بقاع من الأرض، لينظر إليها من ضل عن الطريق، وفي ذلك يقول:
أوقد فإن الليل ليلٌ قر
والريح يا موقد ريحٌ صر
عسى يرى نارك من يمر
إن جلبت ضيفًا فأنت حر
وذكروا أنه لم يك يمسك غير سلاحه وفرسه، ثم جاد بفرسه في سنة أزمة.
عصره
عاش حاتم في الفترة التي سبقت البعثة، وهو ما اصطلح على تسميته بالعصر الجاهلي، ويمتد هذا العصر لقرنٍ ونصف قبل البعثة، ويعتبر النقاد الشعر الجاهلي من أقوى الشعر وأجزله.
شعره
الكلام عن شعر حاتم يتناول:
أ- سماته
تنطبق على شعره السمات العامة للشعر الجاهلي، من وضوح المعاني، والبعد عن التعقيد، واستخدام رقيق الألفاظ في الغزل، والخشن منها في الحماسة، واستعمال الصور والتشبيهات والكنايات، وهذا مثال على الوضوح من شعر حاتم، وهو قوله :
يقولون لي: أهلكت مالك فاقتصد
وما كنت، لولا ما تقولون، سيدًا
ومثال رقته في الغزل قوله:
يضيء لها البيت الظليل خصاصه
إذا هي ليلًا حاولت أن تبسما
وخصاصه: نوافذه، والمعنى أن البيت معتم، وأما قوته في الحماسة فتظهر في قوله:
أخو الحرب إن عضت به الحرب عضها
وإن شمرت عن ساقها الحرب شمرا
واستخدم للكناية عن الكرم عدم نباح كلابه على الأضياف حين قال:
وإن كلابي قد أقرت وعودت
قليلٌ، على من يعتريني، هريرها
ونهج في شعره نهج شعراء الجاهلية، فابتدأ بعض قصائده بالغزل والوقوف على الأطلال فقال:
لم ينسني أطلال ماوية ناسي
ولا أكثر الماضي الذي مثله ينسي
ثم يأتي على وصف الناقة أو الفرس قبل الانتقال إلى الغرض الأساسي.
ب- أغراضه
تطرق حاتم في شعره للأغراض التي كان يتغنى بها شعراء الجاهلية كالفخر، والمديح، والحماسة، والوصف، والهجاء، والغزل، والاعتذار، وبدا الفخر بالجود وذم البخل، والاعتذار لكل من يلومه على جوده غرضًا واضحًا كل الوضوح في أشعاره، سواء أكان العذال من خاصته كزوجته-وهو الغالب-أو من عامة الناس.
ج- أشهر أشعاره
لحاتم أبيات ذائعة تدل على نبله وحكمته، سأختار منها قوله:
وإنك مهما تعط بطنك سؤله
وفرجك نالا منتهى الذم أجمعا
وقوله:
يرى البخيل سبيل المال واحدةً
إن الجواد يرى في ماله سبلا
يسعى الفتى وحمام الموت يدركه
وكل يومٍ يدني للفتى الأجلا
وقوله:
فنفسك أكرمها، فإنك إن تهن
عليك، فلن تلقى لك الدهر مكرما
د- رأي النقاد في شعره
اعتبر نقاد الشعر حاتمًا من شعراء الجاهلية المجيدين، فقال ابن الأعرابي:«كان حاتم من شعراء العرب، وكان جوادًا يشبه شعره جوده، ويصدق قوله فعله» .
وجاء في كتاب الشعر والشعراء:«حاتم بن عبدالله...كان جوادًا شاعرًا جيد الشعر»
وفاته
حاول المؤرخون ضبط تاريخ وفاته، وتحديد مكان قبره، وخلص المحققون إلى أنه مات بعد مولد النبي (صلى الله عليه وسلم) وقبل البعثة، قال الزركلي: وأرخوا وفاته في السنة الثامنة بعد مولد النبي (صلى الله عليه وسلم).
أقول: وذكروا أماكن عدة لقبره منها: أظايف، وتنغة، وتوارن، وعوارض،

اكتب تعليق

أحدث أقدم