رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يتحدث عن البابا شنودة

رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يتحدث عن البابا شنودة

بقلم \ المفكر العربي الدكتور خالد محمود  عبد القوي عبد اللطيف 
مؤسس ورئيس اتحاد الوطن العربي الدولي 
رئيس الإتحاد العالمي للعلماء والباحثين 
لم تكن حياة البابا شنودة، بابا الإسكندرية، وبطريرك الكرازة المرقسية، التى امتدَّت من 3 أغسطس 1923 إلى 17 مارس 2012، مجرَّد حياة رهبنة لا يهتم صاحبها بالمعارف المختلفة، أو لا يقيم لها وزنًا، وإنما كانت للبابا اهتمامات فنيّة ومعرفيّة كثيرة منذ سنوات صباه وشبابه الأولى.
عُرف عن البابا شنودة  أنه كان ينظم الشعر فى شبابه، وقد قال فى هذا الشأن إنه بدأ يكتب الشعر وهو فى السنة الثانية الثانوية، التى تعادل الصف الثالث الإعدادى في أيامنا الحالية، وكان ذلك فى عام 1938، ولكنه لم يعتبره شعرًا، حيث إنه لم يكن قد درس قواعد الشعر بعد في تلك المرحلة، وكان يعدّه لونًا من الشعر المنثور، إلّا أنه في السنة الثالثة الثانوية بدأ يميل إلى دراسة قواعد الشعر، وقد وجد كتابًا إسمه "أهدى سبيل إلى علمي الخليل" في دار الكتب، وحينئذٍ كان يذهب إلى دار الكتب بشكل يومى، يقضى وقته فى قراءة الكتاب، ويعود بعد منتصف النهار مرة أخرى ليكمل قراءته.
وإذا كانت الرهبنة هى رغبة فى الابتعاد والانسحاب من الحياة بتفاصيلها اليومية العاديّة والمألوفة، فإن الشعر هو لون من ألوان الاحتفاء بالحياة، بمختلف تفاصيلها، وقد قال البابا إن إحدى قصائده كانت شاهدة بشكل خاص على وصول رغبته فى الاستقرار فى حياة الرهبنة إلى أعلى مستوياتها، كتبها فى عام 1946. تقول القصيدة:
"غريبًا عشت فى الدنيا نزيلًا مثل آبائى
غريبًا فى أساليبى وأفكارى وأهوائى
غريبًا لم أجد سمعًا أفرغ فيه آرائى
يموج القوم فى مرج وفى صخب وضوضاء
وأقبع ها هنا وحدى بقلبى الوادع النائى
غريبًا لم أجد بيتًا ولا ركنًا لإيوائى
تركت مفاتن الدنيا ولم أحفل بناديها
ورحت أجر ترحالى بعيدًا عن ملاهيها
خلى القلب لا أهفو لشىء من أمانيها
نزيه السمع لا أصغى إلى ضوضاء أهليها
أطوف ها هنا وحدى سعيدًا فى بواديها
بقيثارى ومزمارى وألحان أغنيها
وساعات مقدسة خلوت بخالقى فيها
أسير كأننى شبح يموج لمقلة الرائى
غريبًا عشت فى الدنيا نزيلًا مثل آبائى
كسبت العمر لا جاه يشاغلنى ولا مال
ولا بيت يعطلنى ولا صحب ولا آل
هنا فى الدير آيات تعزينى وأمثال
هنا الإنجيل مصباح ولا يخفيه مكيال
هنا لا ترهب الرهبان قضبان وأغلال
ولا تستعبد الوجدان أغراض وآمال
ولا تلهو بنا الدنيا فإدبار وإقبال
أقول لكل شيطان يريد الآن إغرائى
حذارك إننى أحيا غريبًا مثل آبائى".

اكتب تعليق

أحدث أقدم