رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يتحدث عن الشباب والزواج

رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يتحدث عن الشباب والزواج




بقلم \ المفكر العربى الدكتور خالد محمود عبد القوي عبد اللطيف
مؤسس ورئيس اتحاد الوطن العربي الدولي
رئيس الإتحاد العالمي للعلماء والباحثين
مما لاشك فيه أن الزواج ظاهرة اجتماعية، تتصف كغيرها من الظواهر الاجتماعية بالتعقد والاشتباك، وإن اضطرابها يفضي إلى تغيرات جمة، في الأحوال والأوضاع الاجتماعية المختلفة.
وإذا طلب الشباب يد فتاة، أدى الأمر إلى اتصال بين عائلتي الزوجين بحكم المصاهرة، ثم لا يلبث الزواج أن يأتي بثمرة، فإذا بالولد يسوق الزوجين إلى أحوال اجتماعية تحتاج إلى كثير من التفكير فالبيئة التي يعيش فيها الطفل، والمدرسة التي يرضع فيها لبان العلم، والملاهي التي يقضي فيها ساعات فراغه، كل ذلك على حسب الشروط الموجود فيها، حسنة أم سيئة، من الأسباب المنشطة أو المثبطة للزواج.
أساس معنى الزواج:
فمن أهم الأسباب التي ولَّدت الميل لترك الزواج، وأحكمت هذا الشعور في النفوس، سوءُ فهم معنى الزواج حتى إنه إذا ذكر، جرى الحديث عن تكاليفه ومشاكله وهمومه، والأولاد وصعوبة تربيتهم، فينتهي الحديث إلى الرغبة عنه والامتعاض منه. وصوت المتزوجين يرتفع بتحذير غير المتزوجين، وقد صرح رجل متزوج بأن أكبر غلطة ارتكبها في حياته هي زواجه.
فغدا الزواج في نظر الشاب حملاً ثقيلاً، وعبئاً لا يطاق، أصبح قيداً مزعجاً يأسر حريته، ويوصد أمامه جنة الحياة الطليقة، فلا يتسنى له التقدم، بل يذهب به الخيال بعيداً، فيتوقع التدهور والتأخر في مضماره، فيندم ويتحسر على زمن العزوبة الجميل الذي فارقه.
ليس الزواج كما يتخيلون ويزعمون، وإلا لما نـزلت الشرائع الإلهية القويمة ترغب فيه، قال الرسول الأعظم محمد صلى الله عليه وسلم "النكاح سنتي فمن رغب عن سنتي فليس مني"؛ إن الزواج بريء من كل ما ينسب إليه، وإن هو إلا سنة كونية، يقصد منها المحافظة على بقاء النوع على أكمل وجه، يسعى إليه الحيوان الأعجم وكل ذي حياة، لصيانة جنسه من الزوال، ولكن الإنسان، والإنسان وحده، هو الذي استطاع أن يقوم بهذه الوظيفة خير قيام، وأن يؤدي هذا الواجب حق الأداء، وما ذاك إلا لأنه جمع إلى الغاية الطبيعية، غايات أسمى، فجعل من الزواج بناء أسرة، فتأسيس أمة، فتشييد مجد، وإعزاز وطن.
من ينكر أن الزواج يقوي في المرء العزيمة، ويجعل من رب العائلة رجلاً مجداً حازماً يحاذر أن يهمل شؤون أسرته، فيضاعف كده، وينصرف بكل قواه كي يؤمن لأطفاله وأهله ما يسد عوزهم، ويربأ بهم أن يكونوا عالة على سواه؟
ومن ينكر أن الزواج يكون للوطن نشئاً جديداً، يذود عن حياضه، جهد استطاعته، فيكون له عند الشدائد درعاً يحميه، ويحافظ على حرمته أن تمس أو أن يعبث بها عدو؟
وإذا كان في الزواج لذة طبيعية، فإن فيه إلى جانبها لذائذ جمة، تجعل الحياة الزوجية مغمورة بالهناء والصفاء، فينعم الزوج فيها بين صغاره وأطفاله، بعيشة رغدة لا يكدر صفوها ما دام الحب أساس الزواج ودعامته، وما بقي الحب، عقدة الرابطة الزوجية المحكمة، مخيماً على الزوجين، مرسلاً أشعة في قلبيهما.
الزواج والواجب:
الزواج واجب مقدس، كان يجله آباؤنا وأجدادنا، ويحلوه المكان اللائق بين الواجبات المحترمة، وقد بلغ اليونان في إكباره، أنهم كانوا يزدرون ويحتقرون غير المتزوجين. ومن المشهور أن الإسبارتين كانوا أول ما يستعلمون عن الرجل هل هو متزوج؟ فإذا لم يكن متزوجاً، لا تكون له حرمة عندهم مهما بلغت منـزلته، وعلت رتبته، وعظم فضله، لأنهم يعدون المتزوج شخصين أو أكثر حتى إذا قضى نحبه، وجد من يقوم بأعباء العائلة والوطن.
دعا هذا التقديس بعض الأمم الغابرة أن يسهلوا عقدة الزواج فلا يكون أحدهم محروماً من التمتع بمحاسنه وفضائله، فجعلوا ضريبة على الزواج من الجميلات ووضعوا مكافأة للزواج من غير الجميلات. وقد جاء الإسلام داعياً لتسهيله حاثاً على نشره وتعميمه، ولا أدل على ذلك من قوله صلى الله عليه وسلم "التمس ولو خاتماً من حديد" مقرراً أن هذا القدر الزهيد كاف لصحة العقد.
ولا سبيل إلى إنكار هذا الواجب فقد ألزمته الطبيعة، وفرضته الشرائع، وقال به العقلاء المفكرون. أما الرغبة عنه عند شبابنا وغير شبابنا فإنها تعد من الأمراض النفسية التي يجب مكافحتها واستئصالها.
الزواج والخوف من المسؤوليات:
الذي يبادر إلى القيام بالواجب يجب أن لا يخاف من المسؤوليات، لأن هذه تقتضي طبعاً واجبات يستطيع أداءها بسهولة وارتياح: لأنه قوام بالواجب.
وفي الزواج مسؤوليات جمة، وبالتالي واجبات عديدة على الشبان أن يتعلموا كيفية الاضطلاع بها، لا أن يفروا من الزواج ظانين أنه عبارة عن إشباع إحدى ميول النفس والتمتع بلذة من ملاذها، فتسول له نفسه الأمارة بالسوء نوال هذه اللذة عن طريق غير مشروعة، وهذا ما نراه في كثير من الشبان (إلا من رحم ربك) فيعود عليه خطل رأيه بالوبال، ويندم ولات ساعة مندم.
الزواج والخوف من المستقبل:
إن ضعف الإرادة وخور العزيمة يسوق الشاب وغيره إلى الاحتراس والخوف كثيراً من المستقبل.
نعم يجب أن يكون الإنسان متبصراً بعيد النظر، يفكر فيما تكنه الأقدار وتخبئه الأيام، لكن يجب أن لا تسوق هذه الأفكار إلى الخوف من المستقبل، بل يجب أن تخلق في الرجل استعداداً للطوارئ واحتياطاً لدفع الكوارث، يأنف أحدهم من الزواج لأنه يقدر أن الموت لا بد أنه صائر، ولعله قريب، بقدر الخطوب والمصائب فمن الذي سيقوم ويتعهد تربية ابنه؟ سوف يكون ابنه عالة على الغير، ربما كان شراً على البشرية مجرماً شقياً، فيختار أن لا يتزوج!
لا سيما كون الشائع هو النظرة السوداء القاتمة إلى المستقبل.
لم يدر الإنسان أن ليس له إلا ما سعى وأن سعيه سوف يرى، فإذا رأى مستقبلاً تعيساً قاحلاً فإنما ذلك دليل على أن سعيه كان زهيداً أو غير صالح. يود أحدهم أن ينعم بالمستقبل الزاهر الباسم وهو لم يكلف نفسه عناء يستحق عليه تلك المنحة وهو جاثم رابض على خطئه وزللـه لا يغيره أو يصلحه ثم يشكو الحظ والجد! أو لا يعلم كل إنسان أنه مالك زمام حظه قابض على ناصية جده ومستقبله؟
المجتمع وأثره في الزواج:
ليس من يجهل إلى أي حضيض تدنت الأخلاق والفضيلة، ليس من يجهل إلى أي حد وصل الفساد والرذيلة، سيطر علينا حب التقليد الأعمى فانغمرنا في بحر العيوب، وتعلقنا بالعادات السيئة، الأمر الذي جلب لنا البلاء.
كيف يرغب الشاب أو غيره في الزواج وهو يرى الفجور والفسق والاستهتار، كيف يستطيع أن يثق بمن سيجعلها في الغد شريكة حياته ومالكة قلبه، وهو يرى على مسرح الحياة الحوادث السافلة، ويسمع الوقائع المريبة الناطقة عن فتيات اليوم وأمهات المستقبل؟
يقف الشاب من المجتمع الزاخر بالنقائص، الزاهد بالفضائل، شاكاً ساخطاً متشائماً فإذا عنّ له الزواج فسرعان ما يخطر له السؤال عمن يجب أن يتزوج؟ أمن فتاة جعلت همها (المودات) فلا تلبث في زي حتى تتركه إلى غير، (كأبي براقش كل حين لونه يتحول).
أم من فتاة انطوت نفسها على الخيانة تخدع زوجها وهو يفديها بذات قلبه ويده ولا يدري كيف يسعى لسعادتها وهنائها؟
أم من فتاة تريد أن تجعل من زوجها عبداً وخادماً تأمره وتملي عليه مطالبها وما عليه إلا الإطاعة والتنفيذ؟
لا شك أن فتى اليوم يأبى وينكر أمثال هذه الحياة.
وما ميله عن الزواج وفراره منه إلا احتراساً من الوقوع في حياة تلك صفاتها.
أضف إلى ذلك أن سهولة الاستمتاع بالمرأة من غير ما زواج، ورواج سوق البغاء الجهري والسري قضى على كثير من روعة الزواج، بل قضى على روحه الطاهرة.
لقد أصبح في متناول الشبان والفتيان إرضاء شهواتهم بالاختلاف إلى أمكنة اللهو و(البارات) المملؤة بالمغنيات والراقصات.
وفضلاً عن ذلك فإن الفتاة الشابة لم تعد تخجل من مجالسة الشبان والتساهل معهم في مس أعضاء جسمها وأحياناً... مع الإكثار من أحاديث الحب والغرام، والعشق والهيام، والوعود والعهود، ورسائل الغرام إلى غير ذلك.
الزواج والمشاكل الزوجية:
من المؤلم سيطرة بعض التقاليد البالية والعادات المضرة. فإذا تزوج الشاب أصبحت والدته (ديكتاتورة) البيت وحاكمته المطلقة لا الناصحة ولا المرشدة، تفرض إراداتها على الزوجة وتتحكم بها كيف شاءت، تكلفها بجميع الخدمات وأنواع الطاعات، وما على المسكينة إلا الخضوع والويل لها إن تبرمت أو خالفت، فتصب عليها (حاكمة البيت المطلقة) جام سخطها وغضبها.
ولا يخفى أن أشد ما يكون على المرأة خضوعها لامرأة مثلها، وكيف تتحمل الزوجة هذه الطاعة العمياء؟ لا شك تتحملها بمضض أليم.
فيمضي حين تكظم فيه غيظها، حتى إذا طفح الكيل وبلغ السيل الزبى، انتقمت لنفسها، وكالت الصاع صاعاً، فتنشأ المشاكل العائلية التي كثيراً ما تؤول إلى انحلال العقدة الزوجية والطلاق، في حين أن رباط الزوجية يستلزم أن يبقى أبدياً، لأن الرجل مختار والمرأة مختارة قد انتزعا من أسرتين ليكونا أسرة واحدة باسم واحد وعواطف واحدة وآمال واحدة.
وقد تكون المرأة نفسها منشأ المشكلة الزوجية لما تتطلبه من المساواة مع الرجل مساواة مطلقة حتى لا ترضى فيما بعد إلا بالسيادة الكاملة على الرجل في المنـزل فيشق على الزوج، بل لا يعد في إمكانه الرضا والسكوت على هذه الحال، فيبدو النـزاع والخلاف الزوجي.
لذلك ترى كثيراً من الناس ينصرف عن الزواج خشية الوقوع في هذه المشاكل التي لا قبل لهم بها، وحقاً إن الزواج الذي يكون مسرحاً للنـزاع والخلاف ينغص العيش ويغم النفس ويحزن الفؤاد.
الزواج والاقتصاد:
يعلق كثير من الناس أهمية كبيرة على أمر المهر، ويعزون تأخر الزواج أو الامتناع عنه إلى غلاء المهور وارتفاع ثمنها. نعم إن لهذا الباعث الاقتصادي، مع ما تطلبه الحياة الزوجية من المطالب المنـزلية والاجتماعية أثر بليغ في تأجيل الزواج والانصراف عنه، إلا أن هنالك داعياً أدهى وأمر، هو تفشي البطالة بين الشباب والخلود إلى الراحة والكسل.
فقد أكثرت الحياة المدنية من التزاحم، وحلت الآلات محل العمال، فصغرت الأجور، وكثر العاطلون، وأثر ذلك في جهد العامل، فلم يعد أجره يكفي لسد أود عيشه، فكيف به والزواج يتطلب المصاريف والتكاليف؟
وأخرى أن الإقبال على طلب العلوم وما يقتضيه من السنين الطويلة دون أن يكون للطالب مورد خاص يستند إليه إلا جهود والده أو وليه، ذلك المورد الذي لا يكاد يكفي لنفقات التعليم في أكثر الأحيان، حتى إذا أنهى الشاب تحصيله في سن مؤخرة طبعاً، احتاج إلى عدة سنين أخر ليستطيع أن يثبت قدمه في المجتمع ويحصل على ثروة زهيدة.
هذا النظام في التعليم أدى حتماً إلى أن يحجم الشاب عن الزواج، وطبيعي أن لا يستطيع أداء ما يقتضيه الزواج من المصاريف والأموال وهو لا يزال قيد التعليم والدرس، وكان من جراء هذا النظام أيضاً فتور الهمم واستيلاء اليأس وشمول البؤس، لأن الشاب الذي يقضي شطر حياته في التحصيل ثم يخرج في النهاية صفر اليدين، يكون غرضاً وهدفاً للقنوط واليأس والتشاؤم والسخط.
الزواج الباكر:
من الأفكار التي تدور في خواطر الشباب فتقف عثرة في سبيل زواجهم والتي تسربت إليهم عن طريق بعض المؤلفين والكتاب، أخطار مضار الزواج الباكر. فهم يبالغون فيما ينتج عنه من مساوئ حتى ليتجاوزون حد المعقول، ومما يجدر بالذكر أن طائفة ممن يتوسم فيهم العلم والاختبار والمعرفة الصادقة ما برحوا يرددون ذلك على صفحات المجلات، فيعزون كثيراً من المشاكل الزوجية والنـزاعات العائلية إلى الزواج الباكر، بدعوى نـزق الزوجين، وإن من المؤسف أن تجد مقالات هؤلاء الكتاب أذاناً صاغية وقلوباً واعية في نفوس شبابنا، الذين إذا نقبوا عن حقيقة هذا الأمر وسألوا من هو ذو دراية حقاً لا من يتطفل على العلماء، لرؤوا الحقيقة واضحة والخطأ ظاهراً فيما كتبه أولئك المؤلفون، الذين اعتمدوا فيما ذكروه وراعوا فيما نشروه مجرد الحدس والظن، ولا يلبث من يركن إلى أقوالهم وينخدع بترهاتهم أن تنقشع سحابة أوهامه عن باصرتيه.
••••
إن كفاح معضلة الزواج الاجتماعية ودفع هذا الخطر الماثل ليس بالأمر السهل، بل صعب شاق، والسبب فيه علاقة الزواج بالأحوال الاجتماعية الكثيرة، وكلها لا تخلوا من تأثير بليغ في عقدة الزواج وتأسيسه.
فطبيعي إذن أن لا يصلح شأنه إلا بإصلاح تلك العوامل المؤثرة، أما الاقتصار على معالجة عامل أو إزالة عقبة فلا يؤدي إلى الفائدة المتوخاة والغاية المرجوة حتماً، وعندي لا يكون الإصلاح الاجتماعي مجدياً مثمراً إلا متى تناول أكثر الأوضاع ومعظم المظاهر، لأن الاشتباك في الحوادث الاجتماعية وثيق والتداخل متين، وقد أتيت على أدعى الأسباب الباعثة للانصراف عن الزواج، ولا يسعني بهذه العجالة أن أصف علاجاً ناجعاً لكل سبب، فالعلة الواحدة تحتاج بحثاً مطولاً ودرساً وتمحيصاً لبيان الطرق الشافية النافعة، لكني أستطيع أن أصرح أن الباعث الاقتصادي وحده كما يظن الكثيرون ليس هو المانع من الزواج فحسب، ولو وقف الأمر بنا عند هذا الحد لهان الخطب، ولكان من المستطاع ببعض الجهود وضع إصلاح كاف سواء بمكافحة البطالة أو بتأمين أجور كافية لتحقيق شروط معيشة لائقة، أو بحماية تجاه الأمراض العامة أو أمراض المهنة وتجاه الحوادث الناشئة من العمل، وحماية أولادهم ونسائهم وشيخوختهم، أقول لا تكفي تأمين الناحية الاقتصادية لبلوغ الهدف، بل لا بد من تحبيب الحياة الزوجية للشباب وجعلهم يتذوقون حلاوتها ولذتها بالقضاء على المفهوم الخاطئ الراسخ في الأذهان عن حقيقة الزواج، وينبغي تلقينهم وتعريفهم تلك الحقيقة بالأبحاث العلمية أو المحاضرات الاجتماعية أو النشرات أو غيرها، حتى تستقر في نفوسهم ضرورته ويفقهون غايته، ليؤمنوا بمنافع الأخذ به ومضار الانصراف عنه، فيصير الزواج لديهم أول الواجبات وأحبها ولا يكفي اقتناعهم بواجب الزواج، بل لا بد من تقوية الشعور بهذا الواجب وبعث النشاط للقيام به، لتزول أوهام مصاعب الزواج وعراقيله.
ومتى دبت روح الشجاعة في نفوس الشباب وبات الاستهتار بالمسئوليات (مهما عظمت) سهلاً، تسهل عليهم المسارعة إلى الزواج ولا تثنيهم مسؤولياته ولا تفت بعضدهم واجباته.
ولا بد من الجهر بأن المستقبل رهن في يد صاحبه يكيفه كيف يشاء ويتصرف به كما يريد، ولا بد من حذف تلك النظرة السوداء على المستقبل ومحو أثرها من النفوس بتهيئة جو مفعم بروح التفاؤل وحسن الظن وسيطرة الإيمان واليقين بالنجاح.
أما الأفكار القائلة بمضار الزواج الباكر فينبغي إعلان ثورة عليها كي لا تكون لذوي الأحلام الصغيرة وسيلة للصدود عن الزواج، فيتوضح لهم أن الشاب كالكهل يستطيع أن تكون حسن الإدارة والسياسة غير طائش ولا نـزق.
ومن الواجب أن تتوجه المساعي للقضاء على تلك الطقوس الممضة المزعجة التي تأصلت عند بعض أمهات الأزواج والتي غالباً ما تنشأ بدافع الحسد والغيرة فتؤول إلى المشاكل الزوجية، كما ينبغي العناية الدقيقة في أمر تعليم المرأة واجبها كربة منـزل عليها واجب جلب الهناء والسعادة لتسمو الأسرة في نظر الشباب وتتعشقها قلوبهم.
وأخيراً فإن العقبة الكؤود هي إصلاح المجتمع أخلاقياً وفكرياً برفع المستوى الأخلاقي والفكري، فينبغي انتشال الفضيلة من هوتها السحيقة بهتك الحجاب المسيطر على العقول والأفهام المسدول على الأفكار والأذهان، ولست أدري أي الطرق الموصلة إلى بغيتنا وطلبنا.
وهل يكون بهدم أماكن الفسق والفساد على رؤوس أصحابها، وإغلاق المواخير، ومنع الخمور أم الشرور وأصل البلايا، أم بإصلاح (السينما وأفلامها)، أم يكون بتشييد الأندية الأدبية، أم ببعث الروح الرياضية، أم بتقوية العقيدة الدينية وتمكينها، أم بصرف الشبيبة إلى المسائل العلمية والأبحاث الثقافية؟

اكتب تعليق

أحدث أقدم