رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يؤكد أن التغير سنة كونية

رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يؤكد أن التغير سنة كونية



بقلم \ المفكر العربى الدكتور خالد محمود عبد القوي عبد اللطيف
مؤسس ورئيس اتحاد الوطن العربي الدولي
رئيس الإتحاد العالمي للعلماء والباحثين
مما لاشك فيه التغيُّر سنة من سنن الله الكونية، إن أتى مد التغير لا يستطيع أحد تجميدَه، أو تحريفه عن المسار الذي خُلِق لأن يسير وَفْقًا لِخُطاه، إلا إذا كانت الهِمم الذاتية ضعيفة، وبقيت الأمور تَسيرُ بِطريقة هائمة، إلا أن يُفلت زِمامها من أيدينا.
لذلك يجب أدلجة الأفكار وَفْقًا للمعطيات المعينة على التقدم، وحرق جميع المتاريس الأيديولوجية التي تُبقينا خلف خط التقدم، وإلا بقينا في المستوى الذي وصلنا إليه، ومع الأيام ودون شعور نجد أنَّا قد تراجعنا وعُدنا لنقطة الصفر دون أن نشعر بذلك، إن سكتنا على أنفسنا قرضناها بوهمٍ اسمه ملل الحياة، وإن قاومنا متأخرًا سنكتشف أنَّا فقدنا من وقت العمر أثمنه، المولى جعل الحياة لنا طيبة؛ لا نُشوِّهها بسواد وشاح اليأس والتكاسل.
التغير الاجتماعي: هو الانتقال من حال لحال آخر، وله عدة أوجه.
وينقسم التغير الاجتماعي لقسمين:
• التغير الاجتماعي الإيجابي: هو الانتقال من حال إلى حالٍ آخر أفضل وأقرب للكمال وبدايةً يكون من النفس ثم يكون على أرض الحقيقة، وهو نِتاج عمل مُضنٍ ومتواصل، يبدأ من الرغبة وينتهي بالهدف، وهذا لا يُحقَّق في يوم أو يومين، بل يحتاج إلى إرادة قوية نفسية منضبِطة، وخطة طويلة، وعوامل مؤثرة قوية تُقاوم أي انهزامٍ نفسي، فقد يكون التغير في بعض الممارسات السلوكية التي تَمَّ اكتسابها مع مرور الوقت، في بعض العادات والتقاليد الموروثة التي لم يُنزل الله بها من سلطان.
• التغير الاجتماعي السلبي: يتميَّز عن التغير الإيجابي أنه يأتي نتيجة لتراكمات أدَّت إلى فقْد المعنى الإبداعي لقيم الأشياء، وأصبحت الرؤية عن الحياة ضيقة، فهذا الانتكاس السلبي هو من أسباب تأخُّر الأمم، وفقْدها لرقيها الحضاري؛ إذ إن التغير والتقدم مرتبطان ببعضهما ارتباطًا وثيقًا، فلا يأتي تغيُّر إلا ويَعقُبه تَقدُّم.
هذا ما جعلني أرى أن التغير الإيجابي يعني تقدُّمًا في مجمل الأحوال؛ حيثُ دائمًا يكون نهرًا من الأمل لا يَنضب لصالح تقدُّم الأمم وارتقائها، ولكن التغير السلبي هو مجرد انتكاسة عن الحال بحال ومقومات مختلفة تمامًا عن مفهوم التغير الإيجابي.
• التغير السلبي: فقْد الرُّوح دون شعور.
• التغير الإيجابي، والتغير السلبي وأثرهما على صاحبيهما!
الفوارق التغير الإيجابي التغير السلبي
نوعية التفكير تفكير مبدع انتقالي تفكير محبط
النفسية علو في الهمة وراحة النفسية نفسية متأزمة
طريقة توجيه النفس يوجه نفسه ويشجعها يحبط من نفسه ويجعل (لا) و(لن) شعارًا له
طريقة العمل يُفكِّر، يُخطِّط، ينتج، ثم ينتظر نواتج الإنتاج = تَجرِبة ينتج، ثم ينتظر النتيجة = تجرِبة
التجربة التجربة = خبرة التجربة = نجاح أو فشل
الإفادة من التجربة في حالة الفشل يُحدِّد أسباب الفشل، يقوي من فرص النجاح في محاولة أخرى يرضى بالفشل دون البحث عن الأخطاء، ليس هنالك محاولة أخرى
تكون الشخصية الجهد + الرغبة التكاسل + القيود الذاتية
النتيجة تقدم إيجابي انتكاس سلبي
الانتكاس السلبي: انتكاسة بحاجة للملمة اتجاهاتها التي تدور في فلكٍ من الإحباط والانهزام النفسي، والتماوت عن المحاولة.
للتخلص من الانتكاس أنت بحاجة لثلاثة أمور:
أولها: الشعور بالرضا:
اشعر بالرضا عن نفسك، تعلم كيف تحب ذاتك، وأن تصنع منك نجمًا أنت خلقك الله إنسانًا جيدًا، وكَبِرت وأمامك طريقان! لم تُولَد مُلحِدًا، ولم تولد مدمنًا، ولم تولد ومكتوب على جبينك جاهل للأبد، أو مكتوب لن يَبتسِم للأبد، ربما تولد في ظروف قاسية جدًّا، لكن أنت مَن يُحرِّر قسوة هذه القيود بنعمة العقل، إلا إن كنت معتوهًا، فهذه حالة استثنائية.
الحياة صراع من أجل البقاء، والبقاء يكون للأفضل؛ كن الأفضل بكل حالاتك؛ يقول الفيلسوف اليوناني هرقليطس: "إن التغير قانون الوجود، وإن الاستقرار موت أو عدم".
وعندما تفشل، فأنت لم تُخطئ؛ إنما لم تُحقِّق المطلوب؛ لأن هنالك عوامل أدَّت للفشل، فلا تكن أنت أحد هذه العوامل، وتجعل من ذاتك المحطَّمة مِعوَل هدمٍ لكل مشروع محتمل جدًّا نجاحه لو سِرنا به نحو النجاح بطريقة صائبة، وإن أخطأنا فإن الخطأ لا يكون برغبتنا؛ لأن الخطأ ليس رغبة طبيعية؛ إنما يكون رغمًا عنا، ولمسببات لم نُتقِن فنَّها.
أول هديةٍ منَحها الله إياك هي الإنسانية، انتصر لإنسانيتك، اثبِتْ أنك تستحق الحياة؛ لأن لديك قضية تستحق الدفاع من أجلها، وتذكَّر: "إن السجين المظلوم الذي يستطيع أن يهدم جدران سجنه ولا يفعل، يكون جبانًا"؛ جبران خليل جبران.
لا تضع نفسك في مقارنة مع أحد، إلا شريفًا ربَّاه أهله على أن يُعامِل نفسه بضمير مُتَّقِد.
تذكر أن: العاجزين فقط هم من تنغلِق أمامهم موارد الحياة.
• سجناء الكلمات: لا تجعل نفسك سجينًا لكلمة أطلقتَها على نفسك من جَهل، أو ألصقها بك شخصٌ ما، حوِّل طاقة الكلمات السلبية لأخرى إيجابية؛ مثل: أنا أستطيع، أنا أقدر، أنا متمكِّن.
• التجارب: تخضع للفشل والنجاح؛ ولكن!
• السؤال هو: كيف نأخذ تَجارِبنا إلى طريق النجاح؟!
• التجرِبة: ليست فقط تحديد مصير إنما خيارات، وكيفية إدارة، أَحسِن الاختيار وتعلَّم فنَّ الإدارة.
• الفرص: هي الميداليات الذهبية في الحياة، فمن لا يستغلها فكأنه أغلق أبواب التقدم عمدًا.
• التكاسل: عدو النجاح الأول؛ فمتى ما تمكَّن من إنسان، أصبح صاحب هذه الشخصية متماوتًا عن كل حالة من الحالات التي تَستوجِب التغيير.
ثانيها: التوجه ناحية المجتمع:
إن تمكَّنت من ذاتك، وجِّه نفسك ناحية مجتمعك، ساعد كل من يحتاج للتغيُّر، قاوم من أجل إعمار هذا المجتمع، فنحن جزء لا يتجزَّأ من هذه الخلية، لكن ماذا فعلنا من أجل هذه الخلية؟!
هل رفعنا من قيمتها، أم كنا مجرد أفراد زائدين؟! نأكل ونشرب وننام وننتظر الغد على ماذا يُشرِق، لا بد من أن نحيي رُوحَ التواصل الأخوي، ونوقِظ بداخلنا المشاعر الأخوية، نحن بحاجة إلى بعض، ونتواصل مع بعض بطريقة أو بأخرى، ولكن، كيف نصنع من هذه الطريقة حبلاً متينًا يكون بمثابة الدرع يقضي على كل محاولة لنشر أفكار تهرم بعمر مبدئنا؟
وحذار من أن تتوجَّه للمجتمع وأنت لديك خلل في بعض المفاهيم والقيم؛ لأنك ستفتح على نفسك سيلاً من النقد لا يُمكِن سده.
ثالثها: إيجاد مفتاح باب النجاح:
التغير لكي يَحدُث لا بد من أن تكون هنالك قوى تُسهِم في حدوثه؛ قوى داخلية، وأخرى خارجية:
مفاتيح النجاح الداخلية:
• الإيمان: هو الثقة الحقيقة بأن الله معك في جميع الأحوال؛ يقول - سبحانه وتعالى - في حديث قدسي: ((أنا عند ظن عبدي بي؛ فليَظن بي ما شاء))؛ رواه الحاكم وصحَّحه الذهبي، يقول - صلى الله عليه وسلم -: ((ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أن الله لا يقبل دعاءً من قلب غافل لاهٍ))؛ رواه الحاكم وصحَّحه الألباني.
• النفسية: جدِّد طاقتك النفسية وأوقف فوضى الخوف والإحباط، حول جميع الاستشعارات السلبية بداخلك لأخرى إيجابية، اغسل سواد أوشحة اليأس ببياض ماء الأمل.
• الرغبة والعزم: حدِّد الرغبة الملحَّة التي تُوجِب عليك التغيير، واشحذ همتك وعزيمتك لتحقيقها، قال ابن القيم: "والهمة فعلة من الهم، وهو مبدأ الإرادة، ولكن خصوها بنهاية الإرادة، فالهم مبدؤها، والهمة نهايتها".
مفاتيح النجاح الخارجية:
• التخطيط: التخطيط لجعل الرغبات على أرض الواقع، لا شيء يأتي هكذا فجأة دون بذْل جُهد وطاقة للتحقيق، خطِّط لتُحقِّق.
• التنظيم: يعتبر من أقوى العوامل المساهمة في النجاح، كل تنظيم جيد يتبعه نجاح مؤكَّد.
يجب معرفة الفرق بين النجاح الدائم، والنجاح المؤقت! النجاح الدائم كشجرة الأرز؛ تعمر طويلاً، وتعطي كثيرًا، والنجاح المؤقت كالورد بعد القطف؛ رائع في بدايته، ومع مرور الأيام يبقى مجرد ذِكرى.
معوقات التغير الاجتماعي:
الفرد / العامل الأقوى: عندما يُحاصر نفسه بين قوسين (الخوف والتكاسل)، ويجعل من كل خُطوة في التجديد هي خطوة محفوفة بالمخاطر.
حوِّلوا قوة العادة السيئة لمِعوَل يكسر جميع الصروح السلبية التي أقمنا جدرانها على ربيع قلوبنا. العادات والتقاليد/ العامل الضعيف: العادات والتقاليد سلوكيات مجتمع موروثة، لكنها لا تُمثِّل أي قيمة تُذكَر للإنسان.
قاوموا لتتقدموا؛ فالشارة الخضراء في الحياة لا تنطفئ أبدًا ولا يَبهَت وميضها، لكن عيون عقلنا هي المغلقة دومًا عن الرؤية، إذ بقينا أسرى في دهاليز الثقب الضيق من هذه الحياة.
خطوات التغلب على الانتكاس السلبي:
يتبع ثلاث خطط، إن وفِّقت في إتقانها، فهذا يعني أنك تمضي صوب طريق القمة:
• الخطة الذهبية: خطة الثلاث النقاط: (رغبة، إرادة، تخطيط).
• الخطة البرونزية: نظِّم حياتك وتخلَّص من نواتج التفكير السلبي، نجاح مؤقَّت يتبعه نجاح دائم، اختيار الخيارات الجيدة والمثلى، وكيفية إدارة الحياة، من أمثل الطرق التي تعيين على التغلب على أعقد الأمور.
• الخطة الفضية: اللمسات الأولى والأخيرة غلِّف كل خطواتك في الحياة بالإيمان المُطلَق وثِق أن الله معك.
قال الشاعر:
تأخَّرتُ أسْتَبْقِي الحياةَ فلم أجدْ
لنفسي حياةً مِثلَ أنْ أتقدَّمَا
انطلق، جدِّد حياتك بالأمل، لَمْلِم شتات الطرق الضائعة المنتكسة، وسِر في الطريق الذي آخِرُه ضوء ينتظر قدوم نجم ليبزغ للناس من حيث لا يعلمون، تَقدَّم فظلمة الليل يجلوها تفتُّق ضوء الصباح الذي يخبِّئ بين ثناياه أسرار الانتشار، كوِّن لنفسك أسرار النهوض، ليتكون لديك سلم يُعينك على الصعود، فبدل من أن ترى ضوء المشرقين تكون نفسك ضوءًا للآخرين يُرشِدهم طرق العبور.

اكتب تعليق

أحدث أقدم