رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يتحدث عن التقويم التربوى

رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يتحدث عن التقويم التربوى

بقلم \  المفكر  العربي الدكتور خالد محمود عبد القوي  عبد اللطيف 
مؤسس  ورئيس اتحاد الوطن العربى الدولى 
رئيس الإتحاد العالمي للعلماء والباحثين 
يهدف التقويم إلى تَحديد مستوى المتعلِّم، وقياس ما تحقَّق لديه من نتاجات تعليمية وخبرات مكتسبة، وهو عنصر أساس مِن عناصر المنهاج الدراسي، وجزء مُهمٌّ من أجزاء العملية التعليمية - التعلُّمية، ويتخلَّل جميع مراحل عمليات التعليم والتعلم.
ويَتناول التقويم ثلاث مراحل من تعلم المتعلم، هي: تقويم التعلُّم القَبلي (التشخيص)، والتقويم التكويني (التتبُّعي)، والتقويم البَعدي أو الإجمالي (النهائي)، ويحسِّن التقويم عملية التعلُّم، ويدعم الفعالية التدريسية، كما يوجه المتعلمين ويرشدهم، ويكشف عن حاجاتهم ومُشكلاتهم وقدراتهم وميولهم، ويفيد المدرِّس في مراجعة أساليب التدريس لتحسينها، ويضع الأساس السليم للتعامل مع المتعلمين[1].
ورغم استخدام الاختبارات كأداة للتقويم على نطاق واسع؛ وذلك لما تتمتَّع به من مميزات مثل سهولة إعدادها وانخفاض تكاليفها، فإن هناك انتقادات كثيرة وجهت لاستخدام الاختبارات المقننة كأداة وحيدة في عملية التقويم، ومِن أهم هذه الانتقادات ما يلي:
♦ أنها غير فعالة في قياس المهارات المركبة لحلِّ المُشكلات، والتفكير التباعدي، والتواصل.
♦ أنها لا تعمل على قياس مهارات التفكير العليا.
♦ أنها تُساعد على حفظ وتذكر المعلومات دون فهمها[2].
ومِن المشاكل الأخرى التي تَعتري عملية التقويم التربوية نجد:
♦ غلبة الجانب المعرفي على باقي الجوانب المهارية الأخرى؛ فالمدرِّس في إعداده للاختبارات التقويمية لا يُحدِّد الكفايات - كما هو وارد في المنهاج الدراسي الجديد - التي يتوخى امتلاكها من طرف المتعلِّم؛ إذ يَنطلق من هاجس معرفي محض دون استحضار جوانب أخرى ذات أهمية بالغة في تكوين شخصية المتعلم: مهارية، مواقفية، الارتباط بالمحيط الخارجي (الاجتماعي، الاقتصادي، الثقافي...).
♦ ضَعف توظيف التقويم التشخيصي والتكويني؛ إذ لا تزال الممارسات التعليمية لا تعكس الأهمية الكبرى التي يَحتلها التقويم بمختلف أنواعه، وخصوصًا منها التقويم التشخيصي والتكويني، فلا يُمكن تبرير القفز عليه بدعوى طول المقررات والإسراع في استكمالها؛ ذلك أن أي تعلم لا يُمكن أن يكون راسخًا إلا إذا استند على مكتسبات ينبغي التأكد من تحصيلها عن طريق التقويم[3].
♦ التقويم ومشكلة الخريطة المدرسية: تعدُّ هذه الآلية من الآليات التي تَحول دون تفعيل العملية التعلمية - الحصول على المعدل المتوسِّط، وفي غالب الأحيان معدلات هزيلة؛ إذ لا تعكس حقيقة أفعال التعليم؛ ذلك أن الاختبارات قد تضمن نجاح التلميذ في مرحلة دراسية معينة، لكنها لا تضمن بالضرورة إدماجه في سوق العمل؛ لهذا يجب تَحديث منظومة التقويم حتى تساير إستراتيجية الكفايات، وفي هذا الإطار يُمكن الاستعانة بالتقويم المرجعي / المحكي (Critère référentiel)، والذي لا يتلاءم مع طبيعة التدريس بواسطة الكفايات؛ "لأنه يتأسَّس على مقاييس ترتبط بالمادة الدراسية وأهدافها، ومدى امتلاكها مِن طرف التلاميذ، كما أنَّ هذا التقويم يهدف إلى وصف سلوك المتعلم وصفًا شاملاً دقيقًا بُغية تشخيص جوانب القوة والضعف، واقتراح أساليب العلاج"[4].
ولتطوير التقويم في منظومة التربية والتكوين يتحتَّم ما يلي - كمُقترحات - قابلة للإضافة والتنمية:
♦ توثيق العلاقة بين التدريس والتقويم باستخدام نتائج التقويم في توجيه التعلُّم وتطوير إستراتيجياته، وتعزيز دور المتعلِّم في تقويم أنشطة التعليم والتعلم.
♦ توسيع دائرة التقويم ليشمل إلى جانب التحصيل المعرفي قياسَ وتنمية المهارات والميول والاتجاهات العلمية باستخدام أدوات مناسبة.
♦ اعتماد أسلوب التقويم التراكمي باستخدام ملفات التقويم (حقائب تربوية) Portfolio؛ وذلك لأهميته في إعطاء صورة مُتكامِلة عن مستوى المتعلم معرفيًّا ومهاريًّا ووجدانيًّا.
♦ الاعتماد على التطبيقات الفعالة والحيوية بأشكالها المتنوعة؛ بغرض الوصول إلى المَلَكة الذاتية التي لا تتحقَّق إلا بالتدريب المستمر، والذي يجب أن يسود مختلف المواد التعليمية[5].
♦ الاهتمام أكثر بالتقويم الوظيفي - الواقعي: هو نمط من أنماط التقويم يجعل المتعلم يَنغمِس في مهام وأنشطة تعليمية وتربوية مختلفة ذات معنى له، وترتبط بحياته اليومية ومسؤولياته في العالم الحقيقي الواقعي، والذي سوف يُواجهه أثناء وبعد انتهاء دراسته؛ وذلك بغرض الحصول على معلومات عن قدرة الطالب على تطبيق ما تعلَّمه من معارف ومهارات في مواقف جديدة ومتنوعة.
♦ وختامًا: إنَّ تفعيل هذه المقترحات، كفيل - إنْ شاء الله - بتحسين جودة التعليم، وقد يُسهم في اكتشاف الخلل في التدبير الديداكتيكي داخل الفصل الدراسي، ويضع المتعلم أمام المحك، مما قد يَدفع وزارة التربية الوطنية إلى التفكير في إستراتيجية بديلة تحدُّ مِن ظاهرة الهدر المدرسي من خلال توجيه المتعلمين منذ صغرهم إلى مراكز التكوين المِهَني، وفي أقل الحالات توجيههم نحو ما يُسمى بالتربية غير النظامية.
________________________________________
[1] تيسير خليل القيسي: أثر استخدام نموذج تقويمي مقترح في التحصيل والتفكير الرياضي والاتجاه نحو الرياضيات لدى طالبات الصف التاسع الأساسي في الأردن، مجلة العلوم التربوية النفسية، المجلد 9، العدد 1، مارس 2008، (ص: 94)، بتصرف يسير.
[2] عبدالسميع، عزة محمد (2007م)، فاعلية برنامج مقترح في تنمية فهم واستخدام بعض أساليب التقويم الواقعي لدى طلاب كلية التربية (شعبة الرياضيات)، المؤتمر العلمي السابع، المجلد 2، مصر.
[3] المملكة المغربية، وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي: دليل الحياة المدرسية، الرباط، دجنبر 2008، (ص: 30).
[4] محمد بوصحابي: بيداغوجيا الكفايات وسؤال التجديد التربوي، مجلة علوم التربية، العدد 35، أكتوبر 2007، (ص: 59 - 60).
[5] ‎ ‎LOBROT Michel (1973), Priorité à l’éducation, Petite bibliothèque Payot, Paris, P37

اكتب تعليق

أحدث أقدم