رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يؤكد على عدم اليأس من رحمة الله

رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يؤكد على عدم اليأس من رحمة الله



بقلم \ المفكر العربى الدكتور خالد محمود عبد القوي عبد اللطيف
مؤسس ورئيس اتحاد الوطن العربى الدولى
رئيس الإتحاد العالمي للعلماء والباحثين
اليأس من رحمة الله" بشرى من عند الله سبحانه وتعالى تعالج كل اكتئاب، وتمنع من الدخول في الإحباط، وتتعامل مع الواقع بطريقة سلسة وجادة {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53) وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ } فى هذه الآيات المباركات يراعى الله سبحانه وتعالى خلقته في أن "كل ابن آدم خطاء" يعنى كثير الخطأ، يعنى يعود للخطأ مرة بعد مرة " كلُّ ابنِ آدمَ خطَّاءٌ ، وخيرُ الخطَّائينَ التَّوَّابونَ " فسيكرر التوبة من غير يأس من غير إحباط، والأمر في ذلك أن الله من صفاته أنه صبور سبحانه وتعالى لا يناله منا ضُر بمعصيتنا -فنحن لا نستطيع أن نصل إلى الله سبحانه وتعالى بالضر والعياذ بالله تعالى لأنه هو القوى المتعال- فكل ذنوبنا إنما تضرنا نحن -نحن نضر أنفسنا-، ثم بعد ذلك تحدث الإفاقة من الغفلة ، ويحدث إرادة التوبة ، ويساعدنا الله سبحانه وتعالى أنه سيغفر لنا الذنوب جميعا " يا ابنَ آدمَ لو بلغت ذنوبُكَ عَنانَ السَّماءِ ثمَّ استغفرتَني غفرتُ لَكَ، ولا أبالي، يا ابنَ آدمَ إنَّكَ لو أتيتَني بقرابِ الأرضِ خطايا ثمَّ لقيتَني لا تشرِكُ بي شيئًا لأتيتُكَ بقرابِها مغفرةً " وهو حديث عجيب يعجز الإنسان يأتى لربه بمتر مكعب من تراب الأرض ذنوبا ، فكيف يأتى الإنسان بتراب الأرض ذنوبا ؟ يعنى لو أراد إنسان أن يفعل كل ثانية معصية ، لا يستطيع أن يأتى بمتر مكعب واحد من تراب الأرض، إذًا نحن أمام شيء مذهل من العفو والغفران والبداية الجديدة وعدم اليأس ، بعد ما نندم ونقلع عن الذنب ونرد حقوق الآخرين ونعزم على ألا نعود إلى هذا الذنب مرة أخرى ، فإننا قد نعود، وبالرغم من كل ذلك نحاول أن ننسى أننا قد أذنبنا حتى لا يحيطنا الإحباط أو اليأس فالله سبحانه وتعالى كريم ، هذا المعنى يجب أن تقف عنده فى هذه الأيام الفضيلة وتعيش هذا المعنى "إياك من اليأس" من رحمة الله سبحانه وتعالى {إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا }، المطلوب منك أن تنيب إلى الله ، أن يتعلق قلبك بالله " وأتبعِ السَّيِّئةَ الحسنةَ تمحُها ، وخالقِ النَّاسَ بخلقٍ حسنٍ " .
- " {وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا }" يقول تعالى : {وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} ، الجنة التى وصفها الله سبحانه وتعالى {لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا} -وقالوا إن "الزَمْهَرِير" هو القمر-، الشمس عد بها الناس زمنهم عن طريق السنة الشمسية (٣٦٥ يوم وربع) -وهذا الربع كل أربع سنين نضعه في شهر فبراير فنطلق عليها سنة كبيسة-، وعد الناس عن طريق دوران القمر حول الأرض السنين القمرية التي علق الله عليها الأحكام الشرعية من الحج، من الصيام ، من المواسم التي تعلقت بها الأحكام الشرعية ، فالشمس والقمر جعلهم الإنسان - بتعليم الله له - مقياساً للزمان، ولما كان الأمر كذلك أقر القرآن بأن الجنة {لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا} لا شمس ولا قمر.
سمع أحد الملاحدة هذه الآية {لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا} قال : أنا لا أريد أن أدخل هذه الجنة لأنها شديدة الرطوبة. فألهمني الله تعالى حينئذ أن أتلو هذه الآية عليه ، فقلت : {وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ } عندما أشرقت الجنة ؛ أشرقت بنور الله ؛ ونور الله فيه من الوضوح ومن البصيرة والدفء والهدوء والبركة ، {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} ليس في حاجة إلى الشمس ولا إلى القمر لأن ذلك النور يفوقها، ولسنا في حاجة إلى الشمس ولا والقمر في حساب الزمان لأنه ليس هناك أصلاً زمان .
{وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ} تفتح لك آفاقاً وأنت في الدنيا ترى الآخرة ؛ وانت تتفكر في الآخرة فإنك في الدنيا ، وحينئذ يرتفع الحجاب بينهما فتراهما حياة واحدة ، هذه الحياة الواحدة هى حياة جميلة {وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} سعادة الدارين.
- "يوم الأزفة" يقول تعالى : {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ (18) يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ} أنذرهم يوم القيامة ، "الْآزِفَةِ" يعنى القريب، "أزف الأمر" أى قرب، يعنى { إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا (6) وَنَرَاهُ قَرِيبًا } كان سيدنا رسول الله ﷺ يقول : »بُعِثْتُ والسَّاعَةُ كهاتَيْنِ - وقَرَنَ بيْنَ السَّبَّابَةِ والوُسْطَى« -يشير إلى إصبعيه السبابة والوسطى لقربهما، لأن هذا يتلو هذا مباشرة- على طول، هناك من يأتي ويقول : أن سيدنا رسول الله ﷺ قال هذا الحديث من 1400 سنة تقريبا فأين هذا القرب ؟ نتذكر قوله تعالى : { تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ } لعرفنا الحقيقة ؛ لو عشت أيها الإنسان ١٠٠سنة فقد عشت ٣دقائق، كَمْ لَبِثْتُمْ؟ { قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ (113) قَالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا } ، { إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا} ١٤٠٠ سنة، {وَنَرَاهُ قَرِيبًا } لم نلبث إلا ثلاثا أو أربع ساعات ؛ هذا المعنى - معنى النسبية- يأتي في كلمة "الْآزِفَةِ" لأن يوم القيامة وإن بعُد بمئات السنين ؛ إلا أنه قريب عند الله ، لأن الله جل في علاه خارج الزمان ، وكل ما يحدث في هذا الزمان هو عنده الآن -يعنى يراه شيئا واحدا- ولذلك فهو علام الغيوب سبحانه وتعالى؛ سيدنا رسول الله ﷺ - باعتباره رسولاً - من مهامه "البُشرى، والإنذار ، والتبليغ" ، يبلغ الأحكام ،ويبشر بالجنة ،وينذر بكل صعب ، ومنها العقوبة {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ} يعنى القلب نبضه سريع فيشعر الإنسان وكأنه فيه اختناق، "كظم" أي تجرع، أي كتم ما في نفسه فلا يستطيع أن يتنفس ، في يوم القيامة القلوب ستكون لدى الحناجر كاظمين، يعنى تضغط على التنفس. { مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ } "حَمِيمٍ" يعنى رفيق حميم، -هذه صفة بموصوف محذوف- يعني لن تجد أي أحد تشكي له همك . { وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ } ولا يوجد أيضا أي أحد قريب يشفع لنا في هذا الحال، فربنا سبحانه وتعالى يخفف عنا " يا مُحَمَّدُ، ارْفَعْ رَأْسَكَ، قُلْ تُسْمَعْ، سَلْ تُعْطَهْ، اشْفَعْ تُشَفَّعْ " يعنى سنستجيب لك، فيسأل الله سبحانه وتعالى التخفيف للعالمين فيكون حقا رحمه للعالمين.
- " كيف نتعامل في هذا اليوم -يوم القيامة- " {وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } يوم القيامة يوم نعود فيه إلى الله، وهو يوم ليس فيه مجال للكذب والخداع، فالإنسان في هذا اليوم يحاول أن يفعل ما كان يفعله في حياته الدنيا من كذب وخداع ، فيحذرنا الله سبحانه وتعالى من ذلك؛ الحساب يتم فيه التحقيق ، فعلت هذا الذنب؟ فإذ به يقول لا لم أفعل يعتقد إنه سيفلت من الحساب ، ولكن هناك رقيب وعتيد، وهناك كتاب { وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا (13) اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا } يخرج ويقرأ كتابه فيجد فيه أنه ارتكب ذنباً في الوقت الفلانى، فبدلاً من أن يعتذر، وكان ينبغي عليه أن يعتذر أو يعترف، أنكر، فأتوا له بالمستند، وهذا يطيل فترة الحساب، فالجلد واليد تشهد عليه وتأتى هذه الآية {وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ } يعني توقف عن الكذب والخداع. سيدنا رسول الله ﷺ : "إنَّ اللَّهَ سيُخَلِّصُ رجلًا من أمَّتي على رؤوسِ الخلائقِ يومَ القيامةِ فينشُرُ علَيهِ تسعةً وتسعينَ سجلًّا ، كلُّ سجلٍّ مثلُ مدِّ البصرِ ثمَّ يقولُ : أتنكرُ من هذا شيئًا ؟ أظلمَكَ كتبتي الحافِظونَ ؟ يقولُ : لا يا ربِّ ، فيقولُ : أفلَكَ عذرٌ ؟ فيقولُ : لا يا ربِّ ، فيقولُ : بلَى ، إنَّ لَكَ عِندَنا حسنةً ، وإنَّهُ لا ظُلمَ عليكَ اليومَ ، فيخرجُ بطاقةً فيها أشهدُ أن لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ ، وأشهدُ أنَّ محمَّدًا عبدُهُ ورسولُهُ ، فيقولُ : احضُر وزنَكَ. فيقولُ : يا ربِّ ما هذِهِ البطاقةُ ما هذِهِ السِّجلَّاتِ ؟ فقالَ : فإنَّكَ لا تُظلَمُ ، قالَ : فتوضَعُ السِّجلَّاتُ في كفَّةٍ ، والبطاقةُ في كفَّةٍ فطاشتِ السِّجلَّاتُ وثقُلتِ البطاقةُ ، ولا يثقلُ معَ اسمِ اللَّهِ شيءٌ

اكتب تعليق

أحدث أقدم