الدكتور محمد قناوي يكتب....التصحر آفة تهدد الأمن القومى

الدكتور محمد قناوي يكتب....التصحر آفة تهدد الأمن القومى

 


 

التصحر آفة تهدد الأمن القومى
***********************
بقلم /دكتور محمد قناوي الباحث  بمركز بحوث الصحراء

 تمثل اليابسة الجزء الخارجي من القشرة الأرضية الذي لا يغطيه الماء حيث تشمل مساحتها والتى تقل عن ثلث مساحة الكرة الأرضية العديد من التضاريس من قارة لأخرى ومختلف أنواع الترب والأشجار و النباتات والمجتمعات بمختلف ثقافاتها و عاداتها و هناك العديد من الظروف التي قد تتسبب بمشاكل تؤثر على العديد من النباتات و تغير خصائص التربة وعلى رأسها التصحر و تعد ظاهرة التصحر أحد أهم الظواهر البيئية الخطيرة التى تهدد المناطق الجافة وشبه الجافة نتيجة تداخل العوامل الطبيعية والجيولوجية والجيومورفوليجية ترافقها الخصائص المناخية الجافة من حرارة و رطوبة و الندرة النسبية للأمطار من ناحية والضغط البشرى فى إستغلال الموارد المتاحة على أسوأ صورة من ناحية أخرى مما تسبب فى خلل بالتوازن البيئى والتدهور للمناطق التى تتعرض لهذه الظاهرة.تعتبر الأرض الزراعية أهم عناصر الإنتاج الزراعي و بالرغم من ذلك إلا أنها تعرضت للعديد من صور التدهور نتيجة للممارسات الزراعية الخاطئة مما أدى إلى ظهور مشكلة التصحر حيث أدت هذه الظاهرة إلى فقدان العالم نحو ٢٦بليون دولار من قيمة الإنتاج الزراعي ويظهر تأثير التصحر في المناطق الجافة و شبه الجافة أو شبه الرطبة و وفقا لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو" فإن ثلث مساحة اليابسة تقريبا في العالم مهدد بالتصحر، كما أنه سيؤثر في جميع أنحاء العالم على معيشة ملايين الأشخاص حيث يؤدي إلى خسارة تصل إلى 40مليار دولار سنويا في المحاصيل الزراعية كما يخلق جوا ملائما لتكثيف حرائق الغابات وإثارة الرياح مما قد يتسبب فى وضع كثير من المجتمعات على مستوى العالم تحت خط الفقر الغذائى.فيما يخص الدول العربية فإن لتصحر يغطى نحو 7,9مليون كيلو متر مربع من المساحة الكلية أي نحو 68% من المساحة الإجمالية للدول العربية وأن هناك ما يزيد على 900مليون نسمة يهددهم شبح الجفاف والفقر بالإضافة إلى 500مليون هكـتار من الأراضي الزراعية التي تحولت إلى صحارى كما أن الجفاف هو السمة المناخية الرئيسة في المنطقة العربية وتسود الأحوال الشديدة الجفاف أو الجافة في أكثر من 89% من المنطقةبينما تظل النسبة المتبقية وهي 11% من المناطق شبه القاحلة والمناطق المحدودة شبه الرطبة قاصرة على الأراضي المرتفعة ويمتد سقوط الأمطار الهامشي الذي لا يزيد عن 350 ملليمترا في السنة على المناطق القاحلة بينما  تشهد المناطق شبه القاحلة ما بين 400-800ملليمتر في السنة وتشهد المناطق شبه الرطبة ما بين 800-1500ملليمتر في السنة ومع ذلك يتميز سقوط الأمطار في كل المنطقة بسرعة التغير في التوزيع المساحي و التفاوت الموسمي والتقلب بين السنوات وتفاوت الكثافات في الرخات المتفرقة وتغيرها طوال مواسم الزراعة وهناك مساحات كبيرة في معظم بلدان شبه الجزيرة العربية وشمال إفريقية مغطاة برمال متحركة فهي تمثل نحو 9,36% من مساحة المملكة العربية السعودية ومعظم الصحراء الغربية في مصر (أكثر من 25%من المساحة الكلية و عدة مناطق .
في السودان وجنوب المغرب وتتضرر بلدان أخرى بنسب متفاوتة وتعد مصر إحدى دول الوطن العربى التي تعرضت و مازالت تتعرض لظاهرة التصحر بكافة صوره من خلال العديد من الممارسات الخاطئة و التى تتمثل فى أشكال متعددة كالرعي الجائر وقطع الأشجار وإستغلال الأراضى فى أغراض أخرى وتقنيات الزراعة غير المستدامة والإدارة الغير رشيدة فى إستخدام مياه الرىوالزيادة السكانية والإستغلال المفرط للموارد الطبيعية و تغير المناخ ومن أجل الظواهر الناجمة عن ظاهرة التصحر زيادة التعرض للكوارث الطبيعية و تلويث المياه وتصاعد المجاعات والفقر والصراعات الإجتماعيةوتآكل التربة و فقد خصوبتها و تقلص الرقعة الزراعية وذلك بتفكيكها والتأثير على خصائصها وتدمير الغطاء النباتي و إنهيار في الحضارات التاريخية وإنقراض بعض الحيوانات و إلإجبارعلى الهجرات الجماعية وإختلال التوازن المائي والطاقة في المناطق الجافة وشبه الجافة و التصحر ليس بالظاهرة الحديثة والجديدة على الإنسان بل هى معروفة منذ أقدم السنين لكنها إزدادت فى التوسع والتفاقم بشكل كبير فى الوقت الحاضر خاصة مع التطور الذى يشهده العالم الحديث ويلعب التصحر دورا مهما فى إنخفاض إنتاجية الأرض و هذا الإنخفاض يكون فى صورة تغيرات متسلسلة تبدأ بشكل منخفض ومن ثم تتطور إلى أشكال حادة تعمل على تدهور الأنظمة الأيكولوجية لايمكن الإختلاف على أن الكرة الأرضية فى أصلها عبارة عن نظام بيئي متوازن وحدوث أى خلل فى هذا النظام قد يغير فى صفاته وعناصره وقد لعبت الظروف المناخية دورا مهما فى حدوث موجات الجفاف التى أثرت بدورها على التوازن البيئي مما ساعد فى تطور وتفاقم ظاهرة التصحر ولكن دور الظروف المناخية أصبح فى الوقت الحاضر دور هامشي أو مساعد لدور الإنسان الذى أخل بالنظام البيئى إذ أدى التقدم التكنولوجى والإقتصادى الى إستخدام البيئة بشكل غير رشيد ومنظم وهذه الظروف سواء مناخية أو بشرية أحدثت خلل فى الخصائص البيولوجية للأرض قللت من إنتاجيتها و أدت الى ظروف أكثر جفافا لقد أكدت الاتفاقية الدولية لمكافحة التصحر"UNCCD"على أهمية النهج التشاركي في عملية مكافحة التصحر وأعتبرت بأن هذا النهج يجب أن يبدأ من القاعدة إلى القمة لأن في السابق جرت العادة بأن يقوم خبراء ببدء العملية وتحديد الأهداف والأنشطة والنتائج المتوقعة ويقوم هؤلاء الخبراء بدعوة المجتمع المحلي للإطلاع على الخطة والمساعد جزء كبير من مكافحة التصحر إلى عدم أخذ أفكار وقدرات الناس المحليين من البداية لأن هؤلاء أي السكان المحليين هم الأكثر قدرة وخبرة في فهم بيئتهم و إحتياجاتها ولهؤلاء السكان الحق في موارد بيئتهم وهم أصحاب المصلحة الأولى في تحسين الإنتاج مع ضمان التوازن البيئي المستدام إضافة إلى أن المشاركة المحلية بالتخطيط وإتخاذ القرار أمر أساسي لبناء القدرات المحلية و ينبغي أن يشارك في برامج مكافحة التصحر جميع الأفراد المعنيين بذلك بشكل مباشر فمن الواضح أن صغار المزارعين من الرجال والنساء والرعاة والرحل وغيرهم من مستخدمي الأراضي المحليةجميعهم عناصر حيوية في هذه العملية إذ يرتبطون بالأرض بأوثق الصلات كما أن القادة المحليين
المسنون والزعماء التقليديون وممثلوا  مجموعات المجتمع المحلي عناصر أساسية في أعمال التعبئة لمكافحة التصحر طبعا بالإضافة إلى الخبراء التقنيين و الباحثين و المنظمات غير الحكومية    و الروابط التطوعية لما يمكن أن يجلبوه من مهارات وخبرات لا تقدر أيضا ينبغي أن تبدأ المشاركة المحلية منذ البداية الأولى لمبادرة التنمية و يجب أن تعتبر مشاركة المجتمعات المحلية جزء لا يتجزأ من المشروع من حيث مشاركتهم في وضع الخطط والأهداف والتنفيذ الفعلي لمشروع المكافحة ومتابعة تطور عملية المكافحة  و متابعة تطور عملية المكافحة و تقييمها  ويجب أن تعزز عملية المشاركة من خلال حملات التوعية للتعريف بالمشكلة وأهميتها وإنعكاساتها على حياة الأفراد وفي هذا المجال مثل قطاعات التربية والتعليم والإعلام والأوقاف والإرشاد والشباب والرياضة حتى أنه يمكن طرح هذا الموضوع في المجالس الشعبية المختلفة يمكننا القول بأن التصحر عبارة عن سلسلة من التغيرات فى الأوساط الجافة وشبه الجافة والرطبة والتى تعمل على خفض إنتاجية الأرض مقارنة مع حالتها الطبيعية وهذا الإنخفاض هو محصلة للظروف المناخية القاسية و العوامل البشرية المفرطةالأمر الذى يستدعي بالضرورة تكاتف كافة الدول للتصدى بكل الوسائل الممكنة إلى تلك الأفة التي  قد تحدث خلل فى التوازن البيئى على مستوى العالم أجمع.

 

اكتب تعليق

أحدث أقدم