رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يتحدث عن العلم فى القرن السابع الهجرى

رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يتحدث عن العلم فى القرن السابع الهجرى



بقلم \ المفكر العربي الدكتور خالد محمود عبد القوي عبد اللطيف
مؤسس ورئيس اتحاد الوطن العربي الدولي
رئيس الإتحاد العالمي للعلماء والباحثين
مما لاشك فيه أن مكةُ المكرمة تعد من أهم العواصم العلمية في البلاد الإسلامية، منذ أن فتحها رسول الله صلى الله عليه وسلم بحكم فضلها وشرفها، وكونها قِبْلةً للعبادة والعلم معًا؛ ففيها أكبرُ مؤتمر عالَمي يلتقي فيه العلماء والعبَّاد، ألا وهو الحج، وقد حظِي القرن السابع الهجري بحركة علمية فائقة، ونشاطٍ علميٍ وفيرٍ نبغ فيه جمعٌ من العلماء الأجلاء في كل فنٍّ سُجلت أسماؤهم، ودُوِّنت آثارهم في مؤلفات عديدة حتى يومنا هذا، ينهل مِن معينها الصافي كلُّ راغب، ويهتدي بنورها البَهِي كلُّ سالك.
ومن أشهر المؤلفات العلمية في القرن السابع الهجري:
1- جامع الأصول في أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم؛ المؤلف: مجد الدين، أبو السعادات، المبارك بن محمد بن محمد بن محمد بن عبدالكريم، الشيباني الجزري، ابن الأثير (المتوفي 606هـ)؛ تحقيق: عبدالقادر الأرنؤوط، التتمة: تحقيق: بشير عيون، الناشر: مكتبة الحلواني - مطبعة الملاح - مكتبة دار البيان.
2- وله أيضًا: النهاية في غريب الحديث والأثر - الناشر: المكتبة العلمية - بيروت 1399هـ - 1979م - تحقيق: طاهر أحمد الزاوي - محمود محمد الطناحي - عدد الأجزاء: 5.
3- مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير - المؤلف: أبو عبدالله، محمد بن عمر بن الحسن بن الحسين، التيمي، الرازي، الملقب بفخر الدين الرازي، (المتوفى: 606 هـ) - الناشر: دار إحياء التراث العربي - بيروت - الطبعة: الثالثة 1420 هـ، وله غير ذلك العديد من المصنفات.
4- المُغْنِي - المؤلف: أبو محمد موفق الدين، عبدالله بن أحمد بن محمد بن قدامة، المقدسي، ثم الدمشقي، الحنبلي، الشهير بابن قدامة المقدسي (المتوفى: 620 هـ) - تحقيق: الدكتور عبدالله بن عبدالمحسن التركي، والدكتور عبدالفتاح محمد الحلو - الناشر: عالم الكتب، الرياض - السعودية - الطبعة: الثالثة 1417 هـ - 1997م، وله مؤلفات غير ذلك.
5- التدوين في أخبار قزوين - المؤلف: عبدالكريم بن محمد بن عبدالكريم، أبو القاسم الرافعي، القزويني، (المتوفى: 623هـ) - المحقق: عزيز الله العطاردي - الناشر: دار الكتب العلمية - سنة الطبع: 1408 هـ - 1987م - عدد الأجزاء: 4.
6- معجم البلدان - المؤلف: شهاب الدين أبو عبدالله، ياقوت بن عبدالله، الرومي الحَمَوي (المتوفى: 626هـ) - الناشر: دار صادر، بيروت - الطبعة: الثانية، 1995 م - عدد الأجزاء: 7.
7- بيان الوهم والإيهام في كتاب الأحكام - المؤلف: علي بن محمد بن عبدالملك، الحِمْيَري الفاسي، أبو الحسن بن القطَّان (المتوفَّى: 628 هـ) - المحقق: د. الحسين آيت سعيد - الناشر: دار طيبة - الرياض - الطبعة الأولى: 1418 هـ - 1997م - عدد الأجزاء: 6.
8- إكمال الإكمال (تكملة لكتاب الإكمال لابن ماكولا) - المؤلف: محمد بن عبدالغني بن أبي بكر بن شجاع، أبو بكر، معين الدين، ابن نقطة الحنبلي، البغدادي (المتوفى: 629 هـ) - المحقق: د. عبدالقيوم عبدرب النبي - الناشر: جامعة أم القرى - مكة المكرمة - الطبعة الأولى: 1410 - عدد الأجزاء: 5.
9- أُسْد الغابة في معرفة الصحابة - المؤلف: أبو الحسن، علي بن أبي الكرم، محمد بن محمد بن عبدالكريم بن عبدالواحد، الشيباني، الجزري، عز الدين بن الأثير، (المتوفى: 630 هـ) - المحقق: علي محمد معوض - عادل أحمد عبدالموجود - الناشر: دار الكتب العلمية - الطبعة الأولى - سنة النشر: 1415 هـ - 1994 م - عدد الأجزاء: 8.
10- مختصر صحيح مسلم،تأليف: الحافظ زكي الدين، عبدالعظيم بن عبدالقوي، المُنذِري (المتوفى: 656هـ)، طبع في المكتب الإسلامي ببيروت - تحقيق: محمد ناصر الدين الألباني.
11- الترغيب والترهيب من الحديث الشريف؛ المؤلف: عبدالعظيم بن عبدالقوي بن عبدالله، أبو محمد، زكي الدين، المنذري (المتوفى: 656 هـ)، المحقق: إبراهيم شمس الدين - الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت - الطبعة الأولى: 1417هـ - عدد الأجزاء: 4.
12- المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج؛ المؤلف: أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف، النووي، (المتوفى: 676هـ)، الناشر: دار إحياء التراث العربي - بيروت. الطبعة: الثانية، 1392، عدد الأجزاء: 18.
13- رياض الصالحين؛ المؤلف: أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف، النووي، (المتوفى: 676هـ)، المحقق: شعيب الأرنؤوط، الناشر: مؤسسة الرسالة، بيروت، لبنان، الطبعة الثالثة، 1419هـ/ 1998م، عدد الأجزاء: 1، إلى غير ذلك من المؤلفات التي أُلفت في القرن السابع الهجري.
وكان من أثر هذه الحركة العلمية الرائدة، أن أُنشئِت المدارسُ العلمية في شتى أنواع العلوم والمعارف التي كان منها على سبيل المثال:
• في الحديث الشريف: دار الحديث الأشرفية في مصر والشام[1]، ودار الحديث الأشرفية البرَّانية[2]، ودار الحديث السكرية[3]، ودار الحديث النُّورية[4]، ودار الحديث النفيسية[5]، وغير ذلك.
• وفي الفقه الشافعي: المدرسة الأتابكية بدمشق[6]، والمدرسة الأصفهانية[7]، والمدرسة الطبرية[8]، وغير ذلك.
• وفي مكة المكرمة ظهرتِ المدارسُ العلمية الكثيرة التي بناها الحكام والعلماء، وجعلوا لها وقفًا خاصًّا يُصرَف منه على الطلبة والمدرسين؛ كحال بقية البلدان الإسلامية على المتعارف عليه في هذا الزمان، وغيره مِن تقدير للعلم والعلماء، واهتمامٍ بطلب العلم ونشره، وتيسير أموره للناس، نسأل الله أن ييسِّر لنا طلبه، ويجعله خالصًا لوجهه الكريم، آمين.
ومن هذه المدارس في مكة المكرمة:
1- المدرسة الزنجلية: أنشأها الأمير فخر الدين، عثمان بن علي، الزنجيلي، نائب عدن، وهي بالجانب الغربي من المسجد الحرام، وموضعُها عند باب العمرة، وهي الدار المعروفة بدار السلسلة، وكانت موقوفةً على فقهاء الحنفية، وكان وقفُها سنة 579هـ[9].
2- مدرسة الملك المنصور، عمر بن علي بن رسول، صاحب اليمن، وكانت موقوفةً على الفقهاء الشافعية، وكان بها درسُ حديث، وتاريخ وقفِها سنة 641 هـ[10].
3- مدرسة طاب الزمان الحبشية، وكانت موقوفةً على عشرةٍ مِن فقهاء الشافعية، وتاريخ وقفها سنة: 508 هـ[11].
ثم أخذتِ المدارسُ بعد ذلك في الازدياد والانتشار، ويتَّضِح من وجود هذه المدارس مدى النهضةِ العلمية التي شهِدَتْها مكة المكرمة في هذا العصر.
وإضافةً لهذه المدارس العلمية، فقد وُجِد عددٌ مِن المكتبات العلمية العامرة - وإن كانت قليلةً نوعًا ما بالقياس إلى العواصم الإسلامية الأخرى - مثل: بغداد، والقاهرة، ودمشق؛ حيث كانت المكتبة أولًا داخل الحرم الشريف أمام بئرِ زمزم، ولم تكن مكتبةً كبيرة، ثم نُقِلت بعد ذلك خارج الحرم، لكن بعد التوسُّعات القديمة دخلتِ الحرمَ مرةً أخرى، ثم بناها العثمانيون بباب الدريبة، ثم ما لبِثَت أن دخلت المسجد الحرام أيضًا، وظلت هكذا إلى عهد قريب[12].
ويظهر تأثُّر الإمام المحبِّ الطبري رحمه الله تعالى بهذه المدارس العلمية وعلمائها الأفذاذ، مِن خلال ما نراه في نتاجه العلمي الذي بين أيدينا، ومنه هذا الكتاب على سبيل المثال؛ فهو ينقل كثيرًا عن علماء عصره؛ مثل الإمام عز الدين أبي الحسن علي بن الأثير ت 630 هـ، والإمام تقي الدين أبي عمرو بن الصلاح ت 643 هـ، والإمام عبدالعظيم بن عبدالقوي، المنذري ت 656 هـ، وغير هؤلاء.
وبهذا يتَّضِح أن البيئة التي عاش فيها الإمامُ المحبُّ الطبري رحمه الله أثَّرت فيه وفي تكوينه العلميِّ، فقد نشأ وترعرع في بيت العلم؛ فآباؤه وأعمامه وأجداده، كانوا علماء أجلاء، فلا ريبَ أن يخرُجَ منهم عالم محدِّثٌ فقيه كالمحبِّ الطبري.
كما كان للإمام المحب الطبري تأثيرُه في عصره من الناحية العلمية؛ وذلك من خلال مؤلفاته المتنوعة في مجال التفسير، والحديث، والفقه، والسيرة، وغريب الحديث...،
كما خرَّج لنا الإمام المحب الطبري رحمه الله كثيرًا مِن العلماء والمحدِّثين، وعلى رأسهم: شرف الدين الدمياطي، وعلم الدين البرزالي، وقطب الدين أبو بكر القسطلاني، وأبو حيَّان النَّحْوي، وأبو الحسن بن العطار، وغيرهم
________________________________________
[1] الدارس في تاريخ المدارس (1/ 15).
[2] المصدر السابق (1/ 36).
[3] المصدر السابق (1/ 56).
[4] المصدر السابق (1/ 74).
[5] المصدر السابق (1/ 84).
[6] المصدر السابق (1/ 96).
[7] المصدر السابق (1/ 118).
[8] المصدر السابق (1/ 254).
[9] العقد الثمين؛ لتقي الدين الفاسي (1/ 117)، الدارس في تاريخ المدارس (1/ 404).
[10] العقد الثمين (1/ 117).
[11] المصدر السابق.
[12] مقدمة غاية الإحكام - تحقيق د. حمزة الزين (1/ 26).

اكتب تعليق

أحدث أقدم