رئيس اتحاد الوطن العربى الدولى يتحدث عن مسرى رسول الإسلام

رئيس اتحاد الوطن العربى الدولى يتحدث عن مسرى رسول الإسلام



بقلم \ المفكر العربى الدكتور خالد محمود عبد القوي عبد اللطيف
مؤسس ورئيس اتحاد الوطن العربي الدولي
رئيس الإتحاد العالمي للعلماء والباحثين
مما لاشك فيه أن المسجد الأقصى مهبِط الوحي، ومعدِن الأنبياء، ومتعبدهم من لدن إبراهيم الخليل عليه السلام[1]، ومسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ حيث جمع الله له الأنبياء والمرسَلين عليهم السلام فأمَّهم جميعًا، ومنطلق معراجه إلى السموات العلا، باركه الله تعالى وبارك ما حوله، ووصفه بالأقصى؛ لبُعده عن المسجد الحرام؛ فقال: ﴿ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ [الإسراء: 1]، وهو ثاني مسجدٍ وُضع في الأرض بعد المسجد الحرام، فقد سأل أبو ذرٍّ الغفاريُّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فقال له: أي مسجدٍ وُضع في الأرض أول؟ قال: ((المسجد الحرام))، قال: قلت: ثم أي؟ قال: ((المسجد الأقصى))، قلت: كم كان بينهما؟ قال: ((أربعون سنةً، ثم أينما أدركتك الصلاة بعدُ فصلِّه، فإن الفضل فيه))[2].
وهو أُولى القبلتين، فقد صلَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد هجرته إلى المدينة ستةَ عشرَ شهرًا، أو سبعة عشر شهرًا إلى جهة بيت المقدس؛ ففي الحديث الذي يرويه البراء بن عازب أنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم صلَّى نحو بيت المقدس ستة عشر، أو سبعة عشر شهرًا، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب أن يوجَّه إلى الكعبة؛ فأنزل الله: ﴿ قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ ﴾ [البقرة: 144]، فتوجَّه نحو الكعبة[3].
وقد اختصه الله تعالى بجملةٍ من الخصائص والمزايا؛ من ذلك:
• أنه أحدُ المساجد الثلاثة التي تُشَدُّ إليها الرِّحال للزيارة والصلاة؛ فعن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((لا تُشد الرِّحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، ومسجد الأقصى))[4]، ومزية هذه المساجد على غيرها؛ لكونها مساجد الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، ولفضل الصلاة فيها[5].
• أن الصلاة فيه مضاعفة بألفٍ أو بخمسمائة[6] صلاة فيما سواه من المساجد إلا المسجد الحرام والمسجد النبوي؛ فعن ميمونة مولاة النبي صلى الله عليه وسلم قالت: قلت: يا رسول الله، أفتنا في بيت المقدس؟ قال: ((أرض المحشر والمنشر، ائتوه فصلُّوا فيه؛ فإن صلاةً فيه كألف صلاةٍ في غيره))، قلت: أرأيت إن لم أستطع أن أتحمل إليه؟ قال: ((فتُهدي له زيتًا يسرج فيه، فمن فعل ذلك فهو كمن أتاه))[7]، وفي رواية عن أبي الدرداء أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة، والصلاة في مسجدي بألف صلاة، والصلاة في بيت المقدس بخمسمائة صلاة))[8].
• أن مَن قصده للصلاة فيه يخرج من ذنوبه كيومَ ولَدَته أمُّه؛ فعن عبدالله بن عمرو، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أن سليمان بن داود صلى الله عليه وسلم لمَّا بنى بيتَ المقدس سأل الله عز وجل خلالًا ثلاثًا: سأل الله عز وجل حُكمًا يصادف حُكمه فأُوتيه، وسأل الله عز وجل مُلكًا لا ينبغي لأحد من بعده فأوتيه، وسأل الله عز وجل حين فرغ من بناء المسجد ألا يأتيه أحد لا ينهزه إلا الصلاةُ فيه أن يخرجه من خطيئته كيومَ ولدَته أمُّه))[9].
• أن مَن أهلَّ منه بحج أو عمرةٍ غُفر له، ووجَبت له الجنة؛ فعن أم سلمة زوجِ النبي صلى الله عليه وسلم أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من أهلَّ بحَجَّة أو عمرة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام، غفر له ما تقدَّم من ذنبه وما تأخَّر، أو وجبت له الجنة))[10]، وقال أبو داود: يرحم اللهُ وكيعًا أحرم من بيت المقدس؛ يعني إلى مكة، وفي رواية: ((من أهلَّ بالحج والعمرة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام، غفر الله له ما تقدَّم من ذنبه وما تأخَّر، ووجبت له الجنة))[11].
• أنه أحد المساجد الأربعة التي يُمنع الدجال من دخولها، فعن جنادة بن أبي أمية، أنه قال: أتينا رجلًا من الأنصار من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخلنا عليه، فقلنا: حدِّثنا ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا تحدثنا ما سمعت من الناس، فشددنا عليه، فقال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فينا فقال: ((أنذرتُكم المسيح، وهو ممسوح العين - قال: أحسبه قال: ((اليسرى)) - يسير معه جبال الخبز وأنهار الماء، علامته: يمكث في الأرض أربعين صباحًا، يبلغ سلطانه كل منهلٍ، لا يأتي أربعة مساجد: الكعبة، ومسجد الرسول، والمسجد الأقصى، والطور، ومهما كان من ذلك، فاعلموا أن الله عز وجل ليس بأعور))[12].
• أن أرض بيت المقدس التي تضم في جنباتها المسجدَ الأقصى هي أرض المحشر والمنشر، فبين يدي الساعة يكون حشرُ الناس إليها، كما يُبعث الناسُ من قبورهم ثم يُساقون إليها؛ ففي الحديث عن ميمونة مولاة النبي صلى الله عليه وسلم قالت: قلت: يا رسول الله، أفتنا في بيت المقدس؟ قال: ((أرض المحشر والمنشر، ائتوه فصلُّوا فيه؛ فإن صلاةً فيه كألف صلاة في غيره))، قلت: أرأيت إن لم أستطع أن أتحمل إليه؟ قال: ((فتُهدي له زيتًا يسرج فيه، فمن فعل ذلك فهو كمن أتاه))[13].
فنسأل الله عز وجل أن يقرَّ أعين المسلمين برؤية المسجد الأقصى حرًّا طليقًا من أيدي الصهاينة الغاصبين العابثين.
________________________________________
[1] تفسير ابن كثير 5: 5.
[2] أخرجه البخاري في أحاديث الأنبياء برقم 3186 - 3243؛ ومسلم في المساجد ومواضع الصلاة برقم 520.
[3] أخرجه البخاري في الصلاة برقم 390؛ ومسلم في المساجد ومواضع الصلاة برقم 525.
[4] أخرجه البخاري في الجمعة برقم 1132؛ ومسلم في الحج برقم 1397.
[5] شرح النووي لمسلم 9: 106.
[6] على اختلاف في الرواية، مع صحة كلا الروايتين.
[7] أخرجه أحمد في مسنده 6: 216؛ وروى أبو داود قطعة منه في الصلاة برقم 457؛ وابن ماجه في إقامة الصلاة والسنة فيها برقم 1407، قال الشهاب البوصيري في مصباح الزجاجة (1: 208): إسناده صحيح ورجاله ثقات، روى أبو داود بعضه، وطريق ابن ماجه أصح من طريق أبي داود، وذكره الهيثمي في المجمع 4: 11، وقال: رواه أبو يعلى بتمامه، ورجاله ثقات.
[8] أخرجه البزار في مسنده 2: 118، وقال: وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن رسول الله من وجه من الوجوه بهذا اللفظ إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد، وإسناده حسن؛ وقد أخرج الحديثَ عن ابن الزبير الإمامُ أحمد في مسنده بلفظ آخر، وصححه ابن حبان، وكذلك قال ابن حجر في الفتح: 3: 67؛ وانظر: تحفة الأحوذي في شرح الترمذي 10: 294؛ وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 4: 7، وقال: أخرجه الطبراني، ورجاله ثقات، وفي بعضهم كلام.
[9] أخرجه أحمد في مسنده 2: 176؛ والنسائي في المساجد برقم 693؛ وابن ماجه في إقامة الصلاة والسنة فيها برقم 1408؛ والحاكم في المستدرك 1: 39 وقال: هذا حديث صحيح ولا أعلم له علة، قال الذهبي: على شرطهما ولا علة له.
[10] أخرجه أبو داود في المناسك برقم 1741، وفي إسناده كلام؛ وابن ماجه في المناسك برقم 3001، وقد صحح المنذري في الترغيب والترهيب إسنادَ ابن ماجه 2: 121، (دار الكتب العلمية بتحقيق إبراهيم شمس الدين).
[11] أخرجه البيهقي في شعب الإيمان 9: 57.
[12] أخرجه أحمد في مسنده 5: 364، وأشار الشيخ الأرنؤوط إلى صحة إسناده.
[13] أخرجه أحمد في مسنده 6: 216؛ وروى أبو داود قطعة منه في الصلاة برقم 457؛ وابن ماجه في إقامة الصلاة والسنة فيها برقم 1407، قال الشهاب البوصيري في مصباح الزجاجة (1: 208): إسناده صحيح ورجاله ثقات، روى أبو داود بعضه، وطريق ابن ماجه أصح من طريق أبي داود، وذكره الهيثمي في المجمع 4: 11، وقال: رواه أبو يعلى بتمامه ورجاله ثقات.

اكتب تعليق

أحدث أقدم