رئيس اتحاد الوطن العربى الدولى يتحدث عن القدس الشريف

رئيس اتحاد الوطن العربى الدولى يتحدث عن القدس الشريف



بقلم \ المفكر العربى الدكتور خالد محمود عبد القوي عبد اللطيف
مؤسس ورئيس اتحاد الوطن العربي الدولي
رئيس الإتحاد العالمي للعلماء والباحثين
مما لاشك فيه أن للقدس منزلة عظيمة في قلوب المسلمين فهي مسرى نبينا - صلى الله عليه و سلم - ومعراجه، وهي أولى القبلتين، ثالث الحرمين، وقد شرفها الله في كتابه الكريم: سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله، وهناك عشرات الأحاديث النبوية التي تبين فضل بيت المقدس وبركته.
وقبل أن أشرع في الموضوع أحب أن نتكلم في النقاط التالية:
القدس تاريخيا: " الهيكل وحقيقته، الصخرة وحكايتها...
القدس مدينة عربية قديمة أسسها اليبوسيون وهم فرع من الكنعانيين، أسسوا المدينة وسموها " يبوس " عام 2500 ق.م.
وفي عهد العربي " ملكي صادق " وهو أحد حكام اليبوسيين وكان رجلاً صالحاً معتقداً التوحيد، وسع المدينة وسماها " أورسالم " أي مدينة السلام، وبنى فيها بيتاً للعبادة سماه " بيت قدس " فسميت في ذلك الوقت " بيت المقدس ".
ويقال في عهد الملك صادق زار خليل الرحمن إبراهيم - عليه السلام - فلسطين، فأحسن ملكي صادق وفادته وضيافته وقدم له الطعام والشراب كما جاء في الإصحاح 14 من سفر التكوين
وفي عهد يوشع بن نون احتل بنو إسرائيل مدينة أريحا وكان ذلك عام 1260 ق.م.
وفي عهد نبي الله داود - عليه السلام - دخل القدس وأخذها عاصمة له، أي في عام 1000ق.م.
ثم حكم نبي الله سليمان - عليه السلام - من بعد أبيه أربعين سنة، فبنى الهيكل في القدس بأيدي البنائيين الكنعانيين أي العرب حتى إن كلمة هيكل كلمة كنعانية وليست عبرية.
ولتمام الفائدة نلقي الضوء على قصة هذا الهيكل وحقيقته:
ما هو الهيكل؟
كانت بنو إسرائيل يحفظون في التابوت مخلفات أنبيائهم من آل موسى وآل هارون. وبعد موت يوشع بن نون، حين انحرفوا عن طاعة الله، صار بأيد أعدائهم، ثم انتزعه داود - عليه السلام - في معارك ضارية ضد خصومه، وحفظه سليمان - عليه السلام - بعد أبيه في " قدس الأقداس " عند الهيكل الذي بناه، والمسمى بهيكل سليمان. وكان يحرم فيه الرؤية واللمس على الناس باستثناء الكهنة وحدهم. ولمن انتهك التابوت جزاؤه الموت الزؤام.
أما عن شكل هذا الهيكل:
فيبلغ طوله 30م، وعرضه 10م، وارتفاعه 15م. ينقسم إلى مكانين:
مكان يعرف باسم " بير " وآخر " هيكل "، وفي الجهة الغربية يقوم " قدس الأقداس "، وهو مكعب تبلغ مساحته 10م، وفيه يوجد التابوت. وقد هدم الهيكل بما فيه وقدس الأقداس خمس مرات وهذا ما سنوضحه في الفقرة التالية.
أما هل الهيكل موجود حالياً:
من خلال هذه المحطات التاريخية تنجلي الحقيقة: يؤكد المؤرخون أن دولة يهود الموحدة لم تدم إلا حوالي 97 عاماً فقط لأنه بوفاة نبي الله سليمان - عليه السلام - خلفه ابنه " رحبعام " الذي انقسمت الدولة في زمنه إلى دولتين:
مملكة يهوذا في الجنوب وعاصمتها أورشليم.
مملكة إسرائيل في الشمال وعاصمتها السامرة قرب نابلس.
ونشبت حروب دامية بين المملكتين حتى إن الملك (يهواش) ملك إسرائيل أغار على أورشليم واستباح هيكلها.
ثم اجتاح " سرجون " الآشوري مملكة إسرائيل فاستولى عليها عام 722ق.م. وسبى أهلها إلى بابل، وأسكن محلهم قبائل عربية نزحت من سورية.
أما مملكة يهوذا فقد اجتاحها " نبوخذ نصر " عام 586ق.م. فاحرق أورشليم وسبى أهلها ودمر الهيكل وغنم كل ما فيه. وفي عهد كورش الفارسي عمل اليهود جواسيس لمصلحته ضد الدولة الكلدية التي هزمها عام 539ق. ومن ثم علت منزلة اليهود عنده، وخاصة بعد أن تزوج " إستير " اليهودية وسمح لهم بالعودة إلى إورشليم، وبنى لهم الهيكل عام 516ق.م. رغم أنه لم يكن لهم أي شأن سياسي فبه فقد ظل تحت السيطة الفعلية للحثيين العرب.
وبقيت القدس تحت الحكم الفارسي حتى فتحها الإسكندر المقدوني عام 332ق.م.
وبقيت القدس تحت الحكم اليوناني حتى استولى عليها القائد الروماني " بومبي " عام 63 ق.م.
وفي عهد الإمبراطور " هارديان " عام 130م قام اليهود بثورة في القدس، فسحقها بعنف ودمر الهيكل ولم يكتف بذلك بل إنه أبدل إسمها إلى " إيلياء " وحرم على اليهود دخولها أو السكن فيها.
وفي عام 624 اجتاح الفرس فلسطين واحتلوا إيلياء وذبحوا آلاف النصارى فيها وهدموا كنيسة القيامة، وقد ساعدهم اليهود على ذلك بل وشاركوهم جرائمهم فقتلوا الكثير من النصارى.
وفي سنة 628م استرد هرقل القدس وانتصر على الفرس أمرت أمه بتطهير مكان القمامة واتخاذه كنيسة هائلة. وظل بيت المقدس تحت الحكم الروماني حتى فتحها الخليفة الراشد عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - عام 15ه.
ولما دخل عمر - رضي الله عنه - بيت المقدس طلب من البطريرك " صفرونيوس " عن مكان الصخرة فدله عليها: فوجدوها وقد اتخذها النصارى مزبلة. كما فعلت اليهود بمكان القمامة وهو المكان الذي صلب فيه المصلوب الذي شبه بعيسى - عليه السلام - فاعتقدت النصارى واليهود أنه المسيح. وقد كذبوا في اعتقادهم هذا كما نص الله - تعالى - على خطئهم في ذلك.
ويحكي لنا الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية هذا الحدث العظيم: (ثم نقل التراب عن الصخرة في طرف ردائه وقبائه، ونقل المسلمون معه في ذلك وسخر أهل الأردن في نقل بقيتها، وكانت الروم جعلوا الصخرة مزبلة لأنها قبلة اليهود، حتى إن المرأة كانت ترسل خرقة حيضتها من داخل الحوز لتلقى في الصخرة، وذلك مكافأة لما كانت اليهود صلبوا فيه المصلوب. فجعلوا يلقون على قبره القمامة. فلأجل ذلك سمي الموضع القمامة وانسحب هذا الاسم على الكنيسة التي بناها النصارى هنالك)
وبقيت القدس تنعم بأمن الإسلام.
وفي عام 66هـ ابتدأ عبد الملك بن مروان ت86هـ ببناء القبة على صخرة بيت المقدس وعمارة الجامع الأقصى، وكملت عمارته سنة 73هـ.
ويحكي لنا ابن كثير أن عبد الملك بن مروان جمع الصناع من أطراف البلاد وأرسلهم إلى بيت المقدس: (فبنوا القبة فجاءت من أحسن البناء، وفرشها بالرخام الملون، (..) وحفا القبة بأنواع الستور، وأقاما لها سدنة وخداماً بأنواع الطيب والمسك والعنبر والماورد والزعفران، ويبخرون القبة والمسجد بالليل، وجعل فيها قناديل من الذهب والفضة. وجعل فيها العود القماري المغلف بالمسك وفرشاها والمسجد بأنواع البسط الملونة، وكانوا إذا أطلقوا البخور شم من مسافة بعيدة، وكان الرجل إذا رجع من بيت المقدس إلى بلاده توجد منه رائحة المسك والطيب والبخور أياما، ويعرف أنه قد أقبل من بيت المقدس، وأنه دخل الصخرة).
أما هذه الصخرة:
فهي الصخرة التي صلى عليها رسول الله - صلى الله عليه و سلم - إماماً بالأنبياء ليلة الإسراء والمعراج. ويبلغ طولها 18 متراً وعرضها 14 متراً.
وكانت هذه الصخرة مكشوفة حتى أمر عبد الملك بن مروان ببناء القبة فكان مسجد الصخرة: الذي يقع على قمة جبل موريا وتقع تحت قبته الصخرة المقدسة.
وظل القدس في عيش رغيد حتى استولى عليها الصليبيون 15/7/1099م وبعد معركة دامية ذاد المسلمون عن مدينتهم، ولما لجأ المسلمون إلى ساحة المسجد الأقصى داهمتهم جيوش الصليبيين وذبحت حوال 70 ألف مسلم يشيب لها الولدان لمن أراد المزيد فعليه بابن الأثير الذي وصف هذا الهول في كتابه الكامل.
وبقيت دولة الصليبيين في القدس حوالي 88 عاما حتى خلصها من براثنهم البطل العظيم صلاح الدين الأيوبي، الذي كان بحق صلاح الدنيا والدين رحمه الله. وأمر السطان الناصر صلاح الدين بتطهير المسجد الأقصى والصخرة المباركة من أوساخ الصليبيين، وصلى على قبة الصخرة، وأحضر المنبر المشهور الذي كان قد عمله الملك العادل نور الدين محمود وكانت أمنيته أن يحضر هذا المنبر الذي أحضر له أمهر الصناع وظل المنبر في حلب قرابة عشرين عاماً حتى فتح الله القدس على يد صلاح الدين عام 583ه فأمر بنقل المنبر ونصبه يوم الفتح في المسجد الأقصى حيث خطب عليه قاضي دمشق محيي الدين بن الزكي خطبة الجمعة بعد انقطاع دام حوالي تسعين عاماً.
وقد أحرق اليهود منبر صلاح الدين الأيوبي عام 1969م.
وبقيت القدس تحت حكم الخلافة العثمانية حتى جاء الصليبيون الجدد حيث استولى عليها الإنجليز بقيادة الجنرال " اللنبي " في 11/12/1917م. وهو صاحب قولته الشهيرة (الآن انتهت الحروب الصليبية).
ثم جاء الصليبي الحاقد الجنرال الفرنسي " غورو " حينما دخل دمشق عام 1920 ووقف على قبر صلاح الدين الأيوبي، وضرب الضريح بسيفه قائلاً: (أنا من أحفاد الصليبيين، فأين أحفادك يا صلاح الدين).
وقد كان هذا ديدن اليهود أيضاً فبعد هزيمة 5 يونية 1967م اقتحم اليهود المسجد الأقصى وكان هتافهم مهيناً يومذاك، مهيناً لكل المسلمين، يمزق القلوب ويفتت الأكباد، كان هتافهم لعنهم الله: (محمد مات وخلف بنات) رددوها بالعربية والعبرية!!
صفوة القول:
أولاً: القدس عربية إسلامية، أعني القدس بشقيها القديم والجديد، أعني المسجد الأقصى وماحوله، فالله - سبحانه وتعالى - يقول (باركنا حوله) أي أن المسجد الأقصى وما حوله من قرى ومدن وصحراء وزروع ونخيل وزيتون يقع تحت ظل هذه الآية.. فلسطين كلها مباركة بأرضها وسمائها، ففي كل شبر على أرضها دم شهيد فقد رواها صحابة رسول الله - صلى الله عليه و سلم - بدمائهم الطاهرة.
ثانياً: نحن أولى بالقدس من اليهود والنصارى، فالمسلمون فقط هم المؤهلون حقاً لحكم فلسطين، نحن نؤمن بجميع الأنبياء وهم لا يؤمنون إلا بأنبيائهم فقط. فماذا فعلوا وماذا فعلنا بهم فالتاريخ شاهد على عظمتنا وتسامحنا والتاريخ نفسه شاهد على خستهم ونذالتهم وغدرهم. فماذا فعلوا لما كانت تحت سيطرتهم حيناً من الدهر.. ألم يقم اليهود بذبح وقتل النصارى وتدمير كنائسهم. ألم يقم النصارى بذبح اليهود وتشريدهم وتمزيقهم شر ممزق. ألم يقم الصليبيون بذبح 70 ألف مسلم في المسجد الأقصى في حملتهم الأولى. ألم يتخذوا المسجد الأقصى وسائر مساجد فلسطين اصطبلات لخيولهم ودوابهم. ألم يقم اليهود بهد حي المغاربة بحجة البحث عن هيكلهم المزعوم رغم أن هؤلاء المغاربة الطيبين هم الذين كانوا يشفعون لهؤلاء اليهود لدى الخليفة العثماني!! فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان. لكنها جبلة اليهود قتلة الأنبياء.
ثالثاً: أما الهيكل المزعوم فقد دمر خمس مرات ودمره بالكامل الإمبراطور هارديان.. وكما معلوم أن الاهتمام بحائط البراق ظهر لدى اليهود منذ 400 سنة فقط أي في القرن 16م. فهم مختلفون أصلاً حتى في موقع الهيكل: فطائفة تقول موجود في ساحة الأقصى. وأخرى تزعم أنه خارج الأقصى. وبعد أن حفروا خندقاً حوالي 15 متراً لم يعثروا حتى يومنا هذا على أية قطعة أثرية تدل على هيكلهم المزعوم، بل العكس فقد وجدوا آثاراً إسلامية على مختلف العصور وآثاراً بيزنطية، ويونانية. وبالطبع قد كان هناك هدف آخر لهذه الحفريات ألا وهو خلخلة أساسات المسجد الأقصى.
رابعاً: لقد فتحت القدس تحت راية الجهاد.. وتحت هذه الراية وحدها فتحها عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - سنة 15ه. وتحت راية الجهاد استرد صلاح الدين الأيوبي المدينة المقدسة من الصليبيين سنة 583هـ. وتحت راية الجهاد أيضاً ستعود فلسطين لنا إن شاء الله

اكتب تعليق

أحدث أقدم