رئيس اتحاد الوطن العربى الدولى يؤكد أن العبادات تعلمنا النظام

رئيس اتحاد الوطن العربى الدولى يؤكد أن العبادات تعلمنا النظام



بقلم \ المفكر العربى الدكتور خالد محمود عبد القوي عبد اللطيف
مؤسس ورئيس اتحاد الوطن العربي الدولي
رئيس الإتحاد العالمي للعلماء والباحثين
مما لاشك فيه ان مِن أبرز القيَم التي يرسمها لنا شهر رمضان: قيمة النظام؛ فالنظام فطرة في هذا الكون، وضرورة من ضروريات الحياة؛ يقول تعالى: ﴿ وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ * وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ * لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ﴾ [يس: 38 - 40].
فالكون كلُّه يسير بنظام وإتقان؛ الشمس والقمر، والليل والنهار، والكواكب والنجوم، والسماء والأرض؛ قال ربنا: ﴿ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ ﴾ [النمل: 88].
النظام في القرآن الكريم:
إن القرآنَ الكريم يدعونا صراحة إلى النظام؛ فقد بيَّن ربنا أن الملائكة لديها نظام؛ قال تعالى: ﴿ وَالصَّافَّاتِ صَفًّا ﴾ [الصافات: 1]، وأنها ستأتي يوم القيامة وهي منظَّمة ومصطفَّة: ﴿ وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا ﴾ [الفجر: 22]، بل إن البشَر عندما يأتون للعَرْض على الله يوم القيامة يُعرَضون وهم منظَّمون: ﴿ وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفًّا لَقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِدًا ﴾ [الكهف: 48]، ويُغْني عن كل هذا أن في القرآنِ الكريم سورة كاملة اسمها سورة (الصف)، وفيها قوله: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ ﴾ [الصف: 4].
فإذا كان النظام هو سمةَ الكون، ومظهَرَ العبادات، ومنهج القرآن، فأين المسلِمون الآن مِن قيمة النظام؟ ولماذا يرضى البعضُ أن يعيش بالارتجال ولا يقبَل إلا بالعشوائية؟!
النظام في السنة النبوية:
إن رسول الله صلى الله عليه وسلم اهتم بالنظام في حياته، سلمًا وحربًا، فجاء النظام في تسوية الصحابة للصلاة؛ جاء عن أبي مسعودٍ، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح مناكبنا في الصلاة، ويقول: ((استووا، ولا تختلفوا؛ فتختلفَ قلوبكم، لِيَلِني منكم أولو الأحلام والنُّهى، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم))[1].
وعن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: ((إنما جُعِل الإمام ليؤتم به؛ فلا تختلفوا عليه، فإذا ركع، فاركعوا، وإذا قال: سمع الله لِمَن حمده، فقولوا: ربنا لك الحمد، وإذا سجد، فاسجدوا، وإذا صلى جالسًا، فصلُّوا جلوسًا أجمعون، وأقيموا الصف في الصلاة؛ فإن إقامة الصف مِن حُسْن الصلاة))[2].
هاتان الروايتانِ توضِّحان معالم النظام في الاصطفاف للصلاة، وهذه صور سِلميَّة، واهتم كذلك بالنظام في الاصطفاف للحروب؛ ففي السيرة النبوية: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عدل صفوف أصحابه يوم بدرٍ، وفي يده قدحٌ يعدل به القوم، فمر بسواد بن غزية، حليف بني عدي بن النجار - قال ابن هشامٍ: يقال: سوَّادٌ مثقلة، وسوادٌ في الأنصار غير هذا، مخففٌ - وهو مستنتلٌ من الصف - قال ابن هشامٍ: ويقال: مستنصلٌ من الصف - فطعن في بطنه بالقدح، وقال: استوِ يا سواد، فقال: يا رسول الله، أوجعتَني، وقد بعثك الله بالحق والعدل، قال: فأقِدْني،فكشف رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بطنه، وقال: ((استقِدْ))، قال: فاعتنقه فقبَّل بطنه، فقال: ((ما حملك على هذا يا سواد؟))، قال: يا رسول الله، حضر ما ترى، فأردتُ أن يكون آخر العهد بك أن يمس جِلدي جِلدَك،فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم بخير"[3].
العبادات والنظام:
إننا نتعبَّد لله سبحانه وتعالى بالصلوات الخمس في اليوم والليلة، وكل صلاة يجب أن يسبقها طهارة ووضوء، وكل صلاة لها وقت، وعدد من الركعات، ولها كيفية وهيئة تؤدى بها، يجب على كل مصلٍّ أن يلتزم بها، ولا يخرج عن نظامها، وإلا صار مخالفًا لنظام الصلاة.
والزكاة كذلك لها أحكامها ووقتها؛ فزكاة المال - مثلًا - تؤدى كل عام، وببلوغ النصاب، وتخرج لأناس عيَّنهم الشرع وحددهم، وجعل الزكاة لا تصرف إلا لهم.
والحج له أشهر معلومات وأماكن محدودات، لا يُقبَل من الحاج أن يذهب لأداء مناسك الحج في غير تلك الأشهر، ولا يصح أن يؤديها في أماكن غيرِ تلك التي حددها له الشرع الحنيف.
أما عبادة الصيام، التي لها شهر معلوم ووقت معدود، فشهر رمضان هو الوحيد الذي فرضه الله على عباده، وإذا صامه المسلم، فوقته من طلوع الفجر إلى غروب الشمس.
فهذه الأركان الخمسة من الشهادتين والصلاة والزكاة والحج والصيام تعطينا دروسًا للانضباط والنظام في أنفسنا وحياتنا، وتغرس فينا التنظيم والترتيب في معاملاتنا وسلوكنا؛ فهي - بلا شك - تربية للمسلمين على هذه القيمة الجمالية.
تأمل..قصة عجيبة عن النظام:
عرَض بعض الدعاة على رجل أمريكي مشهدًا حيًّا للحرم المكي وهو يعِجُّ بالمصلين قبل إقامة الصلاة - وكان فيه إفطار في رمضان - ثم سألوه: كم من الوقت يحتاج هؤلاء للاصطفاف في رأيك؟ فقال: - ساعتين إلى ثلاث ساعات، فقالوا له: إن الحرم أربعة أدوار،فقال: إذًا، 12 ساعة، فقالوا له: إنهم مختلفو اللغات، فقال: هؤلاء لا يمكِنُ اصطفافهم،ثم حان وقت الصلاة،فتقدَّم الشيخ السديس وقال: استووا،فوقَف الجميع في صفوف منتظمة في لحظات قليلة،فأسلَم الرجل[4].
دعوة للنظام:
مما سبق يتضح أن النظام سلوك متأصل في الكون والعبادات، لا ينفك لحظة، فحريٌّ بنا - نحن المسلمين - أن نسايرَ فطرة الكون، وأن نتعلم من عباداتنا؛ فالتزِمِ النظام في غرفتك، وبيتك، ومدرستك، وعملك، ومسجدك، وسيارتك، وطريقك، وحياتك الزوجية، ومواعيدك وأوقاتك.
فالمسلم ينبغي أن يكون منظمًا مرتبًا في حياته؛ قال رسول صلى الله عليه وسلم: ((إنكم قادمون على إخوانكم؛ فأصلِحوا رحالكم، وأصلحوا لباسكم، حتى تكونوا كأنكم شامةٌ في الناس؛ فإن الله لا يحب الفُحْش، ولا التفحُّش))[5].
أيَّهما يختار؟!
لو أن طفلًا صغيرًا نظر إلى رجل مسلم يحافظ على صلاته، ويكثر من صيامه، ويتلو آيات ربه، ثم يجده يهمل نفسه إهمالًا شديدًا في ملابسه، ولا يلتزم بوعوده، وفي الناحية الأخرى يجد هذا الطفل رجلًا ليس منضبطًا بالدين إطلاقًا، فقد لا يصلي ولا يهتم بالصيام إلا في رمضان..فقد وجد في الأول العبادة، لكن مع الإهمال وعدم الالتزام، وفي الآخر: الأناقة، والنظافة، والاهتمام، صارِحْني...أيَّهما يختار؟!
أثقأن إجابتك ستكون الثاني؛ فالمظهر أخَذه، والنظام جذَبه، والاهتمام شدَّه..
وأنا أقول: الأول: يحتاج إلى إعادة نظر في سلوكه، وأن يكون صورة مشرفة لإسلامه ودِينه.
والثاني: يجب أن يعود لربه، ويؤدي ما عليه، وإلا فما فائدة النافلة بدون الفريضة؟!
الصائمون وطعام الإفطار:
قالوا: "إن المصريين يُهدرون أكثر من 3 مليون طن من الطعام سنويًّا، ونسبة إهدار الطعام في رمضان تصل إلى 60%، ثم إن الذين يبحثون عن حلٍّ وعلاج لهذه المشكلة، قالوا: لو نظمنا هذا السلوك لاستطعنا أن نوفر طعامًا لـ: 3.5 مليون مصري محتاج"...فالتغلُّب على المشكلات يكون بالنظام.
وصية عملية:
لا تقبَلْ أنت كمسلم إلا أن تكون منظمًا مرتبًا، نظِّمْ بيتك، وغرفتك، ومكتبك، وعملك، وأوقاتك، وملابسك؛ فالنظام عنوان المسلم في حياته!
♦♦♦
ولنا أن نتسائل : مَن الذي فتح مصر؟ وفي أي عام؟
الجواب:
هو: عمرو بن العاص رضي الله عنه، في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، عام: 20 ه، الموافق: 641م.
♦♦♦
آداب الزيارة:
إن الإنسان لا يخلو إما أن يزور أباه وأمه، أو يزور أخاه وأخته، أو يزور أقاربه أو أصدقاءه، وهذه الزيارة أيًّا كانت، فلها في الإسلام فضائلُ وآدابٌ، ومنها:
1- تجديد النِّية:
لقد تكرَّر هذا الأدبُ فيما سبق من آداب؛ فاستحضار النية واستذكارها مِن أهم ما يمكن فعله؛ فقد يفعل الإنسان الشيء، وليس له نية، فلا يخرُجُ مِن عمله بشيء، وتجديد النية هنا أن يُحدِّثَ المرء نفسه: لماذا سأزور فلانًا؟ هل زيارتي لمصلحة شخصية؟ أو لغرض دنيوي؟ أم زيارتي لله؟ فإذا كانت لله، فهذا ما أعدَّه الله للزائرين في الله؛ عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((أن رجلًا زار أخًا له في قريةٍ أخرى، فأرصد الله له على مَدْرَجته ملَكًا، فلما أتى عليه، قال: أين تريد؟ قال: أريد أخًا لي في هذه القرية، قال: هل لك عليه مِن نعمةٍ تَرُبُّها؟ قال: لا، غيرَ أني أحببتُه في الله عز وجل، قال: فإني رسول الله إليك، بأن الله قد أحبك كما أحببته فيه))[6].
وربُّ العالمين أخبرنا أنه أوجب محبته لمن يزور أخاه لا يزوره إلا لله؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((قال الله تبارك وتعالى: وجبَتْ محبتي للمتحابين فيَّ، والمتجالسين فيَّ، والمتزاورين فيَّ، والمتباذلين فيَّ))[7].
كما أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وعده بالجنة؛ عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن عاد مريضًا أو زار أخًا له في الله، ناداه منادٍ: أنْ طِبْتَ وطاب ممشاك، وتبوأت من الجنة منزلًا))[8].
2- اختيار الوقت المناسب للزيارة:
مِن أبرز آداب الزيارة: أن يختار الزائر الوقت المناسب للمزور، ما أمكنه ذلك؛ حتى لا يكون هناك إحراج، وحتى يكون المزور على استعداد في استقبال مَن يزُوره، وليكن هذا الاختيار بمكالمة عبر الهاتف أو برسالة، أو بوسيلة أخرى، لتتحرى الأوقات المناسبة.
3- مراعاة آداب الاستئذان:
على الزائر أن يراعي آداب الاستئذان، التي سبق الحديث عنها في آداب الاستئذان، بأن يستأذن ثلاثًا، ولا يقف بوجه الباب، وأن يسلِّمَ على مَن قصد زيارتهم، والاستئذان عليهم.
4- الحذَر مِن الإفراط في الزيارات:
لتحذَرْ - أخي الزائر - أن تُكثِر من الزيارات، إلا لحاجة أو لسبب؛ كأن يطلب منك شخص أن تزوره؛ عن عطاءٍ، قال: دخلتُ أنا وعبيد بن عميرٍ على عائشة، فقالت لعبيد بن عميرٍ: قد آنَ لك أن تزورنا، فقال: أقول يا أمَّهْ كما قال الأولُ: زُرْ غِبًّا، تَزْدَدْ حُبًّا..."[9].
5- مراعاة مدة الزيارة:
كُنْ زائرًا خفيفًا، فإذا زرت صديقك أو قريبك، فلا تُطِلِ المدة عنده، اللهم إلا إذا أظهر رغبته في ذلك، وطلب منك أن تجلس معه؛ فقد يكون مشغولًا، أو عنده ارتباط بشيء ما، ويتحرج أن يخبرك به.
6- غَضُّ البصر عن محارم البيت:
فلا يصحُّ للزائر ولا يليق أن يطلق بصره يجول في كل ركن مِن أركان البيت، ويتأكد هذا عند دخوله؛ فعليه أن يُخفِض طرفه، فلا يرفع بصره؛ حتى لا يطَّلِع على عَوْرات البيت.
7- الجلوس حيث يأذَنُ صاحب البيت:
إن صاحبَ البيت أعلمُ بحال بيته، فإذا زاره أحد، فقال له: اجلس هنا، فما على الزائر إلا أن يلبي طلبه؛ فالزائر قد يجلس في مكان يكشِف فيه البيت، أو يرى محارمه، مما يُغضِب صاحب البيت.
8- عدم إمامة صاحب البيت إلا بإذنه:
عن أبي عطية، قال: كان مالك بن حويرثٍ يأتينا إلى مصلانا هذا، فأقيمت الصلاة، فقلنا له: تقدَّم فصَلِّه، فقال لنا: قدموا رجلًا منكم يصلي بكم، وسأحدثكم لِمَ لا أصلي بكم؛ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((مَن زار قومًا فلا يؤمَّهم، وليؤمَّهم رجلٌ منهم))[10].
وعلَّق الإمام الترمذي على هذا الحديث، قائلًا: والعمل على هذا عند أكثرِ أهل العلم مِن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم، قالوا: صاحب المنزل أحقُّ بالإمامة مِن الزائر، وقال بعض أهل العلم: إذا أذِن له، فلا بأس أن يصلي به.
ويؤكد هذا ما جاء عن أبي مسعودٍ الأنصاري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((... ولا يؤمَّنَّ الرجلُ الرجلَ في سلطانه، ولا يقعد في بيته على تكرمته إلا بإذنه))[11].
9- عدم الانصراف إلا بإذن صاحب البيت:
إذا زار المسلم أخاه، ثم أراد أن ينصرف، فعليه أن يستأذن منه، ولا يخرج من بيته إلا بإذنه؛ لئلا يطَّلِع على محارم البيت؛ عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا زار أحدكم أخاه فجلس عنده، فلا يقُمْ حتى يستأذنه))[12].
ولا شكَّ أن هذا التوجيه النبوي فيه ذوقٌ عالٍ، وأدبٌ رفيع؛ فمَن خالَف فقد خالَف آداب الإسلام.
10- شُكر صاحب البيت والدعاء له:
إن شُكر الناس مِن شكر الله؛ فالذي يشكر الناس كمَن يشكر الله، ومِن باب الشكر: أن تشكر مَن قُمْتَ بزيارته، واستقبلك في بيته؛ عن ابن عمر: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مَن سألكم بالله فأعطوه، ومَن استعاذكم بالله فأعيذوه، ومَن أتى إليكم معروفًا فكافئوه، فإن لم تجدوا ما تكافئوه، فادعوا له، حتى تعلموا أنكم قد كافأتموه، ومَن استجاركم فأجيروه))[13].
وأذكرك أخي بدعاء الشكر على الطعام والشراب، وبدعاء الإفطار؛ فمِن السنَّة إذا أكلتَ عند صديقك أو شربتَ أن تقول: ((اللهم أطعِمْ مَن أطعَمنا، واسقِ مَن سقانا))[14].
ويضاف إليه: أن تدعو لِمَن أفطرت عنده فتقول: (أفطر عندكم الصائمون، وأكل طعامَكم الأبرارُ، وصلت عليكم الملائكة)[15].
11- مرافقة الضيف حتى الباب:
وهذا يُعَدُّ مِن قَبيل تمام الزيارة وكمال الضيافة، قال الشعبي: "مِن تمام زيارة الزائر: أن تمشي معه إلى باب الدار، وتأخذ برِكابه"[16].
تمت آداب الزيارة في أحدَ عشَر، جعلها الله ذُخرًا لِمَن عمِل بها ثم نشَر.
♦♦♦
درس الفقه: مِن أحكام الصيام:
1- هل يجوز قضاء التراويح؟
عند الشافعية، يقول الخطيب الشربيني: "(ولو فات النفل المؤقت) سنَّت الجماعة فيه؛ كصلاة العيد، أو لا؛ كصلاة الضحى، (نُدب قضاؤه في الأظهَر)؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إذا رقد أحدكم عن الصلاة، أو غفل عنها، فليصلها إذا ذكرها))[17]، ولأن رسول الله صلى الله عليه وسلم (قضى ركعتي الفجر لما نام في الوادي عن صلاة الصبح إلى أن طلعت الشمس)[18]، (وقضى ركعتي سنة الظهر المتأخرة بعد العصر)[19]، ولأنها صلاة مؤقتة؛ فقُضِيت كالفرائض، وسواء السفر والحضر، كما صرح به ابن المقري"[20].
ويقول الإمام النووي: "إن الصحيح عندنا استحباب قضاء النوافل الراتبة، وبه قال محمدٌ والمزني وأحمدُ في روايةٍ عنه، وقال أبو حنيفة ومالكٌ وأبو يوسف - في أشهر الرواية عنهما -: لا يقضي"[21]...وعليه: فمَن فاتته صلاة التراويح، فعلى مذهب الشافعية، يُندَب له القضاء.
2- حُكم التبرُّد بالماء:
إن تبرُّد الصائم بالماء الذي صفته: أن يصب الماء على بدنه منعًا للحر، أو خوفًا من العطش، هو جائز، لا يضر الصائم، ولا يفسد الصوم؛ فعن عائشة، وأم سلمة: أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم كان (يدركه الفجر وهو جنبٌ من أهله، ثم يغتسل، ويصوم)[22].
وجاء عن أنس، أنه قال: (إن لي أبزن أتقحم فيه، وأنا صائمٌ)[23]، والأبزن: حوض مِن فخَّار أو غيره.
مع الحرص بعدم دخول الماء إلى الجوف.
والله أعلم.
________________________________________
[1] مسلم (432).
[2] متفق عليه.
[3] السيرة النبوية، لابن هشام، (ج1، ص626)، تحقيق: مصطفى السقا وغيره، مطبعة مصطفى الحلبي، ط2/ 1375هـ = 1955 م.
[4] ذكَرها الدكتور/ يحيى اليحيى، رئيس لجنة التعريف بالإسلام، في برنامج "أسرة واحدة" على قناة المجد الفضائية.
[5] أبو داود (4089)، ومسند أحمد (17624)، ومستدرك الحاكم (7371)، وقال: صحيح الإسناد.
[6] مسلم (2567).
[7] مسند أحمد (22030)، والمعجم الكبير للطبراني (150)، ومستدرك الحاكم (7314)، وقال: صحيح على شرط الشيخين.
[8] الترمذي (2008)، وحسنه الألباني.
[9] صحيح ابن حبان (620)، وصححه الأرناؤوط.
[10] أبو داود (596)، والترمذي (356)، وقال: هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.
[11] مسلم (673).
[12] مسند الفردوس، للديلمي (1200)، دار الكتب العلمية - بيروت، ط1/ 1406 هـ = 1986م، وذكره الألباني في السلسلة الصحيحة (182).
[13] أحمد (5743)، والحاكم في المستدرك (2369)، وقال: صحيح الإسناد على شرط الشيخين.
[14] مسند أبي يعلى (1517)، وإسناده صحيح.
[15] أبو داود (3854)، وقال الألباني: صحيح.
[16] الآداب الشرعية والمنح المرعية، لابن مفلح (ج3، ص238).
[17] مسلم (684).
[18] أبو داود (447)، وقال الأرناؤوط: إسناده حسن.
[19] البخاري (1233)، مسلم (834).
[20] انظر: مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج، للخطيب الشربيني، (ج1، ص457)، دار الكتب العلمية، ط1/ 1415هـ - 1994م.
[21] المجموع شرح المهذب، للنووي، (ج4، ص43).
[22] متفق عليه.
[23] البخاري (ج3، ص30)، باب اغتسال الصائم.

اكتب تعليق

أحدث أقدم