بقلم / المفكر العربي الدكتور خالد محمود عبد القوي عبد اللطيف
مؤسس ورئيس اتحاد الوطن العربي الدولي
رئيس الإتحاد العالمي للعلماء والباحثين
الرئيس التنفيذي لجامعة بيرشام الدولية بأسبانيا
ورئيس جامعة الوطن العربي الدولي ( تحت التأسيس)
لما ڪمُلَتْ أشهرُ حمله صلى الله عليه وآله وسلم بالتمام، نُشرَتْ له في جوانب الأرض أعلام، فجاء ربيعٌ الأولُ الذي فتح الله فيه أبواب عطاياه الجسام، وطلعَتْ فيه شمس الإسلام، وحضرت ليلة مولده المنيرة التي انفجر فيها الضياء مبددًا الظلام، وبلغ بالسيدة آمنة الطلْقُ بلا وجع ولا أسقام، ولم تزل تشاهد من الأنوار ما لا تحيط به العقول والأفهام.
قال عمرو بن قُتيبـة: سمعتُ أبي -وكان من أوعية العلم- قال: «لمّا حَضَرَتْ ولادَةُ آمِنَةَ قال اللهُ لملائكته: افتحوا أبواب السَّمَاء كلها وأبواب الجنان كلها، وأمر اللهُ الملائكة بالحضور فَنزلت تبشر بَعْضُهَا بَعْضًا، وتطاولت جبال الدُّنْيَا، وَارْتَفَعت الْبحار وتباشر أَهلُهَا، فَلم يبْق ملَكٌ إِلَّا حضر، وأُخِذَ الشيطانُ فغُلَّ سبعين غَلًّا، وألقي منكوسا في لجة البحر الأخضر، وغُلَّت الشياطينُ والمرَدَةُ، وأُلبِسَت الشمسُ يومئذ نورًا عظيمًا».
وظهرت ليلة مولده صلى الله عليه وآله وسلم الأمور العظام، توطئة لقدومه وإجلالًا لجنابه وإكرامًا له أيَّ إكرام؛ فتزينت السماء وحرست من استراق السمع لمولد خير الأنام، وانصدع إيوان كسرى وسقطت شرفاته وخمدت نيران الفرس وكانت لم تخمُد ألفَ عام، وغاضت بحيرة ساوة، وفاض ماء وادي سماوة، وكان مكان المولد الشريف: سوق الليل، وهو الآن مكان المكتبة المكية فيا سعادة من حياه بالزيارة والإعظام.
يقول شيخ الإسلام الإمامُ ابنُ الجزريِّ، الذي هو بالفضل حريّ: «وكان مولُده صلى الله عليه وآله وسلم بالشعبِ، وهو مكانٌ معروفٌ متواترٌ عند أهل مكة، يخرج أهلُ مكةَ كلَّ عام يومَ المولد ويحتفلون بذلك أعظمَ من احتفالهم بيوم العيد، وذلك إلى يومنا هذا، وقد زرتُه وتبرَّكتُ به عامَ حجتي سنةَ اثنتين وتسعين وسبعمائة، ورأيتُ من بركته عظيمًا، ثمّ كرَّرتُ زيارتَه في مجاورتي سنةَ ثلاث وعشرين وثمانمائة، وكان قد تهدَّم فرممتُه، وقُرئ عليّ ڪتابي «التعريف بالمولد الشريف»، وسمعه خلقٌ لا يُحصَوْنَ، وكان يوما مشهودًا».
قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنِّي عِنْدَ اللَّهِ مَكْتُوبٌ خَاتَم النَّبِيِّينَ وَإِنَّ آدَمَ لَمُنْجَدِلٌ فِي طِينَتِهِ، وَسَأُخْبِرُكُمْ بِأَوَّلِ ذَلِكَ: دَعْوَةُ أَبِي إِبْرَاهِيمَ عليه السلام، وَبِشَارَةُ عِيسَى عليه السلام، وَرُؤْيَا أُمِّيَ الَّتِي رَأَتْ حِينَ وَضَعَتْنِي أَنَّهُ خَرَجَ مِنْهَا نُورٌ أَضَاءَتْ لَهَا مِنْهُ قُصُورُ الشَّامِ».
قال الحافظ زين الدين العراقيّ، في "مولده الهنيّ السنيّ": «وقد ورد خروج النور من آمنةَ حين ميلاده، من حديث جماعة من الصحابة رضي الله عنهم عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم».
تقول فاطمة بنت عبد الله الثقفية أم عثمان بن أبي العاص رضي الله عنهما: «شهدتُ آمنةَ لما وَلَدَتْ رسولَ الله صلى الله عليه وآله وسلم، فلما ضربها المخاضُ نظرْتُ إلى النجوم تَدَلَّى حتى إني لأقول لَتَقَعَنَّ عليّ، فلما ولدَتْه خرج منها نورٌ أضاء له البيتُ الذي نحن فيه والدارُ، فما شيءٌ أنظر إليه إلا نورٌ».
وتقول السيدةُ الرضيّةُ المَرضيّة، حليمةُ بنتُ عبدِ الله الســــعدية: قالت لي آمنةُ: «إنّ لابني هذا شأنًا؛ إني حملتُ به فلم أحمِلْ حَمْلًا قطُّ ڪان أخفَّ عليّ ولا أعظمَ برڪةً منه، ثم رأيتُ نورًا ڪأنه شهابٌ خرج مني حين وضعتُه، أضاءت له أعناقُ الإبل ببُصرَى، ثم وضعتُه فما وقع ڪما يقع الصبيان، وقع واضعًا يدَه بالأرض، رافعًا رأسَه إلى السماء».
(محل القيام في مولد خير الأنام)
صلواتُ الله تترى .. وسلامُ الخلقِ طُرّا .. فاض ياقوتًا ودُرّا
تَغمُــر النــورَ الأغرّا
شمسُ نورٍ في ضحاها.. بدرُ تِمٍّ قد تلاها .. نورُ عرشِ الله طه
وبه الخــلّاقُ أسرى
سيدُ الساداتِ أحمدْ .. ذو الكرامات الممجَّدْ .. خيرُ مَن أوفى وأرفَدْ
جاء بعد العسر يسرا
والداكَ الســــــيدانِ .. الڪريمان اليدانِ .. الأبانِ الســـاجدانِ
أوجبُ الآبـــاء بِــرّا
فيكَ يا مالكَ أمري .. تزدهي بهجـةُ عمري .. قد أتانا خـــيرُ شـهرِ
ينثرُ الخــــــيراتِ نثرا
أنتَ يا وجهَ السعودِ .. سرُّ خلقي ووجودي .. وسروري وسعودي
فاكسُني نورًا وسرّا
عطِّر اللهم روضَ المصـطفى .. بشذى الوصل صلاةً وسلاما
وعلى الآل الڪرام الشُرَفا .. واجعل المختارَ لي دومًا إماما
صـل يـــا ربِّ عليـــه ڪلما .. أومض البرق وما الغيث همى
واملأ الأرواحَ بالنور ڪما .. أُنشِئَتْ مِن نُور طــــــه قِدَمـــا
إرسال تعليق