رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يتحدث عن يوم الجائزة

رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يتحدث عن يوم الجائزة



بقلم \ المفكر العربى الدكتور خالد محمود عبد القوي عبد اللطيف
مؤسس ورئيس اتحاد الوطن العربي الدولي
رئيس الإتحاد العالمي للعلماء والباحثين
الرئيس التنفيذي لجامعة فريدريك تايلور بالولايات المتحدة الأمريكية
الرئيس التنفيذي لجامعة بيرشام الدولية بأسبانيا
الرئيس التنفيذي لجامعة سيتي بكمبوديا
مستشار مركز التعاون الأوروبي العربي بألمانيا الإتحادية
إنَّ هذا اليومَ هو يومُ الفرحةِ، فكلُّ العباداتِ التي فعلنَاهَا طوالَ شهرِ رمضانَ المبارك طريقٌ إلى الفرحةِ؛ لأنَّ الفرحةَ تكونُ بالطاعةِ والعبادةِ والقرآنِ، قالَ تعالى: { قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} ( يونس: 58) . وقد صورَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ هذه الفرحةَ بقولِهِ: ” لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا، إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ بِفِطْرِهِ، وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ” . ( متفق عليه ) .
فالصائمُ يفرحُ عندَ فطرهِ كلَّ يومٍ مِن رمضانَ، ولذلك نجدُ الجميعَ كبارًا وصغارًا تغمرُهُم الفرحةُ عندمَا يُضربُ مِدفعُ الإفطارِ، ثم تأتي الفرحةُ الكُبرى في هذا اليوم يومِ العيدِ، يومِ الفرحةِ والبهجةِ والسرورِ، الفرحةُ أنْ أنعمَ اللهُ عليك بإتمامِ نعمةِ الصيامِ والقيامِ، الفرحةُ حينمَا تقابلُ أخيكَ المسلمَ مسرورًا يقدمُ كلٌّ منكما التهنئةَ للآخرِ: تقبلُ اللهُ منَّا ومنكُم .
كما أنَّ الفرحةَ باللعبِ والمرحِ في يوم العيدِ أمرٌ مشروعٌ في حدودِ المباحِ، فعَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الْمَدِينَةَ وَلَهُمْ يَوْمَانِ يَلْعَبُونَ فِيهِمَا، فَقَالَ: مَا هَذَانِ الْيَوْمَانِ ؟ قَالُوا : كُنَّا نَلْعَبُ فِيهِمَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ” إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَبْدَلَكُمْ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا، يَوْمَ الْأَضْحَى وَيَوْمَ الْفِطْرِ ” . ( أحمد وأبو داود والحاكم وصححه ) . وعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ وَعِنْدِي جَارِيَتَانِ مِنْ جَوَارِي الْأَنْصَارِ تُغَنِّيَانِ بِمَا تَقَاوَلَتْ الْأَنْصَارُ يَوْمَ بُعَاثَ ، قَالَتْ: وَلَيْسَتَا بِمُغَنِّيَتَيْنِ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَمَزَامِيرُ الشَّيْطَانِ فِي بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَذَلِكَ فِي يَوْمِ عِيدٍ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ : ” يَا أَبَا بَكْرٍ إِنَّ لِكُلِّ قَوْمٍ عِيدًا وَهَذَا عِيدُنَا ” . ( متفق عليه ).
ثم تأتي الفرحةُ الحقيقيةُ في الآخرةِ عندَ لقاءِ اللهِ تعالى، ” وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ” .
وهنا سؤالٌ يطرحُ نفسَهُ: لماذا يفرحُ العبدُ بالصومِ خاصةً دونَ بقيةِ العباداتِ مِن صلاةٍ وزكاةٍ وحجٍّ وغيرِهَا؟!
والجوابُ: إنَّ حسناتِ جميعِ العباداتِ تكونُ كفارةً ويُقتصُّ مِن حسناتِهَا مظالمُ العبادِ إلّا حسناتِ الصومِ فهي خاصةٌ للهِ، ولا يُقتصُّ منها مظالمُ العبادِ، ثم يدخلُ العبدُ الجنةَ بصومهِ، لذلك يفرحُ العبدُ بصومهِ إذا لقِىَ ربَّهُ !! ومعنى ذلك أنَّ الإنسانَ يأتي يومَ القيامةِ ومعهُ حسناتٌ كالجبالِ، ولكنَّهُ عليه مظالمٌ تستغرقُ كلَّ حسناتِهِ، فجميعُ العباداتِ تُوفى منها مظالمُ العبادِ إلّا الصيام، فالاستثناءُ يعودُ إلى التكفيرِ بالأعمالِ.
ومِن أحسنِ ما قيلَ في ذلك ما قالَهُ سفيانُ بنُ عيينة رحمه اللهُ قال: هذا مِن أجودِ الأحاديثِ وأحكمِهَا: ” إذا كان يومُ القيامةِ يحاسبُ اللهُ عبدَهُ، و يؤدّي ما عليه مِن المظالمِ مِن سائرِ عملِهِ حتى لا يبقَى إلّا الصوم، فيتحملُ اللهُ عزَّ وجلَّ ما بقيَ عليهِ مِن المظالمِ، ويدخلهُ بالصومِ الجنةَ “. (البيهقي في الشعب والسنن الكبرى) .
فالصيامُ للهِ عزَّ و جلَّ ولا سبيلَ لأحدٍ إلى أخذِ أجرهِ مِن الصيامِ بل أجرُهُ مُدخرٌ لصاحبهِ عندَ اللهِ عزَّ وجلَّ، فالصومُ لا يسقطُ ثوابُهُ بمقاصةٍ ولا غيرِهَا، بل يُدخرُ أجرُهُ لصاحبهِ حتى يدخلَ الجنةَ فيوفَّى أجرُهُ فيها.
إنًّ ما فعلناهُ مِن طاعاتٍ وعباداتٍ وقرباتٍ سُطِّرتْ وسُجِّلتْ في صحائفِ أعمالِنَا، أَهَّلَتْنَا للفرحِ وحُبِّ لقاءِ اللهِ تعالى، فعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ:” مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ؛ وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ كَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ” قَالَتْ عَائِشَةُ أَوْ بَعْضُ أَزْوَاجِهِ: إِنَّا لَنَكْرَهُ الْمَوْتَ! قَالَ:” لَيْسَ ذَاكِ، وَلَكِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا حَضَرَهُ الْمَوْتُ بُشِّرَ بِرِضْوَانِ اللَّهِ وَكَرَامَتِهِ فَلَيْسَ شَيْءٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا أَمَامَهُ فَأَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ وَأَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ، وَإِنَّ الْكَافِرَ إِذَا حُضِرَ بُشِّرَ بِعَذَابِ اللَّهِ وَعُقُوبَتِهِ فَلَيْسَ شَيْءٌ أَكْرَهَ إِلَيْهِ مِمَّا أَمَامَهُ كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ وَكَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ.” ( متفق عليه )، فالطاعةُ والعبادةُ دليلُ الحبِّ، والمعاصي والذنوبُ دليلُ البغضِ والكرهِ.
قال سليمانُ بنُ عبدِ الملكِ لأبي حازمٍ يا أبا حازم: كيف القدومُ على اللهِ عزَّ وجلَّ؟ فقال: يا أميرَ المؤمنين أمَّا المحسنُ فكالغائبِ يأتِي أهلَهُ فرحًا مسرورًا، وأمَّا المسيءُ فكالعبدِ الآبقِ يأتِي مولاهُ خائفًا محزونًا.
وأعظمُ الفرحِ للصائمِ في الآخرةِ، هو الدخولُ مِن بابِ الريانِ، وهو مأخوذٌ مِن الريِّ، وسُمّي بذلك ليكونَ الجزاءُ مِن جنسِ العملِ، فكما تحمّلَ الصائمُ مرارةَ الجوعِ والحرِّ والعطشِ مِن أجلِ اللهِ، فقد خصَّهُ اللهُ تعالى في الآخرةِ بالدخولِ مِن أعظمِ أبوابِ الجنةِ، ألا وهو ( بابُ الريانِ ) .
فعَنْ سَهْلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: ” إِنَّ فِي الْجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ لَهُ الرَّيَّانُ، يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، لَا يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، يُقَالُ: أَيْنَ الصَّائِمُونَ؟ فَيَقُومُونَ، لَا يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، فَإِذَا دَخَلُوا أُغْلِقَ فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ أَحَدٌ ” . ( متفق عليه ) . ” قال المهلبُ: إنَّما أفردَ الصائمين بهذا البابِ ليُسَارعُوا إلى الريّ مِن عطشِ الصيامِ في الدنيا إكرامًا لهم واختصاصًا، وليكونَ دخولُهُم في الجنةِ هينًا غيرَ متزاحمٍ عليهم عند أبوابِهَا، كما خصَّ النبيُّ أبا بكرٍ الصديق ببابٍ في المسجدِ يقربُ منه خروجهُ إلى الصلاةِ ولا يزاحمهُ أحدٌ، وأغلقَ سائرهَا إكرامًا لهُ وتفضيلًا ” . ( شرح ابن بطال).
فعليكُم بدوامِ الطاعةِ والعبادةِ والصيامِ بعدَ رمضانَ، حتى تلقُوا ربَّكُم فرحين مسرورين، وتدخلُوا مِن بابِ الريانِ.
أعمالُ يومِ العيدِ وآدابُهُ
إنَّنَا في هذا اليومِ ينبغِي علينا أنْ نقتدِيَ بنيِّنَا ﷺ في أعمالِ يومِ العيدِ وآدابِهِ .
ومِن أهمِّ هذه الآدابِ التهنئةُ الطيبةُ التي يتبادلُهَا الناسُ فيما بينهُم أيًّا كان لفظُهَا، مثلَ قولِ بعضِهِم لبعضٍ: تقبلُ اللهُ منَّا ومنكم، أو عيدٌ مباركٌ وما أشبهَ ذلك مِن عباراتِ التهنئةِ المباحةِ، فعن جبيرِ بنِ نفيرٍ قال: “كانَ أصحابُ النبيِّ ﷺ إذا التقُوا يومَ العيدِ يقولُ بعضُهُم لبعضٍ، تُقُبِّلَ منَّا ومنك .”( قال ابن حجر في الفتح: إسناده حسن)؛ ولا ريبَ أنَّ هذه التهنئةَ مِن مكارمِ الأخلاقِ والمظاهرِ الاجتماعيةِ الحسنةِ بينَ المسلمين.
وكذلك يُسنُّ الذهابُ إلى الصلاةِ مِن طريقٍ والعودةُ مِن آخرٍ، فعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ:” كَانَ النَّبِيُّ ﷺ إِذَا كَانَ يَوْمُ عِيدٍ خَالَفَ الطَّرِيقَ.” ( البخاري). قِيلَ الحكمةُ مِن ذلك ليشهدَ لهُ الطريقانِ عندَ اللهِ يومَ القيامةِ، والأرضُ تحدّثُ يومَ القيامةِ بما عُملَ عليهَا مِن الخيرِ والشرِّ، وقيلَ لإظهارِ ذكرِ اللهِ وشعائرِ الإسلامِ، وقيلَ لأنَّ الملائكةَ تقفُ على مفترقِ الطرقِ تكتبُ كلَّ مَن يمرُّ مِن هنَا وهناك، وقيلَ غيرُ ذلك.
كَمَا نُذكِّرُكُم بِصلَةِ الأرحامِ في هَذَا اليومِ، فقدْ أعدَّ اللهُ تعالى الأجرَ الكبيرَ والثوابَ الجزيلَ لمَن يصلُ رحمَهُ، وإنَّ مِن أعظمِ ما يجازِي بهِ اللهُ تعالى واصلَ الرحمِ في الدنيا أنْ يوسعَ له في الرزقِ ويباركَ له في العمرِ، قال عليه الصلاةُ والسلام:” مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ، أَوْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ” (متفق عليه).
كما تشرعُ التوسعةُ على الأهلِ والعيالِ في أيامِ العيدِ دونَ إسرافٍ أو تبذيرٍ، مصداقًا لقولِهِ تعالى:{ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلاَ تُسْرِفُوا إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ المُسْرِفِينَ} ( الأعراف:31) . وكذلك التوسعةُ على الفقراءِ والمساكين، لما رواهُ البيهقيُّ والدارقطنيُّ عن ابنِ عمرَ رضي اللهُ عنهما، أنَّ رسولَ اللهِ ﷺ قال: « اغْنُوهُم فِي هَذَا الْيَوْمِ ». وفي رواية للبيهقي: « اغْنُوهُم عن طوافِ هذا اليومِ “.وهذه كلُّهُا مبادئٌ إسلاميةٌ رفيعةٌ، فيها البرُّ والإحسانُ والتعاونُ والتآلفُ والتوادُّ والتراحمُ، وكلُّهَا مظاهرٌ مِن التكريمِ والفرحةِ والبهجةِ وإدخالِ السرورِ على الفقراءِ والمساكين في العيدينِ الكريمينِ، فما أجملَ هذا الدينَ الحنيف !!
هذا هو هديُ نبيِّكُم ﷺ في يوم العيدِ، ألَا فلنتمثلْ بهديهِ في جميعِ أعمالِنَا وأقوالِنَا وأفعالِنَا !!

اكتب تعليق

أحدث أقدم