رئيس اتحاد الوطن العربى الدولى يؤكد أن الإنتماء للوطن من النعم التي رزقنا الله بها

رئيس اتحاد الوطن العربى الدولى يؤكد أن الإنتماء للوطن من النعم التي رزقنا الله بها



بقلم \ المفكر العربي الدكتور خالد محمود عبدد القوي عبد اللطيف
مؤسس ورئيس اتحاد الوطن العربي الدولي
رئيس الإتحاد العالمي للعلماء والباحثين
الرئيس التنفيذي لجامعة فريدريك تايلور بالولايات المتحدة الأمريكية
الرئيس التنفيذي لجامعة بيرشام الدولية بأسبانيا
الرئيس التنفيذي لجامعة سيتي بكمبوديا
مستشار مركز التعاون الأوروبي العربي بألمانيا الإتحادية
مما لا شك فيه أن الانتماء للوطن يعد من أبرز القيم التي تقوم عليها حياة الفرد، وهي من النعم التي رزقنا الله بها، والنعم لا تستشعر ولا تحصل قيمتها في النفس إلا إذا فقدت، وبغير هذا الشعور يشعر الإنسان بالضياع ويفقد هويته وكيانه وجزءا من
شخصيته؛ ويعيش في فراغ وفوضى وضياع.
ولولا مكانة الوطن في النفس لما ذرفت عينا الحبيب " صلى الله عليه وسلم" ، ولما ذكره العقلاء والشعراء, في أسفارهم محبة وشوقا.
جاء في تفسير قوله تعالى: {وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ} (البقرة: 191) أن المحنة التي يفتتن بها الإنسان كالإخراج من الوطن المحبب للطباع السليمة؛ أصعب من القتل لدوام تعبها وتألم النفس بها، ومن هنا قيل: لقتل بحد سيف أهون موقعا على النفس من
قتل بحد فراق (1).
وعن ابن عباس – رضي الله عنهما- قال: لما خرج رسول الله " صلى الله عليه وسلم" من مكة قال: «أما والله لأخرج منك وإني لأعلم أنك أحب بلاد الله إلي وأكرمه على الله، ولولا أن أهلك أخرجوني ما خرجت» (2).
وعنه- أيضا- أن النبي " صلى الله عليه وسلم" كان إذا قدم من سفر فنظر إلى جدران المدينة أوضع ناقته، وإن كان على دابة حركها من حبها، قال ابن حجر –رحمه الله- «وفي الحديث دلالة على فضل المدينة وعلى مشروعية حب
الوطن والحنين إليه» (3).
وروي أن أبان قدم على النبي " صلى الله عليه وسلم" فقال: يا أبان كيف تركت مكة؟
قال: تركت الأذخر وقد أعذق، والنمام وقد أورق، فاغرورقت عينا رسول الله " صلى الله عليه وسلم"
وقيل: من علامة الرشد أن تكون النفس إلى بلدها تواقة وإلى مسقط رأسها مشتاقة. وأوصى الإسكندر أن تحمل رمته في تابوت من ذهب إلى بلاد الروم حبا لوطنه، واعتل سابور ذو الأكتاف وكان أسيرا ببلاد الروم، فقالت له بنت الملك،
وكانت قد عشقته، ما تشتهي؟ قال: شربة من ماء دجلة وشمة من تراب اصطخر، فأتته بعد أيام بشربة من ماء وقبضة من تراب وقالت له: هذا من ماء دجلة ومن تربة أرضك، فشرب واشتم بالوهم فنفعه من علته. وقال الجاحظ: كان النفر
في زمن البرامكة إذا سافر أحدهم أخذ معه من تربة أرضه في جراب يتداوى به، وما أحسن ما قال بعضهم:
بلاد ألفناها على كل حالة
وقد يؤلف الشيء الذي ليس بالحسن
ونستعذب الأرض التي لا هوى بها
ولا ماؤها عذب ولكنها وطن (4).
يقول إبراهيم بن أدهم: «عالجت العبادة فما وجدت شيئا أشد علي من نزاع النفس إلى الوطن» (5).
وجاء في تاريخ بغداد أن أبا العباس محمد بن إسحاق السراج قال: وآسفا على بغداد، فقيل له ما الذي حملك على الخروج منها؟ قال أقام بها أخي إسماعيل خمسين سنة فلما توفي ورفعت جنازته سمعت رجلا على باب الدرب يقول لآخر: من
هذا الميت? قال: غريب كان ها هنا. فقلت: (إنا لله..) بعد طول مقام أخي بها واشتهاره بالعلم والتجارة يقال: غريب كان ها هنا! فحملتني هذه الكلمة على الانصراف إلى الوطن (6).
وقد أكثر الشعراء في ذكر الأوطان ومحبتها والشوق إليها، فهذا ابن الرومي ذكر الوطن وبين العلة التي لها يحب، وزاد عليهم أجمعين وجمع ما فرقوه في أبيات من قصيدة يخاطب بها سليمان بن عبد الله بن طاهر وقد أريد على بيع منزله
فقال:
ولي وطن آليت ألا أبيعه
وألا أرى غيري له الدهر مالكا
عهدت به شرخ الشباب ونعمه
كنعمة قوم أصبحوا في ظلالكا
وقد ألفته النفس حتى كأنه
لها جسد إن غاب غودرت هالكا
والنفس السوية بطبعها تألف موطنها الذي فيه ولدت، وعلى مهده نمت وشبت حتى وإن كان هذا الموطن صحراء قاحلة مجدبة.
فكل ما سبق يدل على أن حب الوطن والارتباط به واجب، والانتماء إلى الوطن فطرة وضعها الخالق في نفوس الأسوياء؛ فلا يمكن لأحد أن ينزع هذه الفطرة من نفس صاحبها وذلك لتمكنها منه، ونفاذها فيه.
إن فقد الشعور بالانتماء للوطن والولاء له, هو سبيل إلى الضياع. فهلا سألت نفسك يوما هذا السؤال: ماذا قدمت لوطني؟
الهوامش:
1- روح المعاني (2 /75).
2- مسند أبي يعلى (5 / 69).
3- فتح الباري (3 / 621 ).
4- المستطرف ص (1324- 1327).
5- حلية الأولياء (7 / 380).
6- تاريخ بغداد (6 / 292).

اكتب تعليق

أحدث أقدم