رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يتحدث عن خلق التفاؤل

رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يتحدث عن خلق التفاؤل

 



بقلم \  المفكر العربى الدكتور خالد محمود  عبد القوي عبد اللطيف 

مؤسس  ورئيس اتحاد الوطن العربي الدولي

رئيس  الإتحاد العالمي للعلماء والباحثين 

الرئيس التنفيذي لجامعة فريدريك  تايلور بالولايات المتحدة الأمريكية 

الرئيس التنفيذي لجامعة بيرشام الدولية بأسبانيا 

الرئيس التنفيذي لجامعة سيتي بكمبوديا 

مستشار مركز التعاون الأوروبي العربي بألمانيا الإتحادية 

مما لاشك فيه أن المسلم لا يعرف اليأس ولا القنوط، ومِن أخلاقه وصفاته: أن يكون متفائلًا، لا متشائمًا؛ فاليأس ليس مِن أخلاق الإسلام، وليس من أخلاق الأنبياء؛ فالأنبياء لم ييئسوا قط، ولم يعرِفِ اليأس طريقًا إلى قلوبهم، وكذا نبينا كان دائم البِشْر والأمل، وكان يعلِّم الصحابة الأمل في أحلك الظروف، ويغرس في نفوسهم التفاؤل في أصعب الأوقات، فكيف يتشاءَم الإنسان وربُّه موجود، أو ييئس ودائمًا بابه مفتوح.

ورمضان مِن العبادات التي تربي في نفوسنا خُلق التفاؤل، فقبل رمضان نعصي الله، ويأتي رمضان ليعطينا الأمل، ويبشرنا بمغفرة الذنوب، ونعيش رمضان بالأمل والبشارات القرآنية والنبوية، ويمضي رمضان وقد غفر الله لمن صامه حق الصيام، وقامه حق القيام.

ونحن بصدد سورة من سور القرآن الكريم، ضربت المثل العالي في تربية الأمل وعدم اليأس؛ فسورة سيدنا يوسف عليه السلام قدَّمت لنا أنموذجًا فريدًا في الثقة بالله وعدم القنوط، فبعد أن فَقدَ سيدنا يعقوب الابن الثاني - بنيامين - بعد فقدِه أخاه يوسف، لم ييئس لحظةً، ولم يقنط، فقال لبنيه: ﴿ يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ﴾ [يوسف: 87].

هل بعد هذا الأمل أمل؟! وهل بعد هذه الثقة ثقة؟! وهو - أي سيدنا يعقوب - صاحب الألم، وفاقد الولد، يدعو لعدم اليأس.

تأملات في سورة يوسف:

عندما فقد يعقوب ولده - يوسف - كان جوابه: ﴿ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ ﴾ [يوسف: 18]، ولما فقَد الولد الثاني - بنيامين - قال: ﴿ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ﴾ [يوسف: 83]، فالآية الأولى رقم (18)، والآية الثانية رقم (83)، فبينهما: 65 آية، والآية التي جاءت بالبشارة والأمل: ﴿ فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [يوسف: 96]، هي الآية رقم (96).

وعددُ الآيات بين غياب يوسف وبشارة يعقوب: (78) آية، والمدة الزمنية مِن وقت غياب يوسف لحين عودته: ثمانون سنة، وقيل: غير ذلك[1].

والشاهد: أنه مهما طالت المدة، وامتد الأجل، فكُنْ صاحب أمل.

إن التشاؤم من أخلاق الجاهلية؛ ولذلك حذرنا منه رسول الله صلى الله عليه وسلم ونهى عنه، فقال صلى الله عليه وسلم: ((لا طِيَرة، وخيرُها الفألُ))، قيل: يا رسول الله، وما الفأل؟ قال: ((الكلمة الصالحة يسمَعُها أحدكم))[2]، وكان التفاؤل مما يعجب رسولَ الله صلى الله عليه وسلم؛ كما قال أبو هريرة: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يُعجِبه الفأل الحسَن، ويكرَه الطِّيَرة)[3].

وعلَّم أصحابه رضي الله عنهم أن يستبشروا بالخير دائمًا، ولا ييئسوا؛ فمِن بين وصاياه ما جاء عن أبي موسى، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بعَث أحدًا من أصحابه في بعض أمره، قال: ((بشِّروا ولا تنفِّروا، ويسِّروا ولا تعسِّروا))[4].

بل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُغيِّر أسماء الأشخاص والأماكن على سبيل التفاؤل؛ عن سعيد بن المسيَّب: أن جده حزنًا قدم على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ((ما اسمك؟))، قال: اسمي: حزنٌ، قال: ((بل أنت سهلٌ))، قال: ما أنا بمغيرٍ اسمًا سمانيه أبي، قال ابن المسيَّب: (فما زالَتْ فينا الحزونةُ بعدُ)[5].

ومنه كثير في السنة النبوية؛ فزينبُ كان اسمها برَّةَ، فقيل: تزكي نفسها، فسماها رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب، وغيَّر اسم رجلٍ كان اسمه العاص، فسماه مطيعًا، وغيَّر اسم عاصية وقال: ((أنتِ جميلة))، وكان لا يتطير من شيءٍ، غيرَ أنه كان إذا أراد أن يأتي أرضًا سأل عن اسمها، فإن كان حسنًا، رُئِيَ البِشرُ في وجهه، وإن كان قبيحًا رُئِيَ ذلك في وجهه، وغيَّر عمرُ اسم (قليل)، وقال: أنتَ كثيرُ بن الصلت.

التفاؤل في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم:

لما شارَف رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، لقيه أبو عبدالله - بريدة بن الحصيب الأسلمي - في سبعين مِن قومه مِن بني سهم، فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن أنت))؟ قال: بريدة، فقال لأبي بكر: ((برد أمرنا وصلَح))، ثم قال: ((ممن))؟ قال: مِن أسلم، فقال لأبي بكر: ((سلمنا))، ثم قال: ((مِن بني من))؟ قال: من بني سَهْم، قال: ((خرج سهمُك يا أبا بكر))، فقال بريدة للنبي صلى الله عليه وسلم: من أنت؟ قال: ((أنا محمد بن عبدالله، رسول الله))، فقال بريدة: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله، فأسلم بريدة وأسلم مَن كان معه جميعًا، قال بريدة: الحمد لله الذي أسلم بنو سَهْم طائعين غير مكرهين[6].

وعن عائشة رضي الله عنها، زوج النبي صلى الله عليه وسلم، أنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: هل أتى عليك يومٌ كان أشد من يوم أحدٍ، قال: ((لقد لقيتُ مِن قومكِ ما لقيت، وكان أشد ما لقيتُ منهم يوم العقبة؛ إذ عرضتُ نفسي على ابن عبدياليل بن عبدكلالٍ، فلم يجبني إلى ما أردت، فانطلقت وأنا مهمومٌ على وجهي، فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب، فرفعت رأسي، فإذا أنا بسحابةٍ قد أظلتني، فنظرت فإذا فيها جبريل، فناداني فقال: إن الله قد سمع قول قومك لك، وما ردُّوا عليك، وقد بعث إليك ملَك الجبال لتأمره بما شئت فيهم، فناداني ملك الجبال فسلم عليَّ، ثم قال: يا محمد، فقال، ذلك فيما شئت، إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده، لا يشرك به شيئًا))[7].

كانت الطائف ثاني أعظم مدينة في الجزيرة العربية بعد مكة المكرمة، وامتازت بالكثافة السكانية والتجارة العربية، وكان مِن بينها قبيلة ثَقِيف، القبيلة القوية المعروفة، فلما ارتدت الجزيرة العربية بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، لم يثبت إلا ثلاثُ مُدن وقرية واحدة، وهي: المدينة، ومكة، والطائف، وقرية بشرق الجزيرة العربية.

وقوله صلى الله عليه وسلم: ((بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده)) قد تحقَّق بعد سنين طوال، فأخرج الله من أصلابهم: خالد بن الوليد، عمرو بن العاص، أبا حذيفة بن عتبة، عكرمة بن أبي جهل، فأسلموا بعد ذلك.

عن البراء بن عازبٍ، قال: لما كان حيث أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نحفِرَ الخندق، عرَض لنا في بعض الجبل صخرةٌ عظيمةٌ شديدةٌ، لا تدخل فيها المعاول، فاشتكينا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رآها أخذ المعول وألقى ثوبه، وقال: ((باسم الله))، ثم ضرب ضربةً فكسر ثلثها، وقال: ((الله أكبر، أعطيت مفاتيح الشام، والله إني لأبصر قصورها الحُمْر الساعة))، ثم ضرب الثانية فقطع ثلثًا آخر، فقال: ((الله أكبر، أعطيت مفاتيح فارس، والله إني لأبصر قصر المدائن الأبيض))، ثم ضرب الثالثة فقال: ((باسم الله))، فقطع بقية الحجر، وقال: ((الله أكبر، أعطيت مفاتيح اليمن، والله إني لأبصر أبواب صنعاء))[8].

وإني لأرجو الله حتى كأنني *** أرى بجميلِ الظنِّ ما اللهُ صانعُ

وهذا دعاء مِن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لصرف الأحزان والهموم، ودفع اليأس والقنوط؛ عن أبي سعيدٍ الخدري، قال: دخل رسول صلى الله عليه وسلم ذات يومٍ المسجد، فإذا هو برجلٍ مِن الأنصار، يقال له: أبو أمامة، فقال: ((يا أمامة، ما لي أراك جالسًا في المسجد في غير وقت الصلاة؟))، قال: همومٌ لزمتني وديونٌ يا رسول الله، قال: ((أفلا أعلِّمك كلامًا إذا أنت قلتَه أذهَب الله عز وجل همَّك، وقضى عنك دَيْنَك؟))، قال: قلت: بلى يا رسول، قال: ((قل إذا أصبحتَ وإذا أمسيتَ: اللهم إني أعوذ بك مِن الهمِّ والحزَن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدَّيْن، وقهر الرجال))، قال: ففعلتُ ذلك، فأذهَب الله عز وجل همي، وقضى عني دَيني[9].

ألا بُعدًا لليأس والتشاؤم، ومرحبًا بالأمل والتفاؤل؛ فشتانَ بين المتفائِل والمتشائِم؛ فالمتفائل يقول: إن كأسي مملوءة إلى نصفها، والمتشائم يقول: إن نصف كأسي فارغة.

فكم لله مِن لطفٍ خفي  

يَدِقُّ خَفاه عن فهمِ الذَّكِيِّ  

وكم أمرٍ تُساءُ به صباحًا  

فتأتيك المسرَّةُ في العشِيِّ  

وكم يُسْرٍ أتى مِن بعدِ عُسْرٍ  

ففرَّج كُرْبةَ القلبِ الشَّجِيِّ  

إذا ضاقَتْ بك الأحوالُ يومًا  

فثِقْ بالواحدِ الأحدِ العَلِيِّ  

وصية عملية:

أحسِنِ الظنَّ بربك دائمًا، فلو أحسنتَ الظنَّ، لرأيتَ الحياةَ جميلةً، وسترى مستقبَلَك بقدرِ تفاؤلِك وحُسنِ ظنِّك.

♦♦♦♦♦

ولنا ان نتسائل : ما هي السُّوَر التي بدأت بالحمد في القرآن الكريم؟

الجواب: خمس سور، وترتيبها كالتالي:

سوة الفاتحة؛ قال تعالى: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾.

سورة الأنعام؛ قال تعالى: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ ﴾ [الأنعام: 1].

سورة الكهف؛ قال تعالى: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا ﴾ [الكهف: 1].

سورة سبأ؛ قال تعالى: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ ﴾ [سبأ: 1].

سورة فاطر؛ قال تعالى: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [فاطر: 1].

♦♦♦♦♦

 (آداب عيادة المريض):

إن عيادةَ المريض مِن جملة حق المسلم على أخيه المسلم، بل مِن آكد الحقوق الإسلامية، التي توثق العلاقات الأسرية والأخوية بين المسلمين، وفي عيادة المريض ما فيها من التكافل المعنوي، والتضامن الرُّوحي، والتجاوب النفسي، والتفاعل المجتمعي، ولعيادة المريض أحكام وآداب، منها:

1- النية الصالحة:

إذا أردت أن تزورَ مريضًا، فجدِّدْ نيتك، وأحسِنِ استحضارها، فكلما عددت النوايا، زادت الأجور والعطايا، من رب البرايا، وتذكر الثواب الذي أعده الله عز وجل لعوَّاد المرضى، وسأذكرك ببعض النوايا:

♦ ثمار الجنة:

عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((مَن عاد مريضًا، لم يَزَلْ في خُرفةِ الجنة))، قيل: يا رسول الله، وما خُرفة الجنة؟ قال: ((جَناها))[10].

♦ منزل في الجنة:

عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن عاد مريضًا أو زار أخًا له في الله، ناداه منادٍ: أن طِبْتَ وطاب مَمْشاكَ، وتبوأتَ مِن الجنة منزلًا))[11].

♦ رحمة الله:

عن جابر بن عبدالله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن عاد مريضًا، لم يَزَلْ يخوض في الرحمةِ حتى يجلِسَ، فإذا جلس اغتمَس فيها))[12].

♦ صلاة الملائكة:

عن عليٍّ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((ما مِن مسلمٍ يعود مسلمًا غدوةً إلا صلى عليه سبعون ألف مَلَكٍ حتى يمسي، وإن عاده عشيةً إلا صلى عليه سبعون ألف ملكٍ حتى يصبح، وكان له خريفٌ في الجنة))[13].

♦ في ضمان الله:

عن معاذٍ قال: عهِد إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في خمسٍ، مَن فعل منهن كان ضامنًا على الله: ((مَن عاد مريضًا، أو خرج مع جنازةٍ، أو خرج غازيًا في سبيل الله، أو دخل على إمامٍ يريد بذلك تعزيره وتوقيره، أو قعد في بيته فيسلَم الناس منه ويسلم))[14].

2- اختيار الوقت المناسب:

على العائدِ أن يختار الوقت الذي يناسب المريض، وإن استطاع أن يخبره قبل ذهابه فليفعل، قيل للإمام أحمد بن حنبل: "فلانٌ مريضٌ، وكان عند ارتفاع النهار في الصيف، فقال: ليس هذا وقتَ عيادةٍ"[15].

3- سؤال المريض عن حاله:

إذا عُدْتَ مريضًا فاسأله عن حاله، واطمئِنَّ عليه، كيف حالك الآن؟ فهذا مما لا شك فيه يريح النفوس، ويجبُرُ القلوب، وامتثل قول القائل:

كيف أصبحتَ؟ كيف أمسيتَ؟ ممَّا *** يَزْرعُ الوُدَّ في فؤادِ الكريمِ

وهذا هو فعل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم، فعندما خرج علي بن أبي طالبٍ رضي الله عنه مِن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجعه الذي توفي فيه، فقال الناس: يا أبا حسنٍ، كيف أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: أصبح بحمدِ اللهِ بارئًا[16].

4- الدعاء للمريض:

ادعُ لمريضك بالشفاء والثبات على الألم، ولك أن تدعوَ بما شئتَ، ولو كان بما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لكان أفضل، واختَرْ ما شئتَ؛ مِن بين تلك الأدعية النبوية:

الدعاء الأول: عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على أعرابي يعوده، قال: وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل على مريضٍ يعوده قال له: ((لا بأس، طهورٌ إن شاء الله))[17].

الدعاء الثاني: عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((ما مِن عبدٍ مسلمٍ يعود مريضًا لم يحضُرْ أجله فيقول سبع مراتٍ: أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيَك، إلا عُوفِيَ))[18].

الدعاء الثالث: عن عبدالله بن عمرٍو: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((إذا جاء الرجل يعود مريضًا فليقل: اللهم اشفِ عبدك فلانًا، ينكأ لك عدوًّا، أو يمشي لك إلى صلاةٍ))[19].

الدعاء الرابع: عن عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعوِّذ بعض أهله، يمسح بيده اليمنى ويقول: ((اللهم ربَّ الناس، أذهِبِ الباس، اشفِه وأنت الشافي، لا شفاءَ إلا شفاؤك، شفاءً لا يغادر سقمًا))[20].

جواز الرقية الشرعية للمريض: عن أبي سعيدٍ: أن جبريلَ أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد، اشتكيتَ؟ فقال: ((نعم))، قال: ((باسم الله أرقيك، مِن كل شيءٍ يؤذيك، مِن شر كل نفسٍ أو عين حاسدٍ، الله يشفيك، باسم الله أرقيك))[21].

عن عثمان بن أبي العاص الثقفي: أنه شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعًا يجده في جسده منذ أسلَم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ضَعْ يدك على الذي تألم مِن جسدك، وقل: باسم الله ثلاثًا، وقل سبع مراتٍ: أعوذ بالله وقدرته مِن شر ما أجِدُ وأحاذر))[22].

5- تذكير المريض بأجر الصبر:

من خلال حديثك معه، ذكِّره بثواب المرض، وأجر الصابرين؛ عن أنسٍ: أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا ابتلى اللهُ العبدَ ببلاءٍ في جسده، قال للملَك: اكتب له صالح عمله الذي كان يعمل، فإن شفاه غسله وطهَّره، وإن قبضه غفَر له ورحمه))[23].

والنصح له بالثبات والثقة في الله، والرضا بقضائه وقدره، وعدم إظهار الشكوى أو التسخُّط؛ عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما يصيب المسلمَ مِن نصَبٍ ولا وصَبٍ، ولا هَمٍّ ولا حزنٍ ولا أذًى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفَّر الله بها مِن خطاياه))[24].

يا صاحبَ الهمِّ، إن الهمَّ منفرِجُ  

أبشِرْ بخيرٍ؛ فإن الفارجَ اللهُ  

اليأسُ يقطَعُ أحيانًا بصاحبِه  

لا تيئَسَنَّ؛ فإن الكافيَ اللهُ  

إذا بُلِيتَ فثِقْ باللهِ وارْضَ به  

إن الذي يكشِفُ البَلْوى هو اللهُ  

6- عدم إطالة وقت الزيارة:

لخص الإمام ابن حجر آداب عيادة المريض، فقال: "الأدب في العيادة ألا يطيلَ العائد عند المريض حتى يُضجِرَه، وألا يتكلَّمَ عنده بما يزعجه، وجملة آداب العيادة عَشَرة أشياء، منها: ألا يقابِلَ البابَ عند الاستئذان، وأن يدُقَّ البابَ برِفْق، وألا يُبهِمَ نفسَه؛ كأن يقولَ: أنا، وألا يحضُرَ في وقت يكون غير لائق بالعيادة؛ كوقت شرب المريض الدواء، وأن يخفف الجلوس، وأن يغُضَّ البصر، ويقلِّل السؤال، وأن يُظهر الرقة، وأن يخلص الدعاء، وأن يوسع للمريض في الأمل، ويشير عليه بالصبر؛ لِما فيه مِن جزيل الأجر، ويحذره من الجزع؛ لِما فيه مِن الوِزر"[25].

فينبغي لزائر المريض ألا يطيل المكث عنده؛ حتى لا يشق عليه؛ فقد يتضرر من ذلك، ويتحرج منه، إلا إذا طلب منه الجلوس، قال صاحب التمهيد: "ولا خلاف بين العلماء والحكماء أن السنَّة في العيادة التخفيف، إلا أن يكون المريض يدعو الصديق إلى الأنس به"[26].

قال بعضهم:

حُسن العيادةِ يومٌ بين يومينِ  

واقعُدْ قليلًا كمِثلِ اللَّحْظ بالعينِ  

لا تُبْرِمَنَّ عليلًا في مُساءَلةٍ  

يَكْفيك مِن ذاكَ تَسْأَلْهُ بحَرْفينِ  

7- طلب الدعاء مِن المريض:

إن الملائكةَ جلساءُ المريض؛ فالدعاء عنده أرجى للقبول، وأسرع للوصول؛ عن عمر بن الخطاب، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا دخلتَ على مريضٍ، فمُرْه أن يدعوَ لك؛ فإن دعاءَه كدعاء الملائكةِ))[27].

وعن أم سلمة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا حضرتم المريض، أو الميت، فقولوا خيرًا؛ فإن الملائكةَ يُؤمِّنون على ما تقولون))[28].

8- عيادة المريض غيرِ المسلم:

لا مانع شرعًا من عيادة غير المسلم، بل فيها ما فيها من تأليف القلوب، وقد فعل ذلك حبيبُنا ومعلمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقد جاء عن أنسٍ رضي الله عنه، قال: كان غلامٌ يهودي يخدُمُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فمرض، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يعُوده، فقعد عند رأسه، فقال له: ((أسلِمْ))، فنظر إلى أبيه وهو عنده، فقال له: أطِعْ أبا القاسم صلى الله عليه وسلم، فأسلَم، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول: ((الحمد لله الذي أنقذه من النار))[29].

♦♦♦♦♦

ولنا أن نتسائل عن  حُكم صيام من يداوم السفر:

للمسافر رخصة الفطر، وصومه أفضل إن قدر عليه، ولم يشقَّ عليه؛ قال تعالى: ﴿ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾[البقرة: 184]، فإن خاف ضررًا، أو خشِيَ هلاكًا، أفطَر.

والسفر الذي يباح فيه الفطر، يقدر بمسافة: 83.5 كم تقريبًا، وأن يكون سفرًا مباحًا، وإذا كان عمله يقتضي طول مدة السفر، والتنقلات المستمرة، فهذا لا يرفع عنه الرخصة وهي الفِطر.

2- التدخين في رمضان يفطر أم لا؟

مَن تعمَّد التدخين في نهار رمضان، فصيامه غيرُ صحيح، ووجب عليه القضاء، بالإضافة إلى أن التدخين محرم شرعًا، وعادة سيئة، ومضرة بالصحة، وقاتلة للمدخِّن.

3- حُكم استعمال المرأة لمرطب الشفاه في نهار رمضان:

الصحيح أنه لا يضر الصوم، ولا يُفطر الصائم، ما دام لم يصل منه شيء إلى الجوف.

4- هل بخاخة الربو تفطر؟ 

بخاخة الربو تفسد الصيام؛ لأن السائل الذي يخرج من البخاخة يصل إلى الجوف.

5- حكم الغسيل الكلوي في نهار رمضان:

الصوم صحيح، إلا إذا أخذ بعض الأدوية المغذية أثناء الغسيل، فإنه يفطر.

6- حكم الاستمناء والاحتلام في رمضان:

الاستمناء: تعمُّد إنزال المني بسبب، فمن فعله في رمضان، فقد بطَل صومه، ووجب عليه القضاء.

الاحتلام: مَن استيقظ من نومه، فوجد بللًا في ثيابه، فهذا أنزل بغير اختيار؛ فصيامُه صحيح؛ لأن الاحتلامَ بغير اختياره، ووجب عليه الغسل.

7- حُكم خلع الأسنان في نهار رمضان:

إن أمن ألا يصل شيء إلى جوفه، فلا حرج في خلع أسنانه، ولا يفسد صومه، والأحوط تأخيره إن أمكن.

والله أعلم.

________________________________________

[1] قيل: بين غياب يوسف وبين لقائه يعقوب ثمانون سنة، وقيل: ثلاث وثمانون سنة، وقال آخرون: ثمان عشرة سنة، وأهل الكتاب يزعمون أنها كانت أربعين سنة أو نحوها؛ انظر: تفسير الطبري، (ج16، ص274، 275) بتصرف.

[2] البخاري (5755)، مسلم (2223).

[3] ابن ماجه (3536)، وقال الشيخ/ شعيب الأرناؤوط: صحيح.

[4] مسلم (1732).

[5] البخاري (6193).

[6] سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد، لمحمد بن يوسف الصالحي الشامي، (ج3، ص251، 252)، تحقيق: الشيخ عادل أحمد عبدالموجود، الشيخ علي محمد معوض، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، ط1/ 1414 ه = 1993 م.

[7] البخاري (3231)، مسلم (1795).

[8] مسند أحمد (18694)، وحسنه الحافظ ابن حجر في فتح الباري (ج7، ص397)، وقال: ووقع عند أحمد والنسائي في هذه القصة زيادة بإسنادٍ حسَن عن البراء.

[9] أبو داود (1555)، وضعفه الأرناؤوط.

[10] مسلم (2568).

[11] الترمذي ( 2008)، وحسنه الألباني.

[12] مسند أحمد (14260)، قال الأرناؤوط: صحيح لغيره.

[13] الترمذي (969)، وقال: حسن غريب.

[14] مسند أحمد (22093)، وحسنه الأرناؤوط.

[15] الآداب الشرعية، لابن مفلح (ج2، ص200).

[16] البخاري (4447).

[17] البخاري (5656).

[18] أبو داود (3156)، والترمذي (2083)، وقال: حسن غريب.

[19] المعجم الكبير للطبراني (107).

[20] البخاري (5743)، مسلم (2191).

[21] مسلم (2186).

[22] مسلم (2202).

[23] مسند أحمد (12503)، ومسند أبي يعلى (4235)، وإسناده حسن.

[24] البخاري (5641).

[25] فتح الباري (ج10، ص126).

[26] التمهيد، لابن عبدالبر (ج1، ص196)، تحقيق: مصطفى بن أحمد العلوي، محمد عبدالكبير البكري، وزارة عموم الأوقاف والشؤون الإسلامية - المغرب، تاريخ النشر: 1387 ه.

[27] ابن ماجه (1441)، وضعفه الأرناؤوط.

[28] مسلم (919).

[29] البخاري (1356).

:

اكتب تعليق

أحدث أقدم