مقال بعنوان : ومضى من العمر عامًا.
ا.د إبراهيم محمد مرجونة
ودعتُ من عُمري عاماً مضى، تعملت فيه الكثير ولم يعد في العمر
كثيراً ،وبدأت عاماً جديد ،اللهم إني أشهدك بأني قد رضيت بكل ما أردته في عامي الماضي
وفي العمر المنقضي ، فأرضني ف عامي الجديد بفرح وجبر من حيث لا احتسب
" اللهم اني استودعتك بعمري خيراً فـ اغفِر لي ما مضَى،وبآرِك
لي فيما هُوَ آتٍ"
أورد فاضل العماني في حديثه عن قطار العمر : أن حياة البشر
رحلة مثيرة تعبر كل تلك المحطات والمساحات والفضاءات التي تُجدولها تذكرة العمر، لنصل
بعضها ونغادر بعضها، تماماً كما هي مواعيد أحلامنا وطموحاتنا وتطلعاتنا التي نحملها
في حقائب الأمل وأمتعة الشوق، تختلط الصور والذكريات بنداءات المسارات والأمنيات، وتكبر
مواعيد الآمال والطموحات على أرصفة المسارات والمحطات.
تبدأ رحلة قطار العمر بعد صرخات الحياة الأولى المفعمة بالأمل
والفرح، ويبدأ "المشوار" الذي تنتظره المحطات والمفاجآت، فتعبر محطات الطفولة
بكل ما تحمل من رغبات وأشواق وبكل ما فيها من براءة وأمان، تليها محطات فتية تغص بالطموح
والعنفوان، ثم محطات العقل والامتنان، وأخيراً يتم الإعلان عن المحطة الأخيرة التي
يغتالها المكان يسرقها الزمان. المحطة / الوجهة الأخيرة بكل ما تحمل من هدوء وسكينة،
فهي تعشق الصمت وتكره الضجيج، لأنها منهمكة في أرشفة الصور والذكريات والحكايات.
العمر يمضي كقطار نسي مكابحه عند أول محطة، لتعبر به المحطات
والمسارات كما تُريد وكما تشاء، محطات ومحطات، صغيرة وكبيرة، قادمة ومغادرة، مزدحمة
وفارغة، تماماً كما هي أحلامنا وحكاياتنا التي تتارجح ما بين الصعود والنزول والفرح
والحزن، يمر العمر سريعاً كلمح البصر، يكاد لا يتوقف إلا لالتقاط الأنفاس التي أرهقها
الترحال ورمقات الأشخاص.
ويبدو أننا نعيش في عالم ملئ بالغضب والتوتر ، عالم ملئ بالجري
والصراع والتوتر ، دون الوقوف للحظة لنهدئ من زحام الحياة وصراعاتها ومسؤولياتها التى
لاتنتهى ... نعيش في قلق وتوتر دائم من الغد ونضغط على أنفسنا في كل شئ ،حتى تستهلك
قوتنا العاطفية والجسمانية ... وأحياناً ننجرف
مع تيار الحياة بدون توقف للحظة !
إن فلسفة الحياة الهادئة تنبع من أن نتعلم متى تجري ، ومتى
نهدأ حينآ آخر ، فنحن نعيش في حياتنا كسباق السيارات ، فعلينا أن ندرك متى نتوقف لنكسب
القوة من جديد ونستمر ، لكننا نعتاد على السباق المستمر والقلق الدائم في كل ما يحدث
حولنا ، ولاندرك بأننا كذلك نخسر طاقاتنا ونستنزف قوتنا ونستهلك مشاعرنا حتى تخور قوانا
ولا نشعر بأجسادنا
إننا لاندرك مدى السرعة الزائدة التى نسير بها في الحياة
وإلى أى مصير نسوق أنفسنا فيها ؟
فخطى الحياة العصرية يجب أن تخف كثيراً، إذا أردنا أن نتحاشي
النتائج المريرة ... إنه من المستحيل أن تستمتع أرواحنا بسلام إذا كنا نسير على هذه
الخطى المحمومة ، لنقطع مرحلة الحياة يوماً بيوم ..محطة ..محطة"
ولكى نخفف التوتر الذي يسود الناس ،علينا أن نبدأ بتخفيف
خطواتنا في الحياة وأن نمارس حياة السكينة والهدوء ... فلسفة الحياة الهادئة هو الترياق
الشافي من التوتر وتكتشف بداخلها منابع جديدة للقوة لنبدأ من جديد
فلكى تشعر بالسلام الداخلي عليك أن تسمح لبعض الأفكار التى
توحى بالسلام بالتسلل داخل عقلك ،وأن تمارس أفكار سليمة في ذاتك ، فهناك أوقات يحتاج
المرء منا أن يخفف من الخطي وأن يتعلم متى يتوقف ، وحين ندرك ذلك سيختفي نزعة التوتر
وتزداد قوتنا التى كنا تستهدفها في الجري واللهاث
فهناك أشياء تجعلنا نشعر بالإسترخاء في حياتنا ، كممارسة
التأمل والذي يكون له دور في تهدئة أفكارنا ويسمح لنا بالغوص داخل نفوسنا والتحكم في
عقولنا والسماح بالأفكار الصحية التى توحى بالسلام بالتسلل داخل عقولنا .. فهناك عدة وسائل تساعدنا على إدراك الهدوء في
حياتنا ،فقط أن نتعلم متى نمارس الهدوء ، متى نتوقف عن السرعة التى نلهث ؛ فهناك أساليب
تساعدنا على التخفيف من التوتر ، كالتأمل والتنزه في الحدائق العامة والإستمتاع بمشاهدة الغروب ، تجعلنا ندرك أن نسير ببساطة مع
تيار الحياة بدون مقاومة وتجعلنا في تواصل
دائم مع أبسط الأشياء في حياتنا ، فالبراعة يكمن في أن تعثر على عالمك وعما يمكن أن
يغير من يومك ويضفي على قلبك البهجة والسلام وأن تكون على تواصل دائم مع أكثر أشياء
إمتاعا في الحياة والتى ترفع من روحك المعنوية
وتقوي من تقديرك النعم والهبات في حياتك ... !
واخيرا: قال العم صلاح جاهين في ال.. رباعيات
عمري مش تلاتين ولا أربعين ولا حتى خمسين
عمري بيكبر ويصغر مع كل كلمة حنين
أو كلمة قسوة تخلي قلبي حزين.... وعجبي.
إرسال تعليق