رئيس اتحاد الوطن العربى الدولى ورئيس الإتحاد العالمي للعلماء والباحثين يتحدث عن الأدب والتلوث البيئى

رئيس اتحاد الوطن العربى الدولى ورئيس الإتحاد العالمي للعلماء والباحثين يتحدث عن الأدب والتلوث البيئى


رئيس اتحاد الوطن العربى الدولى ورئيس الإتحاد العالمي للعلماء والباحثين يتحدث عن الأدب والتلوث البيئى
بقلم \ المفكر العربى الدكتور خالد محمود عبد القوي اللطيف
مؤسس ورئيس اتحاد الوطن العربي الدولي
رئيس الإتحاد العالمي للعلماء والباحثين
الرئيس التنفيذي لجامعة فريدريك تايلور بالولايات المتحدة الأمريكية
الرئيس التنفيذي لجامعة بيرشام الدولية بأسبانيا
الرئيس التنفيذي لجامعة سيتي بكمبوديا
الرئيس التنفيذي للمؤسسة الدولية للدراسات المتقدمة بأمريكا
ورئيس جامعة الوطن العربي الدولي ( تحت التأسيس )
مستشار مركز التعاون الأوروبي العربي بألمانيا الإتحادية
الرئيس الفخري للجمعية المصرية لتدريب وتشغيل الشباب

مما لاشك فيه أن ُ التلوُّثُ البيئي يعتبر بكافة أنواعه من أخطر المشاكل التي يواجِهُها العالم اليوم؛ فالتهديد الذي يُشكِّله لا يقتصر على الإنسان؛ وإنما تهديدٌ للكوكب ككلٍّ، وللتقليل من خطرِه هناك العديدُ من الوسائل، من بينها رفعُ الوعي البيئي في أوساط الناس، والوعي البيئيُّ يمكن أن يتحقَّق عبر عدة طرق، منها: الإعلام، والتعليم، والجهود الهادفة، إلا أن السؤالَ الذي يَطرحُ نفسَه هو: هل للأدب دور فعَّال في رفع الوعي البيئيِّ في أوساط الناس؟
ولكن قبل أن نشرعَ في كشف الدور الأدبي، يجبُ أن نعرف ماهية كلٍّ من الأدب والتلوث البيئي.
يرجع الأدبُ إلى مجموعة الأعمال المكتوبة ذات الطابع الفنيِّ؛ مثل الرواية، والشعر، والمسرحيَّة والنقد، ويقول جوليان وليفريز: "إن الأدب يُستخدَم للإشارة إلى أي كتابةٍ خياليَّة أو إبداعيَّة، سواء كانت في الشعر أو المسرحية أو النَّثْر"[1].
ويمكن القولُ: إن الأدب يمكن أن يُكتَب بطريقتين؛ إما شعرًا، أو نثرًا، فعلى سبيل المثال هناك مسرحيَّةٌ شعريَّة، وهناك مسرحيَّة نثريَّة.
التلوُّث هو ظهور أيِّ ملوثاتٍ في البيئة الطبيعيَّة، يَنتجُ عنها تغيُّراتٌ مُعاكسةٌ لنَمَطِ الحياة الطبيعي.
ويعرِّفه بول أنجلكن بأنه: "تلوثُ بيئة الأرض بالمواد التي تؤثر على صحة الإنسان، وجودة الحياة والوظيفة الطبيعية للأنظمة البيئيَّة"[2].
والتلوث نوعان: طبيعيٌّ؛ مثل البراكين وغيرها، وبشريٌّ؛ يتمثل في الأنشطة البشرية.
وهناك أشكالٌ كثيرةٌ للتلوُّث البيئيِّ، من بينها:
1- تلوث الهواء: يعني: تلوُّث الهواء بالدخان، أو الغازات الضارة؛ مثل: ثاني أكسيد الكربون، والنتروجين، والكبريت.
2- تلوث الماء: يقصد به تلوث أيِّ تجمُّع مائي؛ مثل: البحيرات، والأنهار، والبحار، والمحيطات بالمخلفات الإشعاعيَّة، والمواد الكيميائيَّة.
3- تلوُّث التربة: هو القضاءُ على التربة عن طريق المركَّبات الكيميائيَّة السامة، أو المواد الإشعاعيَّة، أو تسرُّبات النفط.
4- التلوث الصوتي: يعني: ظهور أصواتٍ عالية مؤذيةٍ ومزعجة لكلٍّ من الإنسان، والحيوان؛ مثل الأصوات التي تصدرُها الحركة المرورية، أو الطائرات، أو الماكينات الصناعيَّة.
5- التلوث البصري: تشويه المناظر الجذَّابة، وظهور مناظر لا تبعث على الارتياح النفسي؛ مثل: لوحات الإعلانات، والبيوت المهجورة، ومخلَّفات القمامة.
يعتقد البعضُ أن التلوث البيئيَّ من الأمور التي لا يمكن السيطرةُ عليها بسبب المآسي التي سبَّبها - ولا زال يُسبِّبها - إلا أنه يمكن السيطرة عليه إذا توفَّر الوعي، وتكاتفت الجهود.
وما يجعلنا نكافِحُ من أجل عالم آمنٍ وصحيٍّ هو مستقبل الأجيال القادمة؛ فالحفاظ على البيئة ليس مسؤولية فرد أو مجموعة من الأفراد؛ بل مسؤولية الجميع، ولكي يعيَ الجميع هذه المسؤولية يجب ردمُ الفجوة القائمة بين الإنسان والبيئة، والأدب أحدُ الحلول الرئيسية في تجسيرِ هذه الفجوة من خلال وصف وتصوير المخاطر البيئيَّة تصويرًا دقيقًا؛ ليعي الجميع أن الحفاظَ على البيئة ضرورةٌ من أجل البقاء.
إن الأدب والبيئة يتفاعلان مع بعضهما البعض في تصوير وتشكيل الحياة البشريَّة، فالعَلاقة بينهما متينةٌ.
في هذا السياق يقول جلن أي لوف: "إن تدريس أو دراسة الأدب دون الرجوعِ إلى ظروفِ العالم الطبيعية، والأسس البيئية الجوهرية التي تشكل الأساس للحياة - يبدو على نحو متزايدٍ قصيرَ النظر، وغيرَ متطابقٍ"[3].
إن الاهتمام بالبيئة في الدراسات الأدبيَّة بدأ بشكل واسعٍ مع ظهور مدرسة النقد البيئيِّ في بداية التسعينيَّات من القرن العشرين، والتي من روَّادها تشير جلوتفلتي وسكوت سلوفك، اللَّذان أسَّسا رابطة دراسة الأدب والبيئة، وبعدها بفترة قصيرة قام تشير جلوتفلتي، وبالتعاون مع هارولد فروم بتحرير كتاب بعنوان "قارئ النقد البيئي"، يتألَّف من مجموعة من المقالات عن الأدب والبيئة.
وبما أن هناك علاقةً متينة بين الأدب والبيئة، فيمكنُنا أن نستغلَّ هذه العلاقة في مكافحة التلوث البيئي من خلال خلق نصوصٍ أدبية ذات توجُّهٍ بيئي، وبما أن الأدب يعكسُ الحياة - أي: إنه كالمرآة التي تعكس كلَّ ما يقع أمامها - فالأدب يمكن أن يعكس ويصور خطرَ التلوث البيئي؛ لذلك سيُدرك الناس مخاطرَه، وسيعملون على الحدِّ منها.
يُعد الشعر شكلًا أدبيًّا مميزًا؛ فهو يصل إلى الجمهور بشكل أسرع من أيِّ شكل أدبيٍّ آخر؛ لذلك يلعب دورًا هامًّا في إمتاع الناس والتأثير على مشاعرهم، فلو تمَّ توجيه الشعر لخدمة البيئة، لأحدَثَ تغيُّرات بيئيَّة إيجابيَّة، وبالمثل سيكون للمسرحيَّة والرواية دور كبير أيضًا، فلو تمَّ توجيههما نحو البيئة، لَوصلَتِ الرسالة المراد إيصالها، ولأدرك الناسُ الخطرَ.
إن الأدب يساهم بشكل كبير في التغيرات السياسية التي تحدث في العالم، فالعديد من الأعمال الأدبية قادت إلى ثورات وتحولات سياسيَّة من خلال إثارة الناس، وإلهاب حماسِهم ومشاعرهم.
فعلى سبيل المثال: استطاع الخطيبُ والناشط في الحقوق المدنية مارتن لوثر كنج (1929-1969) بخطاباته النثريَّة، وأشهرها خطابه بعنوان: "لديَّ حلم" أن يقود السُّود إلى عصيان مدني سلميٍّ؛ للمطالبة بحقوقهم ومساواتهم بإخوانهم البيض، ونجح في إقناع الحكومة بتلبية مطالبهم.
وكذلك استطاع الشاعر محمد محمود الزبيري (1910-1965) أن يحدث تغيُّرًا سياسيًّا في اليمن من خلال كتاباته الشعرية، التي حرَّكت الجماهير اليمنية ضد حكم الأئمة، وقيام الثورة اليمنية عام 1962م، وقد قال قولته المشهورة: "كنت أحس إحساسًا أسطوريًّا بأنني قادرٌ بالأدب وحدَه على أن أقوِّض ألف عام من الفساد والظلم والطغيان"[4].
من هنا يمكن القول: إن الأدب الذي استطاع أن يُحدِث تغيُّرات سياسية، هو نفسه قادر على إحداث تغيرات بيئية إيجابيَّة من خلال رفع الوعي البيئي في أوساط الناس.
و بما أن الحلَّ للحد من التلوث البيئي هو الوعي البيئي، فإن الأدب يُعدُّ الأداة الهامة في رفع الوعي؛ لذا فإن إنفاق الأموال على الأدب البيئي أفضل من إنفاقها على الملصقات والإعلانات البيئية، فلو تم إنفاق مالٍ على مسرحية أو رواية ذاتِ توجُّه بيئي، وتم تمثيلها وبثُّها عبر وسائل الإعلام وترجمتها إلى لغات متعددة، لكانت فعَّالة أكثر من أي طريقة أُخرى في رفع الوعي البيئي لدى الناس، ولوصلت الرسالة المقصودة بكل يُسر.
في الأخير: يمكننا القول: إن التلوُّث البيئي موضوع مرتبطٌ ارتباطًا وثيقًا بالجانب الاقتصادي والسياسي، فعندما يتحرَّر من هذين الجانبين، ستسهلُ السيطرة عليه ويمكن الحدُّ من تأثيره، ولا يمكن أن يتحرر منهما إلا إذا وعى العالم أجمعُ حجمَ الخطر الذي يهدد الجميع حاضرًا ومستقبلًا، والأدب هو أحد الطرق الفعَّالة في تصوير الخطر، وجعل العالم يدرك ويعي أهمية الحفاظ على البيئة.
________________________________________
[1] Wolfreys, Julian, Ruth Robbins, and Kenneth Womack. Key Concepts in Literary Theory. 2nd ed. Edinburgh: Edinburgh UP, 2006. Print.
[2] Engelking, Paul. "Pollution." Microsoft® Student 2009 [DVD]. Redmond, WA: Microsoft Corporation, 2008.
[3] Love, Glen A. Practical Ecocriticism: Literature, Biology, and the Environment. Charlottesville: University of Virginia Press, 2003. Print.




 

اكتب تعليق

أحدث أقدم