رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يتحدث عن دور المنظمات غير الحكومية في نشر الوعي

رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يتحدث عن دور المنظمات غير الحكومية في نشر الوعي

رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يتحدث عن دور المنظمات غير الحكومية في نشر الوعي
بقلم \ المفكر العربى الدكتور خالد محمود عبد القوي عبد اللطيف
مؤسس ورئيس اتحاد الوطن العربى الدولى 
رئيس الإتحاد العالمي للعلماء والباحثين
الرئيس التنفيذي لجامعة فريدريك تايلور بالولايات المتحدة الأمريكية 
الرئيس التنفيذي لجامعة بيرشام الدولية بأسبانيا 
الرئيس التنفيذي لجامعة سيتي بكمبوديا 
الرئيس التنفيذي للمؤسسة الدولية للدراسات المتقدمة بأمريكا 
ورئيس جامعة الوطن العربي الدولي ( تحت التأسيس )
الرئيس الفخري للجمعية المصرية لتدريب وتشغيل الخريجين 
الرئيس الفخري للمنظمة العراقية للإبداع الإنساني بألمانيا الإتحادية
مما لا شك فيه أن مفهوم المنظمات غير الحكومية احتل ذيوعاً وانتشاراً كبيراً في الخطاب العربي المعاصر، وأصبح من المفاهيم الشائعة والمألوفة، ومن ثم المقبولة، رغم ما أثاره هذا المفهوم من اختلافات بشأنه في كتابات الصحافة العربية وفي أحاديث وسائل الإعلام الأخرى.
هذا الرواج الهائل لمفهوم المنظمات غير الحكومية ازداد رسوخاً وانتشاراً في ظل المتغيرات العالمية، والتي تمثل العولمة إحدى آلياتها، حيث طَرَحَت قيما ثقافية تعرف بالثقافة المدنية، كما ساهمت في تأسيس شبكات عالمية وإقليمية يطلق عليها المنظمات غير الحكومية عبر القومية، وكذالك عولمة قوانين المنظمات غير الحكومية، فضلاً عن مواثيق الشرف الأخلاقية فيما يعرف بأخلاقيات المنظمات غير الحكومية.
لذا شهدت العقود القليلة الماضية اهتماماً عالمياً ومحلياً بدور المجتمع المدني في قضايا حماية البيئة، ونشر الوعي البيئي، وحماية حقوق الإنسان، ونشر ثقافة العمل التطوعي، خاصة وأن المنظمات غير الحكومية هي منظمات تطوعية تعمل مع آخرين، وكثيراً جداً تعمل لصالح آخرين، وتنصب أعمالها وأنشطتها على قضايا وأناس خارج نطاق موظفيها وعضويتها، وهي تغطي مجالاً واسعاً للغاية يبدأ من المنظمات المحلية الفضفاضة التكوين، مروراً إلى الاتحادات الوطنية، والشبكات الدولية.
والقضايا التي تعالجها هذه المنظمات عديدة ومتنوعة، بدءاً من الرعاية الاجتماعية والصحية وشؤون البيئة والتنمية، ووصولاً إلى حقوق الإنسان؛ لذا تتسم المنظمات غير الحكومية بالتطوعية، وعدم الربحية، وغير الحكومية، والتجرد.
ولعل سعي المنظمات غير الحكومية في حماية البيئة من التلوث ونشر الوعي البيئي من أهم الجهود التي تبذلها هذه المنظمات في هذا الشأن، فمنذ مؤتمر استوكهولم عام 1972م، قامت المنظمات غير الحكومية بدور لا غنى عنه في تحديد المخاطر وتقييم الآثار البيئية، واتخاذ الإجراءات لمعالجتها، كما قامت برصد الاهتمام العام والسياسي بالقضايا البيئية والإنمائية، فعلى سبيل المثال، يقوم عدد من المنظمات غير الحكومية في مختلف أرجاء العالم (شيلي، كولومبيا، الهند، ماليزيا، تركيا، والولايات المتحدة)، بنشر تقارير وطنية عن الحالة البيئية، وأصدرت منظمات غير حكومية دولية عديدة ـ بما فيها المعهد العالمي للمراقبة، والمعهد العالمي للموارد، والاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة والموارد الطبيعية - تقارير هامة عن البيئة العالمية، وبعض الجوانب المتعلقة بالبيئة والتنمية، مثل:تعليم الجماهير، والتربية البيئية، وتحويل المشكلة البيئية من علمية إلى مشكلة سياسية؛ لذا فقد حثت لجنة "برونتلاند " في تقريرها " مستقبلنا المشترك " الحكومات علي الاعتراف بحقوق المنظمات غير الحكومية، وتوسيع نطاق الحقوق المتعلقة بها، ومن أهمها:
1- حقها في المعرفة وإمكانية الحصول على المعلومات بشأن البيئة والموارد الطبيعية.
2- حقها أن تستشار، وأن تشترك في عملية صنع القرار بشأن الأنشطة التي من المحتمل أن تترك أثاراً كبيرة علي بيئتها.
3- حقها في اللجوء إلى وسائل الإنصاف والقانون، والحصول على تعويضات عندما تتعرض بيئتها إلى تأثيرات خطيرة.
ولذا فقد ساهمت المنظمات غير الحكومية مساهمات عديدة، وقدمت اقتراحات متنوعة إلى المؤتمر الدولي للأمم المتحدة المعني بالبيئة والتنمية، الذي عقد تحت مسمى " قمة الأرض " عام 1992م، وفُتحت الأعمال التحضيرية المتعلقة بالمؤتمر أمام المنظمات غير الحكومية بدرجة غير مسبوقة، وقررت إعطاء أية منظمة غير حكومية لديها علاقة في مجال البيئة والتنمية الفرصة للتحدث أمام اللجنة التحضيرية للمؤتمر، وأن تقدم اقتراحات مكتوبة، وتشارك في مناقشات اللجان العامة.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه في هذا الصدد: كيف يمكن تفعيل دور المنظمات غير الحكومية في حماية البيئة ونشر الوعي البيئي في العالم العربي؟
في الواقع إن مساهمة المجتمع المدني بشكل عام و المنظمات غير الحكومية بشكل خاص في حماية البيئة ونشر الوعي البيئي يحتاج إلى تنسيق الجهود بين المنظمات غير الحكومية المهتمة بالبيئة والتنمية والجهود الحكومية، وذلك من خلال عقد حلقات للتوعية البيئية من خلال انتقال هذه المنظمات غير الحكومية إلى المدارس والجامعات، وقيامهم بتنظيم دورات معرفية للطلاب تعرفهم فيها على مواطن الجمال في بيئتهم، وتبين لهم مفهوم البيئة بشكل مبسط يتيح لهم قدراً من الاهتمام بالبيئة والحفاظ عليها، هذا إلى جانب ضغط منظمات المجتمع المدني والجمعيات الأهلية العاملة في مجال البيئة على الحكومات لإدخال المناهج البيئية والتربية البيئية ضمن خطة التعليم في العالم العربي، فضلاً عن إشراك المواطن في المشروعات البيئية؛ بهدف إكسابه الخبرة والوعي اللازمين لهذه المشكلة، ومن منطلق أنه لا يحل المشكلة إلا أصحابها، ثم عقد المؤتمرات والندوات التي ترسخ الوعي البيئي لدى الجماهير، مع حشد وسائل الإعلام المختلفة من صحافة وإذاعة وتليفزيون وراء العمل الذي تقوم به الجمعيات الأهلية، وهذا يستلزم قدرة عالية على انتقاء النشرات الإعلامية التي تعدها الجمعيات الأهلية لتوزيعها على وسائل الإعلام المختلفة، وغيرها من الأدوار الهامة التي تقوم بها المنظمات غير الحكومية في مجال حماية البيئة والدفاع عن الحقوق البيئية.
ولتوضيح هذا المعنى لوحظ أن هناك العديد من المؤسسات والشركات العالمية والوطنية تتقدم بمشروعات كثيرة يكون لها في بعض الأحيان مردود بيئي سيئ، مثل شركة " أجريوم للكيماويات والأسمدة " في مدينة دمياط بمصر، الأمر الذي أدى إلى قيام المجتمع المدني والجمعيات الأهلية في مصر بتنظيم مظاهرات وعقد ندوات لنقل هذا المشروع من مدينة دمياط لآثاره السلبية على البيئة. وفي أحيان أخرى تتسبب كثير من الشركات الصناعية في إحداث مشاكل بيئية لا حصر لها، مثل القضاء على المساحات الخضراء، والزحف العشوائي للمدن، والصيد الجائر، وتدمير المحميات الطبيعية، وغيرها من المشكلات العديدة الناجمة عن سلوكيات خاطئة؛ لذا تسعي هذه المنظمات للضغط على مثل هذه المشاريع، وحشد الرأي العام، والتنبيه لخطورة هذه الممارسات، والتأكيد علي إن إهدار الموارد الطبيعية بصورة عامة لا يخدم سعي المجتمع لتحقيق التنمية المستدامة التي هي المقصد في المستقبل. وتستعين هذه المنظمات في هذا الشأن بوسائل الإعلام، وجماعات الضغط، والأحزاب السياسية، ودور العبادة، ومؤسسات التنشئة الاجتماعية في المجتمع؛ لتكوين رأي عام ضاغط في صالح المجتمع أولاً وأخيراً.
كما أن جانباً هاماً في دور المنظمات غير الحكومية هو المشاركة الإيجابية في إجراء البحوث البيئية التي تمكن في النهاية من صنع القرار الصحيح بيئياً، والذي يدفع بدوره عمليات التنمية إلى الأمام دون الإضرار بالموارد الطبيعية التي هي حق أصيل للمجتمع والأجيال القادمة، كما أن التضامن والتعاون ليس فقط بين المنظمات الأهلية بعضها مع بعض، وإنما مع المنظمات الحكومية والمؤسسات الدولية، حيث يتيح قدرة أكبر على تدفق المعلومات التي هي أفضل سلاح لمواجهة كافة المشكلات البيئية، كما أن هذا التلاؤم ينعكس بدوره على الجماهير العريضة، ويساهم في تكوين رأي عام لهذه المنظمات. وهذا يوضح أهمية إنشاء مزيد من هذه المنظمات لدفع الحركة الشعبية في اتجاه الحفاظ على البيئة، ونشر الوعي البيئي، والقضاء على العديد من المعوقات التي تُكبل حركة العمل التطوعي الشعبي في العالم العربي.

اكتب تعليق

أحدث أقدم