بقلم \ المفكر العربى الدكتور خالد محمود عبد القوي عبد اللطيف
مؤسس ورئيس اتحاد الوطن العربي الدولي
رئيس الإتحاد العالمي للعلماء والباحثين
الرئيس التنفيذي لجامعة فريدريك تايلور بالولايات المتحدة الأمريكية
الرئيس التنفيذي لجامعة بيرشام الدولية بأسبانيا
الرئيس التنفيذي لجامعة سيتي بكمبوديا
الرئيس التنفيذي للمؤسسة الدولية للدراسات المتقدمة بأمريكا
ورئيس جامعة الوطن العربي الدولي ( تحت التأسيس )
الرئيس الفخري للجمعية المصرية لتدريب وتشغيل الشباب
مستشار مركز التعاون الأوروبي العربي بألمانيا الإتحادية
الرئيس الفخري لمنظمة العراق للإبداع الإنساني بألمانيا الإتحادية
الواقع أن هذا الباب يتحدث النحاة فيه عن مفهوم الإعراب والبناء، ثم يتحدثون عن المُعرب من الأسماء والأفعال ثم المبني من الأسماء والأفعال والحروف، وتتجلى مظاهر الاختصار وشواهده في هذا الباب النحويِّ الكبير في معظم مسائله، وبيان ذلك في المواضع الآتية:
أ- الحركات الإعرابية: يعدُّ العلماء الإعراب بحركات الإعراب وسيلة من وسائل اختصار الكلام؛ إذا ما وضع الإعراب بالحركات كنظير للإعراب بالحروف، “فلا شكَّ أنَّ الإعراب بالحركة أخصر من الإعراب بالحرف[1] “؛ وذلك ” لأنَّ الحركة أخصر من الحرف ” [2].
ب- باب المثنى: وهو كل مفرد زيد على آخره (ألف ونون) في حالة الرفع و(ياء ونون) في حالتي النصب والجرِّ، والتثنية ضربٌ من الاختصار؛ فمثلاً قولنا: (أقبل رجلان) أخصر من قولنا: (أقبل رجلٌ ورجل)، “فرجلان أخْصَرُ وأَخَفُّ”[3].
والعرب عدلت عن الأول للمثنى كراهيةً منهم للتطويل والتكرار.
و”أصل التثنية العطف من قولك: ثنَّيت العود؛ إذا عطفته، وكان الأصل أن يُعطف اسم على اسم، وقد جاء من ذلك في الشعر كثيرٌ، لكنهم اكتفوا باسمٍ واحدٍ وحرفٍ، وجعلوه عوضًا من الأسماء المعطوفة اختصارًا”.[4]
فقولك: جاء الرجلان، ومررت بالزيدين؛ أصله: جاء الرجل والرجل، ومررت بزيد وزيد، فحذفوا العاطف والمعطوف، وأقاموا حرف التثنية مقامها اختصارًا “[5]
فمثلاً (الباب) تثنى على (البابان) في الرفع أو (البابين) في النصب والجر، وفي اللغة الإنجليزية يقولون: (the two doors).
ج- باب جمع المذكر السالم: وهو كل مفرد زيد على آخره (واو ونون) في حالة الرفع و(ياء ونون) في حالتي النصب والجر، ففي باب جمع المذكر السالم نقول: (مؤمنون)؛ اختصارًا لقولنا: (مؤمن ومؤمن و مؤمن و..)، وعن ذلك يقول ابن يعيش: “لأنَّ التعبير باسم واحد أخفُّ من الإتيان بأسماء مُتَعَدِّدَةٍ، ورُبَّمَا تَعَذَّرَ إحصاء جميع آحاد ذلك الجمع وعطف أحدهما علي الآخر”[6]. ويرى النحاة أنَّ العرب ” لمَّا التزموا في تثنية المُتَّفِقِيْنِ ما ذكرناه من الحذف، كان التزامه في الجمع مما لا بُدَّ منه ولا مندوحة عنه؛ لأنَّ حرف الجمع ينوب عن ثلاثة فصاعدًا إلى ما يُدْرِكُهُ الحصر”[7].
د- باب جمع المؤنث السالم: هو كل اسم دلَّ علي أكثر من اثنين بزيادة ألف وتاء علي مفرده؛ بعد حذف تاء التأنيث من المفرد المختوم بها، وما يهمنا في هذا الباب هو أنَّ العرب قد استغنت بهذا الجمع عن العطف (كما حدث مع جمع المذكر السالم)؛ فبدلًا من قولهم: (سيدة وسيدة وسيدة و…)؛ استغنوا عن كُلِّ ذلك واختصروا وقالوا: (سيدات)؛ لما فيه من الإيجاز والاختصار، وذلك من أهم سمات اللغة العربية.
وكذلك استغنوا بقولهم “سُرادقات، حمَّامات، بُوانات، مُسَجِّلات، سبطرات” والتي مفردها علي الترتيب: “سرادق، حمام، بوان، مسجل، سبطر”، فعلي الرُّغْمِ من أنَّ هذه الكلمات مُذَكَّرَةٌ؛ فقد جمعوها جمع مؤنث سالم واستغنوا عن به جمع التكسير[8].
ومن المُنصف أن نقول أن اللغة الإنجليزية – مثلاً – في باب الجمع قد تكون أخصر من العربية أحياناً أو في مستوى اختصارها، فمثلاً: (الرجل، الرجال) (المرأة، النساء)، يقابلها في الإنجليزية: (the man – the men) (the women – the womens)، وذلك بإبدال حرف من دون زيادة كما في العربية، أو بزيادة حرف (s) للجمع، كما لا يوجد فيها تقسيمات الجمع كما في العربية، فالكلام فيها إمَّا مفردٌ أو جمعٌ، ولا يُوجد فيها المثنى، ولكنَّ ذلك إنكارٌ لواقع عددي موجود ولم تغفله العربية في حين أنكرته الإنجليزية وأخواتها على الرُّغْمِ من اعترافهنَّ بالعدد (2) (tow)، وقد ذكرت ذلك سلفًا. وقد تحدثت عن بعض مظاهر الاختصار في جمع المذكر السالم وجمع المؤنث السالم .
________________________________________
[1] الاختصار في الدراسات النحوية (ص29).
[2] الأشباه (1/ 387)، وشرح شذور الذهب (1/ 57).
[3] ينظر: شرح المفصل (4/ 137)، (5/ 2).
[4] اللباب (1/ 96)، وأسرار العربية (1/ 64).
[5] الأماني الشجرية (1/ 13).
[6] شرح المفصل (5/ 2).
[7] الأماني الشجرية (1/ 13).
[8] الأشباه (1/ 78).
إرسال تعليق