رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي ورئيس الإتحاد العالمي للعلماء والباحثين يتحدث عن ظاهرة الفحش وبذاءة اللسان

رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي ورئيس الإتحاد العالمي للعلماء والباحثين يتحدث عن ظاهرة الفحش وبذاءة اللسان


رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يتحدث عن ظاهرة الفحش وبذاءة اللسان
بقلم المفكر العربي الدكتور خالد محمود عبد القوي عبد اللطيف
مؤسس ورئيس اتحاد الوطن العربى الدولى
رئيس الإتحاد العالمي للعلماء والباحثين
الرئيس التنفيذي لجامعة بيرشام الدولية بأسبانيا
الرئيس التنفيذي لجامعة سيتي بكمبوديا
الرئيس التنفيذي للمؤسسة الدولية للدراسات المتقدمة بأمريكا
ورئيس جامعة الوطن العربي الدولي ( تحت التأسيس )
الرئيس الفخري للجمعية المصرية لتدريب وتشغيل الخريجين
الرئيس الفخري لمنظمة العراق للإبداع الإنساني بألمانيا الإتحادية
الرئيس التنفيذي للجامعة الأمريكية الدولية
الرئيس الشرفي للإتحاد المصري للمجالس الشعبية والمحلية
قائمة تحيا مصر
نقف الْيَوْمَ مَعَ ظَاهِرِةٍ مِنْ الظَّوَاهِرِ السَّيِّئَةِ الَّتِي فَشَتْ فِي أَوْسَاطِ الْمُجْتَمَع ، / هَذِه الظَّاهِرَةِ بِسَبَبِهَا هاجتْ رياحُ الْعَدَاوَةِ وَالْبَغْضَاء بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ ، /هذه الظَّاهِرَة تُخرِج صاحبَها مِنْ دِيوَانِ الصَّالِحِين ، /وتُدخِلهُ فِي زُمرةِ الْفَاسِقِين .
هَذِه الظَّاهِرَةِ تهاوَنَ بِهَا الْكَثِير ُ مِنْ النَّاسِ فِي دُنْيَا الْيَوْم ، /حتى اِعْتادَها بَعْضُ الْكِبَار وَكَثِيرٌ مِنْ الصِّغَارِ ،/ فَلَا تَكَادُ تمرُّ مِنْ أمَامٍ سُوق ٍ، /أو تَدْخُلُ فِي مَحَلِّ ، /أو تَجْلِسُ فِي كَثِيرٍ مِنْ مَجَالِسِ النَّاسِ الْيَوْمَ ، / إلَّا وَرَأَيْت هَذِه الظَّاهِرَةَ ، /هذه الظَّاهِرَة هِي (الفحشِ ، /وَبَذَاءَةِ اللسان) .
وَاَلَّذِي دَعَانِي إلَى الْحَدِيثِ عَنْ هَذِهِ الظَّاهِرَة هُو انْتِشَارِهَا فِي مجتمعاتنا الْيَوْم كانتشار النَّارِ فِي الحطبِ، /حتى أَصْبَحْت فاكهةَ الْمَجَالِس ، فَأَنْت تَمْشِي فِي الشَّارِعِ تَسْمَعُ فلانًا يَلْعَن فلانًا ، /وتمرُّ مِنْ أمَامٍ شَبَابٍ صِغَارٌ يَلْعَبُون فَتُسْمَعُ بَعْضُهُم يسبُّ بعضًا ، /ويَشتِمُ بَعْضُهُم بعضًا ، .
تَدْخُل الْأَسْوَاق لتشتري شيئًا فَتسْمَع بَعْضُ النَّاسِ يتلفَّظُ عَلَى أَخِيهِ بِأَلْفَاظ يَصِف بِهَا الْعَوْرَات - أجَلَّكم اللَّه - ويطعُن بِهَا الْأَعْرَاض ، / وَيَلْعَنُ بِهَا الْآبَاءُ وَالْأُمَّهَاتُ ، /من الصَّبَاحِ البَاكِرِ بدلًا مِنْ أَنَّ يَقُولَ : أَصْبَحْنَا وَأَصْبَحَ الْمُلْكُ لِلَّهِ ، /راح يسبُّ ويَشتِمُ وَيَلْعَنُ ، /وينادي النَّاس بِأَسْمَاء الْبَهَائِمِ وَالْحَيَوَانَات ، / أجلَّكم اللَّه .
لِذَلِك أَرَدْتُ أَنْ أَقِفَ الْيَوْمَ مَعَ أَصْحَابِِ هَذِهِ الظَّاهِرَةِ ، /مع من أطلَقَ لِسَانهُ فِي السبِّ وَالشَّتْم وَاللَّعْن وَالطَّعْن بِأَعْرَاضِ النَّاسِ .
أَقُولُ لَهُمْ . أَيْنَ أَنْتُمْ مِنْ الْآدَابِ الَّتِي حثَّ عَلَيْهَا الْقُرْآنُ الْكَرِيمِ ؟ / أَيْنَ أَنْتُمْ مِنْ أَخْلَاقِ إسْلَامُنَا الْجَمِيل ؟ / أَيْنَ أَنْتُمْ مِنْ عفَّة اللِّسَان الَّتِي اتَّصَفَ بِهَا سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ الكرامُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ؟

اُنْظُرُوا إلَى الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ عِنْدَمَا أَرَادَ أَنْ يَتَكَلَّمَ عَنْ بَعْضِ الْأُمُورِ ، / كنَّى وَلَم يصرِّح ؛ / أدبًا فِي الْكَلَامِ وَالْحَدِيث ، / فَعِنْدَمَا تَكَلَّم عَن الْعَلَاقَةَ الزَّوْجِيَّة كنَّى عَنْهَا بِالْمُلَامَسَة وَالْمُبَاشَرَة والرَّفَثِ والحَرْثِ .

اسْمَعُوا مَاذَا قَالَ الْقُرْآنُ الْعَظِيمِ : قَالَ تَعَالَى : ﴿ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ﴾ [البقرة : 187] ، / فكنَّى عَنْ الْجِمَاعِ بِالْمُبَاشَرَة . فكنَّى عَنْ الْجِمَاعِ بِالْإِتْيَان في اية اخرى .فكنَّى عَنْ الْجِمَاعِ بِالْحَرْث،/ وبالرفَث ، /قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : "إِنَّ اللهَ كَرِيمٌ يُكَنِّي مَا شَاءَ ، /وَإِنَّ الرَّفَثَ هُوَ الجِمَاعُ" .

أَرَأَيْتُمْ كَيْفَ عبَّر الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ عَنْ الْعَلَاقَةِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ بِالْإِتْيَان وَالْمُبَاشَرَةِ وَالرَّفَثِ وَالْحَرْث ؟ وَكُلُّ ذَلِكَ ليُعلِّم الأمَّةَ الأدبَ فِي الْحَدِيثِ وَالْعِفَّة فِي الْكَلَامِ .
هَذَا سَيِّدِنَا أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، /خَادِمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، /يحدِّثنا عَنْ أَخْلَاقِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَنْ عِفَّة لِسَانِه ،/ فَيَقُول : لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبَّابًا ، /وَلَا فَحَّاشًا ، /وَلَا لَعَّانًا ، /كَانَ يَقُولُ لأَحَدِنَا عِنْدَ المَعْتَبَةِ : ((مَا لَهُ تَرِبَ جَبِينُه ؟ )) .
وَتَقُول السَّيِّدَةِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : فِي ذَاتِ يَوْمٍ دَخَلَ أُنَاسٌ مِنَ اليَهُودِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا : السَّامُ عَلَيْكَ يَا أَبَا القَاسِمِ (وكانوا يَعْنُونَ بِهِ الْمَوْتُ ، /يعني : الْمَوْت عليك) .
فقالَت السَّيِّدَة عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَقَدْ فَطِنَت لِمَا قَالُوا : بَلْ عَلَيْكُمُ السَّامُ وَالذَّامُ ، /وتأمَّل مَعِي : السَّيِّدَة عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ وَهَذِهِ الْأَلْفَاظُِ فِي حَقِّ الْيَهُودِ الّذِينَ تجاوَزوا عَلَى حَضْرَةِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، .
وَمَا قالتها إلَّا غيرةً ونُصرةً لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، / وَمَعَ ذَلِكَ اُنْظُرُوا مَاذَا قَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، /قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ((يَا عَائِشَةُ ، / لَا تَكُونِي فَاحِشَةً)) ، / وَفِي رِوَايَةٍ : ((مَهْ يَا عَائِشَةُ ! فَإِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ الفُحْشَ وَالتَّفَحُّشَ)) ، .
فَقَالَتْ : مَا سَمِعْتَ مَا قَالُوا ؟ فَقَالَ : ((أَوَلَيْسَ قَدْ رَدَدْتُ عَلَيْهِمُ الَّذِي قَالُوا ؟ قُلْتُ : وَعَلَيْكُمْ)) ، / كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ ردَّها عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ فِيهَا فُحْشٍ وَلَا تفحُّش .
فَإِذَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يرضَ للسيدة عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ تَسُبَّ وتلعن الْيَهُودَ الّذِينَ تجاوَزوا عَلَى حَضْرَتهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
فَمَاذَا سَيَقُولُ لَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ دَخَلَ عَلَى مَجَالِسِنَا الْيَوْم ، /ومشى فِي شوارعنا ،/ وَدَخَل بُيُوتِنَا ،/ وَرَأَى كَيْف أَنَّ بَعْضَ الْمُسْلِمِينَ الْيَوْمَ يتفنَّنون فِي السَّبِّ وَالشَّتْمِ وَاللَّعْن وَالطَّعْنُ فِي الْإِعْرَاضِ ؟
كَمْ مِنْ النَّاسِ الْيَوْمَ مِنْ يُنَادِي عَلَى إخْوَانِهِ بِأَسْمَاء الْبَهَائِم وَالْحَيَوَانَات (أجلَّكم الله) ؟ وَكَمْ مِنْ النَّاسِ مَنْ يَصِفُ لَك الْعَوْرَات ؟ وَكَمْ مِنْ رَجُلٍ يسبُّ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ ؟ وَكَمْ مِنْ أَبٍ يَلْعَن أَوْلَادِه ؟ وَكَمْ مِنْ أُمِّ تَلْعَن بَنَاتِهَا ؟ وَكَم زَوْج يَلْعَن زَوْجَتِه ؟ حَتَّى أَصْبَحَ السبُّ وَالشَّتْم وَاللَّعْن كَأَنَّه مَدْحٌ وَثَنَاءٌ .
هَذَا رَجُلٌ لَعَن ديكًا ، /فَسَمِعهُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ : ((لَا تَسُبُّوا الدِّيكَ ؛ / فَإِنَّهُ يَدْعُو إِلَى الصَّلَاةِ)) ، / تَأَمَّل مَعِي : دِيكٌ حَيَوَانٌ (أجلَّكم الله) يَدْعُو إلَى الصَّلَاةِ ، /لَعْنَةُ مُسْلِم ، /وَمَعَ ذَلِكَ نَهَاهُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ،/ فَكَيْف بِلَعْنِ الْمُسْلِمُ المصلِّي الَّذِي يُصَلِّي فِي الْمَسَاجِدِ وَيَعْمَل الْخَيْر ؟ !
أَنَا أَقُولُ لِكُلٍّ مِنْ كَانَ متفحشًا فِي كَلَامِهِ ، /بذيئًا فِي لِسَانِهِ. اسْمَعْ إلَى نَبِيِّكَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقُولُ : ((سِبَابُ المُسْلِمِ فُسُوقٌ ،/ وَقِتالُهُ كُفْرٌ)) ،/ يَقُولُ الْإِمَامُ النَّوَوِيُّ (رحمه الله) وَهُو يَشْرَح هَذَا الْحَدِيثِ : "فَسَبُّ المُسْلِمِ بِغَيْرِ حَقٍّ حَرَامٌ بِإِجْمَاعِ الأُمَّةِ ، /وَفَاعِلُهُ فَاسِقٌ كَمَا أَخْبَرَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم" ، /فَأَيْن مِن يَلْعَنُ النَّاسِ ويسبهُم مِنْ هَذَا التَّحْذِيرِ النبويِّ ؟ كَمْ مِنْ النَّاسِ الْيَوْمَ مِنْ إذَا نَادَى لعَنَ ، / وَإِذَا غَضِبَ شَتَم ، / وَإِذَا تَهَاتَرَ مَعَ النَّاسِ سبَّهم ؟ .
لَيْسَتْ هَذِهِ مِنْ أَخْلَاقِ الْمُؤْمِنِ ، /قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ((لَيْسَ المُؤْمِنُ بِالطَّعَّانِ ، /وَلَا اللَّعَّانِ ، /وَلَا الفَاحِشِ ،/ وَلَا البَذِيءِ)) ، / وَمَعْنَى الطعَّان : أَي : الوقَّاع فِي أَعْرَاضِ النَّاسِ بِالذَّمّ وَالْغِيبَة وَنَحْوِهِمَا ، /والفحَّاش : ذُو الْفُحْشُ فِي كَلَامِهِ وفعاله . وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ((لَعْنُ المُؤْمِنِ كَقَتْلِهِ)) ؛ /يعني : مِن لَعَنَ مؤمنًا فإثمُه كَإِثْم مَنْ قَتَلَهُ تمامًا .
فَلَيْس الْمُؤْمِنِ الَّذِي يَطْعَن أَخَاه ، /وليس الْمُؤْمِنِ الَّذِي يَلْعَنُ أَخَاهُ ، / وَلَيْس الْمُؤْمِنِ الَّذِي يسبُّ أَخَاه ، /فهذه لَيْسَتْ مِنْ أَخْلَاقِهِ ، / بَلْ الْمُؤْمِنُ طيِّب وَلَا يخرُج مِنْهُ إلَّا طيِّبٌ .
كَمْ مِنْ الْأَطْفَالِ الْيَوْمَ مِنْ يسبُّونَ ويشتمونَ ويتلفظونَ بِأَلْفَاظٍ قَبِيحَةٍ ، /ولا يَعْرِفُون مَعْنَاهَا ! وَالسَّبَبُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ يكلِّم أمَّه بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ ، / وَسَمِع أَبَاه يتلفَّظ بِهَا عِنْدَمَا تشاجَرَ مَع جَارِه ، /وسمع أمَّهُ تَلْعَن أَخَاه ، فَهُو يقلِّد ويتلفَّظ مَا يَسْمَعُهُ مِنْ الْمُحِيطِ الَّذِي حَوْلَه .
هَذَا جَابِرِ بْنِ سُليمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَوصِني يَا رَسُولَ اللَّهِ ، /فقال النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ((لا تَسُبَّنَّ أحدًا)) ، / يَقُولُ جَابِرٌ : فَمَا سَبَبْتُ بَعْدَهُ حُرًّا ،/ وَلَا عَبْدًا ، /وَلَا بَعِيرًا ، /وَلَا شَاةً ، .
يَا اللَّهُ ! كَيْف أقارنَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا يَحْدُثُ الْيَوْمَ مِنْ السبِّ وَالشَّتْمَ وَاللَّعْنِ فِي الْمَجَالِسِ والهواتفِ ، /والأسواقِ والمحلاتِ ، /ومجتمعاتِ النَّاس ؟ !
هَذَا سَيِّدُنَا أَبُو الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي ذَاتِ يَوْمٍ كَانَ يَمْشِي مَعَ أَصْحَابِهِ الْكِرَامِ ، / فَرَأَى امْرَأَة سليطةَ اللِّسَانِ تُؤْذِي الناسَ بِلِسَانِهَا - تسُبُّ هَذَا ، / وتلعن هَذَا ،/ وتَشتِم هَذَا -فقال أَبُو الدَّرْدَاءِ لِأَصْحَابِه كَلِمَة عَظِيمَةٌ : (لَوْ كَانَتْ هَذِهِ خَرْسَاءَ ، / كَانَ خَيْرًا لَهَا) .
أَتَدْرُون لِمَاذَا قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ هَذِهِ الْكَلِمَةِ (لَوْ كَانَتْ هَذِهِ خَرْسَاءَ ،/ كَانَ خَيْرًا لَهَا) ؟ لِأَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّ اللِّسَانَ هُوَ الَّذِي يُورِدُ الإنسانَ الْمَهَالِك ، /وهو الَّذِي يضيِّع ُ عَلَيْهِ أُجْرَةُ وَثَوَابِه ، / وَهُوَ الَّذِي يُدخِلُ صَاحِبِه النَّار ، /ويَحرِمُه مِنْ الْجَنَّةِ .
فَاَلَّذِي يسبُّ وَيَلْعَن ، / هَذَا لَا تَنْفَعُهُ صلاتُهُ وَلَا صِيَامِهُ وَلَا صَدَقَتُهُ ؛ /لأن السبَّ وَاللَّعْنِ سيضيّعُ عَلَيْهِ كلَّ هَذِه الطَّاعَات ، /ويكونُ مفلسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ .
إلَّا تَذْكُرُون قِصَّة الْمَرْأَةِ الَّتِي كَانَتْ تَصُومُ النَّهَارَ وَتَقُومُ اللَّيْلَ ، /وتتصدقُ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَتَعْمَلُ الْخَيْرَات ، /ولكن كَانَ عِنْدَهَا عَيْبٌ ، / إلَّا وَهُوَ أَنَّهَا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا ، /تسبُّهم وتلعنهم .
فَمَاذَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَقِّهَا ؟ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ((لَا خَيْرَ فِيهَا ، / هِيَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ)) ، / يَا رَسُولَ اللَّهِ ، / صَلَاتُهَا بِاللَّيْل ، /وصيامُها فِي النَّهَارِ ، / وصدقاتُها ؟ ! قَال : ((لَا خَيْرَ فِيهَا ، / هِيَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ)) .
فَلْيَحْذَر الْمُسْلِمِ مِنْ هَذِهِ الظَّاهِرَةِ السَّيِّئَةِ ، /وليجعل نُصبَ عَيْنِه قولَه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَمَا سُئِلَ : أَيُّ المُسْلِمِينَ أَفْضَلُ ؟ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ((مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ)) ، .
وَلِيَتَذَكَّر أَنَّ مَا مِنْ يَوْمِ يُصْبِحُ فِيه ابنُ آدَمَ إلَّا وأعضاؤه - الْيَدَان ، / والرِّجلان ، / وَالْعَيْنَان ، /والأُذُنان - تُنَادِي عَلَى اللِّسَانِ وَتَقُولُ لَهُ : ((اتَّقِ اللهَ فِينَا ؛ /فَإِنَّمَا نَحْنُ بِكَ ، /فَإِنِ اسْتَقَمْتَ اسْتَقَمْنَا ، / وَإِنِ اعْوَجَجْتَ اعْوَجَجْنَا)) .
وَقَالَ تَعَالَى : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب : 70 ، 71] .
أَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يَحْفَظَ عَلَيْنَا ألسنتَنا ، / وَأَنْ يَحْفَظَ عَلَيْنَا أَعْرَاضَنَا ، /وأن يَحْفَظ عَلَيْنَا بيوتَنا ، /وأن يَغْفِرَ لَنَا ذُنُوبَنَا ،
إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ أَنْ يَلْعَنَ الرجلُ أَخَاه ، /أو يدعوَ عَلَيْهِ بِالنَّارِ ، أَوْ يَدْعُوَ عَلَيْهِ بِالْغَضَب ، /أو غَيْرِ ذَلِكَ ، / فَقَال رسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ((لَا تَلَاعَنُوا بِلَعْنَةِ اللهِ ، وَلَا بِغَضَبِهِ ، وَلَا بِالنَّارِ)) .
فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى تَحْرِيمِ الدُّعَاء بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ ، / وَهِي :
الْأُولَى : ((لَا تَلَاعَنُوا بِلَعْنَةِ اللهِ)) ؛ أَي : لَا يَلْعَنْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا ، فَلَا يَقُلْ أَحَدٌ لِأَخِيه : (عليك لَعْنَةُ اللهِ) أَو (الله يلعنك) ؛ / لِأَنّ اللَّعْنَة هِي الْإِبْعَادُ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهُ تَعَالَى ، /والمؤمنون رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ .
الثَّانِيَة : . . ((وَلَا بِغَضَبِ اللهِ)) ؛ /أي : لَا يدعُ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ بِغَضَبِ اللَّهِ ؛ كَانَ يَقُولُ : (غَضَبُ اللهِ عَلَيْكَ) ، / أَو (الله يَغْضَب عليك) .
وَالثَّالِثَة . : ((وَلَا بِالنَّارِ)) ؛ أَي : لَا يَقُلْ أَحَدُكُمْ لِأَخِيه : (اللهم اجْعَلْهُ مِنْ أَهْلِ النار) ، . / أَو (احرقه بِنَار جهنم) ، أَو (النَّارُ مَثْوَاكَ) .
فَعَلَى الْمُسْلَمِ أَنْ يَحْفَظَ لِسَانَهُ مِنْ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ الَّتِي تَضِيع عَلَيْهَا أُجْرَة وَثَوَابِه وَتَجْعَلُه مفلسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ .
أَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يَحْفَظَ عَلَيْنَا أَلْسِنَتِنَا ، /وأن يَحْفَظ عَلَيْنَا أَعْرَاضَنَا ، /وأن يَحْفَظ عَلَيْنَا بُيُوتِنَا ، /وأن يَغْفِرَ لَنَا ذُنُوبَنَا .





 

اكتب تعليق

أحدث أقدم