رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي ورئيس الإتحاد العالمي للعلماء والباحثين يؤكد أن أطفال اليوم هم رجال الغد

رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي ورئيس الإتحاد العالمي للعلماء والباحثين يؤكد أن أطفال اليوم هم رجال الغد


رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يؤكد أن أطفال اليوم هم رجال الغد
بقلم \ المفكر العربي الدكتور خالد محمود عبد القوي عبد اللطيف
مؤسس ورئيس اتحاد الوطن العربى الدولي
رئيس الإتحاد العالمي للعلماء والباحثين
الرئيس التنفيذي لجامعة بيرشام الدولية بأسبانيا
الرئيس التنفيذي لجامعة سيتي بكمبوديا
الرئيس التنفيذي للمؤسسة الدولية للدراسات المتقدمة بأمريكا
ورئيس جامعة الوطن العربي الدولي ( تحت التأسيس )
الرئيس الفخري للجمعية المصرية لتدريب وتشغيل الخريجين
الرئيس الفخري لمنظمة العراق للإبداع الإنساني بألمانيا الإتحادية
الرئيس التنفيذي للجامعة الأمريكية الدولية
الرئيس الفخري للمركز الدولي الفرنسي للعلماء والمخترعين
الرئيس الشرفي للإتحاد المصري للمجالس الشعبية والمحلية
قائمة تحيا مصر
نائب رئيس المجلس العربى الافريقى الاسيوى
مما لاشك فيه أن أطفال اليوم هم اللَّبنات الرطبة التي يُشاد على كاهلها - في المستقبل - بناءُ المجتمع، هم رجال الغد، وبقدر ما يُبذل في تربيتهم وتقويمهم، بقدر ما يكون للأُمة من مكانة وعزَّة، وبقدر ما يُهملون، فتتمكَّن من قلوبهم أساليب الانحراف، يكون للأمة من اختلالٍ وضَعْف في القوى المُوجِّهة لها، القائمة بشؤونها.
واليتيم طفل من بين الأطفال، قد فقَد أباه والعائل الذي يرعاه، فقَد القلب الذي يحنو عليه، والرُّوح الذي كان يَحوطه ويرعاه، فتَقوى أعصابه، وتنمو جوارحه، ويُشرَح صدره، وتبتسم له الحياة، فَقَد بموت أبيه كلَّ ذلك، وأسلَمته المقادير إلى الكآبة وتشتُّت البال والحِرمان، فما أحوجه إلى عناية من الرؤوف الرحيم، تَنتشله من تلك الوَحدة، وتجعل له متنفسًا يُسرِّي به عن نفسه!
ما أحوجه إلى تشريع حكيمٍ، ووصيَّة كريمة من ربٍّ رحيم؛ تَحفظ عليه نفسه، وتَحفظ له ماله، وتعدُّه رجلاً عاملاً في الحياة، ليس كَلاًّ على غيره، ولا عِبئًا على أُمته، ولا عنصرَ شرٍّ يَنفُث سمومه في أمثالِه الأطفالِ.
لهذا كله عُنِي الإسلام - كتابًا وسُنة - بأمر اليتيم، والحثِّ على تربيته، والمحافظة على نفسه وماله، وقد ظهَرت عناية القرآن الكريم بشأن اليتيم منذ أن نزَل، إلى أن أكمَل الله دينه، وأتمَّ على المؤمنين تشريعه، ظهرت في مكيِّه حينما عاد الوحي إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد أن فتَر عنه مدة طويلة، توجَّس الرسول منها أن يكون الله قد قَلاه وأبغَضه، فجاءه الوحي وهو في هذا التوجُّس، مؤكدًا له حُسن رعاية الله إيَّاه، وأخذ يُثبت ذلك في نفسه، ويُذكر بعناية الله له قبل النبوَّة، وهو أحوج ما يكون إلى عطف الأبوة التي فقَدها ولم يرَها؛ ﴿ أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى ﴾ [الضحى: 6]، ثم يطلب منه الشكر على تلك النعمة، وأن يكون شكرها - من جنْسها - عطفًا على اليتيم ورحمة به؛ ﴿ فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ ﴾ [الضحى: 9].
وظهرت في المكي أيضًا؛ إذ جعل الله ازدراء اليتيم وإهمال أمرِه، آيةً من آيات التكذيب بيوم الدين؛ ﴿ أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ * فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ ﴾ [الماعون: 1 - 2]، وإذ يجعل الوصية به إحدى الوصايا العشر التي لم تُنسخ في مِلة من المِلل، ويَنظِمها مع الإيمان بالله في سِلك واحدٍ؛ ﴿ قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ ﴾ [الأنعام: 151]، إلى أن يقول: ﴿ وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ ﴾ [الأنعام: 152].
وقد تأثَّرت نفوس القوم بهذه الوصايا المكية التي جاءت في شأن اليتيم، وصاروا من أمره في حرَجٍ وحَيْرة؛ أيتركون القيام عليه، فيَفسُد أمره، ويَختل شأنه، أم يقومون عليه ويَعزلونه من أبنائهم في مأْكله ومشربه، فيشعر بالذِّلة والمَسكنة، أم يُخالطونه، فيُعرِّضون أنفسهم لأكْل شيءٍ من ماله؟! أم ماذا يفعلون؟!
التمسَت نفوسهم ما يُنقذهم من هذه الحَيْرة، ويُخفِّف عنهم عبءَ هذه المسؤولية التي ثَقُل بها كاهِلهم، وعندئذ نزل قوله -تعالى-: ﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ ﴾ [البقرة: 220].
فأفْهَمهم أن المخالطة مع العدل والإصلاح من مقتضى ما بينهم من الأخوة الإنسانية والدينية والرَّحِم.
ثم جاءت سورة النساء وبرزَت فيها عناية خاصة باليتيم في شأنه كله، ومهَّدت لهذه العناية بطلب تَقْوى الله والأرحام، وبيان أن الناس جميعًا خُلِقوا من نفس واحدة؛ فاليتيم حتى وإن كان من غير أُسرتكم - أخوكم ورَحِمكم؛ فقوموا له بحقِّ الأخوَّة وحقِّ الرحم، واحفَظوا أمواله، وهذِّبوا نفسه، واحذَروا اغتيالها وأكْلها، واحذروا إهماله وإلقاء حبْله على غاربه، وفي ذلك يقول الله -تعالى-: ﴿ وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا ﴾ [النساء: 2]، ويقول: ﴿ وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا ﴾ [النساء: 6].
هذا بعض ما نقرأ في القرآن من وجوه العناية باليتيم - في ماله وتربيته وتهذيبه - وقد ورَد في الهدي النبوي الشيءُ الكثير من العِدَة برفْع الدرجات فيما يختص بكفالة اليتيم، والقيام بحقه وواجبه، وحسْبُ مَن كفَل اليتيم ورعاه، وقام بوصايا الله فيه، أن يكون مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في الجنة صاحبًا وقرينًا، يتمتَّع بما فيها من النعيم، كما متَّع اليتيمَ برعايته، وحُسن معاملته، والإشراف عليه؛ ((مَن عال ثلاثة من الأيتام، كان كمَن قام ليله وصام نهاره، وغدا وراح شاهرًا سيفَه في سبيل الله، وكنت أنا وهو في الجنة إخوانًا، كما أن هاتين أُختان))، وألصَق السبَّابة بالوسطى"، ((خيرُ بيتٍ في المسلمين، بيتٌ فيه يتيم يُحسَن إليه، وشرُّ بيتٍ في المسلمين، بيتٌ فيه يتيم يُساء إليه)).
أما هذه الأم التي مات عنها زوجها، وهي ذات منصب وجمال، وترَك لها أيتامًا، فتَأَيَّمت عليه، وحبَست نفسها على خِدمتهم، حتى تغيَّر لونها، وانطَفأ جمالها، ونسِيت وسائل الزينة ومظاهر الجمال في سبيل هَيْمنتها على الأيتام، وفي سبيل تربيتهم والمحافظة عليهم، أما هذه السيدة، فحسْبها مكانةً عند الله، قولُ الرسول - عليه الصلاة والسلام -: ((أنا وامرأة سَعفاء الخَدَّين - مُتغيِّرة اللون - كهاتين يوم القيامة))، وأشار بالسبَّابة مع الوسطى؛ يريد أنها بجانبه مُلتصقة به، لا يَفصل بينهما في الجنة شيءٌ".
هذا هو إرشاد الله ورسوله في تهيئة اللَّبنات التي تبني المجتمع الإسلامي، والتي يشاد عليها صَرْحه، فيرتفع بناؤه ويَعظُم ظله، وتَكثر ثماره، فيا أيها الأعمام، ويا أيها الأوصياء، كونوا في الإشراف على اليتامى في حذرٍ من غضب الله، واعلموا أن إهمال اليتيم لا يقف ضرره عند اليتيم، بل هو ضرر تتفشَّى جراثيمه، وتنتشر سمومه في جسم الأمة كلها، فيَعتريها الضَّعف والانحلال، وتَبوء بالخِزي والدمار، وشر بيتٍ - كما يقول الرسول - بيتٌ فيه يتيم يُساء إليه، والأمة بيت، فشر أُمةٍ أُمةٌ فيها يتامى يُساء إليهم، فيُهمَل أمرهم، وتَفسُد أخلاقهم، وتَنقطع صِلتهم بخالقهم، ويكونون لَبناتٍ هزيلة في بناء الأمة، فتَسقط من عَليائها، وتُصبح أثرًا بعد عينٍ.
إن الدهر قُلَّب، والناس في سفينة تتقاذَفها أمواج الحياة ترفعها تارة وتَخفضها أخرى، ولا عاصم إلا من رحِم الله، ولا يرحم الله إلا من امتثَل أمره، واتَّبع هداه، ومن كان تحت يده يتيم، فليذكر غَيْرة الله على اليتيم، وليذكر أن ما نزَل بغيره، فترَك أولاده أيتامًا، قد يَنزل به، فيترك أولاده هو الآخر أيتامًا؛ ﴿ وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا * إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا ﴾ [النساء: 9 - 10].



 

اكتب تعليق

أحدث أقدم