مقال : البيدق !
بقلم ا.د/إبراهيم محمد مرجونة
أستاذ التاريخ والحضارة الإسلامية
من أروع ما أورد صلاح جاهين فى يوم من الأيام، راح أكتب قصيدة.............
ح اكتب قصيدة
ح اكتبها، و ان مكتبتهاش أنا حر …
الطير ماهوش ملزوم بالزقزقة
يقال إن ملكاً هندياً يدعى بلهيث أراد اختراع لعبة تعتمد على العقل الصرف بدلاً من لعبة فضلها ملك هندي سابق هو باهبود تعتمد على الحظ والعقل معاً، وهي "الطاولة" أو "النرد"، من منطلق ، فجاء "الشطرنج" معبراً عن فلسفته تلك.
في نظرة تأملية لرقعة الشطرنج وجدت قطعة في غاية الأهمية بدونها لن تكتمل اللعبة وهى قطعة البيدق "عسكري الشطرنج" ، فهو يشكل حائط سد بعرض لوحة الشطرنج وتشعر أنه في حالة ثبات ، ويظنه البعض في معظم الأحيان أنه اضعف قطعة.
تُرَى لو استيقظ البيدق من غفلته وفكر قليلاً ووجد أن مهمته حماية جميع القطع والذود عنهم ، دون ان يفكر أحد في حمايته أو الحفاظ عليه ، ولن يتوقف الأمر عند هذا الحد بل من السهل التضحية به بسهولة لأجل قطعة تكبره على لوحة الشطرنج وفقاً لقوانين اللعبة. واستمراراً للمسلسل الهزلي ففي أحيان كثيرة يقدم على سبيل الطعم لاصطياد قطعه أكبر وتشعر أنه وجد لأجل أسعاد الغير وتحقيق خططهم وأحلامهم والذود عنهم وحمايتهم فهو يشكل خط دفاعي أمامي .
وعند القضاء عليه لايحدث ذلك اضطراباً في اللعبة بل تسير بكل هدوء وتركيز للوصول إلى الهدف المنشود فلا يعد من جملة الخسائر التي تفقد اللعبة حلاوتها وإثارتها وتشويقها .
وحتى لو استطاع هذا البيدق تحدى الصعاب ومواجهة كل الاخطار وتحرك بمرونة ورشاقة ووقع في يد لاعب ماهر استطاع أن يصل به إلى أخر لوحة الشطرنج ترى ماذا سيحدث؟ يتم ترقيته وخروجه خارج اطار اللعبة ويأتى بقطعه الوزير لتحل محله فعندما يترقى يأتي غيره ليحصد هذا النجاح.
عندما استفاق عسكري الشطرنج على كل هذه الحقائق وجد أنه لازماً عليه مغادرة اللعبة مباشرة حتى وإن كان مصيره خارجها إلى العدم ،لأن الحياة لدقائق معدوده بتقدير واهتمام خيراً من حياة سرمدية بلا هدف ونجاحات تحققها لنفسك كما ساهمت فيها أكسابها لغيرك.
أن تحيا حياتك دون أن يكون لك حظاً منها أو نصيب فهذه ليست تضحيات ولا إيثار بل هى مرحلة من مراحل الانتحار ، الحياة أخذ وعطاء تأثير وتأثر ، فإذا كنت من أصحاب المهارات وتجيد وتحسن في آداء دورك وتقدم الحماية وتساهم في بقاء جميع القطع ، فيجب أن تنال قدرك ومكانتك ، فإنك لم تخلق لكي يُضَحى بك وليس دورك حماية الآخر ، أيها العسكري الشطرنجي الهمام غادر لوحة الشطرنج فإنها لم تعد تليق بك فلن يفرح أحد ببقائك ولن يحزن أحد على موتك بقوانين اللعبة بل أحياناً يفرح اللاعب جداً كونه قدمك طعم لاصياد قطعة تعلوك وهى الأهم من وجهة نظره ، فالجميع اعتادوا على الاستمتاع باللعبة في ظل وجودك وكذلك في ظل غيابك.
عليك أن تبدأ رحلة جديدة حتى لو كانت قصيرة تكون عينك فيها على نقطة النهاية قبل نقطة البدء ، ومهما كان توصيفك على لوحة الحياة فأنت مهم جداً وبك يكتمل الأمر لأن الأصل في الحياة التنوغ ، فلا تحيا حياتك ألعوبة في يد الأخرين يحركوك كيفا شأوا أوحسب مقتضيات اللعبة.
يذكر "تد تيرنر" : أن الحياة والعمل مثل لعبة الشطرنج تماماً , يجب أن تنظر فيهم إلى المستقبل دائماً وتتوقع ماذا سيحدث لخطوات عديدة قادمة , وللأسف قليلون من يفعلون ذلك ! هم يفكرون في خطواتهم الحالية ولذلك كثيراً ما ينهزمون.
إرسال تعليق