بقلم : محجوب الحوري
ذكر رجل الدولة السعودي الشيخ جميل الحجيلان في مذكراته التي تنفرد بنشرها جريدة الشرق الأوسط والنص منقول منها بتصرف يسير قصة لقائه بالملك عبد العزيز طيب الله ثراه وقيامه بالترجمة بين الملك عبد العزيز ووزير خارجية إسبانيا روبرتو خوزيه أرتاخو في الرياض (أبريل/ نيسان 1952)
ويروي وقائع ذلك اللقاء قائلاً: «قال عبد العزيز - والذاكرة ضنينة بكل ما اختزنته عن ذلك اللقاء - إننا أمة كرَّمها الله بالإسلام، أقمنا عليه وجودنا أساساً للحكم والحياة، نريد أن نكثر من الأصدقاء، ونتحاشى العداوة أو الخلاف مع الآخرين وليس لنا مطمع في أرض أو مال أو جاه. فبلادنا والحمد لله واسعة شاسعة والخير عندنا بفضل الله كثير. وفوق هذا وذاك، شرّفنا الله بخدمة الحرمين الشريفين، وهو شرف لا يضاهيه شرف آخر. وعلاقتنا بإخواننا العرب والمسلمين هي أن نناصرهم إن كانوا مظلومين ونعينهم بالرجوع إلى الحق إن كانوا مخطئين. نحترم حقوق الجوار، ونلتزم بالعهود والمواثيق، لا نتدخّل في شؤون الآخرين، كما لا نقبل أن يتدخّل أحد في شؤوننا
ويضيف: «مرّت لحظة صمت عابرة أعقبها الملك عبد العزيز بقوله: هناك مسألة تؤلمنا وتوجع قلوبنا، وهي أحوال إخواننا في المغرب العربي. إنهم يعيشون مقهورين في دينهم، وفي لغتهم، وحياتهم، ورزقهم، بفعل الاستعمار الفرنسي لبلادهم، إن هذا أمر لا يرضي الله. ولا يتحمله إنسان، ومن الخير لفرنسا أن ترفع يدها عن هذه البلاد العربية المسلمة، وتتركها وشأنها، وإلا فإن شعوبها ستنفجر وتثور على هذا الظلم، وأنتم لستم غريبين على هذه القضیة، ویجب أن نتعاون معكم في ذلك. وإذا صممت هذه الشعوب على الخلاص مما هي فيه من ظلم واستكبار، فلن يقف في وجهها شيء، والمثل عندنا يقول: العزم أبو اللزم أبو الظفرات، والترك أبو الفرك أبو الحسرات».
كان الملك عبد العزيز حريصاً على أن يحسن الحجيلان ترجمة هذا المثل، «وعندما لاحظ السرعة التي أتيت بها على ترجمته - وكنت معداً نفسي لذلك - سألني: هل ترجمته يا ولدي؟ فقلت: نعم، طال عمرك!».
هذه الكلمات الصادرة من الملك المؤسس طيب الله ثراه قدمت بعبارات موجزة بيان شامل بلغة السياسة المعاصرة "مانفستو" وخطة دولة شاملة واضحة الأهداف والرؤية حيث أكد أن الإسلام هو أساس الحكم ثم أوضح رؤيته في الرغبة في تكثير الأصدقاء وتقليل الأعداء وهوما تسعى اليه استراتيجيات الدول الكبرى حاليا بما يسمى " تصفير الخلافات " وطمأن العالم الخارجي أنه لا مطامع لديه ، ثم لخص سياسته الخارجية في نصرة المظلومين ورد المخطئين واحترام حقوق الجيران والالتزام بالعهود والمواثيق وعدم التدخل في شؤون الآخرين مع خط أحمر لايقبل التدخل في شئون دولته ، كما تضمنت الكلمات استشراف المستقبل وقراءته للواقع الإقليمي اذ كما ذكر الشيخ الحجيلان " صحّت نبوءة الملك عبد العزيز وصدقت رؤيته لمستقبل الأحداث في المغرب العربي، عندما انتفضت شعوبه تزيل عن صدرها أثقال حكم الطغاة، في معارك التضحية والفداء" وختم جلالة المؤسس طيب الله ثراه بيانه الشافي بقوله " العزم أبو اللزم أبو الظفرات، والترك أبو الفرك أبو الحسرات" وهذا أساس النجاح وحجر الزاوية في كل مشروع ناجح قال الخليفة المنصور:
إذا كنت ذا رأيٍ فكن ذا عزيمةٍ... فإنَّ فساد الرأي أن تترددا ، وفي علم الإدارة الحديث توجد بحوث ودراسات لتجنب التسويف – Procrastinationوتعد الإدارة بالتسويف من أكبر المعضلات التي تواجه الدول والمنظمات .houri71@hotmail.com
إرسال تعليق