في عصر
تهيمن فيه وسائل التواصل المجتمعي على تشكيل الهوية الفكرية للشعوب، تبرز أهمية
المحافظة على الثقافة المحلية بتنوعها ضرورة ملحة، لقد قدّمت رؤية المملكة
2023 برامجها ومبادراتها لتشمل أهدافها
مختلف جوانب التطوّر والرفعة للوطن والمواطن، ولم تعد الثقافة مختزلة بالقراءة
ومعارض الكتب، بل باتت بمفهومها الواسع شريكاً مؤثراً بالاقتصاد والصناعة والترفيه
والتعلم، تماماً كما ولدت مباردة "بيوت الثقافة" كأحد مبادرات برنامج جودة
الحياة والتي تهدف إلى تطوير البنية التحتية الثقافية وتهيئة المواقع الثقافية وتحسين
المكتبات العامة لتسهم في إبراز التنوع الواسع للفنون والثقافة ومجالاتها، وجعلها
أكثر مشاركة وتأثيراً في تشكيل الناتج المحلي على الصعيد الوطني.
بيوت الثقافة كما هي
بدايتها في محافظة أحد رفيدة ومحافظة الدمام، أظهرت عملاً يشكر القائمين عليه،
برامج يومية وجداول شهرية يستطيع المجتمع الوصول إليها عبر منصات التواصل الصفحات
الرقمية، وهي متجددة بعناوين جذابة ومشوقة يستطيع أفراد المجتمع أن يلمس فيها جودة
الحياة وأن يتنقل بين خيارات متعددة بين الفن بفروعها التصويرية والتشكيلية والنحت
والمسرح والموسيقى والحرف اليدوية والتعلم بالترفيه، وورش العمل، والمعارض،
والملتقيات. فالمعنيون بأمر بيوت الثقافة يدركون مدى أهمية أن تلبي برامج وأنشطة
بيوت الثقافة كافة الرغبات والميول. وهنا يأتي دور إثراء الشراكة والتعاون بين
بيوت الثقافة ومختلف الجهات ذات الصلة، هذا سيحقق أهداف مشتركة وسيعظم الفوائد
والمنافع، فالشراكة مع الجامعات على سبيل المثال عبر إجراء المسوحات والدراسات
المجتمعية ستساعد بيوت الثقافة على التخطيط للبرامج والفعاليات المناسبة، وفي
الوقت نفسه هي فرصة للجامعات لتبني المواهب وتحديث التخصصات أو فتح مجالات ومسارات
جديدة. ولا شك أن استقطاب الكفاءات المتميزة القادرة على خلق الإبداع والتخطيط لجعل
بيوت الثقافة متنفساً للأسرة ومكاناً للتواصل بين أفراده، ومن المهم أن يتم التعريف
للزوار بصندوق الثقافة الذي يقدم الدعم للمشاريع الثقافية، كما أن تنسيق الزيارات
المتبادلة بين بيوت الثقافة يسهم في نشر الثقافات بين مناطق المملكة.
ويستحق المسؤولين في هيئة
المكتبات كل الشكر والتقدير جهودهم في التوسع باستحداث وإنشاء المزيد من بيوت الثقافة
لتغطي كافة مناطق ومحافظات المملكة وإتاحة الوصول إلى مصادر المعلومات، والمشاركة
الثقافية، وتنمية القدرات البشرية، والمجتمعية، وتعزيز الهوية الوطنية لكل فرد من
أفراده ذكراً أو أنثى.
إرسال تعليق