بقلم المفكرالعربي الدكتور خالد محمود عبد القوي عبد اللطيف
مؤسس ورئيس اتحاد الوطن العربي الدولي ,
رئيس الإتحاد العالمي للعلماء والباحثين
مما لاشك فيه أن حب الحسنين لدى الصحابة رضي الله عنهم
نجده واضحاً جليا في بعض المواقف التي تدل دلالة قطعية على أن ذلك الإعظام هو نمط يؤكد لنا كيف كان أصحاب رسول الله صل الله عليه وسلم ،في حبهم لسيد شباب أهل الجنة ،وفي توقيرهم له ،وتعظيمهم لشأنه ،وإيثارهم له على أنفسهم ،ومسارعتهم إلى خدمته ،هذا ابن عباس رضي الله عنه ،يمسك بركابه ،وهذا أبو هريرة ينفض التراب عن قدميه ،فقد روي عن ابن عباس رضي الله عنهما :أنه كان يمسك بركاب الحسن والحسين حتى يركبا ،ويقول:(هما ابنا رسول الله صل الله عليه وسلم ،فلما عوتب في ذلك ،وقيل له:أنت أسن منهما ،قال :إن هذين ابنا رسول الله صل الله عليه وسلم ،أفليس من سعادتي أن آخذ بركابهما)ذكره ابن سعد في الطبقات الكبرى ،وذكر ايضا في التاريخ الكبير٠
وهذا هو عبد الله ابن عمر رضي الله عنه ،بينما كان جالساً في ظل الكعبة ،إذ راى الحسين مقبلاً ،فلم يلبث أن قال:هذا أحب أهل الأرض إلى أهل السماء اليوم،
ذكره ابن حجر في الاصابة في تمييز الصحابة ٠
وهذا أبو هريرة-صاحب رسول الله صل الله عليه وسلم-لا يكاد يرى الحسين -رضي الله عنه-وقد أعيا في الطريق أثناء مسيره في جنازة ،فقعد ،حتى أقبل أبو هريرة عليه،فجعل ينفض التراب عن قدميه بطرف ثوبه،والحسين رضي الله عنه يقول له:يا أبا هريرة:وأنت تفعل هذا؟فقال له:دعني!فوالله لو يعلم الناس منك ما أعلم لحملوك على رقابهم٠
ذكر في التاريخ الكبير٠
ولقد بلغ من حب الصحابة للحسنين ،أنهما كانا إذا طافا بالبيت يكاد الناس يحطمونهما مما يذدحمون عليهما ،للسلام عليهما٠
ذكره احمد ابن خالد الناصري في كتابه الاستقصاء لاخبار المغرب الاقصى٠
بل لقد بلغ الأمر ببعض الصحابة-رضوان الله عليهم -في حبهم لسيدي شباب اهل الجنة انهم كانوا يوصون لهم ،ويشركونهم في ميراثهم،ومن هؤلاء:المقداد ابن عمرو -رضى الله عنه -فقد أوصى للحسن والحسين بستة وثلاثين ألفاً ٠
المرجع ((سير أعلام النبلاء)٠
والمقداد ابن عمرو من كبار الصحابة رضوان الله عليهم ،
وأحد السبعة الذين كانوا أول من أظهر الإسلام،وأول من قاتل على فرس في سبيل الله ،وقد شهد بدراً وكان الفارس الوحيد فيها ،وهو القائل للنبي صل الله عليه وسلم عند المشورة يوم بدر:(يا رسول الله لقد آمنا بك ،وصدقناك،وشهدنا أن ما جئت به الحق ،والله يا رسول الله لا نقول لك مثلما قالت اليهود لموسى اذهب أنت وربك فقاتلا انا هاهنا قاعدون ،ولكن نقول لك يا رسوا الله اذهب أنت وربك فقاتلا انا معكما مقاتلون)وشهد المشاهد كلها مع رسول الله صل الله عليه وسلم ،كما شهد ما بعدها من المشاهد،وكان أحد الأربعة الذين أمد بهم الفاروق في جيش الفتح في مصر،واعتبر كل واحد منهم يعدل الف رجل،وهم :(الزبير ،والمقداد،وعباده بن الصامت ،ومسلمة ابن مخلد)وتوفي رضي الله عنه سنة ٣٣من الهجرة في خلافة عثمان رضي الله عنه ٠
وحتي هؤلاء الذين أدى بهم اجتهادهم من الصحابة الى الوقوف من والد الحسين كرم الله وجهه ،موقف العداء ،وانحازوا الى معاوية ،كانوا إذا التقوا بسيد شباب اهل الجنة في ميدان القتال ،يتفادون التعرض له ،ويخافون من مواجهته أو مبارزته،لما يعرفونه من مقامه من رسول الله صل الله عليه وسلم ،ولما يكنونه له من محبة ووفاء،
هذا ابن بنت رسول الله صل الله عليه وسلم ،يتقدم الصفوف يوم صفين،وهو يصيح متحدياً خصوم أبيه :هل من مبارز؟فانبرى له الزبرقان ابن اسلم ،وكان شديد البأس ،قوي الشكيمة ،فقال له:من انت؟قال:أنا الحسين ابن علي!
ولم يكد الرجل يعرف أنه أمام ابن بنت رسول الله صل الله عليه وسلم ،حتى قال:انصرف يا بني ،فإني والله لقد نظرت إلي رسول الله صل الله عليه وسلم ،مقبلاً من ناحية قباء ،على ناقة حمراء،وإنك
يومئذ قدامه،فما كنت لألقى رسول الله صل الله عليه وسلم بدمك)
ذكره ابن الاثير وابن حجر في الاصابة٠
ونختم بموقف لسيدنا بلال ابن رباح رضي الله عنه ،لا يكاد يرى الحسين وأخاه حتى جعل يضمهما إلى صدره ،ويقبلهما ،وهو يبكي ،فقد تذكر بهما الحبيب الأعظم صل الله عليه وسلم ،
المرجع سير اعلام النبلاء٠
ولا عجب !فقد كان الحسين -رضي الله عنه-صورة صادقة ،لمكارم الأخلاق،التي بعث بها سيد المرسلين صل الله عليه وسلم ،مكملاً لها ،وداعياً اليها ،فاشتهر رضي الله عنه بالعلم بالكتاب والسنة ،والحرص على العمل بهما،والتفقه في أمور الدين ،والدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة،كما عرف عنه -رضي الله عنه-الجود والكرم ،والتواضع في غير ذلة،والعفو مع القدرة ،مع علو في الهمة،وحرص على الكرامة ،وإباء الضيم،
كما كان رضي الله عنه-ذو مروءةعالية ،يكرم الضيف،ويمنح الطالب،ويصل الرحم،ويعطي الفقير،ويسعف السائل،ويكسو العاري،ويعاون الغارم،وينصر الضعيف،ويشفق على اليتيم ،ويساعد ذا الحاجة ٠
تلك بعض من صفاته -رضي الله عنه-
إرسال تعليق