رباب حافظ
مسئولة برنامج المرأة بمركز الحوار للدراسات السياسية والإعلامية
العنف ضد النساء والفتيات يمثل أحد أكثر انتهاكات حقوق الإنسان انتشارًا واستمرارًا في العالم. حيث تشير البيانات التابعة للأمم المتحدة إلى أن واحدة من كل ثلاث نساء تعرضت للعنف الجسدي أو الجنسي خلال حياتها، كما تُقتل 5 نساء أو فتيات في كل ساعة على يد أحد أفراد أسرهن، كما تعيش 86% من النساء والفتيات في بلدان لا توجد بها أنظمة حماية قانونية من العنف القائم على النوع الاجتماعي.
ويُعرف العنف ضد المرأة بحسب الأمم المتحدة؛ على أنه أي اعتداء قائم على النوع الاجتماعي يتسبب في أذى جسدي أو نفسي أو جنسي، سواء وقع في المجال الخاص أو العام، ويشمل صور مختلفة مثل الإساءة الزوجية، والتحرش، والاعتداء الجنسي، وزواج الأطفال، والاتجار بالبشر، وتشويه الأعضاء التناسلية، والتحرش الإلكتروني والملاحقة عبر الإنترنت.
كما تتعدد العوامل التي تُغذي هذه الظاهرة، أبرزها ضعف التعليم، التأثير السلبي للممارسات الثقافية، وسيطرة الذكور على القرارات المجتمعية، التهميش الاقتصادي والاجتماعي للمرأة، ثقافة الصمت، وضعف العقوبات القانونية.
ولما سبق تداعيات على المرأة؛ تشمل العواقب الصحية والنفسية، مثل الإصابات الجسدية، الاكتئاب، اضطرابات الصحة الإنجابية، وتأثيرات سلبية على الأطفال. كما يترتب عليه تكاليف اجتماعية واقتصادية باهظة تشمل العزلة، فقدان الدخل، وتقويض التنمية المجتمعية.
لذا قد وقع الاختيار على يوم الخامس والعشرين من نوفمبر من كل عام، كيوم لمناهضة العنف ضد المرأة منذ عام 1981، تنديدًا بهذه المشكلة، ولدعوة الحكومات والمنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية لتنظيم فعاليات للتعريف بهذه المشكلة، واقتراح الحلول وحشد الجهود، مما يمهد الطريق نحو القضاء على العنف ضد النساء والفتيات في جميع أنحاء العالم.
على مدى السنوات الثماني الماضية، أولت الدولة المصرية اهتمامًا كبيرًا بحماية المرأة من كافة أشكال العنف، من خلال إطلاق العديد من الجهود وسن التشريعات وإصدار القرارات اللازمة. وقد جاء ذلك انطلاقًا من دستور 2014، الذي نص في مادته الحادية عشرة على التزام الدولة بحماية المرأة من جميع أشكال العنف. ولم يكن هذا الالتزام مجرد استجابة للتعهدات الدولية أو خطوة رمزية، بل كان تعبيرًا عن إرادة حقيقية لصون حقوق المرأة المصرية. وقد تُرجم هذا النص الدستوري إلى استراتيجيات وخطط عمل متكاملة، تعاونت في تنفيذها مختلف مؤسسات الدولة وهيئاتها لضمان تحقيق حماية شاملة ومستدامة للمرأة.
فعلي سبيل المثال لا الحصر؛ أطلقت الدولة عددًا من الاستراتيجيات الوطنية، مثل الاستراتيجية الوطنية لمكافحة العنف ضد المرأة، والاستراتيجية الوطنية لمناهضة ختان الإناث، والاستراتيجية الوطنية لمكافحة الزواج المبكر. وفي عام 2019، تم تشكيل اللجنة الوطنية للقضاء على ختان الإناث، برئاسة مشتركة بين المجلس القومي للمرأة والمجلس القومي للطفولة والأمومة، بهدف توحيد الجهود الوطنية لمكافحة هذه الظاهرة.
وفي عام 2021، اتخذت مصر خطوة محورية بإنشاء أول وحدة متكاملة لحماية المرأة من العنف، بقرار من رئيس مجلس الوزراء، لتقديم خدمات شاملة وضمان سرعة الاستجابة لقضايا العنف، وجاء هذا المشروع ضمن مبادرة أممية رائدة، حيث اختيرت مصر كإحدى أولى 10 دول لتطبيق هذا النموذج، اعتمادًا على بنيتها التشريعية والسياسية المتقدمة في حماية المرأة.
إضافةً إلى ذلك، تم إنشاء 31 وحدة لمناهضة العنف ضد المرأة في الجامعات المصرية لتعزيز دور الجامعات في مكافحة التحرش ودعم السيدات المتضررات. كما أنشأت وزارة التضامن الاجتماعي 10 مراكز لاستضافة النساء ضحايا العنف، وتم تجهيز عيادات آمنة للمرأة في 10 مستشفيات جامعية. كما أُنشئت وحدة مركزية بمجلس الوزراء لتلقي شكاوى العنف ضد المرأة وضمان متابعتها الفورية.
إرسال تعليق