بقلم \ الكاتب و المفكرالعربى الدكتور خالد محمود عبد اللطيف
رئيس تحرير جريدة الأمة العربية ورئيس اتحاد الوطن العربى الدولى
يقول الأديب الثعالبي أبو منصور عبدالملك بن محمد بن إسماعيل في كتابه البديع ((اللطائف والظرائف)) في شأن مدح المال:
مدح الله تعالى المال وسماه خيراً بقوله تعالى: ﴿ كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْراً ﴾ [البقرة: 180] أي مالاً، وبقوله سبحانه: ﴿ وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ ﴾ [العاديات: 8] أي المال.
ويروى عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه أنه كان يقول: حبذا المال أصون به عرضي وأقرضه ربي فيضاعفه لي، يريد قوله تعالى: ﴿ مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً ﴾ [البقرة: 245].
وروى السدي عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله عز اسمه ﴿ وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ ﴾ [هود: 52] أي مالاً إلى مالكم، وكان رضي الله عنه يقول: قد يشرف الوضيع بالمال.
يقال: المال يكسب أهله المحبة، لا مجد إلا بمال ولا حمد إلا بفعال.
وقيل: الآمال مشغولة بالأموال، وقال أحد الشعراء:
كل النداء إذا ناديت يخذلني
إلا نداي إذا ناديت يا مالي
ولأبي العتاهية:
قد بلونا الناس في أحوالهم
فرأيناهم بذي المال تبع
وقال آخر:
شيئان لا تحسن الدنيا بغيرهما
المال يصلح منه الحال والولد
زين الحياة هما لو كان غيرهما
كان الكتاب به من ربنا يرد
يعني قوله جل شأنه ﴿ الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾ [الكهف: 46].
كان يقال: أصل السؤدد والرياسة المال، وبه تستجمع أسبابهما وتطرد أحوالهما، وقد انقاد الناس حديثاً وقديماً للغنى.
ولذلك حكى الله تعالى في أمر طالوت عن ملكه عليهم فقال: ﴿ إِنَّ اللّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكاً قَالُوَاْ أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ الْمَالِ ﴾ [البقرة: 247].
وجاء في ذم المال، قوله عز وجل: ﴿ إنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ ﴾ [الأنفال: 28].
يقال: المال ملول، والمال ميال، والمال غادٍ ورائح وطبع المال كطبع الصبي، لا يوقف على رضاه وسخطه.
وقيل: المال لا ينفع ما لم يفارقك.
وقيل: قد يكون مال المرء سبب حتفه، كما الطاووس قد يذبح لحسن ريشه.
ومن أحسن ما قيل في هذا المعنى قول ابن المعتز:
ألم تر أن المال يهلك ربه
إذا جم آتيه وسد طريقه
ومن جاور الماء الغزير بجسمه
وسد طريق الماء فهو غريقه
وخير ما نختم به هذه الاختيارات حديث رسول الله الهدى صلى الله عليه وسلم: ((نعم المال الصالح للرجل الصالح))، الذي يحسن طريق جمعه، كما يحسن طريق إنفاقه واستهلاكه.
إرسال تعليق