بقلم \ المفكر العربى الدكتورخالد محمود عبد القوي عبد اللطيف
مؤسس ورئيس اتحاد الوطن العربى الدولى
رئيس الإتحاد العالمي للعلماء والباحثين
الأيام تمرُّ سريعة، والإنسان يركض من غير ما شعور بما عساه ملاقيه، وليس فخرًا أن ينال المرء جاهًا وسلطانًا ومالاً، ولكن أن يخلد ذكرًا، ترى كم من الأوقات تضيع هباءً في الخصام والحسد والمعاداة، وقد كان سامٍ وغاية نبيلة لا تنزل إلى مستوى الإحن والأحقاد والشتائم والانتقام.
إن المجد في نشدان السمو بالأمة والوطن والبشرية جمعاء في أن ترتقي مهتدية مستنيرة، لا تتخبط في متاهات الضلال، وأوحال الشكوك، ومذاهب الهدم والتخريب، أي فخر في استطالة الإخوة على بعضهم؟! وأي عز في قتال المسلم لأخيه المسلم؟! وأي بطولة في سفْك دماء الوادعين المسالمين من غير ما ذنبٍ اقترفوه؟! ولكن الآمال لا تخبو – رغم المصائب – بأن الأمة الإسلامية ستحاول بناء مجتمعها من جديد، على أسس عقيدة من تاريخها الوضاء، وتراثها الزاهر الذي يتقبَّل كل نافع مفيد، نابذةً الاستعمارَ الفكري، والاستعمارَ العسكري، والاستعمارَ السياسي ومخلفاته، التي تريد للأمة التقهقر والتناحر في سبيل وهمٍ خادع، وسرابٍ كاذب؛ ﴿ وَلاَ تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ﴾ [الأنفال: 46]، ولقد تذكرت أبياتًا لأبي الطيب المتنبي يقول فيها:
صَحِبَ النَّاسُ قَبْلَنَا ذَا الزَّمَانَا
وَعَنَاهُمْ مِنْ أَمْرِهِ مَا عَنَانَا
وَتَوَلَّوْا بِغُصَّةٍ كُلُّهُمْ مِنْ
هُ وَإِنْ سَرَّ بَعْضَهُمْ أَحْيَانَا
رُبَّمَا تُحْسِنُ الصَّنِيعَ لَيَالِي
هِ وَلَكِنْ تُكَدِّرُ الإِحْسَانَا
كُلَّمَا أَنْبَتَ الزَّمَانُ قَنَاةً
رَكَّبَ المَرْءُ فِي القَنَاةِ سِنَانَا
وخطر ببالي قولُ شوقي:
إِلاَمَ الخُلْفُ بَيْنَكُمُ إِلاَمَا
وَهَذِي الضَّجَّةُ الكُبْرَى عَلاَمَا
وَفِيمَ يَكِيدُ بَعْضُكُمُ لِبَعْضٍ
وَتُبْدُونَ العَدَاوَةَ وَالخِصَامَا
إِذَا كَانَ الرُّمَاةُ رُمَاةَ سَوْءٍ
أَحَلُّوا غَيْرَ مَرْمَاهَا السِّهَامَا
ولم أيئس من أمة عريقة في المجد، حافلة التاريخ، سوف تعود إلى رشدها، تثوب إلى محتدها؛ لتعيد للأمة كرامتَها وعزَّها، ولتغرس الثقة التي كاد يقتلها التشتت والبغضاء ومكايد الأعداء.
وعندها كتاب الله المبين، وشريعة خاتم النبيين، واضحة كالشمس، منيرة كالقمر؛ ﴿ إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ ﴾ [الأنبياء: 92]، فهل تتحقق هذه الأماني الجميلة، والأحلام العذبة؟ إن ذلك غير مستحيل ولا ممتنع، ولنكن متفائلين.
إرسال تعليق