رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يتحدث عن الصلاة من منظور الإسلام

رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يتحدث عن الصلاة من منظور الإسلام




رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي  يتحدث عن الصلاة من منظور الإسلام
بقلم \  المفكر العربى الدكتور خالد محمود عبد القوي  عبد اللطيف
مؤسس ورئيس اتحاد الوطن العربي الدولي
رئيس الإتحاد العالمي للعلماء والباحثين
مما لا شك فيه أن الصلاة عمود الإسلام، وأعظم شرائعه، وهي قرينة الشهادتين، وقد فرضها الله ليلة المعراج، وخاطب بها الرسول صلى الله عليه وسلم بلا واسطة، ولم يبعث بها رسولاً من الملائكة، وهي المخصوصة بالذكر في كتاب الله تخصيصاً بعد تعميم، كقوله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ ﴾ [الأعراف: 170]، وهي المقرونة بالصبر، وبالزكاة، وبالنسك، وبالجهاد في مواضع من كتاب الله كقوله تعالى: ﴿ وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ ﴾ [البقرة: 45]، وقوله تعالى: ﴿ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ ﴾ [البقرة: 43]، وقوله تعالى: ﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الأنعام: 162]، وأمرها أعظم من أن يحاط به”[1].
روى البخاري ومسلم من حديث ابن عمر – رضي الله عنهما -: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “بُنِيَ الإِسْلاَمْ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنَ لاَ إِلَهَإِلاَّ اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُوْلُ الله، وَإِقَامِالصَّلاَةِ، وَإِيْتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ”[2].
والصلاة هي أول ما يُسأل عنه العبد يوم القيامة، روى الطبراني في الأوسط من حديث أنس رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “أَوَّلُ مَا يُحَاسَبُ بِهِ العَبْدُ يَوْمَ القِيَامَةِالصَّلاَةُ، فَإِن صَلَحَتْ صَلَحَ سَائِرُ عَمَلِهِ، وَإِنْ فَسَدَتْفَسَدَ سَائِرُ عَمَلِهِ”[3].
والصلاة هي الفارق بين المسلم والكافر، قال تعالى: ﴿ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴾ [التوبة: 11].
روى مسلم في صحيحه من حديث جابر رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ وَالكُفْرِ تَرْكُ الصَّلاَةِ”[4].
وروى الترمذي في سننه من حديث بريدة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “الْعَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمُ الصَّلَاةُ فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ”[5].
وعن شقيق بن عبدالله التابعي المتفق على جلالته – قال: “كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئاً من الأعمال تركه كفر غير الصلاة”[6].
والصلاة حاجز بين العبد والمعاصي، قال تعالى: ﴿ اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾ [العنكبوت: 45].
وكان من آخر وصايا النبي صلى الله عليه وسلم وهو يعالج سكرات الموت: “الصَّلاَةَ، الصَّلاَةَ، وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ”[7].
ولها فضائل عظيمة:
منها: أَنّها كفارة للخطايا والذنوب، قال تعالى: ﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ ﴾ [هود: 114].
روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أَبِيْ هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: “أَرَأَيْتُمْ لَوْأَنَّ نَهْرًا بِبَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَمَرَّاتٍ، هَل يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَيْءٌ؟” قَالُوْا: لاَ يَبْقَىمِنْ دَرَنِهِ شَيْءٌ، قَالَ: “فَذَلِكَ مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الخَمْسِ،يَمْحُو اللهُ بِهِنَّ الخَطَايَا”[8].
ومنها: أن هذه الصلاة نورٌ للعبد، روى مسلم في صحيحه من حديث أَبِيْ مَالِكٍ الأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:”الطُّهُوْرُ شَطْرُ الإِيْمَانِ، وَالحَمْدُ لله تَمْلأُالمِيْزَانَ، وَسُبْحَانَ الله وَالحَمْدُ لله تَمْلآنِ، أَوْتَمْلأُ، مَا بَيْنَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ، وَالصَّلاةُ نُورٌ، وَالصَّدَقَةُ بُرْهَانٌ، وَالصَّبْرُ ضِيَاءٌ، وَالقُرْآنُ حُجَّةٌ لَكَ أَوْ عَلَيْكَ، كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو، فَبَائِعٌ نَفْسَهُ،فَمُعْتِقُهَا أَوْ مُوْبِقُهَا”[9].
وروى ابن ماجة في سننه من حديث سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “بَشِّرِ الْمَشَّائِينَ فِي الظُّلَمِ إِلَى الْمَسَاجِدِ، بِالنُّورِ التَّامِّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ”[10].
وروى الإمام أحمد في مسنده من حديث عبدالله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ذكر الصلاة يوماً فقال:” مَنْ حَافَظَ عَلَيْهَا، كَانَتْ لَهُ نُورًا، وَبُرْهَانًا، وَنَجَاةً مِنَ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ لَمْ يُحَافِظْ عَلَيْهَا، لَمْ يَكُنْ لَهُ نُورُ، وَلَا بُرْهَانُ، وَلَا نَجَاةُ، وَكَانَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَعَ قَارُونَ، وَفِرْعَوْنَ، وَهَامَانَ، وأُبَيِّ بْنِ خَلَفٍ”[11]. فهذا الحديث الصحيح يعم صلاة الجمعة وغيرها من الصلوات الخمس، وفيه الوعد العظيم لمن حفظها واستقام عليها، بأن تكون له نوراً في الدنيا والآخرة، وبرهاناً، ونجاة يوم القيامة، مع الوعيد الشديد لمن لم يحافظ عليها، بأنه لا يكون له نور، ولا برهان، ولا نجاة، ويحشر يوم القيامة مع فرعون، وهامان، وقارون، وأُبي بن خلف.
قال بعض أهل العلم: إنما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم حشر مضيِّع الصلاة مع هؤلاء الكفرة الذين هم من دعاة الكفر والضلال، ومن أئمة الكفر تحذيراً من هذا الأمر، وتنفيراً منه، حتى لا يتشبه المسلم بهؤلاء الكفرة؛ لأنه إذا ضيَّعها بسبب الرياسة والملك فقد شابه فرعون، وإن ضيَّع الصلاة بسبب الوزارة والوظيفة شابه هامان وزير فرعون، فيحشر معه يوم القيامة إلى النار، وإن ضيع الصلاة من أجل المال والشهوات وإرضاء النفس وملاذها شابه قارون تاجر بني إسرائيل وطاغيتهم الذي طغى وبغى وعصى موسى #وتكبر، فخسف الله به وبداره الأرض، فمن تشبه به يحشر معه يوم القيامة، وإن شُغل بالبيع والشراء والأخذ والعطاء والمعاملات شابه أُبي بن خلف تاجر أهل مكة، فيحشر معه إلى النار، نعوذ بالله من ذلك[12]. أهـ
قال تعالى: ﴿ فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا ﴾ [مريم: 59].
ومنها أن المسلم يبلغ بالصلاة والصيام مقام الشهداء.
روى الإمام أحمد في مسنده من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: كَانَ رَجُلاَنِ مِنْ بَلِيٍّ حي مِنْ قُضَاعَةَ أَسْلَمَا مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، وَاسْتُشْهِدَ أَحَدُهُمَا، وَأُخِّرَ الآخَرُ سَنَةً. قَالَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ الله: فَأُرِيتُ الْجَنَّةَ فَرَأَيْتُ فِيهَا الـْمُؤَخَّرَ مِنْهُمَا أُدْخِلَ قَبْلَ الشَّهِيدِ، فَعَجِبْتُ لِذَلِكَ، فَأَصْبَحْتُ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَوْ ذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: “أَلَيْسَ قَدْ صَامَ بَعْدَهُ رَمَضَانَ، وَصَلَّى سِتَّةَ آلاَفِ رَكْعَةٍ، أَوْ كَذَا وَكَذَا رَكْعَةً صَلاَةَ السَّنَةِ؟!”[13].
والصلاة يجب أن تؤدَّى في أوقاتها المحددة شرعًا، قال تعالى: ﴿ فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا ﴾ [النساء: 103].
قال البخاري: موقَّتاً وقَّته عليهم، وأداء الصلاة في وقتها من أحبِّ الأعمال إلى الله، روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث عَبْدِاللهِ بْنِ مَسْعُوْدٍ رضي الله عنه قَالَ: سَأَلتُالنَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: أَيُّ العَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللهِ؟ قَالَ: “الصَّلاةُ عَلَى وَقْتِهَا” قَالَ: ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ: “ثُمَّ بِرُّالوَالِدَيْنِ” قَالَ: ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ: “الجِهَادُ فِيْ سَبِيِلِالله”[14].
ومما جاء في الترهيب من تأخير الصلاة عن وقتها حديث رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم الطويل، وجاء فيه: “إِنَّهُ أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتِيَانِ، وَإِنَّهُمَا ابْتَعَثَانِي، وَإِنَّهُمَا قَالاَ لِي: انْطَلِقْ، وَإِنِّي انْطَلَقْتُ مَعَهُمَا، وَإِنَّا أَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مُضْطَجِعٍ، وَإِذَا آخَرُ قَائِمٌعَلَيْهِ بِصَخْرَةٍ، وَإِذَا هُوَ يَهْوِي بِالصَّخْرَةِ لِرَأْسِهِ، فَيَثْلَغُ رَأْسَهُ فَيَتَدَهْدَه الحَجَرُ هَا هُنَا، فَيَتْبَعُ الحَجَرَ فَيَأْخُذُهُ، فَلاَ يَرْجِعُ إِلَيْهِ حَتَّى يَصِحَّ رَأْسُهُكَمَا كَانَ، ثُمَّ يَعُوْدُ عَلَيْهِ فَيَفْعَلُ بِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَبِهِ فِيْ المَرَّةِ الأُوْلَى، ثُمَّ قَالاَ لَهُ: أَمَّا الرَّجُلُالأَوَّلُ الَّذِيْ أَتَيْتَ عَلَيْهِ يُثْلَغُ رَأْسُهُ بِالحَجَرِ،فَإِنَّهُ الرَّجُلُ يَأْخُذُ القُرْآنَ فَيَرْفِضُهُ وَيَنَامُ عَنِالصَّلاَةِ المَكْتُوْبَةِ”[15].
وهذه الصلاة يجب أن تؤدَّي في بيوت الله – عز وجل -، قال تعالى: ﴿ وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا ﴾ [النساء: 102].
قال الشيخ عبدالعزيز بن باز:
“فأوجب سبحانه أداء الصلاة في الجماعة في حال الحرب وشدة الخوف، فكيف بحال السلم؟ ولو كان أحد يسامح في ترك الصلاة في جماعة لكان المصافون للعدو، المهددون بهجومه عليهم أولى بأن يسمح لهم في ترك الجماعة، فلما لم يقع ذلك علم أن أداء الصلاة في جماعة من أهم الواجبات، وأنه لا يجوز لأحد التخلف عن ذلك”[16].
روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إِنَّ أَثْقَلَ صَلاَةٍ عَلَى المُنَافِقِيْنَ صَلاَةُالعِشَاءِ وَصَلاَةُ الفَجْرِ، وَلَوْ يَعْلَمُوْنَ مَا فِيْهِمَالأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا، وَلَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِالصَّلاَةِفَتُقَامَ ثُمَّ آمُرَ رَجُلاً فَيُصَلِّيَ بِالنَّاسِ، ثُمَّ أَنْطَلِقَمَعِيَ بِرِجَالٍ مَعَهُمْ حُزَمٌ مِنْ حَطَبٍ، إِلَى قَوْمٍ لاَيَشْهَدُوْنَ الصَّلاَةَ، فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوْتَهُمْ بِالنَّارِ”[17].
قال بعض أهل العلم: إن النبي صلى الله عليه وسلم ما همَّ بذلك إلا أن هؤلاء المتخلفين قد ارتكبوا ذنبًا عظيمًا، نسأل الله السلامة والعافية.
روى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل أعمى فقال: يا رسول الله: إنه ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرخِّص له فيصلي في بيته، فرخَّص له، فلما ولى دعاه فقال: “هَلْ تَسْمَعُ النِّدَاءَ بِالصَّلَاةِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَأَجِبْ”[18]، وفي رواية لأبي داود قال: “لَا أَجِدُ لَكَ رُخْصَةً”[19].
قال عبدالله بن مسعود: “لقد رأيتنا وما يتخلف عن الصلاة إلا منافق، قد علم نفاقه، أو مريض، إن كان المريض ليمشي بين رجلين حتى يأتي الصلاة”، وقال: “إن رسول الله صلى الله عليه وسلم علمَّنا سنن الهدى، وإن من سنن الهدى، الصلاة في المسجد الذي يؤذن فيه”[20].
وجاء في ذكر السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: “وَرَجُلٌ قَلبُهُ مُعَلَّقٌ بِالمَسَاجِدِ”[21]، والمساجد بيوت الله من دخلها فقد حلَّ ضيفًا على ربه، فلا قلب أطيب ولا نفس أسعد من ضيف حل على ربه في بيته وتحت رعايته، روى الطبراني في معجمه الكبير من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “المَسْجِدُ بَيْتُ كُلِّ تَقِيٍّ، وَتَكَفَّلَ اللهُ لِمَنْكَانَ المَسْجِدُ بَيْتَهُ بِالرَّوْحِ وَالرَّحْمَةِ، وَالجَوَازِعَلَى الصِّرَاطِ إِلَى رِضْوَانِ الله إِلَى الجَنَّةِ”[22].
وهذه الضيافة تكون في الدنيا بما يحصل في قلوبهم من الاطمئنان والسعادة والراحة، وفي الآخرة بما أعدَّ لهم من الكرامة والنعيم.
________________________________________
[1] الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية (28/70-71).
[2] صحيح البخاري برقم (8)، وصحيح مسلم برقم (16).
[3] رواه الطبراني في الأوسط (2/240) برقم (1859)، وصححه الشيخ الألباني – في السلسلة الصحيحة برقم (1358).
[4] صحيح مسلم برقم (82).
[5] برقم (2621) وقال: حديث حسن صحيح.
[6] سنن الترمذي برقم (2622) وقال النووي: إسناده صحيح، رياض الصالحين (ص370).
[7] سنن ابن ماجه برقم (2697) وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه (2/109) برقم (2183).
[8] صحيح البخاري برقم (528)، وصحيح مسلم برقم (667).
[9] صحيح مسلم برقم (223).
[10] برقم (781)، وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجة (1/130) برقم (633).
[11] (11/141-142) برقم (6576) وقال محققوه: إسناده حسن.
[12] مجموع مقالات وفتاوى الشيخ عبدالعزيز بن باز- (2/319-320).
[13] مسند الإمام أحمد (14/127) برقم (8399)، وقال محققوه: إسناده حسن.
[14] صحيح البخاري برقم (527)، وصحيح مسلم برقم (85).
[15] صحيح البخاري برقم (7047).
[16] مجموع فتاوى ومقالات متنوعة للشيخ ابن باز (12/15-16).
[17] صحيح البخاري برقم (657)، وصحيح مسلم برقم (651) واللفظ له.
[18] برقم (653).
[19] برقم (552)، وصححها الألباني في صحيح سنن أبي داود (1/110) برقم (516).
[20] صحيح مسلم برقم (654).
[21] صحيح البخاري برقم (660)، وصحيح مسلم برقم (1031).
[22] الطبراني في الكبير (6/254) برقم (6143)، قال المنذري في كتاب الترغيب والترهيب (1/298) رواه الطبراني في الكبير والأوسط والبزار وقال: إسناده حسن، وهو كما قال-. اهـ. وحسنه الألباني – في صحيح الترغيب والترهيب (1/253) برقم (330).

 

اكتب تعليق

أحدث أقدم