رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يتحدث عن التنمية الإقتصادية من منظور الإسلام

رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يتحدث عن التنمية الإقتصادية من منظور الإسلام


رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي  يتحدث عن التنمية الإقتصادية من منظور الإسلام
بقلم \  المفكر العربى الدكتور خالد محمود عبد القوي  عبد اللطيف
مؤسس  ورئيس اتحاد الوطن العربي الدولي
رئيس الإتحاد العالمي للعلماء والباحثين
يمكن القول – وبغضِّ النظر عن التعاريف المتعددة لمفهوم التنمية -: بأنها مفهوم اقتصادي معاصر، يَنصرِف إلى النهوض بالنمو الاقتصادي للبلد المعنيِّ بشكل أساسي، حيث تستهدف التنمية زيادةَ معدلات الإنتاج السنوي في الاقتصاد القومي، الذي يؤدي إلى زيادة الدخل بالنسب التي تستهدفها خطةُ التنمية، الأمر الذي يؤدِّي بدوره إلى زيادة معدلات الاستهلاك، لدرجة أصبح معها معدل دخل الفرد السنوي يُعَد من بين أحد المعايير الأساسية المعتمدة في قياس رفاهية الشعوب وازدهارها الاقتصادي في الوقت الحاضر.
ولأن مفهوم التنمية بدلالاته الراهنة حديثُ النشوء؛ فإنه لم يكن متداولاً بنفس الدَّلالة الحَرفيَّة فيما مضى، ولم يَشِع استخدامه بنفس الأسلوبيَّة الراهنة في الاقتصاديات الإسلامية، سواء في صدر الإسلام، أو ما تلاه من الحِقَب اللاحقة، لكن ذلك لا يعني أبدًا أن الإسلام لم يكن يعرف التنمية، ولا يهتم بها.
ولعل من المفيد الإشارة في هذا المجال إلى أن الاسلام أَوْلى التنمية بمفهومها الاقتصادي أهميةً خاصة، وإن كان المفهوم الإسلامي للنمو الاقتصادي قد جاء بمصطلحات أخرى، مثل: الاستخلاف، والإعمار، والغِراس، والإحياء، معتبرًا الإنسانَ في تلك المهمة محورَ عملية التعمير التنموية، عندما جعله قيمة حقيقية باستخلافه في الأرض، بما منَحه الله تعالى من قدرات ذهنية وجسدية متميِّزة، حيث قال تعالى في هذا الصدد: ﴿ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ﴾ [البقرة: 30]، وبذلك كان الإنسان في المنظور الإسلامي للاستخلاف هدف التغير، ووسيلة التنمية في آن واحد، ومن ثَمَّ فليس له أن ينتظر مفاجآت كونيَّة، أو نموًّا تلقائيًّا للموارد، يعفيه من مسؤولية القيام بهذه المهمة الجليلة على أفضل نحو مُمكِن، على قاعدة: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾ [الرعد: 11]، فكانت مهمة الإنسان بذلك هي العمل بجد لإعمار الأرض؛ باستثمار المتاح له من رأس المال، وعدم تعطيله: ﴿ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ ﴾ [الحشر: 7]، وأن يتم التشغيل بأعلى معايير الكفاءة الاقتصادية بمنطلق قاعدة: ((إن الله يحب إذا عمِل أحدكم عملاً أن يُتقِنه))؛ تلافيًا للهدر والضياع.
وتتميَّز العمليَّة التنموية في الإسلام باعتماد مقاصد التغيير الإيجابي للحال، كأساس في كل ما يتعلَّق بكل جوانب الإعمار، وَفْقًا للقانون الإلهي المركزي: ﴿ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا ﴾ [هود: 61]، في حين حارَب الإسلام التغيير السلبي: ((مَن غشَّنا، فليس منا))، وبذلك زج البُعد الأخلاقي في صميم عملية الإعمار بالتنمية، وهو ما تفتقر إليه اقتصاديات التنمية المعاصرة؛ حيث اعتادت أن تعتمد مقاييس مادية صِرفة، فخلَتْ بذلك من النفحات الرُّوحيَّة تمامًا.

ومن ذلك يتبيَّن عُمق الرؤية الإسلامية في النظر إلى أهمية التنمية في الحياة الاقتصادية للمجتمع، وضرورتها العملية في إصلاح معاش الناس، وتحسين مستواهم الاقتصادي والاجتماعي بالعمل على توفير السلع الضرورية اللازمة لإدامة حياة الناس، من خلال ما تُحقِّقه لهم التنمية من زيادة في الدخل كمكسب، وَفقًا لما يبذُلونه من جهد استخلافي للتعمير بمقياس: ﴿ وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى ﴾ [النجم: 39]، بما يَكفُل لهم حياة طيبة تتجسَّد في حقيقة: ﴿ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ ﴾ [سبأ: 15]، الأمر الذي سوَّغ للمسلمين يوم ذاك اعتمادَ مقاييس نبيلة في تحقيق التنمية، بأعلى درجات التطلع المؤمن بمعيار: ((إذا قامت الساعة وبيد أحدكم فَسِيلة، فليَغرِسها))، وذلك على طول مسار حركة الاستخلاف في الحياة: “اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدًا” 

اكتب تعليق

أحدث أقدم