زهير بن جمعه الغزال
تداولت وسائل التواصل الاجتماعي خلال الأيام الماضية صورة ومعلومات تزعم أن سماء السعودية ستشهد فجر يوم الجمعة 25 أبريل 2025 مشهدًا سماويًا نادرًا يُعرف باسم “الوجه المبتسم السماوي”. ووفقًا لتلك الادعاءات، سيظهر في السماء اصطفاف فريد يتكون من هلال القمر وكوكبي الزهرة وزحل، يتخذ فيه هذا الترتيب شكلًا يشبه وجهًا مبتسمًا
نود التوضيح أنه بناءً على الحسابات الفلكية الدقيقة، فإن المشهد الفعلي الذي سيظهر في سماء السعودية فجر يوم الجمعة 25 أبريل 2025 سيكون عبارة عن اقتران بين هلال القمر وكوكب زحل، مع وجود كوكب الزهرة بالقرب منهما. ولن يتخذ هذا الاصطفاف أي شكل يشبه “الوجه المبتسم”، كما سيظهر كوكب عطارد منخفضًا في الأفق الشرقي.
من المهم أيضاً الإشارة إلى أن منظر هذا الانتظام السماوي سيكون مختلفاً في بعض مناطق العالم الأخرى، مثل أجزاء من شرق آسيا وأمريكا الجنوبية وجنوب أفريقيا حيث يتخذ هذا الانتظام شكل "الوجه المبتسم" إلا أن هذا لا ينطبق على سماء السعودية حيث سيظهر الانتظام بشكل مختلف.
يعود سبب اختلاف شكل انتظام هذه الأجرام السماوية من مكان لآخر إلى ثلاثة عوامل فلكية رئيسية، منها شكل الأرض الكروي، الذي يؤدي إلى اختلاف زاوية رؤية السماء من مكان لآخر. ففي المناطق الاستوائية والجنوبية يميل الأفق بطريقة تجعل القمر والكواكب تتخذ شكل قوس يشبه الابتسامة.
أما في السعودية والدول العربية الواقعة في النصف الشمالي من الكرة الأرضية فيظهر تجمع هذه الأجرام السماوية بشكل مائل مما يمنع تشكيل الشكل الذي يشبه “الابتسامة”.
ثانياً، في المناطق القريبة من خط الاستواء يرتفع مسار الشمس بشكل عمودي تقريباً عند الفجر ما يؤدي إلى انتظام القمر والكواكب بشكل قوس. أما في السعودية والمناطق الشمالية، فيميل مسار الشمس عند الفجر بشكل أفقي أكثر مما يجعل الأجرام السماوية لا تتخذ شكل قوس أو ابتسامة.
ثالثًا، رغم أن القمر وكوكبي الزهرة وزحل يشغلون مواقع متقاربة في الفضاء، فإن الزوايا الظاهرة بينها تختلف باختلاف زاوية الرؤية من سطح الأرض. ففي المناطق الجنوبية، تكون الزوايا النسبية بين الأجرام الثلاثة أفضل لتشكيل الابتسامة، بينما في المناطق الشمالية تظهر الزوايا بشكل مختلف.
إضافة إلى ذلك، الصورة المتداولة التي يعتقد البعض أنها تمثل اصطفاف “الوجه المبتسم” في 25 أبريل 2025 هي في الحقيقة صورة تم التقاطها في 1 ديسمبر 2008، عندما ظهر القمر مع كوكبي الزهرة والمشتري في ترتيب سماوي نادر ولا علاقة لهذه الصورة بما سيحدث في 2025
نحث الجميع على التحقق من المصادر الفلكية الموثوقة قبل تداول أي معلومات أو صور تتعلق بالظواهر السماوية.
إن علم الفلك يعتمد على الحسابات الدقيقة والرصد المدعوم بالأدلة العلمية، بعيداً عن الشائعات والصور المفبركة التي تنتشر في الفضاء الإلكتروني. فلنواصل مراقبة السماء بعين الباحث وليس بعين المبالغة ولنستمتع بجمال الكون كما هو في وقته وموقعه الصحيح.
إرسال تعليق