بقلم \ المفكر العربي الدكتور خالد محمود عبد القوي عبد اللطيف
مؤسس ورئيس اتحاد الوطن العربى الدولى
رئيس الإتحاد العالمي للعلماء والباحثين
مما لاشك فيه أن للأسلوب مكانةٌ كبيرة في حياتِنا واستخداماتنا اليومية، فالأسلوب الجميل واللبق بوابةُ العبور إلى عقول وقلوب الآخرين دون استئذان أو تأشيرة، وبه تُكتسَب المحبَّة، وتدوم المودَّة والألفة بين الناس، وتُلبَّى الطلبات الصعبة، و"رُبَّ كلام، أقطع مِن حسام"؛ كما يقول العرب، قال المتنبي:
بأبي وأمي ناطقٌ في لفظه 

ثمن تباع به القلوب وتُشْتَرى



وبالأسلوب السيئ تُقام العداوات والحروب، وتشعل نِيران الشحناء والطائفية، "ومعظم النار من مستصغر الشرر"، قال نصر بن سيار:
فإن النارَ بالعُودين تذكَى 

وإن الحربَ أوَّلُها الكلامُ



والأسلوب مِن أكثر الأشياء التي يحتاجها الإنسان في حياته، ويختلف باختلاف الذوق والموهبة، ودرجة المعرفة والثقافة، وحتى التربية والبيئة والمكان:
فترى شخصًا يفيض أسلوبه لطفًا ولينًا، وتقديرًا وحبًّا، وكأنَّه يَنثُر لؤلؤًا ودُررًا، يجلبُ الأنظار بسهولةٍ، ويسترعي انتباه الناس، ويُشوِّقهم إلى حديثه وعذوبة كلامه.
والآخر تُحِسُّ في أسلوبه التصحُّر وجفاف المشاعر، أو نبرة الاستعلاء والتكبُّر.
والثالث تتمنى ألا تستمع إليه مرة أخرى، وألا يجمعك به موقف آخرُ، ولا عجبَ:
فكلُّ إناءٍ بالذي فيه ينضحُ
.. كما قال الشاعر.
الأسلوب الرائع والجميل أقصرُ طريقٍ إلى قلوب الآخرين واستمالتهم، والكلمة الطيِّبة صدقةٌ، ويُقبَل مِن صاحب الأسلوب الجميل حتى اللومُ والعتاب، فمَن لانت كلمته، وجبَتْ محبتُه، أما صاحب الأسلوب الفظِّ والسيئ، فحريٌّ بأن يُترَك دون عودة إليه، ومرفوض منه حتى ابتسامته، بل يُعَد تجاهله أعظمَ صدقة عليه!
وقد أمر الله تعالى عباده المؤمنين باختيار أحسنِ الأقوال والكلام، قال تعالى: ﴿ وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ ﴾ [الإسراء: 53].
قال الشيخ العلامة عبدالرحمن السعدي رحمه الله في تفسير هذه الآية الكريمة: "وهذا أمرٌ بكل كلام يُقرِّب إلى الله؛ من قراءة، وذكر، وعلم، وأمر بمعروف، ونهي عن منكر، وكلام حسن لطيف مع الخَلْق على اختلاف مراتبهم ومنازلهم".
ولذا كان أنبياء الله تعالى مِن أحسن الناس أسلوبًا، وألطفهم حديثًا مع أقوامهم ومكذِّبيهم ومخالفيهم؛ حيث ينادونهم دائمًا بـ"يا قوم"، وغير ذلك من الكلمات والأساليب الدالَّة على الاستلطاف والشفقة والنصح للآخرين.
والأسلوب الجميل هو الذي يتحدَّث عنك في غيابك، ويُمثِّلك لدى الآخرين، ويجعل لكلماتك صدًى في أوساطهم، فيتفاعلون معها، وتؤثر فيهم أثر السِّحر دون أن تدري، بل بعض الأساليبِ تمنَحُ الإنسان نوعًا مِن المتعةِ والنشوة والراحةِ والسكينة، فتكون بَلْسمًا وعِلاجًا لأَدْوَاء الآخرين وقلوبهم.
تقول بعض الدراسات العلمية: إنك لو تعلَّمت كيفية التعامل مع الآخرين، فإنك تكون قد قطعت 85 % من طريق النجاح، و99 % من طريق السعادة الشخصية.
كيف تكون صاحب أسلوب جميل؟







شمعة أخيرة:
يقول الشاعر والفيلسوف الألماني فريدريش نيتشه: "كثيرًا ما نرفض فكرةً ما لمجرد أن النَّبْرة التي قيلت بها تُثِير النفورَ"
إرسال تعليق