أهم 3 أسئلة راهنة تعصف بقوة في أذهان المراقبين والسياسيين بعد انتهاء حرب الاثني عشر يوماً

أهم 3 أسئلة راهنة تعصف بقوة في أذهان المراقبين والسياسيين بعد انتهاء حرب الاثني عشر يوماً


أهم 3 أسئلة راهنة تعصف بقوة في أذهان المراقبين والسياسيين بعد انتهاء حرب الاثني عشر يوماً
بقلم م / أحمد ياسر الكومي 
********
*وضعت “حرب الاثني عشر” يومًا بين إيران وإسرائيل أوزارها، وسط ترجيحات بأن اتفاق وقف إطلاق النار بين البلدين، وجد ليبقى، مدعومًا بقوة دفع أميركية، حدَت بالرئيس دونالد ترامب إلى اعتباره “منجزًا شخصيًا” لن يسمح لأحدٍ بتبديده.

بيدَ أن ضجيجَ الأسئلة التي شغلت الأوساط السياسية والإعلامية: حول مرحلة ما بعد الحرب، ما زال يتعالى والتكهنات الذي يحيط بنتائج الحرب (الفعلية)، وتداعياتها على مختلف الملفات العالقة والأزمات المفتوحة.
 
- هل كان قصف قاعدة العديد الأمريكية خطيئة استراتيجية؟
- · أين موقع غزة من مجمل مشهد المواجهة؟
- من ربح الحرب إيران ام إسرائيل؟

********
هل كان قصف قاعدة العديد الأمريكية خطيئة استراتيجية؟

أبدى البعض تحفظًا بشأن استهداف إيران لقاعدة العديد الأميركية في قطر، معتبرين أن ذلك يمثّل انتهاكًا لسيادة دولة شقيقة، ويتعارض مع قواعد القانون الدولي، الأمر الذي قد يُفقِد إيران جانبًا من التأييد الدولي الذي حازته في مواجهتها للكيان الصهيوني، كما قد يؤثر سلبًا في العلاقات بين إيران وقطر، وتُطرح هنا عدة إشكالاتٍ حول هذه التحفظات.

أثبتت أحداث العامين الماضيين، بما لا يدع مجالًا للشك، أنّ القانون الدولي، أقلّه في هذه المرحلة التاريخية، لم يعد سوى مجرّد حبرٍ على ورق، ولا سيما في ظل حالة السيولة الدولية، وذلك في ظل إرهاصات تَشكُّل نظامٍ عالميٍ متعدّد الأقطاب بعد عقود من العالَم أحادي القطب.

إن فشل العالم في وقف الإبادة الجماعية المستمرة علي قطاع غزة منذ  عشرين شهرًا، وعجز محكمتي العدل والجنايات الدوليتين عن محاسبة قيادات الكيان الصهيوني، وفي مقدّمتهم المتهم بجرائم الحرب  نتنياهو، إلى جانب إخفاق المجتمع الدولي في إدانة الاعتداء الصارخ على منشآت نووية سلمية لدولةٍ عضوٍ في معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية من قبل دولتين نوويتين، كل ذلك دفع العديد من خبراء القانون الدولي إلى الإعلان عن وفاة هذا القانون عمليًا.

أما عن التداعيات السياسية لاستهداف قاعدة العديد العسكرية بقطر، من قبيل فقدان إيران للتعاطف الدولي أو تراجع مشروعية تصديها للعدوان، فقد جاءت النتائج معاكسةً لهذه التوقعات، إذ لم يتأثر التضامن الدولي مع إيران، ولم تُمس مشروعية دفاعها عن النفس، ما يؤكد صواب تقديرها السياسي.
علاوةً على ذلك، فقد أظهرت الحكومة القطرية تفهّمًا ضمنيًا لرد الفعل الإيراني، برغم ما صدر عن وزارة الخارجية القطرية من بيانٍ دبلوماسي تقليدي، ولا سيما أن إيران كانت قد اتخذت أقصى درجات الحيطة والحذر لتفادي إلحاق أيّ ضرر بالبنية التحتية القطرية أو سلامة الأشقاء القطريين.
*****
أين موقع غزة من مجمل مشهد المواجهة بين إسرائيل وإيران ؟

الأهم من كل هذا وذاك، كيف ستنعكس نتائج الحرب واتفاق وقف النار بين إيران وإسرائيل على قطاع غزة، وحرب الإبادة  والتجويع  التي تُشنّ عليها منذ أكثر من عشرين شهرًا.

حرب إسرائيل على إيران لم تبدأ من أجل قطاع غزة، ولم تنتهِ باتفاق يشمله .. لكن الأهم، أن مجرم الحرب بنيامين نتنياهو ، بات بمقدوره أن يذهب بعيدًا في غزة، وبالاتجاهين: استمرار الحرب أو وقف النار.

يستطيع أن يوظف رصيده الشعبي المتنامي للمضي في تحقيق ما رسمه من أهداف لحربه على القطاع، لا سيما أنه بات مقتنعًا بأن حماس ضعفت أكثر بعد الحرب مع إيران، بإضعاف حلفائها.. لكن الحسم في غزة سيحتاج إلى أشهر عديدة، قد تتآكل معها شعبيته ، وقد يواجه انتخابات مبكرة في ظروف أسوأ، لا سيما إن تعرضت حياة الأسرى والمحتجزين لدى حماس، للتهديد.

والانتخابات المبكرة من ناحية ثانية، تحرره من سطوة بعض حلفائه الأكثر فاشية وتطرفًا، فيذهب إلى اتفاق مع حماس، يلامس رغبة الأغلبية الإسرائيلية التي تريد إغلاق ملف غزة والرهائن، دونما خشية من “فرط الائتلاف” وضياع الحكومة.. الكرة اليوم في ملعب نتنياهو شخصيًا.

على أنه يتعين علينا أن نراقب باهتمام كذلك، كيف سيتصرف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في ملف غزة، هل سيرجح فكرة “السلام الشامل في الإقليم” للدفع باتجاه صفقة في غزة، أم أنه سيمتنع عن ممارسة ضغط أكبر على حليفه في تل أبيب، بعد أن عرضه لضغط شديد للتقيد باتفاق وقف النار مع إيران؟
شخصية ترامب وتقلباته السريعة، تجعل من الصعب التنبؤ بما سيقدم عليه، والأيام القادمة وحدها ستكشف ما إذا كان تفاؤل البعض بفرج قريب لغزة في محله، أم أنه سابق لأوانه

* سؤال النصر والهزيمة 

من ربح هذه الحرب؟ كلا الطرفين ينسب إلى نفسه النصر، وكلاهما ينظر إلى الهزيمة والنصر من منظور مختلف.
فالانتصار في العلوم العسكرية لا يكون إلا بتحقيق المعتدي للأهداف التي شن الحرب من أجلها، أو برفع المعتدى عليه راية الاستسلام، أو بقبوله التفاوض تحت الضغط، وبلا شروط.

والانتصار الحقيقي، كما يعرفه أبو الاستراتيجية، البروسي: (كارل فون كلاوزفيتز) لا يقتصر على تحقيق التفوق العسكري أو تدمير قوة العدو، بل يتعدى ذلك ليشمل تحقيق الأهداف السياسية المرجوة من الحرب.

فلو عدنا لأهداف الحرب على إيران، فقد كانت وفق ما أعلنه العدو، وتغنى به مرات ومرات، تتنوع إلى عدة أهداف استراتيجية وعسكرية يمكن تلخيص أبرزها فيما يلي:

أولا: إنهاء البرنامج النووي الإيراني، وضمان منع إيران ليس من تطوير سلاح نووي فحسب، ولكن منعها من استئناف أي نشاط نووي.

ثانيا: القضاء على قدرات إيران الصاروخية، ومنعها من تصنيع أي نوع أو جيل من الصواريخ البالستية.

ثالثا: تغيير نظام الحكم في إيران، وكان الإتيان برضا بهلوي الثاني، ابن شاه إيران، هو الخيار الأقرب للغرب، ولإسرائيل.

رابعا: تقليص النفوذ الإيراني الإقليمي.

خامسا: ضمان حماية الأمن القومي الإسرائيلي.

سادسا:الضغط على المجتمع الدولي، لفرض عقوبات أشد على إيران.

سابعا: تأكيد قدرة إسرائيل على الدفاع عن نفسها دون الاعتماد الكامل على أي من الحلفاء.

ثامنا: حفاظ إسرائيل وتأكيدها على تفوقها العسكري الإقليمي.

فأي من هذه الأهداف تم تحقيقه؟ لاشيء.

أما إيران فحققت الآتي:
ـ أثبتت أنها قادرة على الرد متحدية العدو، والولايات المتحدة، والناتو، والدعم العسكري من بعض الأطراف الأخرى.

ـ برهنت إيران على الكلام عن القدرات الخارقة لمنظومات (القبة الحديدية، وسهم، وثاد)، مبالغ فيها جدا، وأثبتت من خلال 500 صاروخ، وألف مسيرة، قدرتها على بلوغ أي هدف تريده، وضرب بيئة العدو، ومؤسساته، في أي مكان وزمان داخل الأرض المحتلة مهما كانت تحصيناته ودفاعاته، وإيصال هذه البيئة إلى حقيقة أن وجودها مهدد، ولا مجال للحديث عن استقرار العدو، يمكن أن ينعم به الصهاينة المعتدون.

ـ أثبتت إيران قدرة صواريخها على الوصول إلى أي هدف أمريكي على امتداد خارطة القواعد الأمريكية في الإقليم.

ـ حطمت إيران عالميا، هالة الكيان الآمن، الجاذب للاستثمار المادي، والتقني، والسياحي، وهنا ألفت الانتباه إلى أن تعويض العدو ماليا، لا يمكن أن يعوض سمعته، ولا يمكن أن يرمم أمنًا نُسِفت كلُ مقوماته.

ـ أثبتت إيران بالممارسة، أن الكيان الصهيوني أعجز، وأضعف، وأوهن من أن يخوض حربا بمفرده، وقد تولى الرئيس الأمريكي ترامب مهمة الإعلان عن ذلك، ليس فقط بقراره شن طيران بلاده غارات على المواقع النووية الإيرانية، ولكن بتصريحه (الفضائحي)، في منشور عبر حسابه في (تروث سوشيال)، الذي كتب فيه: إن الولايات المتحدة التي أنقذت إسرائيل من إيران، ستنقذ نتنياهو، وتمنع محاكمته.

ـ فضحت إيران هشاشة (التجمع) الصهيوني، وأكدت من خلال ضرباتها، انعدام إحساس الصهيوني بأنه في وطنه الموعود، وأن الأمر كله مجرد فرصة معيشية في كيان وظيفي مؤقت، يمكن أن ينهار برحيل الصهاينة، وعودة كل منهم إلى البلد التي تم جلبه منها. ولأول مرة في التاريخ، يقوم كيان، أو دولة بحبس ناسها أثناء الحروب، ومع ذلك، عجزت عن منع آلاف الصهاينة من الهرب من غير رجعة، وقد بلغت تكلفة الشخص الواحد 8000 يورو.

كذلك، ساهمت إيران في زيادة رقعة الغضب، والرفض الدولي للممارسات الصهيونية العدوانية، وطال الحنق حتى المنتمين للديانة اليهودية، حتى ولو كانوا ضد إسرائيل. وبلغ الأمر حدا نبه فيه قادة الكيان بضرورة أن يلزم كل يهودي في العالم بيته، وألا يخرج منه إلا للضرورة، مع الحرص على عدم الكشف عن دينه، ولا عن هويته لو كان (إسرائيليا).

اكتب تعليق

أحدث أقدم