فنزويلا... 214 عاما من الاستقلال بقلم د. أحمد طاهر

فنزويلا... 214 عاما من الاستقلال بقلم د. أحمد طاهر

 



فنزويلا... 214 عاما من الاستقلال 

د. أحمد طاهر

مدير مركز الحوار للدراسات السياسية والإعلامية 

---

في الخامس من يوليو منذ أربعة عشر عاما بعد المائتين، وتحديدا في 5 يوليو عام 1811، وقع البرلمان الفنزويلي وثيقة الاستقلال عن التاج الإسباني، حيث أعلنت الجمهورية الأولى في تاريخ الشعب الفنزويلي في مدينة كاراكاس العاصمة، لتنطلق بعدها صيحات استقلال دول أمريكا الجنوبية الواحدة تلو الأخرى بإعلان استقلالها عن الإمبراطورية الاسبانية آنذاك، وقد تضمنت وثيقة الاستقلال المعلنة مجموعة من المبادئ والقيم لانطلاق الجمهورية الجديدة، حيث أرست مبدأ المساواة بين المواطنين، ورسّخت المبدأ الدستوري، وعارضت بشدة الممارسات السياسية والثقافية والاجتماعية التي سادت بعد ثلاثة قرون من الهيمنة الاستعمارية في أمريكا اللاتينية. ويذكر أن البرلمان الفنزويلي الذى وقع هذه الوثيقة كان قد تأسس قبيل التوقيع بثلاثة أيام فقط، وتحديدا في الثاني من مارس عام ١٨١١، ليكون بذلك الأقدم في أمريكا اللاتينية وثاني أكبر برلمان في الأمريكتين بأسرها، ليحل محل المجلس الأعلى العسكري في كاراكاس الذي كان قد تأسس في 19 أبريل1810 ومثل حينها نقطة الانطلاق الأولى في مسيرة الاستقلال الذى طالب به شعب كاراكاس في التحرر من الاستعمار الاسبانى. 

واليوم بعد مرور اكثر من قرنين على اعلان هذا الاستقلال التاريخى، جاءت احتفالية سفارة جمهورية فنزويلا بالقاهرة، لتقدم اطلالة مهمة لتعريف الشعب المصري بذلك التاريخ العريق للشعب الفنزويلي وحجم التضحيات المبذولة وحجم الإنجازات والنجاحات المحققة، إذ أضحت فنزويلا مجتمعًا حديثًا، فبرزت اليوم كدولة تُولي الأولوية للمساواة والعدالة والسلام والامن والاستقرار كما اكد على ذلك الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو بأن :" وثيقة الاستقلال أعلنتنا أحرارًا وذوي سيادة بصورة لا رجعة فيها عن أي إمبراطورية استعمارية... لقد أدينا واجبنا! لقد حافظنا على أثمن ما تركه لنا المُحررون والقائد هوجو تشافيز: نحن وطن حر، ذو سيادة، ومستقل، ونعيش في سلام"، فحققت نجاحات داخلية على المستويات كافة؛ سياسيا حيث يعيش الشعب الفنزويلي في سلام واستقرار ووحدة بفضل ما تتمتع به فنزويلا من ديمقراطية بوليفارية راسخة وقوية، تشاركية وريادية، فعلى سبيل المثال شهدت خلال 26 عاماً من الثورة البوليفارية 32 عملية انتخابية، التزمت خلالها بأحكام دستور عام 1999، وكانت تعبيرا حقيقيا عن احترام الإرادة الشعبية للمواطنين الفنزويليين. اما على المستوى الاجتماعى والإنساني، فقد شهدت فنزويلا زيادة الاستثمار الاجتماعي، وتعزيز نظام الصحة العامة، وإنشاء البعثات التعليمية التي أتاحت لفنزويلا الوصول إلى إنجاز محو الأمية بنسبة 100%، والزيادة الهائلة في عدد الملتحقين بالمدارس، وتأمين الحماية لنسبة 100% من السكان المتقاعدين، وتوفير السكن اللائق، وضمان الحق في الغذاء للفئات الأكثر ضعفًا.

ولم يقتصر الامر على الداخل فحسب، بل تميزت السياسة الخارجية الفنزويلية على مدار هذا التاريخ الممتد، بإيمانها القاطع بأهمية إرساء السلام أيضا مع جيرانها بل وفى العالم بأسره، فالرسالة التي تحملها فنزويلا إلى المجتمع الدولى تنطلق من "التزامها الراسخ بالسلام ونزع السلاح واحترام القانون الدولي باعتبارها ركائز أساسية للتعايش بين الأمم" كما أكد على ذلك الرئيس مادورو في جل خطاباته وكلماته بضرورة "احترام حق الشعوب في تقرير مصيرها؛ واحترام حقها في اختيار طريقها الخاص؛ واحترام مبادئ القانون الدولي. إن عدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي شعب مبدأ مقدس للتعايش في سلام ووئام".

ومن هذا المنطلق، جاءت أهمية قمة السلام التي دعا إليها الرئيس مادورو بضرورة العمل على بناء توافق دولي راسخ لوقف الحرب، واحتواء التهديد النووي، وبناء منظومة سلام قائمة على العدالة، بما يصون السلم والامن الدوليين والاقليميين من اجل مستقبل ابناءنا واحفادنا. وفى هذا الخصوص اقترح ان تكون قمة السلام التي دعا إليه الرئيس مادورو "قمة السلام بين دول الجنوب العالمى" وهى الدول التي تؤمن بمنظومة قيم مشتركة تستهدف تحقيق الامن والاستقرار في مواجهة الغطرسة الغربية والأمريكية التي تمارس الاستعمار في صورته الجديدة.




اكتب تعليق

أحدث أقدم