بقلم \ المفكرالعربى الدكتور خالد محمود عبد القوي عبد اللطيف
مؤسس ورئيس اتحاد الوطن العربى الدولى
رئيس الإتحاد العالمي للعلماء والباحثين
مما لاشك فيه أن الذنوب سبب البلاء والمصائب الدنيوية - قالالله تعالى :
﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَٰكِن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾
* ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض : المطر من السماء والنبات من الأرض - وأصل البركة : المواظبة على الشيء دون انقطاع : تابعنا عليهم المطر والنبات ورفعنا عنهم القحط والجدب ( ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون ) من الذنوب والمعاصي والأعمال الخبيثة٠
* البلاء بسبب الذنوب - في هذا الصدد قال ربي آيات كثيرة :
﴿ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾
﴿ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ﴾
﴿ وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ﴾
* وجعلنا من الماء كل شيء حي - لأن الماء حياة قد يعاقب ربي بالقحط والجفاف وقلة الأمطار٠
﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ۗ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ﴾
* بلاء بالخوف لعدم وجود الماء وعدم وجود نبات ولا ثمرات وتوقف الحياة٠
* إذا انقطع الماء كان القحط والجفاف - لاماء من السماء ولا نبات في الأرض - قد يعاقب ربي بالقحط - إسمع لقول الحق تبارك وتعالى :
﴿ وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ﴾
* ولقد أخذنا آل فرعون : اختبرناهم وامتحناهم بالجدب والقحط وضيق المعيشة ، وانتقاص الثمرات لعلهم يعودون إلى رشدهم ويتذكرون ضعفهم أمام قوة خالقهم ، ويرجعون عما هم فيه من الكفر والعصيان ، فإن الشدائد من شأنها أن ترقق القلوب ، وتصفى النفوس ، وترغب في الضراعة إلى الله ، وتدعو إلى اليقظة والتفكير ومحاسبة النفس على الخطايا اتقاء للبلايا٠
﴿ وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَىٰ دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾
* نبتلي الظالمين بمصائب الدنيا قبل عذاب الآخرة لعلهم يرجعون إلي الله٠
﴿ وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ﴾
* ولقد ابتلينا فرعون وقومه بالقحط والجدب ، ونَقْص ثمارهم وغَلاتهم - ليتذكروا وينزجروا عن ضلالاتهم ، ويفزعوا إلى ربهم بالتوبة٠
* وفي الحديث «اللهم اجعلها عليهم سنين كسنى يوسف» والسنة هنا بمعنى القحط والجدب لا بمعنى الحول٠
* واحدة من الخمسة خصال المذكورة في حديث رسول الله إذا وقعت فيها الأمة نزل بها العذاب - عن قوم :
* ولم يُنقصوا المكيال والميزان إلا أُخذوا بالسنين وشدة المؤونة وجور السلطان عليهم٠
* العقوبات :
أولها : منع المطر أو ندرته فتصاب الأرض بالقحط ، وإذا أنبتت الأرض فإن الله يبتليهم بالحشرات والديدان والأوبئة التي تهلك الزروع والثمار٠
وثانيها : شدة المؤونة ، ويكون ذلك بغلاء المعيشة وارتفاع الأسعار وضيق العيش٠
وثالثها : أن يسلط الله عليهم الحاكم الذي يجور عليهم ، ويفرض الضرائب الباهظة ، ويكلفهم من الأشياء ما لا قدرة لهم عليه٠
__________
* مانزل بلاء إلا بذنب ولا يرفع إلا بتوبة - بالاستغفار يغفر الله الذنوب :
* وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال : " والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة ) وفي رواية أخري مائة مرة٠
* قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: منْ لَزِم الاسْتِغْفَار ، جَعَلَ اللَّه لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مخْرجًا ، ومنْ كُلِّ هَمٍّ فَرجًا ، وَرَزَقَهُ مِنْ حيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ٠
* إسمع لقول الحق تبارك وتعالى في سورة نوح :
فَقُلۡتُ ٱسۡتَغۡفِرُواْ رَبَّكُمۡ إِنَّهُۥ كَانَ غَفَّارٗا (١٠) يُرۡسِلِ ٱلسَّمَآءَ عَلَيۡكُم مِّدۡرَارٗا (١١) وَيُمۡدِدۡكُم بِأَمۡوَٰلٖ وَبَنِينَ وَيَجۡعَل لَّكُمۡ جَنَّٰتٖ وَيَجۡعَل لَّكُمۡ أَنۡهَٰرٗا (١٢)
* إن تتوبوا وتستغفروا يُنْزِلِ الله عليكم المطر غزيرًا متتابعًا ، ويكثرْ أموالكم وأولادكم ، ويجعلْ لكم حدائق تَنْعَمون بثمارها وجمالها ، ويجعل لكم الأنهار التي تسقون منها زرعكم ومواشيكم٠
___________
* علينا أن نحافظ علي نعمة الماء ولا نسرف فيها : السرف هو التعدي وتجاوز الحد - قال ربي ( إنه لا يحب المعتدين )٠
* عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما ، أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بسعد وهو يتوضأ فقال : ما هذا السرف يا سعد ؟ قال : أفي الوضوء سرف ؟ قال : نعم ، وإن كنت على نهر جارٍ٠
* قال ربي ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾
* روى أبو داود والنسائي وابن ماجه في "السنن" أَنَّ أَعرابِيًّا جاء إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم يسأله عن الوضوء ، فأراه الوضوءَ ثلاثًا ثلاثًا ، ثمَّ قال « هَكذَا الْوُضُوءُ ، فَمَنْ زَادَ عَلَى هَذَا فَقَدْ أَسَاءَ وَتَعَدَّى وَظَلَمَ ».
* علينا أن نحافظ علي كل قطرة ماء لأن حسن استخدام النعمة شكر لله عليها :
﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ﴾
﴿وَمَن يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾
_______________
* الماء حياة - لذلك عليك أن تسقي من طلب منك الماء - إسمع هذا الحديث :
* قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (غُفِرَ لِامْرَأَةٍ مُومِسَةٍ ، مَرَّتْ بكَلْبٍ علَى رَأْسِ رَكِيٍّ يَلْهَثُ ، قالَ : كَادَ يَقْتُلُهُ العَطَشُ ، فَنَزَعَتْ خُفَّهَا ، فأوْثَقَتْهُ بخِمَارِهَا ، فَنَزَعَتْ له مِنَ المَاءِ ، فَغُفِرَ لَهَا بذلكَ)٠
* قال ربي ( فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ماينفع الناس فيمكث في الأرض ) وما ينفع الناس هو العمل المقبول عند الله الذي يترك سيرة طيبة ( إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه )٠
* قال رسول الله صلى الله عليه وسلم * إذا مات إبن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث - صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له٠
* إعمل لنفسك بئر ماء يروي عطش عبار السبيل وبذلك حسنات متصلة غير منقطعة بعد موتك - لا أحد سيفعل لك - خذ من حياتك لمماتك وخذ من ممرك لمقرك هدانا الله لما يحب ويرضى٠
* عن سعد بن عبادة -رضي الله عنه قال : (يا رسولَ اللهِ ، إنَّ أمي ماتت ، أفأتصدقُ عنها ؟ قال : نعم - قلتُ : فأيُّ الصدقةِ أفضلُ ؟ قال : سقْيُ الماءِ)٠
__________
* ذكرنا أن القرآن رحمة :
﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ﴾
* والماء رحمة :
﴿ وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ﴾
الرياح المبشرات بالمطر
* عليكم أن ترووا أجسامكم بالماء - وترووا قلوبكم بالقرآن - وأذكر نفسي وإياكم
﴿ وَأَن لَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاءً غَدَقًا﴾ وأن لو استقاموا علي الشريعة القرآنية والسنة المحمدية ، ولم يحيدوا عنها لأنزلنا عليهم ماءً كثيرًا ، ولوسَّعنا عليهم الرزق في الدنيا٠
* اللهم زينا بزينة القرآن - وأكرمنا بكرامة القرآن - وأعزنا بعزة القرآن - اللهم اجعل القرآن الكريم ربيع قلوبنا - ونور أبصارنا - وجلاء همومنا وأحزاننا - اللهم ذكرنا منه مانسينا - وعلمنا منه ماجهلنا - وارزقنا تلاوته آناء الليل وأطراف النهار يارب العالمين
إرسال تعليق