اللعب بمشاعر البنات… بين الوهم والرجولة الحقيقية. بقلم ايه رزق

اللعب بمشاعر البنات… بين الوهم والرجولة الحقيقية. بقلم ايه رزق



اللعب بمشاعر البنات… بين الوهم والرجولة الحقيقية

لم يعد اللعب بمشاعر البنات مجرد خطأ بسيط أو نزوة عابرة، بل أصبح في واقعنا أزمة أخلاقية تمس المجتمع كله، فحين يظن بعض الشباب أن الرجولة تقاس بعدد العلاقات والوعود الكاذبة، وحين يفرح أحدهم بكثرة القلوب التي كسرها والدموع التي تسبب فيها، فإن هذا ليس دليل قوة ولا دليل ذكاء، بل هو سقوط عميق في ميزان الأخلاق والرجولة.

الله سبحانه وتعالى قال في كتابه الكريم: ﴿إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولًا﴾ [الإسراء:36]، والقلب هنا مسؤولية، أي أن كل شعور يزرعه الإنسان في قلب غيره، وكل كلمة تخرج من فمه ويترتب عليها جرح أو أمل كاذب، فإنه مسؤول عنها أمام الله، فلا يظنن شاب أنه حين يلهو بكلمات جميلة مع فتاة ثم يتركها أن الأمر انتهى، بل الحقيقة أنه سجل على نفسه جريمة في حقها وفي حق إنسانيته، وسيقف بين يدي الله ليُسأل عنها.

الرسول ﷺ حذرنا من الكذب فقال: "كفى بالمرء كذبًا أن يحدث بكل ما سمع" [رواه مسلم]، فكيف بمن لا يكتفي بمجرد الكلام بل يوعد ويعِد، ويزرع في قلب فتاة أحلامًا ثم يهدمها؟ هذا ليس كذبًا فقط، بل خيانة أمانة. وقال أيضًا ﷺ: "آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان" [متفق عليه]، فهل بعد هذا الوصف شك أن اللعب بمشاعر البنات من صفات المنافقين؟

الرجولة الحقيقية ليست في كثرة العلاقات ولا في التفاخر بين الأصدقاء بأنك عرفت فلانة أو أوهمت فلانة. الرجولة أن تكون صادقًا مع نفسك أولًا، ثم مع من تتعامل معه، أن تختار فتاة واحدة وتكون سندًا لها، أن تكون لها أمانًا لا مصدر ألم، أن تترك في حياتها أثرًا طيبًا لا جرحًا غائرًا.

من يلعب بمشاعر البنات يترك وراءه آثارًا نفسية قاسية، فهناك من تفقد ثقتها في كل من حولها، وهناك من تدخل في دوامة من الخوف والخذلان، وهناك من تظن أنها لا تستحق الحب بسبب تجربة سيئة مع شاب استهان بمشاعرها. وهنا لا يكون الذنب على الفتاة وحدها كما يحاول البعض أن يلقي اللوم، بل الذنب الأكبر على من استغل ثقتها وأساء إليها.

الله تعالى يقول: ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ﴾ [إبراهيم:42]، وهذه رسالة واضحة أن كل ظلم، مهما صغر، محفوظ في ميزان الله، واللعب بمشاعر البنات ظلم بيّن لا يحتاج إلى شرح. ويقول أيضًا النبي ﷺ: "اتقوا دعوة المظلوم فإنها ليس بينها وبين الله حجاب" [رواه البخاري]، فماذا لو كانت المظلومة فتاة بكت ليلًا بسبب خيانة أو غدر؟ إن دمعتها قد تصعد إلى السماء لتكون سبب هلاك من ظلمها.

ومن زاوية أخرى، فإن الشاب الذي يتلاعب بمشاعر البنات يظلم نفسه قبل أن يظلم غيره، لأنه يُفقد نفسه قيمة الكلمة، ويقتل داخله معنى الرجولة، ويحول حياته إلى سلسلة من الأكاذيب والخداع، وفي النهاية يجد نفسه بلا ثقة ولا احترام.

لهذا على كل شاب أن يقف مع نفسه وقفة صادقة ويسأل: هل أنا مستعد أن أرتبط؟ هل أنا قادر أن أكون مسؤولًا عن قلب شخص آخر؟ هل نواياي صافية؟ فإن كان الجواب لا، فالأفضل أن يبتعد عن أي علاقة حتى لا يظلم ولا يجرح. لأن ترك فتاة بسلام أفضل ألف مرة من دخول حياتها بوعود فارغة وتركها مكسورة.

النصيحة الأهم هنا أن يتذكر الشباب أن القلوب أمانة، وأنها ليست مجالًا للتسلية، وأن الرجولة لا تعني كثرة العلاقات بل تعني الصدق والثبات على الوعد. من أراد أن يكون رجلًا بحق فليجعل كلامه صادقًا، ونيته نقية، وليعلم أن الله مطلع على سره وعلنه.

وفي النهاية أقولها بوضوح: توقفوا عن اللعب بمشاعر البنات، فأنتم لا تتركون وراءكم قصصًا عابرة بل قلوبًا محطمة، وأرواحًا فقدت الثقة، وجرحًا قد لا يلتئم. واعلموا أن الظلم لا يضيع عند الله، وأن كل وعد كاذب سيُسأل عنه صاحبه يوم القيامة.

اكتب تعليق

أحدث أقدم