مشروع "كن صانع سلام": مصر تطلق مبادرة وطنية لبناء جيل يعلي قيم السلام و التعايش

مشروع "كن صانع سلام": مصر تطلق مبادرة وطنية لبناء جيل يعلي قيم السلام و التعايش

 


كتب: باهر رجب 

في خطوة تهدف إلى ترسيخ قيم الوحدة الوطنية وقبول الآخر، أطلقت وزارة الشباب والرياضة المصرية، بالشراكة مع مشيخة الأزهر الشريف والكنيسة القبطية الأرثوذكسية، رابط التسجيل الرسمي للمشروع القومي "كن صانع سلام - Be A Peacemaker". كما يأتي المشروع في إطار الجهود الوطنية لإحياء مسار العائلة المقدسة، واستثمار هذا الإرث الروحي الفريد في بناء وعي شبابي جديد قادر على المشاركة في صناعة مستقبل مصر.


كما يهدف المشروع، الذي تديره الإدارة المركزية للتعليم المدني بوزارة الشباب والرياضة، إلى إعداد جيل واعى  و مؤهل لنشر ثقافة السلام والتسامح، والمشاركة الفعالة في بناء مستقبل البلاد. ومن المقرر أن يبدأ تنفيذ البرنامج في فبراير 2026 لمدة أسبوع كامل، على أن يغلق باب التقديم يوم 7 يناير 2026.


رعاية دينية وطنية وإطار استراتيجي


علاوة على ذلك يقام المشروع تحت مظلة تعاون ثلاثي غير مسبوق يجمع بين:


وزارة الشباب والرياضة (الإدارة المركزية للتعليم المدني).

مشيخة الأزهر الشريف، ممثلة في مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية.

الكنيسة القبطية الأرثوذكسية.


كما يعكس هذا التعاون نموذجا فريدا للتكامل بين مؤسسات الدولة الدينية والشبابية، وكذلك يرسخ صورة مصر كملتقى للحضارات والأديان و رمزا للسلام. كما يأتي المشروع تماشيا مع الاهتمام الوطني الكبير بإحياء وتطوير مسار العائلة المقدسة، الذي يعد مشروعا قوميا ذا بعد روحاني وثقافي وإنساني فريد.


أهداف المشروع: بناء السلام وصياغة المستقبل


كما يسعى مشروع "كن صانع سلام" إلى تحقيق مجموعة من الأهداف الاستراتيجية على المستويين المحلي والدولي:


تعزيز قيم المواطنة والسلام المجتمعي بين الشباب المصري، وغرس قيم الولاء والانتماء وحب الوطن.

بناء وعي شبابي قادر على الإسهام بدور فعال في دعم مشروعات "الجمهورية الجديدة".

إبراز الصورة الحضارية للدولة المصرية أمام الرأي العام العالمي، من خلال استثمار القيمة التاريخية والدينية العالمية لمسار العائلة المقدسة.


فعاليات وأنشطة ميدانية نوعية


كما صمم البرنامج ليشمل حزمة من الفعاليات المتنوعة التي تهدف إلى الدمج بين المعرفة النظرية والتجربة الميدانية:


زيارات ميدانية لمسار العائلة المقدسة.

زيارات للأماكن الأثرية الإسلامية الواقعة على نقاط المسار.

لقاءات حوارية مع مسئولين من الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والأزهر الشريف.

ورش عمل تدريبية متخصصة يقدمها استشاريون في مجالات التنمية وبناء السلام.


شروط المشاركة وآلية التقديم


كما حددت وزارة الشباب والرياضة مجموعة من الشروط للمتقدمين، بهدف اختيار كوادر شبابية قادرة على تحقيق أهداف المشروع:


الفئة العمرية: أن يتراوح سن المتقدم بين 18 و 30 عاما.

الخلفية التعليمية: يفضل أن يكون من طلاب أو خريجي كليات الآثار، الإعلام، السياحة والفنادق، الآداب (قسم آثار)، أو التاريخ.

الالتزام: الالتزام الكامل بالمشاركة في جميع أنشطة المشروع، والقدرة على التفرغ التام والتنقل اليومي بين المحافظات وفق أجندة البرنامج.

القيم والسلوك: التمتع بروح العمل الجماعي والحوار البناء، والالتزام الشخصي بقيم التسامح و التعايش السلمي وقبول الآخر والولاء للوطن.


بعد غلق باب التقديم، سيتم فرز الطلبات، وفي حالة القبول المبدئي للمتقدم، سيجري معه مقابلة شخصية لاختيار أفضل العناصر المشاركة. وتجدر الإشارة إلى أن صحة البيانات المسجلة في استمارة التسجيل هي مسؤولية المتقدم، وأن أي بيانات غير صحيحة تؤدي إلى الاستبعاد الفوري.


يمكن التسجيل في المشروع عبر الرابط الرسمي: 



https://docs.google.com/forms/d/e/1FAIpQLSfTTNla-hQWzuEUV6_4jPpGGzhpWKKG3UwT1RVaz5KoA0vm6Q/viewform?pli=1




مسار العائلة المقدسة: إرث عالمي ومشروع قومي


حيث يأتي مشروع "كن صانع سلام" في سياق الاهتمام الوطني الكبير بإحياء مسار العائلة المقدسة، الذي يمتد لأكثر من 3500 كيلومتر ذهابا وعودة، ويضم 25 موقعا عبر 8 محافظات مصرية، من سيناء حتى أسيوط. وتشمل مسارات الرحلة مواقع مثل الفرما، وتل بسطا، ودير المحرق، ووادي النطرون، وجبل الطير، وكنيسة أبو سرجة بالقاهرة.


وقد أولت الدولة المصرية هذا المسار اهتماما استثنائيا، حيث تقوم حاليا بمشروع قومي ضخم لتطويره. ووصف محافظ المنيا المشروع بأنه "مشروع قومي ذا بعد ديني وسياحي وثقافي عالمي"، مؤكدا عمل الدولة على تعظيم الاستفادة السياحية والتنموية منه لدعم المجتمعات المحلية وتوفير فرص العمل.


وفي محافظة البحيرة وحدها، على سبيل المثال، تم تخصيص استثمارات تقارب 80 مليون جنيه لتطوير البنية التحتية في منطقة وادي النطرون، التي تحتضن عدة أديرة قبطية تاريخية على المسار، تشمل ترميم الأديرة ورفع كفاءة الطرق وإنارة وتشجير وإنشاء فنادق عالمية. ويؤكد المسؤولون أن هذا المشروع ليس سياحيا فحسب، بل هو "محور عمراني تنموي" يقوده قطاع السياحة لتنمية المجتمعات المحيطة على طول مسار الرحلة التاريخية.


خاتمة: خطوة نحو المستقبل


كذلك يعتبر مشروع "كن صانع سلام" أكثر من مجرد برنامج تدريبي عابر. فهو تجسيد عملي لرؤية الدولة المصرية في بناء الإنسان وتعزيز الهوية الوطنية الجامعة. من خلال الجمع بين الإرث الحضاري الفريد لمسار العائلة المقدسة والطاقات الشبابية الواعدة، تحت مظلة من التعاون الديني الوطني النادر، تضع مصر لبنة جديدة في جسر التواصل بين ماضيها العريق ومستقبلها الطموح.


هذا المشروع يرسل رسالة قوية للعالم بأن مصر، بأرضها وشعبها ومؤسساتها، تظل كما كانت عبر التاريخ، حصنا للسلام، وملتقى للأديان، ومنارة للتعايش السلمي.

اكتب تعليق

أحدث أقدم