رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يتحدث عن القراّن وخلق الإنسان

رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يتحدث عن القراّن وخلق الإنسان

بقلم \ المفكر العربي الدكتور خالد محمود عبد القوي  عبد اللطيف 
مؤسس ورئيس اتحاد الوطن العربي الدولي
رئيس الإتحاد العالمي للعلماء والباحثين 
بدأ علم الأجنة في أوروبا متأخرًا جدًّا؛ فكانت بداية بحوثه العلمية في النصف الثاني من القرن السابع عشر، ويعرض لنا الدكتور كيث بور - أستاذ علم الأجنة بجامعة تورنتو - في مؤلفه المشهور: الإنسان المتطور، نبذة تاريخية لبحوث الأجنة فيقول:
"في عام 1651م قام هارفي بدراسة أجنة الدجاج باستخدام عدسات بسيطة، وتوصل إلى القول بأن الأجنة جاءت من إفرازات الرحم، وفي عام 1677م استخدم العالمان هام وليفين هوك ميكروسكوبًا متطورًا، يريان من خلاله الحيوان المنوي الذكري، إلا أنهما لم يفهما دوره في عملية الإخصاب؛ فقد ظنَّا أنه يحتوي على جنين مصغر للإنسان (وبذلك لا دخل للمرأة في تكوين الجنين، وتسمى هذه النظرية: نظرية التخليق المسبق).
وقد انقضى الجدال نهائيًّا حول نظرية التخليق المسبق حوالي عام 1775م عندما بين سبالانزاني أن كلاًّ من بويضة الأنثى والحيوان المنوي الذكري ضروري لتكوين الجنين"[1].
"وفي عام 1875 تمكن هيرتويج من ملاحظة كيف يلقح الحيوان المنوي البويضة، وأثبت بذلك أن كلاًّ من الحيوان المنوي والبويضة يُسهِمان في تكوين البويضة الملقحة (الزيجوت)، وكان بذلك أول إنسان يشاهد عملية التلقيح هذه، ويصِفها".
وفي عام 1883م تمكن فان بندن من إثبات أن كلاًّ من البويضة والحيوان المنوي يساهمان بالتساوي في تكوين البويضة الملقحة.
وقد أثبت بوفري عام 1888م وعام 1909م أن هذه الكروموسومات تنقسم وتحمل خصائص وراثية...
"وهكذا يبدو - بوضوح - أن الإنسانية لم تعرف بواسطة علومها التجريبية أن الجنين الإنساني (أو الحيواني) يتكون بامتشاج واختلاط نطفة الذكر ونطفة الأنثى إلا في القرن التاسع عشر، ولم يتأكد لها ذلك إلا في القرن العشرين" [2].
أما على الجانب الآخر، فنجد أن هذه المعلومات الأساسية - حق خلق الإنسان - في متناول كل مسلم يقرأ القرآن، يعرفها الصبي الذي يتتلمذ على معلم القرآن، كما يعرفها البدوي الذي حفظ شيئًا من آيات القرآن.
فلقد جاءت أول آيات القرآن نزولاً تحدِّث الناس عن خلق الإنسان، فتقول:
﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ ﴾ [العلق: 1، 2].
ويبين القرآن أن الإنسان خُلق من اختلاط نطفتي الجنسين، الذكر والأنثى:
﴿ إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا ﴾ [الإنسان: 2].
ولقد بيَّن رسولُ الله صلى الله عليه وسلم هذه الحقيقة في إجابته ليهودي سأله عما إذا كان تخليق الإنسان من الرجل أم من المرأة؟ فقال له: ((يا يهودي، مِن كلٍّ يخلق، من نطفة الرجل ونطفة المرأة))؛ [أخرجه الإمام أحمد في مسنده].
وأن الإنسان في بطن أمِّه يمر بأطوار مختلفة:
﴿ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ ﴾ [الزمر: 6].
﴿ مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا * وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا ﴾ [نوح: 13، 14].
ثم يفصِّل القرآنُ ما أجمَلَه عن خلق الإنسان فيقول:
﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ﴾ [المؤمنون: 12 - 14].
إن من المعلوم أن ترجمة القرآن إلى اللاتينية بدأت في القرن الثاني عشر الميلادي، ولو حاول الأوربيون الذين يقرؤون اللاتينية - وهم قليل في تلك العصور المظلمة - أن ينظروا في القرآن نظرة موضوعية تتسم بحيدة العالم المدقق لعرفت أوربا مبكرًا مبادئ خَلْقِ الإنسان التي أوردها القرآن بوضوح، ولَبَدَأ علم الأجنة فيها مبكرًا قبل سبعة قرون، ولكنه التعصب الأعمى والضلالات المتوارثة التي فعَلت فعلها عبر القرون، وعطَّلت تقدم الإنسان.
إن ما في القرآن من حقائق علمية - ينفرد بها عن سواه من كتب مقدسة أخرى - لَيقطعُ بأنه كلمة الله الأخيرة إلى الناس كافة.
﴿ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ ﴾ [الحج: 54، 55].
________________________________________
[1] Keith L. Moore: THE DEVELOPIN HUMAN, Toronto, 1983.
[2] خلق الإنسان بين الطب والقرآن: الدكتور محمد علي البار - الدار السعودية للنشر والتوزيع - 1986م - ص 188.

اكتب تعليق

أحدث أقدم