كازاخستان ... وعود رئاسية ومسارات إصلاحية...بقلم الدكتور احمد طاهر

كازاخستان ... وعود رئاسية ومسارات إصلاحية...بقلم الدكتور احمد طاهر

 



كازاخستان ... وعود رئاسية ومسارات إصلاحية

د. احمد طاهر

مدير مركز الحوار للدراسات السياسية والإعلامية

---

في خطاب رئاسى في افتتاح الدورة الثالثة من دور الانعقاد السابع للبرلمان الكازاخى ألقى رئيس الجمهورية قاسم جومارت توقايف خطابا تضمن رؤية وطنية ووعود حكومية بشأن استكمال المسيرة الإصلاحية التي بدأتها كازاخستان مع الاستفتاء العام الذي مسبقا وحظى بالأغلبية التصويتية تأييدا لنهج التحديث السياسي، الهادف لبناء دولة جديدة قوامها العدل كما وصف الرئيس، إذ حمل خطابه شعار "دولة عدل، وحدة شعب، ورفاهية مجتمع"، وقد افرد محاور عدة للعمل في قادم الأيام، بدءا من تبنى سياسة اقتصادية جديدة تتلخص أولوياتها في: تشجيع مبادرات القطاع الخاص، ما يعنى التخلي عن الرأسمالية الحكومية وتدخل الدولة في الاقتصاد، تطوير المنافسة عبر ضمان تكافؤ الفرص للجميع، العدالة في توزيع الدخل القومي، وهو ما يستوجب النهوض بجاذبية الاستثمار في القطاع الصناعي من خلال تقديم التسهيلات الاستثمارية للمناطق الاقتصادية الخاصة بشكل مختلف، التزاما بمبدأ "كلما زاد الاستثمار زادت التسهيلات"، مع أهمية العمل على تعزيز إمكانات البلاد في مجال التجارة العابرة، استفادة من موقعها الجيواستراتيجى كأهم ممر بري يربط بين آسيا وأوروبا، فضلا عن الاهتمام بالتنمية الزراعية عبر الاهتمام بالتعاونيات الزراعية التي تفتح آفاقا واعدة لهذا القطاع، مرورا بتبنى حزمة من الإصلاحات الاجتماعية الهادفة إلى النهوض بالعنصر البشرى إيمانا بأن الشعب الكازاخى هو الثروة الحقيقية للبلاد، فتضمن الخطاب الإشارة بشكل صريح إلى أهم ثلاثة قضايا في هذا الخصوص، وهى: الصحة الجيدة لكل أبناء الشعب الكازاخى عبر التأكيد على التأمين الصحى، والتعليم الجيد وضرورة توفير كافة متطلباته، وكذلك تعديل سياسات الضمان الاجتماعى بما يضمن النهوض بمستوى معيشة المواطنين، هذا فضلا عن أهمية ضمان الرشادة في الإدارة الحكومية واصلاحاتها الإجرائية  من خلال إلغاء المركزية وزيادة المسؤولية الشخصية للمسؤولين. وصولا إلى رؤية إصلاحية للحياة القانونية والسياسية الكازاخية تستكمل الإصلاحات الدستورية التي بدأ العمل بها، بما يضمن سيادة القانون وحسن تطبيق العدالة من ناحية، ويحقق المعادلة الأساسية في العمل السياسى من ناحية أخرى، وهى المعادلة التى تتلخص في ثلاثة مرتكزات: "رئيس قوي - برلمان ذو نفوذ - حكومة خاضعة للمساءلة". وفى هذا الخصوص أشار الخطاب إلى نقطتين مهمتين: الأولى تتعلق بتطوير النظام الرئاسي عبر اجراء انتخابات رئاسية مبكرة في الخريف القادم، مع الاقتراح بقصر فترة الرئيس على دورة واحدة لمدة سبع سنوات وذلك بهدف ضمان تركيز جل جهوده على حل المهام الاستراتيجية للتنمية الوطنية. الثانية، تطوير النظام البرلماني عبر اجراء انتخابات نيابية ومحلية في أوائل العام القادم بما يجعل من عام 2023 عاما محوريا في الانطلاق نحو دولة كازاخية جديدة تستهدف تحقيق العدل وتكافؤ الفرص بين الجميع، إذ من بين المقترحات أن يكون تشكيل الحكومة ليس فقط من ممثلي القوى السياسية التي حصلت على أغلبية أصوات الناخبين، وإنما أيضا ممثلي الأحزاب البرلمانية الأخرى، وهو ما يتيح للسلطة التنفيذية اتخاذ قرارات أكثر توازنا تلبي احتياجات المجتمع بأسره على حد وصفه.

جدوى القول إن كازاخستان تحت قيادة الرئيس قاسم توقايف مقبلة على تحولات داخلية عدة على المستويات كافة؛ سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وقانونيا، بهدف استكمال الرؤى التطويرية والاصلاحية بما يعزز قدراتها على التفاعل مع عالم ملئ بالتحديات والتهديدات والمخاطر، لتصبح كازاخستان كما كانت منذ استقلالها قبل ثلاثين عاما، فاعلا إقليميا يلعب دورا في تحقيق الامن والاستقرار الاقليمى والدولى.

 

اكتب تعليق

أحدث أقدم