علم الإجتماع من أهم العلوم الإنسانية بقلم شريف فتحي

علم الإجتماع من أهم العلوم الإنسانية بقلم شريف فتحي



بقلم شريف فتحي
مدير عام إدارة منتزة ثان التعليمية
يعدُّ علمُ الاجتماع من أهمِّ العلوم الإنسانيَّة ذات الصِّلَة بالحياة الإنسانيَّة وأنشطتها اليومية؛ فقيمته العلميَّة والعملية تَنطلق من مدى مساهمته الفاعِلة في الوقوف على أهمِّ المشكلات الاجتماعيَّة التي تعترض أيَّ مجتمع من المجتمعات، ممَّا يَستلزمُ وضع الخطط وتبنِّي الإستراتيجيات العلميَّة، التي من شأنها إحداث حالَةٍ من الاستقرار والأَمن الاجتماعي داخل المجتمع.
قبل أن نَطرح أهميَّة العلم ودوره الرِّيادي في فهم المجتمع، لا بدَّ لنا من صياغةِ تعريفٍ لعلم الاجتماع يكون بمثابة المَدخل الرَّئيسي لأهميَّة العلم في حياتنا اليومية، تنوَّعَت التعريفات التي تهتمُّ بدراسة البِناء الاجتماعي والعلاقات والأَنماط الاجتماعيَّة كمدخلٍ رئيسي لفهم الحياة الاجتماعيَّة، وما يَنبثقُ عنها من مشكلاتٍ اجتماعية تحتاجُ لمخططٍ اجتماعيٍّ لديه درايةٌ وإِلمام بالواقع الاجتماعي، وخطَّة مدروسة تَهدف لبناء المجتمع والارتقاء به إلى سلَّم المجتمعات المتقدمة.
فصياغةُ المفهوم جزءٌ من فهم الموضوع، لكن لا بدَّ أن يتبادَر إلى أذهاننا تساؤلٌ: لماذا نحن بحاجة لعلم الاجتماع؟ منذ خمسينيات القرن الماضي وجميعُ الإدارات الأمريكيَّة ومؤسساتها ومراكزها البحثيَّة - لا تَخلو من وحدة للبحث الاجتماعي أو اتِّصالٍ بمركز للبحث الاجتماعي، وهذا يدلُّ على نَجاعة العلم وأهميَّته الشموليَّة في حياة تلك المجتمعات، سواء في رَسم السياسات الاجتماعيَّة، أو صناعة القرارات، أو بناء مفاهيم اجتماعيَّة تَرتقي بالواقع الاجتماعي والثقافي إلى أفضل المستويات.
أمَّا مجتمعاتنا العربيَّة، فإنَّ أهميَّة العلم ليست جديدة؛ بل هي قديمة تَعود في تاريخها إلى المؤسِّس ابن خلدون المؤرِّخ العربي في بِناء علم العمران البشري، ممَّا حدا بأحد علماء الغرب أن يُطلِق عليه مصطلح الفيزياء الاجتماعية.
إنَّ أهمية علم الاجتماع في واقعنا العربيِّ المعيش يمثِّلُ نقطةَ تحولٍ في بناء منظومةٍ اجتماعية قادرةٍ على فهم الواقع الاجتماعي بكلِّيته النظريَّة والعملية.
فمجتمعاتنا العربيَّة لديها مشكلات اجتماعية كأيِّ مجتمع من المجتمعات؛ ممَّا يَستلزمُ وضع الخطط الاجتماعيَّة، والتصورات النظريَّة، والرؤى العمليَّة، لحل أيِّ معضلة تواجهه، خاصَّةً وأن مجتمعاتنا اليوم تمرُّ بأزمةٍ ثقافيةٍ وفكريَّة، وما يَنجم عنها من نتائج عكسيَّة تتطلَّبُ جهدًا اجتماعيًّا ذا طابعٍ علاجي، يكون جلُّ همِّه ضَبط الواقع الاجتماعي بشكلٍ يَضمن عدم انهيار المنظومة الاجتماعيَّة بكاملها.
وحتى نضمن فعالية عِلم الاجتماع في مُجتمعنا العربيِّ؛ لا بدَّ من الاهتمام بالعلم القائم بذاته؛ فالتجديد بالمفاهيم ومواكبة كل ما هو جديدٌ يَضمن فاعليَّة العلم وحيويَّته في فهم كلِّ ما هو مستجدٌّ على الساحة الاجتماعيَّة العربية، إضافة إلى الاهتمام بالتخصُّصات الاجتماعيَّة ذات الطَّابع العملي الملامِس للواقع المعيش، فالاقتصار على البُعد النَّظري دون البُعد العملي يُعتبرُ تهميشًا لعلمٍ قائم بحدِّ ذاته؛ ممَّا يتوجَّب فتح العديد من التخصصات الاجتماعيَّة؛ كالخدمة الاجتماعية التي اقترنَت فاعليَّتها بالمجتمعات الغربيَّة بالبعد الإنساني التطوعي، فكيف حال ذاك العلم في واقعنا العربيِّ؟
إنَّ حاجتنا لعلم الاجتماع في القرن الحادي والعشرين أضحَت ضرورةً ملحَّة؛ نتيجة لما أفرزَته الثورة التكنولوجيَّة والعَولمة الثقافيَّة من انعكاساتٍ سلبيةٍ على الواقع الاجتماعي برمَّته، ممَّا استدعى توافُر طاقم من المتخصصين المشتغلين بعِلم الاجتماع، والمزودين بالخبرات العلميَّة والفكريَّة، والمطَّلعين على حالة المجتمع؛ حتى يكونوا قادرين على وَضع السيناريوهات، وتبنِّي الخطط المستقبليَّة التي من شأنها رِيادة المجتمع وتقدُّمه.

اكتب تعليق

أحدث أقدم