أنباء بلدنا

بقلم \ المفكر العربي الدكتور خالد محمود عبد القوي عبد اللطيف

مؤسس ورئيس اتحاد الوطن العربي الدولي

رئيس الإتحاد العالمي للعلماء والباحثين

الرئيس التنفيذي لجامعة بيرشام الدولية بإسبانيا،

الرئيس التنفيذي للأكاديمية الملكية للأمم المتحدة.

مما لاشك فيه أن الفنان قديمًا كان يلعب كل الأدوار ويشارك في تفاصيل الأمور التي تهم العامة، يتبنى القضايا ويدعم المحتاجين، ويشد على أيدي الساسة ويعلن مواقفه حيال ما يدور على الساحة السياسية، يساند الدولة ويقاوم الاستعمار ويدعم الثورات بل ويناضل إلى جانب القوات العسكرية أحيانًا. الأعمال الدرامية والغنائية لعبت دورًا كبيرًا في دعم الثورات وكانت شاهدًا وموثقًا على التغيرات التي طرأت على الحياة السياسية والاجتماعية، ولم يكن الأمر قاصرًا على سرد أساطير وحكايات وحواديت الحب والعشق.

اليوم السبت الذكرى السنوية لوفاة سيدة الغناء العربي، كوكب الشرق، سيدة الكوكب، هي المرأة التي وقف الجميع عاجزًا أمام قوة صوتها، وتعدد طبقاتها، وإحساسها الذي استطاع أن يسيطر على الوجدان، هي نموذج فريد وموهبة عبقرية جعلتها واحدة من أساطير الغناء في العالم على مدار التاريخ، فكانت ولا تزال رمز الخلد والجمال والعشق معًا، الفنان الراحلة "أم كلثوم" التي منعت أغنياتها من البث على الإذاعة كما طردت من منصب (نقيب الموسيقيين) باعتبارها (مطربة العهد البائد) لم يكن قرارًا صادرًا عن مجلس قيادة الثورة، لكنه قرار فردي تم اتخاذه من قبل الضابط المشرف على الإذاعة.

"أم كلثوم"، هي فاطمة التي ولدت لأسرة متواضعة في قرية ريفية تسمى طماي الزهايرة مركز السنبلاوين محافظة الدقهلية، كان والدها الشيخ إبراهيم إمام ومؤذن مسجد القرية، ووالدتها فاطمة المليجي، لم يحسم بشكل دقيق تاريخ ميلادها فيشاع أنها ولدت في الثلاثين من ديسمبر من عام 1898، بينما تشير مصادر أخرى إلى أنها من مواليد 4 مايو 1908، وهو التاريخ المدون فعليًا في سجل مواليد المحافظة، وتوفيت في القاهرة بعد معاناة مع المرض في 3 فبراير 1975، ولم ينته اسمها بموتها، بل ظلت الأكثر شهرة حيث إنها تعد من أكثر المطربات في القرن العشرين شهرة.

صيت "أم كلثوم" بدأ في البزوغ منذ صغرها حين كان عملها مجرد مصدر دخل إضافي للأسرة، لكنها تجاوزت أحلام الأب حين تحولت إلى المصدر الرئيس لدخل الأسرة، فأدرك الأب ذلك عندما أصبح الشيخ خالد ابنه المنشد وعندما أصبح الأب نفسه في بطانة ابنته الصغيرة، وفي ذات مرة تصادف أن كان أبو العلا معها في القطار وسمعها تردد ألحانه دون أن تعرف أنه معها في القطار، وذلك بعد عام 1916م حيث تعرف والدها على الشيخين زكريا أحمد وأبو العلا محمد اللذين أتيا إلى السنبلاوين لإحياء ليالي رمضان وبكثير من الإلحاح أقنعا الأب بالانتقال إلى القاهرة ومعه أم كلثوم وذلك عام 1922، كانت تلك الخطوة الأولى في مشوارها الفني، وحينها أحيت ليلة الإسراء والمعراج بقصر عز الدين يكن باشا وأعطتها سيدة القصر خاتما ذهبيًا وتلقت أم كلثوم 3 جنيهات أجرًا لها.

غنت "كوكب الشرق" للجيش المحاصر في الفالوجا أثناء حرب فلسطين أغنية (غلبت أصالح في روحي)، ذلك الجيش الذي كان بين أفراده عبد الناصر وأنور السادات، وبالرغم من ذلك اعتبرت أنها ضد الثورة بسبب حصولها على قلادة صاحبة العصمة وغنائها للملك أكثر من مرة منها أغنية عام 1932 في حضور الملك فؤاد (أفديه ان حفظ الهوى أو ضيعا- ملك الفؤاد فما عسى أن أصنعا)، وحينما علم الزعيم الراحل جمال عبد الناصر ألغى القرار على الفور، وبعد إعلانه اعتزال الغناء، ذهب إليها وفد من مجلس قيادة الثورة ضم (عبدالناصر، عبدالحكيم عامر، صلاح سالم) لإقناعها بالعدول عن رأيها، ولعبت هذه اللحظة دورًا كبيرًا وحملت إعجابا جارفا بعبد الناصر وبمواقفه ككل الشعب آنذاك، وتجلى ذلك في أغنية مثل (بعد الصبر ما طال نهض الشرق وقال، حققنا الآمال برياستك يا جمال) أو (يا جمال يا مثال الوطنية - أجمل أعيادنا المصرية برياستك للجمهورية).

"أم كلثوم" كانت رأست اللجنة التي أشرفت على اختيار السلام الوطني الجديد للجمهورية، حيث أيدت النشيد الوطني الذي أعده عبدالوهاب، وفي 19 ديسمبر 1952 تم تكوين اللجنة الموسيقية العليا التي كانت من أعضائها وبجانبها (السنباطي) وعبدالوهاب، وفي عام 1953 تم انتخابها كعضو شرفي في جمعية مارك توين العالمية نفس الجمعية التي من أعضائها الشرفيين دوايت ايزنهاور وونستون تشرشل وثيودور روزفلت.