رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يتحدث عن فقه البيئة

رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يتحدث عن فقه البيئة



بقلم \ المفكر العربى الدكتور خالد محمود عبد القوي عبد اللطيف
مؤسس ورئيس اتحاد الوطن العربى الدولى
رئيس الإتحاد العالمي للعلماء والباحثين
الرئيس التنفيذي لجامعة بيرشام الدولية بإسبانيا،
الرئيس التنفيذي للأكاديمية الملكية للأمم المتحدة
تحدَّث القرآن الكريم عن مُكوِّنات البيئة، فأجملَها في آيات، وفصَّل بعضها في آيات أُخرى، ولعلَّ الإشارة إليها جميعًا جاءت في قوله - تعالى -: ﴿ وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الجاثية: 13].
ويُمكن أن نُشير - بين يدي الحديث عن مكونات البيئة - إلى الحقائق التالية:
• أن هذه المكونات خلقها الله - تعالى - مُسخَّرة لمنفعَة الإنسان، وهي في أصلها طاهرة، نقية، مباركة، ولكن يمكن أن تَفسد بإفساد الإنسان في الأرض.
• هناك ترابط وتفاعل وتوازن دقيق بين هذه المُكوِّنات، يَحفظه الله - تعالى - الذي خلقها، وقد أمر الله الإنسان بالمحافظة على هذا التوازُن والنِّظام.
• هذه المُكوِّنات في عقيدة المسلمين لها أجل مُسمى يعلَمه الخالق العظيم.
• مِن المُمكن أن تكون هذه المكونات أو بعضها مادة عذاب للإنسان إن هو تكبَّر واستكبَر على مَن أوجَدها؛ كما حصل في عذاب بني إسرائيل وغيرهم.
• من أجْل أن تبقى هذه المكوِّنات مُسخَّرة للإنسان ونافعة له - عليه أن يستمر في شُكرِ مَن أوجدَها واستغفارِه - تقدَّس في عُلاه.
فمِن المكوِّنات التي جاء ذكرها في القرآن: السماء والأرض والنبات والماء والهواء والحيوان، ونعرض لكلٍّ منها فيما يلي:
أولاً: السماء:
ذُكرت السماء في القرآن 120 مرة، وهي زينة لفضاء الأرض ومصدر للجمال[1]؛ قال - تعالى -: ﴿ وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ ﴾ [الملك: 5]، وهي السقف المحفوظ الذي يُحيط بالأرض من جميع جوانبها؛ ليَحميها من الإشعاعات الكونية الضارة، وليجعل الحياة مُمكنة على هذه الأرض؛ قال - تعالى -: ﴿ وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ ﴾ [الأنبياء: 32]، وهي مصدر الماء الذي به حياة كل شيء؛ قال - تعالى -: ﴿ أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ ﴾ [النمل: 60].
وتؤكِّد هذه الآيات وغيرها أن الله - سبحانه وتعالى - جعل السماء وما فيها مُسخَّرة للإنسان، وهي حماية له ولرزقه ومعاشه، ومِن ثَمَّ فإن محاوَلة إفسادها إفساد للحياة جميعًا على الأرض، ولذلك أمَرنا الله - سبحانه - بالحِفاظ عليها[2].
ثانيًا: الأرض:
هي البيئة الطبيعية للإنسان والحيوان والنبات، جعلها الله - عز وجل - ذلولاً تأتي بمختلف الثمار؛ قال - تعالى -: ﴿ هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ ﴾ [الملك: 15]، والأرض هي مخازن المياه؛ كما أشار القرآن إلى ذلك: ﴿ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ ﴾ [المؤمنون: 18].
وهي تقوم بعمل المَصفاة التي تُصفي المياه من الشوائب العالقة فيها، لتُخرج من باطنِها ماءً نقيًّا فراتًا، وتتكوَّن قِشرة الأرض من معادن مُتعدِّدة تدخل في حياة الإنسان من أوسع أبوابها؛ فالكثير منها يدخُل في بناء المادة الحية في جسم الإنسان؛ كالحديد والكالسيوم، فضلاً عن كونها عصب عملية التصنيع والتشييد، وأشار القرآن الكريم إلى ما أصاب التربة من تلوُّث، ونقصِ ما فيها من المعادن بقوله - تعالى -: ﴿ وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ ﴾ [الأعراف: 58]؛ فالأرض جيدة التربة يَخرج نباتها بإذن ربها، وتلك التي تلوَّثَت وخَبُثتْ لا يَخرج نباتها إلا قليلاً؛ بسبب المواد الغريبة التي اختلَطت بها، وخبثُ الأرض قد يدخل في معناه ندرة المعادن والأملاح الضرورية لحياة النبات ونحوه[3].
ثالثًا: الماء:
الماء عصب الحياة، ويتشكَّل منه جسم الإنسان والحيوان والنبات، ولا حياة ولا حضارة يُمكن أن تستمرَّ بدونه؛ قال - تعالى -: ﴿ وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ ﴾ [الأنبياء: 30]، فما كان للإنسان أن يولد، ولا لجمهَرة الكائنات أن توجَد، ولا للحياة أن تستمرَّ، ولا للحضارة أن تَزدهِر لو غاضَ الماء، وانقطَع خيرُ السماء[4]، والماء يَنزل من السماء بقدر؛ قال - تعالى -: ﴿ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ ﴾ [المؤمنون: 18]، ونزوله بقدر يَعني أنه لا يندُر بحيث يَعجِز عن إحياء الأرض، ولا يزيد بحيث يُغرق الأرض، ويَقضي على الحرث والنسل، فهو ينزل بقدرٍ يَسلم معه الناس من المضرَّة، ويَصِلون إلى المنفعَة في الزرع والغرس والشرب[5]، إلا أن ذلك مشروط بالحفاظ عليه، وشُكرِ نعمته، فبالرغم من وجوده بكثرة؛ إذ يُغطي (17%) تقريبًا مِن سطح الأرض، فإن المياه العذبة منه لا تزيد نسبتها على (2%) ما فيها من مياه متجمِّدة على هيئة ثلج وجليد في القطبَين[6]، فالمياه التي تنزل من السماء تُستخدَم للشرب ولإنبات الزرع، وأصناف الأشجار والثمار؛ ولهذا فإن إفسادها كفر بنعمة الله - عز وجل - ومُنذِر بزوالها؛ قال - تعالى -: ﴿ أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ * أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ * لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ ﴾ [الواقعة: 68 - 70].
والماء الذي هو الحياة لكلِّ كائن، فإن الله - عز وجل - جعَله حقًّا شائعًا بين بني آدم وكل المَخلوقات؛ قال - صلى الله عليه وآله وسلم -: ((الناس شركاء في ثلاث: الماء والكلأ والنار))[7]، وعلى هذا، فإن إفساد الماء مِن قِبَل بعض الناس يعني إسقاط حق الآخرين فيه، وتضييع ما أعدَّ الله لعباده ومكَّنهم فيه، وهذا ما ذكره القرآن الكريم؛ قال الله - تعالى -: ﴿ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾ [الروم: 41].
رابعًا: الهواء:
وقد جعله الله - تعالى - مِلْكًا للجميع، ولو أمكن للإنسان التسلُّط على الهواء لباعه واشتَراه وتقاتَل عليه، كما فعل في أكثر الأشياء التي سخَّرها المولى له، وجعلها أمانة في عُنقه، والهواء هو مادة النفَس الذي لو انقطَع ساعة عن الإنسان أو الحيوان لمات، ولولاها ما جرَت الفُلك[8].
وقد جاء ذكر الهواء في القرآن الكريم بلفظ الريح والرياح، وهي الهواء المتحرِّك في الطبقات المحيطة بالأرض[9]؛ قال - تعالى -: ﴿ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ رِزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ آيَاتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ﴾ [الجاثية: 5]، وقال - تعالى -: ﴿ مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لَا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ ﴾ [إبراهيم: 18]، وقد أشار القرآن الكريم إلى وظيفة الرياح أو الهواء في قوله - تعالى -: ﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ﴾ [البقرة: 164]، فهي تارة تأتي بالرحمة، وتارة تأتي بالعذاب، وتارة تأتي مُبشِّرة بين يدي السحاب، وتارة تَسوقه، وتارة تَجمعه، وتارة تُفرِّقه، وتارة تصرفه مع اختلاف جهاتها[10].
خامسًا: النبات:
الإنسان يعتمد على النبات كمصدر للغذاء له ولماشيتِه، فما يأكله إما أن يتكون مِن مُنتَجات نباتية، أو مِن منتجات الحيوان الذي يَتغذى على النبات؛ لذلك كان الأكل من النبات هو أُولى المنافع التي امتنَّ الله - عز وجل - بها على عباده في القرآن الكريم؛ قال - تعالى -: ﴿ وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾ [الأنعام: 141]، والنبات هو المصدر الأول للأوكسجين الذي لا يَستغني عنه كائن، وقد أشار القرآن الكريم إلى ذلك حينما ربط بين الشجر الأخضر والنار التي لا توقد إلا بالأوكسجين بقوله - تعالى -: ﴿ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ ﴾ [يس: 80]، وهو الذي يَحمي التربة من الأثر المباشر للمطر الساقط، ويُستخدَم خشبُه في صناعات عديدة، إضافة إلى أن الأوراق والفروع التي تَسقط من الأشجار تزيد في خصوبة التربة السطحية، والأشجار هي مأوى للطيور ولحيواناتٍ كثيرة؛ ولذلك فإن القرآن الكريم يَتحدَّى أن يأتي مخلوق بشجرة من العدم، ليُبيِّن أهمية هذه النعمة، وبالتالي ضرورة صيانتها وحفظها وتنميتها[11]؛ قال - تعالى -: ﴿ أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِئُونَ ﴾ [الواقعة: 72].
سادسًا: الحيوان:
ورَد في القرآن أسماء بعض الحيوانات؛ فتارة نجد سورًا منه مسماة باسم الحيوانات؛ مثل سورة: البقرة، والأنعام، والنحل، والنمل، والعنكبوت، والعاديات، والفيل؛ تنبيهًا للإنسان إلى أن في دراسة كل خلق من مخلوقات الله - وخاصة التي سماها في كتابه - سبيلاً علميًّا قد يقود إلى الإيمان[12]، وتارة نجده ذكر أنواعًا منها في مُناسبات عِدة، سواء منها الدواب والطيور والحشرات، وحتى حيوانات الماء؛ فمِن الدوابِّ التي ذكرها القرآن: الضأن والمعز؛ ﴿ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الْأُنْثَيَيْنِ نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ [الأنعام: 143]، والخنزير؛ ﴿ إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [البقرة: 173]، والكلب؛ ﴿ وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا ﴾ [الكهف: 18]، والخيل والبغال والحمير؛ ﴿ وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [النحل: 8]، والذئب؛ ﴿ قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ ﴾ [يوسف: 13]، ومن الطيور: الغراب؛ ﴿ فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ ﴾ [المائدة: 31]، والهدهد؛ ﴿ وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ ﴾ [النمل: 20]، ومن الحشرات: النمل؛ ﴿ حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ﴾ [النمل: 18]، والذباب؛ ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ ﴾ [الحج: 73]، وجعل الله - تعالى - هذه الحيوانات مُسخَّرة لمنفعَة الإنسان، ومنافعها شتى، وبيَّن القرآن وكذلك السنَّة أَوجُه الحلال والحرام في هذا الانتفاع، ومع إباحة صيد الحيوان المُستفاد من قوله - تعالى -: ﴿ وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا ﴾ [المائدة: 2]، فإن هذه الإباحة لا تعني القضاء على جنس الحيوان المُباح صيده، وإلا أدَّى ذلك إلى اختلال التوازن البيئي، فكان الصيد مشروطًا بالمُحافظة على بَقاء جنس الحيوان للحفاظ على توازُن البيئة، وعدم حرمان الأجيال القادِمة مِن الانتفاع منه[13].
________________________________________
[1] ينظر: المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم؛ محمد فؤاد عبدالباقي، دار الحديث، القاهرة، ط 2، 1988م.
[2] ينظر: الإسلام والاقتصاد، عبدالهادي النجار، المجلس الوطني للثقافة والفنون، الكويت، ط1، (ص: 254).
[3] ينظر: هندسة النظام البيئي في القرآن الكريم (ص: 85 - 86).
[4] ينظر: عناصر الإنتاج في الاقتصاد الإسلامي؛ د: صالح العلي، دار اليمامة، دمشق، ط1 - 2000م، (ص: 164).
[5] ينظر: مفاتيح الغيب؛ للإمام الرازي، دار الفكر، بيروت، 1993م، مجلد 14، (27: 24).
[6] ينظر: البيئة ومشكلاتها، (ص: 44).
[7] ينظر: سنن ابن ماجه، رقم الحديث 2472، (3: 176)، وقال ابن الأثير في جامع الأصول: "وقوله: ((الناس شركاء في ثلاث: في الماء، والكلأ، والنار))، أراد بالماء: ماء السماء، والعيون التي لا مالك لها، وأراد بالكلأ: مراعي الأرضين التي لا يَملكها أحد، وأراد بالنار: الشجر الذي يَحتطبه الناس، فينتفعون به"؛ ينظر: جامع الأصول، ابن الأثير الجزري، ت: عبدالقادر الأرناؤوط، دار البيان، ط1: 1969م، (1: 485).
[8] ينظر: مفاتيح الغيب، (4: 223).
[9] ينظر: معجم ألفاظ القرآن الكريم: (1: 522).
[10] يُنظر: تفسير القرآن العظيم؛ لابن كثير، إحياء التراث الإسلامي (1: 354 - 355).
[11] ينظر: هندسة النظام البيئي، (ص: 89، 287)، وينظر: الإسلام والاقتصاد، (ص: 264).
[12] ينظر: من علوم الأرض القرآنية، (ص: 163).
[13] يُنظر: الإسلام والاقتصاد؛ لعبدالهادي النجار، (ص: 270).



اكتب تعليق

أحدث أقدم