رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يتحدث عن جمعية أعداء النجاح

رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يتحدث عن جمعية أعداء النجاح



بقلم \ المفكر العربى الدكتور خالد محمود عبد القوي عبد اللطيف
مؤسس ورئيس اتحاد الوطن العربى الدولى
رئيس الإتحاد العالمي للعلماء والباحثين
الرئيس التنفيذي لجامعة بيرشام الدولية بإسبانيا،
الرئيس التنفيذي للأكاديمية الملكية للأمم المتحدة
جمعية لها شخصيتها المستقلة، ووزنها المعتبر، جمعية عقم التاريخ أن ينجب مثلها وزنًا وعطاءً.
جمعية لها في التاريخ امتداد طويل؛ فقد ظهرت إلى حيز الوجود مع بَدء الخليقة منذ عهد أبينا آدمَ - عليه السلام - كان أحد أعضائها، «إبليس» ليسوَّل ويوسوس، ويحرض ويزيِّن لآدمَ وحوَّاء الأكل من الشجرة التي نهاهما ربُّنا عن الأكل منها لحكمة؛ قال - عز وجل -: {وَيَا آَدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ} [الأعراف: 19].
بيد أن ذلك العضو النشط - أعاذنا الله من شره ونفثه ونفخه - أبى إلا أن يعصي آدمُ وحواء الأمرَ الإلهي؛ قال - سبحانه -: {فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآَتِهِمَا} [الأعراف: 20].
وقدَّم لآدم وحواء المبررات والأسباب، وسهَّل عليهما الطريقة والأسلوب؛ يقول - عز وجل -: {وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ * وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ} [الأعراف: 20-21].
ولم يقف كيد ذلك العضو عند هذا الحد، بل راح مرة أخرى يسوّل ويوسوس، ويحرض ويزين لقابيل ولد آدمَ - عليه السلام - قتل أخيه هابيل، وقدم له المبررات والأسباب، وسهَّل له الطريقة والوسيلة.
قال - جل ذكره -: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آَدَمَ بِالْحَقِّ}، إلى قوله: {فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [المائدة: 27 - 30].
ومنذ ذلك التاريخ استمر مسلسل التسويل والوسوسة، والتحريض والتزيين، والتحريش والتفريق والزعزعة؛ سواء على المستويات الفردية أو الجماعية أو الأُممية.
قال - سبحانه - على لسان إبليس: {قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لَآَتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ} [الأعراف: 16-17].
وقال - سبحانه -: {إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا * لَعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا * وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآَمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آَذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآَمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ} [النساء: 117-119].
وفي الحديث بإسناد صحيح: ((إذا أصبح إبليس، بثَّ جنوده في الأرض، فيقول: من أضل اليوم مسلما، ألبسته التاج، قال: فيخرج هذا فيقول: لم أزل به حتى طلَّق امرأته، فيقول: أوشك أن يتزوج، ويجيء هذا فيقول: لم أزل به حتى عقَّ والديه، فيقول: يوشك أن يبرهما، ويجيء هذا فيقول: لم أزل به حتى أشرك فيقول: أنت أنت، ويجيء هذا فيقول: لم أزل به حتى قتل، فيقول: أنت أنت، ويُلبسه التاج)).
وهذا تأكيد لحديث جابر بن عبدالله - رضي الله عنهما - كما في صحيح مسلم، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((إن عرش إبليس على البحر، فيبعث سراياه فيفتنون الناس، فأعظمهم عنده أعظمهم فتنة، يجيء أحدهم فيقول: فعلت كذا وكذا، فيقول: ما صنعت شيئًا، ثم يجيء أحدهم، فيقول: ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته، فيُدنيه منه ويلتزمه، ويقول نِعمَ أنتَ)).
بل إن إبليس لما أيس أن يُعبد بأرض العرب، رَضِي بالتحريش بين عباد الله، كما في الحديث الصحيح على شرط الشيخين.
وما أعجب كلمة العز بن عبدالسلام - رحمه الله - القائل: يحدث للناس من الأقضية بقدر ما يحدثوا من الفجور.
وما أظرف قول الشاعر:
قتلُ امرئ في غابة جريمة لا تُغْتَفر وقتلُ شعبٍ آمنٍ قضية فيها نَظَرْ.
إن تلك المكائد والوساوس والزعزعة أفرزت حروبًا وإفقارًا وتلوثًا وفسادًا ومجاعة وتشردًا وفِتَنًا وأوبئة، لم يسلم منها أيُّ كائن بشري أو حيواني، أو نباتي، البشر يُعذَّبون والحيوانات تقتل، والنباتات تقتلع، تلوث في الهواء وتلوث في الغذاء، وتلوث في المياه، وفساد في البر والبحر، وصدق الله القائل: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [الروم: 41].
وخرج إلينا أعضاء ينتسبون إلى إبليس اللعين، ويفتخرون بذلك، بل إن بعضهم ارتقت بهم الحال، كما زعموا، حتى صار إبليس من تلاميذهم، يقول أحدهم مفتخرًا:
وكنتُ فتًى من جُند إبليس فارتقتْ بي الحال حتى صار إبليسُ من جُندي
والسؤال المهم هنا:
لماذا؟ لماذا كل هذا التسويل والوسوسة، والتحريض والتزيين؟! وما الهدف من وراء تلك الأعمال والممارسات؟!
والجواب: بسهولة هو لأن هذا العضو إبليس وبقية زمرته وسراياه وجنوده؛ {شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا} [الأنعام: 112]، نعوذ بالله منهم؛ لا يريدون النجاح لأحد من عباد الله، ولا يريدون أن يُطاع الله بما أمر، ولا يرضون أن ينال أحد القبول والتوفيق.
نعم، عداوة لكل نجاح، عداوة لكل عمل خيِّر، عداوة لكل فعل بنَّاء، عداوة لكل عطاء نبيل.
منذ ذلك التاريخ، وأعضاء هذه الجمعية في تزايد مطرد وتنسيق دائم، وعلى استعداد تام، وفي تخطيط دقيق، ومكر أكيد، وكيد فريد، والأدهى أنهم تسلحوا بوسائل تقنية جديدة منظورة وغير منظورة.
إنها جمعية أسسها إبليس اللعين، ورَأَسَ مجلس إدارتها، واشترط لقبول العضوية فيها شروطًا ضرورية تتمثل في المكر والدهاء، والتحريش والتفريق، والكُره والحقد والحسد، والغل والغيرة، والغضب إلى جانب مواصفات أخرى تختلف من عضو إلى عضو حسب درجة إجرامه ومنزلة إفساده.
أما اللائحة التأسيسية لهذه الجمعية، فتنص على ما يلي:
1- تزهيد المحسن في الإحسان.
2- تدريب المسيء على الإساءة.
3- إعاقة كل تميّز.
4- نشر كل إمكانات الحقد ووسائل الكيد.
5- تدمير كل عطاء نبيل وعمل خيِّر.
6- قلب الحقائق وتشويه السمعة.
7- بث روح الغل والكره والحسد.
8- قتل المواهب وإزهاق الإبداع.
وإذا لم يكن هناك لقاءات أو مؤتمرات أو ندوات أو حلقات معلنة، إلا أن الاجتماعات والتنسيق مستمر كل ثانية عبر لا سلك القلوب والنفوس.
بل لقد استخدمت جمعية أعداء النجاح وسائل الإعلام المختلفة وقنوات الدعاية المتنوعة إلى جانب القنوات الفضائية المباشرة؛ المشفرة وغير المشفرة، وعالم المعلوماتية، ودنيا الإنترنت لمزيد من العضوية ولكفاءة أعلى في الإجرام، ولفاعلية كُفءٍ في التخطيط والتدمير.
ومما يجدر الإشارة إليه أن الجهات المستهدفة من هذه الجمعية غير محددة سلفًا، بَيْدَ أن كل مبدع أو موهوب أو عبقري، أو فلتة في مجال من المجالات، أو تخصص من التخصصات، أو علم من العلوم، أو فن من الفنون، هو الهدف المنشود والغاية المقصودة، وإليه توجه الأسلحة، وحوله تصوب القذائف، ومن أجله صيغت اللائحة التأسيسية.
ومن أعجب ما رأيتُ وسمعت وقرأت ولاحظت أن أعضاء هذه الجمعية غير مرئيين، فليس لهم موقع جغرافي معين، ولا بقعة مكانية، أو فترة زمانية، أو موقع على الإنترنت محدد.
من هنا، كانت الخطورة، ومن هنا كانت الجمعية باستمرار تخفي إجرامها عفوًا نشاطاتها! وتجدد مخبريها عفوًا أعضاءها! وتعدل مُخَططاتها السرية عفوًا لائحتها الأساسية!
عليه، فلا عجب أن قُتلت روح التميز، ووئدت شرارة الإبداع، وأزهقت المواهب النيِّرة.
إن الآثار المدمرة لتلك الجمعية وأعضائها نجدها ظاهرة للعيان في حياة كل مبدع موهوب كان يومًا ما عالمًا نحريرًا، أو فيلسوفًا نقريسًا، أو فقيهًا طبنًا، أو طبيبًا نطاسيًّا أو كاتبًا بارعًا، أو خطيبًا مصقعًا، أو صانعًا ماهرًا، أو فصيحًا مِدره، أو قارئًا حاذقًا أو شاعرًا مفلقًا، أو داهية باقعة.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل إننا شهدنا من أعضاء هذه الجمعية خفقان القلوب، ونبض العروق، واختلاج العيون، وارتعاش الأيدي، ورعدة ورعشة وهلع ولدد ونَصَب.
فكان أن عشنا أيامًا عصيبة، وسنين جسوسًا، وأدواء عضالاً، ودواهٍ عنقفيرًا، ورياحًا عاصفة، وأمطارًا ليست وابلة، وسيولاً زعابًا، وبردًا قارسًاً، وفِتَنًا صمَّاء.
ختامًا أقول:
أين المعلمون المبدعون؟ أين التجار المبدعون؟ أين المفكرون الموهوبون؟ أين العباقرة؟ أين الدُّهاة؟ أين الأذكياء؟ أين العقلاء؟ أين الشعراء؟ أين الحكماء؟ أين الأدباء؟ أين البلغاء؟ أين الكرماء؟ أين الأوفياء؟ أين أين أين؟ إن الجواب موجود في سجلات جمعية أعداء النجاح؟!

اكتب تعليق

أحدث أقدم