رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يؤكد أن توحيد الله واجب العلماء والمصلحين

رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يؤكد أن توحيد الله واجب العلماء والمصلحين



 رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يؤكد أن توحيد الله واجب العلماء والمصلحين

بقلم \ المفكر العربى الدكتور خالد محمود عبد القوي عبد اللطيف
مؤسس ورئيس اتحاد الوطن العربي الدولي
رئيس الإتحاد العالمي للعلماء والباحثين
الرئيس التنفيذي لجامعة فريدريك تايلور بالولايات المتحدة الأمريكية
الرئيس التنفيذي لجامعة بيرشام الدولية بأسبانيا
الرئيس التنفيذي لجامعة سيتي بكمبوديا
مستشار مركز التعاون الأوروبي العربي بألمانيا الإتحادية
مما لاشك فيه أن العالَم عمومًا، والعالَم الإسلامي خصوصًا، يعيش في ظلام وعَمايةٍ شاملة، وجهل مطبق على العقول والأسماع، وهذا الجهل مركَّب من نوعٍ جديد من الأفكار والعقائد والمبتدعات؛ إذ هو مزيجٌ من العادات والتقاليد، والعقائد الوافدة من الشرق والغرب، يضاف إليها موروثٌ شعبي عقائدي بالٍ تنامَى وكبِر نتيجةَ جهل تَغِطُّ فيه الأمة، وبسبب الابتعاد عن منهج الكتاب والسنة، وتصدِّي أناس لهما وهم ليس من أهلهما، فاحتلوا مكان الصدارة في التعليم والفتوى، وليس لديهم أدنى علمٍ من الكتاب والسنة، ولا يعرفون إلى ماذا تؤول أحكامُهما، ولا تفسير نصوصهما، والجهل بقواعدهما وأصولهما الأساسية، وثوابتهما التي لا تقبل التغيير ولا التبديل.
وقد انتشر الكثيرُ من هؤلاء الجهَّال - بقصد وبدون قصد - في مختلف الأقاليم والمدن والقرى من عالمنا لإسلامي، يُعلِّمون الناس أمورَ الدين بطرق غير علمية، وأساليب تشويقية تعتمد على الأقاصيص والخزعبلات، وما يسمى بالمشاهدات والمكاشفات والكرامات، وغير ذلك من الأساليب والطرق الملتوية، التي لا تهدفُ إلى الوصول بطالب العلم إلى الحقائق العلمية الشرعية عن طريقها ومنهجها وأسلوبها الصحيح الذي رسمه لنا الفقهاء الأوائل؛ أمثال الأئمة الأربعة (مالك، وأبي حنيفة، والشافعي، وأحمد)، وعلماء الحديث؛ مثل البخاري، ومسلم، وأبي داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، وغيرهم ممن قاموا بجمع السنة، وبذلوا الغالي والنفيس من أجل الحفاظ عليها، وتدوينها في قراطيسها، فوصلت إلينا كاملة غير منقوصة، فعلينا أن نتبع سيرتهم وخطاهم في التعلم والتمسك والمحافظة على دينِنا وعقيدتِنا، والدفاع عنها ونشرها وتعليمها للبشرية، وإخراجهم من التخبط في ظلمات الشرك والجهل والغَواية، إلى نور التوحيد، وعبادة رب العبيد.
قال تعالى: ﴿ هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ﴾ [الجاثية: 20].
قال ابن جرير:
"يقول - تعالى ذكره -: ﴿ هَذَا ﴾ الكتاب الذي أنزلناه إليك يا محمد ﴿ بَصَائِرُ لِلنَّاسِ ﴾ يُبصِرون به الحق من الباطل، ويعرفون به سبيل الرشاد".
وعن العرباض بن سارية قال: "وعظَنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظةً ذرفت منها العيون، ووجِلت منها القلوب، قلنا: يا رسول الله، إن هذه لموعظة مُودِّع، فماذا تعهد إلينا؟ قال: ((قد تركتكم على البيضاءِ ليلُها كنهارِها، لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك، ومَن يَعِشْ منكم فسيرى اختلافًا كثيرًا، فعليكم بما عرَفْتُم من سنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديِّين، وعليكم بالطاعة، وإن عبدًا حبشيًّا، عَضُّوا عليها بالنواجذ، فإنما المؤمن كالجمل الأَنِف حيثما انقيد انقاد))"؛ أخرجه أحمد.
وقد كشَفت لنا المصادر التاريخية وما دوَّنه الباحثون أن الذي حصل للأمة من الجهل، والتخلف العلمي، والتغيير العقائدي، والتبديل الفكري الممنهج الذي ينأى بالناس بعيدًا عن الطريق الصحيح المرسوم لهم، والانحراف بهم عن جادَّة الصواب، ونشر البدع، وإشاعة روح الفرقة والنزاعات الفكرية والمذهبية، وزج الأفكار والعقائد الفلسفية الدخيلة على ديننا وعقيدتنا الكاملة الثابتة على أصولها الواضحة المعالِم والبيِّنة الحدود، وهو في حقيقته ليس نتيجة عفوية بسبب انهيار الدولة الإسلامية وتدمير كِيانِها، وطمس حضارتها على يد هولاكو ومَن مدَّه بالعون والمساندة من الشعوبيين، وما تلا ذلك من ويلات على مدى قرون خلت من هجمات الجلائريين والفرس والصليبين - إنما هو هجمة منظمة، وحرب في العلن والسر مخطط لها تخطيطًا محكمًا، الغاية منه تغيير البِنْية العقائدية والاجتماعية والأخلاقية لهذه الأمة وَفْق ما تريد الفِرَق الحاقدة، والمدارس العنصرية الخبيثة، وتساندها وتشدُّ من أزرها في ذلك الشعوبيةُ المَقِيتة، والتي تجرَّدت من كل مكارم الأخلاق والمُثُل العليا، ومعاني الشرف الأصيلة، وصفات الإنسان الطيِّبة، والقيم النبيلة التي تحمل في طيَّاتها الشرفَ والغيرة والأَنَفة والترفُّع عن كل ما هو دنيء، من أجل تحقيق غاياتها وأهدافها العنصرية الخبيثة.
قال تعالى: ﴿ وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ ﴾ [البقرة: 109]، وقد اتَّفقت أهدافهم وغاياتهم العدائية من أجل تخريب بِنية هذا الدين وتمزيق وحدة صف المسلمين مع قوم أوغلوا في الشرك، وتطابقت السرائر والضغائن التي في الصدور على النَّيل من هذا الدين، ومن حماة عقيدة سيد المرسلين.
واستمرَّت على مرِّ هذه الحقب بلا كللٍ ولا ملل، وبكلِّ ما تملك من قدرات اقتصادية وعسكرية، وبكل ما يحمل علماؤها من فلسفات مُضلَّة، وأفكار هدَّامة، وعقائد زائغة، ونقول زائفة، من صنع أناس لا إيمان لهم بدين أو نبي مرسل، حب الدنيا أكبر همِّهم، والفوز بالشهوات الزائلة منتهى غاياتهم، والرغبة في الانتقام من المسلمين شفاء لغليل صدورهم.
ولا يحملهم على سلوك هذه السبل إلا الحقد على المسلمين، والغيظ على متَّبِعي منهج هذا الدين، والحسد والغل لحماة عقيدة سيد المرسلين، حَمَلةِ مشاعل هذه الرسالة العظيمة التي أنارت الدنيا بالعلم والإيمان، وعقائد التوحيد التي هي دين الأنبياء من آدم - عليه السلام - حتى محمد بن عبدالله خاتم الأنبياء والمرسلين صلى الله عليه وسلم، وهم المأمورون بتبليغِها إلى الناس كافة، وأنها الدين الحق الذي يجب أن نَدِين الله - سبحانه وتعالى - به، قال تعالى في محكم التنزيل: ﴿ شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ ﴾ [الشورى: 13].
فالواجب المُلقَى على عاتق العلماء والصلحاء والدعاة في هذه الأمة أن يحفظوا الأمانة، وينفذوا الوصية، وهي إقامة الدين الحق، الذي هو توحيد الله سبحانه وإفراده بالعبودية، ونبذ الشرك والبدع والنِّحل وكل ما يخالف الشرع، وعدم إشاعة روح الفُرْقة والنزاع بين أبناء الأمة المسلمة، التي يتلذَّذ الأعداء بسماع أنبائها وشيوع أخبارها.
ومن واجباتهم العمل على تقويةِ لُحْمة المجتمع المسلم، والتمسك بالجماعة، وطاعة أولياء الأمور من أهل الحل والعقد، وأن يتكفَّلوا ببيان عقيدة التوحيد التي وردت في الكتاب والسنة للناس أحسن بيان، وتوضيحها خير توضيح، والحث على التزامها والتمسك بها، والدفاع عنها، وحماية جنابها، والتضحية من أجلها بالمال والنفس وكل ما هو غالٍ ونفيس؛ فإنها هي العهد الذي عهِده إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي يجب علينا التمسُّك به، والمحافظة عليه، والدفاع عنه، وأن نعمل بمقتضاها، ونلتزم بأوامرها، ونحفظ جنابها، ونلتزم حدودها ولا نتجاوزها، ونترك ما خالفها من البدع والنِّحل والعقائد التي ليس لها دليلٌ من كتاب أو سنة، وتعليمها وتفهيمها للناس في المساجد والمدارس، وفي التجمُّعات، وبين أفراد الأسرة الواحدة.
وإن هذا العمل ليس واجبَ العلماء فحسب، إنما هو واجب العالِم في المسجد، والمُعلِّم في المدرسة، والعامل في عمله، والبائع في سوقه، والفلاَّح في حقله، والمثقَّف والأديب في منتداه، والأبُ والأم في أُسرتِهما وبين أهلهم وأحبائهم؛ لأن القيام بتبليغ الرسالة وتعليم العقيدة الصحيحة هو جهاد وعلم وعمل، فعن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه قال وهو يخطب: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا تزال من أمتي أمَّةٌ قائمة بأمر الله، لا يضرُّهم مَن خذَلهم ولا مَن خالفهم، حتى يأتي أمرُ الله وهم على ذلك))، وفي رواية قال: قال لي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن يُرِدِ الله به خيرًا يُفقِّهْه في الدِّين، ولا تزالُ عصابة من المسلمين يُقاتِلون على الحقِّ، ظاهرين على مَن ناوَأهم إلى يوم القيامة))؛ أخرجه البخاري ومسلم.
وعن عِمران بن حُصَين رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين على مَن ناوأهم، حتى يقاتل آخرُهم المسيحَ الدَّجال))؛ أخرجه أبو داود.
وعن جابر بن عبدالله رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تَزالُ طائفةٌ من أمَّتي يُقاتِلون على الحق، ظاهرين إلى يوم القيامة، فينزل عيسى، فيقول أميرُهم: تعالَ صَلِّ لنا، فيقول: لا، إِنَّ بعضَكم على بعض أمراءُ تكرمةَ الله هذه الأمة))؛ أخرجه مسلم.

اكتب تعليق

أحدث أقدم