رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يتحدث عن فقه اللغات السامية

رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يتحدث عن فقه اللغات السامية



بقلم المفكر العربي الدكتور خالد محمود عبد القوي عبد اللطيف
مؤسس ورئيس اتحاد الوطن العربى الدولى
رئيس الإتحاد العالمي للعلماء والباحثين
الرئيس التنفيذي لجامعة فريدريك تايلور بالولايات المتحدة الأمريكية
الرئيس التنفيذي لجامعة بيرشام الدولية بأسبانيا
الرئيس التنفيذي لجامعة سيتي بكمبوديا
مستشار مركز التعاون الأوروبي العربي بألمانيا الإتحادية
مما لا شك فيه أن العلماء يرونّ أن صلات القربى، والصفات الجامعة بين اللغات السامية كثيرة وواضحة، وأشد ظهوراً مما هي بين مجموعة اللغات الهندية الأوربية، وقد مر بنا أن بعض علماء العربية تنبهوا إلى العلاقة والرابطة بين العربية وغيرها دون معرفة بتلك اللغات.
أما اللغات الهندية الأوربية فلا يستطيع إدراك الروابط بينها الباحثون المدققون.
وأسباب كثرة الروابط بين اللغات السامية كثيرة منها:
1- أن الساميين لم يتفرقوا في مناطق شاسعة متباعدة من الأرض كما هو الحال بالنسبة للغات الهندية الأوربية.
2- وأن الساميين مع تفرقهم وانتشارهم لم تنقطع الاتصالات بينهم، ولم تتوقف هجراتهم.
3- أن أكثر اللغات السامية ترتبط بالأديان والحضارات التي حرص أهلها عليها، وتمسكوا بها، فارتباط العربية بكتاب الله - تعالى - وتمسك اليهود والسريان والآراميين وغيرهم بمعتقداتهم وعباداتهم جعلهم يرتبطون بلغتهم، فلم ينلها تغير كبير، ولم تبتعد عن أصولها الأولى بعداً واسعاً.
أما أهم الخصائص التي تجمع اللغات السامية فهي ما يلي:
1- من الناحية الصوتية: تمتاز اللغات السامية باحتوائها على حروف الحلق (الهمزة والهاء والعين والحاء والغين والخاء) بحيث لا تخلو لغة سامية من بعض هذه الحروف، ويضيع منها بعضها، أو يتحول إلى صوت آخر تحت تأثير اللغات الأخرى.
وقد استنتج العلماء أن السامية كانت تعرف حروف الحلق كما هي في العربية، وأن فقدها من غير العربية طرأ على الساميات، خصوصاً حرف (الحاء) حيث زعم ابن فارس - رحمه الله - في كتابه الصاحبي أن الحاء، والظاء مما اختصت به العرب.
وقال - أيضاً -: (وزعم أناس أن الضاد مما اختصت به العرب دون غيرهم).
وحروف التفخيم أو الإطباق: (ص، ض، ط، ظ، ق) من مميزات اللغات السامية، وقد أجمع الباحثون على وجود القاف والطاء والصاد في كل اللغات السامية، أما الظاء فيظن أنها متطورة عن الصاد، والضاد من خصائص العربية فلا توجد في غيرها - كما مر -.
والحروف بين الأسنانية (ذ، ث، ظ) مما تميز السامية؛ فالذال والثاء صوتان أصليان في السامية الأولى، وإن فُقدا من بعض اللغات السامية وتحولا إلى أصوات أخرى كما هو الحال في العاميات العربية.
2- ومن الناحية الصرفية: تعتمد اللغات السامية على الأصوات الساكنة، ويتحدد معنى الكلمة بالسواكن، ولا يكون للحركات قيمة كبيرة في ذلك، ويغلب على اللغات السامية الأصول الثلاثية، ويوجد فيها بعض الأصول الثنائية والرباعية، كما أن اللغات السامية لغات اشتقاقية تصريفية، وتعتمد على السوابق واللواحق في الزيادة على المعنى الأصلي.
3- وزمن الفعل في اللغات السامية ينقسم إلى ماض، ومستمر، ولا تعرف اللغات السامية في الأصل غير هذين الزمنين على حين نرى اللغات الهندية الأوربية ينقسم زمن الفعل فيها إلى عدة أقسام.
4- وتعرِفُ اللغاتُ الساميةُ حالتين فقط من حيث الجنس، وهما المذكر والمؤنث ولا تعرف نوعاً ثالثاً، وتدخل ما ليس بمذكر أو مؤنث حقيقي في أحدهما مجازاً.
5- كما أن اللغات السامية تُقَسِّم الاسم من حيث العدد إلى مفرد ومثنى وجمع، والمثنى لا يعرف في كثير من اللغات.
6- وظاهرة الإعراب ظاهرة ساميَّةٌ قديمة، فهي معروفة في النقوش القديمة كالأكادية كما هو الحال في العربية، وفَقْدُ الإعراب في بعض اللغات السامية حَدَثٌ متأخر.
7- ومما يربط بين اللغات السامية أننا نجد كثيراً من المفردات تتشابه معانيها، كالاشتراك في الضمائر، والأعداد، وأسماء الأسرة، وأعضاء الجسم، وبعض الألفاظ الدالة على المعيشة.
هذه الصفات والخصائص المشتركة بين اللغات السامية جعلت الباحثين يؤكدون أنها لغات لها أصل واحد، وهذا لا يعني أنه لا يوجد اختلافات بين هذه اللغات، فبالإضافة إلى ما أصاب اللغات السامية من تغيير في أصواتها وما دخلها من ألفاظ واستعمالات - فإن بينها فروقاً ليست قليلة في أداة التعريف، وعلامات التثنية والجمع، وكثير من المفردات.
أما أقدم لغة سامية، أو أقرب لغة سامية إلى الأصل المشترك، أو اللغة الأولى للساميين كما يتصورها العلماء - فهو أمر مختلف فيه وإن كان أكثرهم يرى أن العربية أقرب اللغات إلى السامية الأولى؛ فالأبجدية الصوتية التي رسمها العلماء للسامية الأولى قريبة إلى حد ما من الألفبائية العربية، والعربيةُ لم تَفْقِد شيئاً من مخارجها، وحافظت على ظاهرة الإعراب كاملة، كما أن المفردات والتصريف، وتركيب الجملة السامية الأولى مما حافظت عليه العربية، وليس ذلك غريباً إذا ما تذكرنا أن أرجح الآراء ترى أن جزيرة العرب موطن الساميين، ومن ثم يكون سكان الجزيرة الذين لم يغادروا أرضهم ولم يختلطوا إلا قليلاً بغيرهم، والذين توارثوا الديانات والحضارات - هم أجدر الناس بالمحافظة على خصائص لغتهم الأم.

اكتب تعليق

أحدث أقدم