رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يؤكد على إحترام الكبير

رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يؤكد على إحترام الكبير

 


رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يؤكد على إحترام الكبير
بقلم \ المفكر العربى الدكتور خالد محمود عبد القوي عبد اللطيف
مؤسس ورئيس اتحاد الوطن العربي الدولي
رئيس الإتحاد العالمي للعلماء والباحثين
الرئيس التنفيذي لجامعة فريدريك تايلور بالولايات المتحدة الأمريكية
الرئيس التنفيذي لجامعة بيرشام الدولية بأسبانيا
الرئيس التنفيذي لجامعة سيتي بكمبوديا
مستشار مركز التعاون الأوروبي العربي بألمانيا الإتحادية العربي الدولي
ما لاشك فيه أن ديننَا الإسلاميَّ الحنيفَ مبنيٌّ في حقيقتهِ على أسسٍ وجوانبَ ثلاثة’، أولُ هذه الجوانبِ هو جانبُ العقيدةِ، ثم العباداتِ، بالإضافةِ إلى المعاملاتِ والقيمِ والأخلاقِ، كلُّ جانبٍ مِن هذه الجوانبِ الثلاثةِ يُعدُّ بمثابةِ ضلعِ مثلثٍ، إذا انعدمَ ضلعٌ ضاعَ معالمُ المثلثِ كلِّهِ، فلا قيمةَ لصلاةِ العبدِ ما لم يكنْ لصلاتهِ أثرٌ في أخلاقهِ ومعاملاتهِ وردودِ أفعالهِ تجاهَ الأخرين، قالَ سبحانَهُ وتعالى عن الصلاةٍ: ( وَأَقِمِ الصَّلَاةَ ۖ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ ۗ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ) سورة العنكبوت (45).
و الاحترامُ بوجهٍ عامٍّ واحدٌ مِن أهمِّ القيمِ الأخلاقيةِ والإنسانيةِ التي دعا إليها الدينُ الإسلاميُّ الحنيفُ، وذلك بأنْ يسودَ الاحترامُ بينَ كلِّ فئاتِ وأفرادِ المجتمعِ كلِّهِ، فيسودَ الاحترامُ والتقديرُ بينَ الزوجينِ، وبينَ طالبِ العلمِ وأستاذهِ، وبينَ الناسِ بعضهِم بعضًا، سواءٌ بينَ الجيرانِ بعضهِم بعضًا، وكذلك يكونُ الحالُ في الشارعِ وفي المرافقِ والأماكنِ العامةِ، وكذلك مِن الصغيرِ تجاهَ الكبيرِ، وهو محورُ حديثِنَا اليوم.
إنَّ أولَى الناسِ مِن الكبارِ بالاحترامِ والتقديرِ على الإطلاقِ هُما الوالدان،
ولذلك جاءتْ نصوصٌ كثيرةٌ في القرآنِ الكريمِ والسنةِ النبويةِ الشريفةِ بالدعوةِ إلى احترامِ وتقديرِ الوالدين، قالَ تعالى ((وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا)) (24) سورة الإسراء.
كم نلاحظُ في الآيتينِ الكريمتينِ وغيرِهِمَا التي جاءتْ في نفسِ السياقِ المكانةَ العاليةَ مِن الاحترامِ والتقديرِ التي وهبَهَا اللهُ سبحانَهُ وتعالى للوالدين، يكفِي أنَّ الإحسانَ إليهمَا جاءَ في القرآنِ الكريمِ مقترنًا بعبادةِ اللهِ سبحانَهُ وتعالى وتوحيدِهِ، فقد كانت هذه الآيةُ الكريمةُ واحدةً مِن أربعِ آياتٍ جاءتْ على هذا النسقِ في القرآنِ الكريمِ.
والنبيُّ ﷺ أكدَ على هذا المعنى في أحاديثَ كثيرةٍ منها ما أخرجَهُ الشيخانُ مِن حديثِ أبي هريرةَ رضي اللهُ عنه قال: قالَ رسولُ اللهِ ﷺ (جَاءَ رَجُلٌ إلى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَقالَ: مَن أَحَقُّ النَّاسِ بحُسْنِ صَحَابَتِي؟ قالَ: أُمُّكَ قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: أُمُّكَ قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: أُمُّكَ قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: أَبُوكَ)، وفي حَديثِ قُتَيْبَةَ: مَن أَحَقُّ بحُسْنِ صَحَابَتي وَلَمْ يَذْكُرِ النَّاسَ.
والواقع أن احترامُ الوالدينِ له صورٌ متعددةٌ، ومِن جملةِ هذه الحقوقِ الواجبةِ على الأبناءِ تجاهَ آبائِهِم: الاحترامُ المطلقُ في جميعِ الأوقاتِ، فلا يتفوّهُ بكلمةٍ تغضبهُمَا أو تسيءُ إليهِمَا أو تعكرُ مزاجَهُمَا، ولا يرفعُ صوتَهُ بحضرتِهِمَا، كمَا أكدَ الدينُ الحنيفُ على وجوبِ الإنفاقِ على الوالدينِ وتحقيقِ رغبتهِمَا، وتلبيةِ طلباتِهِمَا بقدرِ الاستطاعةِ، دونَ تأففٍ أو ضجرٍ.
لقد بيّنَ النبيُّ ﷺ أنّ مِن مبادئِ هذا الدينِ العظيمِ أنْ يوقرَ ويحترمَ الإنسانُ مَن هُم أكبرُ منَّا سنًّا، فعن عبدِاللهِ بنِ عمرو رضي اللهُ عنهما بسندٍ صحيحٍ قال، قالَ النبيُّ ﷺ: ( من لم يرحَمْ صغيرَنا، ويعرِفْ حقَّ كبيرنا وفي لفظ: و يُوَقِّر: كبيرَنا فليس منَّا)، وليس أدلَّ على توقيرِ وتقديرِ الإسلامِ للكبيرِ مِن تقديمهِ وتفضيلهِ على غيرهِ كإمامٍ في الصلاةِ التي هي إحدى أركانِ هذا الدينِ العظيمِ، فقد أخرجَ الترمذيُّ بسندٍ صحيحٍ مِن حديثِ مالكِ بنِ الحويرثِ رضي اللهُ عنه قال: ( قَدِمْتُ على رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ أَنا وابنُ عمٍّ لي ، فقالَ لَنا: إذا سافرتُما فأذِّنا وأقيمَا، وليؤُمَّكُما أَكْبرُكُما)).
إنّ احترامَ الإنسانِ لِمَن يكبرهُ في السنِّ أمرٌ يدلُّ على كرمِ أخلاقِ وحسنِ تربيةٍ لِمَن يصنعُ ذلك، وقبلَ كلِّ ذلك يدللُ على امتثالِ الشخصِ لأوامرِ النبيِّ ﷺ حينَ أمرَ باحترامِ الكبيرِ، وها هو واحدٌ مِن أصحابِ رسولِ اللهِ ﷺ مِمّن تربُّوا على قيمِ وأخلاقِ الإسلامِ يطبقُ لنَا ذلك عمليًّا، إنّهُ عبدُ اللهِ بنُ عمرَ بنُ الخطابِ رضي اللهُ عنهما، فقد ضربَ مثالًا في احترامِ الكبيرِ يُعدُّ بمثابةِ رسالةٍ حيّةٍ لكلِّ الشبابِ في هذا المجالِ في كيفيةِ احترامِ الكبيرِ فقد أخرجَ الشيخان عن عبدِ اللهِ بنِ عمرَ رضي اللهُ عنهما قالَ: قالَ النبيُّ ﷺ (إنَّ من الشجرةِ شجرةٌ لا يسقطُ ورقها وهي مثلُ المؤمنِ حدِّثوني ما هيَ قال عبدُ اللهِ فوقعَ الناسُ في شجرِ البوادي ووقع في نفسي أنها النخلةُ فقال النبيُّ ﷺ هي النخلةُ فاستحييتُ يعني أن أقولَ قال عبدُ اللهِ فحدَّثتُ عمرَ بالذي وقعَ في نفسِي، فقالَ لأنْ تكونَ قلتَهَا أحبُّ إليَّ مِن أنْ يكونً لي كذَا وكذَا )، وفى روايةٍ (إنَّ مِنَ الشَّجَرِ شَجَرَةً)، في هذا الحديثِ الشريفِ ترَى كيف يكونُ الاحترامُ للكبيرِ، إنَّها صورةٌ مثاليةٌ جسدَهَا لنا الصحابيُّ الجليلُ عبدُ اللهِ بنُ عمرً، ما أحوجنَا إلى التأسِّي والاقتداءِ بهذه النماذجِ المشرقةِ.
إنَّ دينًا ليدعُو إلى احترامِ الإنسانِ، وتكريمهِ بصرفِ النظرِ عن جنسهِ أو عقيدتهِ، أيْ وربِّى، بل بغضِّ النظرِ عن حياتهِ مِن موتهِ لهو دينٌ عظيمٌ فهذا هو أسعدُ الخلقِ سيدُنَا مُحمدٌ ﷺ كما جاءَ في الصحيحينِ (أنَّ قَيْسَ بنَ سَعْدٍ، وَسَهْلَ بنَ حُنَيْفٍ، كَانَا بالقَادِسِيَّةِ فَمَرَّتْ بهِما جِنَازَةٌ فَقَامَا، فقِيلَ لهمَا: إنَّهَا مِن أَهْلِ الأرْضِ، فَقالَا: إنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ مَرَّتْ به جِنَازَةٌ، فَقَامَ فقِيلَ: إنَّه يَهُودِيٌّ، فَقالَ: أَليسَتْ نَفْسًا. وفي رواية: كُنَّا مع رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ فَمَرَّتْ عَلَيْنَا جِنَازَةٌ)، ومِن هنا فلا نعجبُ حينَ يدعونَا الإسلامُ إلى احترامِ وتقديرِ الكبيرِ، ولكن علينَا أنْ نطبقَ ذلك على أرضِ الواقعِ فننزلَ كبيرَ السنِّ منزلتَهُ التي تليقُ بهِ فلا نتعدّى على حقّهِ في المركباتِ العامةِ مثلًا، لا يستغلُّ الشابُ قوتَهُ فيقومَ بمزاحمتهِ ودفعهِ في بعضِ المواقفِ التي فيها زحامٌ بل ينبغِي مراعاتُهُ والأخذُ بيدهِ، وتقديمُهُ على غيرهِ في المسارعةِ بقضاءِ حوائجهِ.

اكتب تعليق

أحدث أقدم