الاستاذ الدكتور إبراهيم محمد مرجونة يكتب .....الهلفوت والضبع

الاستاذ الدكتور إبراهيم محمد مرجونة يكتب .....الهلفوت والضبع

 


مقال بعنوان : الهلفوت والضبع.

ا.د إبراهيم محمد مرجونة 

من الأفلام الشهيرة للفنان عادل إمام فيلم “الهلفوت”، والتي كانت تدور أحداثه حول ”عرفة” الرجل التافه ثقيل اللسان ضعيف البنية، والذي كان كل أمله في الحياة أن يتزوج.

والفتوة “عسران الضبع” والذي جسده الراحل صلاح قابيل، ذلك القاتل الأجير الخارج على القانون، الذي يحيا على سمعته السابقة بأنه دموي لا يفلت من يعاديه أو يحاول أن يقف أمامه.




وذلك “الفتوة” عاش متحصنا ب ”الرعب” الذي صدره لأهل القرية الضعفاء، وهو يعلم أن ضعفهم وخوفهم من المواجهة سيكون قضبانا لسجن أدخلوا أنفسهم فيه.

وتمر الأحداث، إلى أن يذهب “عرفة” إلى بيت “عسران”، ويكتشف أن ذلك الفتوة المتستر رجل هزيل ضعيف مريض، يتحامل لكي يبدو قويا، يخاف من أي أحد يطرق باب حجرته، ذلك الباب الذي كان يضع عليه أقفالا حديدية جعلته وكأنه “متراس” يحتمي خلفه.

وأمام صدمة “عرفة” وذهوله من ذلك الفتوة الذي انهار أمامه، وتحوله في نظره من أسطورة إلى أشلاء إنسان، قرر مخرج الفيلم أن ينقلنا إلى مشهد لخص الحكمة من العمل، وهو مشهد التصادم بين الفتوة مدعي القوة، والهلفوت الضعيف، والذي بعد أن كان لا يجرؤ على مجرد التفكير في الاعتراض على ذلك السفاح، بات قويا بالحقيقة التي عرفها، وفي هذا العراك مات “الفتوة” خوفا !!



ورغم أن الكشف على الفتوة أثبت أنه مات بسكتة قلبية، لم يتحمل سماع صوت القطار يمر بجانبه وهو على قضبان السكك الحديدية فالقصص والأساطير الخرافية التي نسجت حوله غواء وصنعت منه أكذوبة الضبع الذي لا يقهر،إلا أن “عرفة” الهلفوت صار أمام الناس “الفتوة” الجديد الذي قهر “عسران الضبع ” وأرداه قتيلا.

فا عرفة في نظرهم المخلص والبطل الشعبي الذي خلصهم من الفاسد المجرم القاتل المأجور وحتى وإن كانوا يعلموا يقينا أن عسران مات بالسكته فيكفي أن الهلفوت هو من تحدى عرفة وقال لا...؟!

فكل من على شاكلة عسران الضبع هم الفاشلون ولا يمتلكوا سوى ثقافة الضجيج والبطولات الوهمية،وما بين الحين والآخر يخرج لنا من يستعرض بطولات وهمية على طريقة “السوبيرمان” الذي سينقذ الجميع من الأخطار ويضحي بحياته من أجلهم.




وقد كان الكاتب رائع في إختيار الاسم عسران الضبع لأن الضبع من المستحيل أن يكون بطل أو شجاع فهو خائن خسيس  مولع ينبش القبور لكثرة شهوته للحوم بنى آدم، ومتى رأى إنساناً نائماً حفر تحت رأسه وأخذ بحلقه فتقتله وشرب دمه. وهو فاسق، لا يمر به حيوان من نوعه إلا علاها ويضرب العرب به المثل فى الفساد والخيانة ، فإنه إذا وقع فى الغنم عاثت، ولم يكتف بما يكتفى به الذئب، فإذا اجتمع الذئب والضبع فى الغنم سلمت لأن كل واحد منهما يمنع صاحبه.



فلا تثق يوماً في ضبع ولا تعطيه ظهرك حتى وإن كنت هلفوت فلن يكتفي بالقضاء عليك ولكن سا ينبش قبرك .

وكما قال أحمد خالد توفيق: اعتقادك أن العالم سيعاملك بلطف لأنك إنسان طيب، يشبه اعتقادك أن الأسد لن يأكلك لأنك شخص نباتي.

وكن على يقين بأن : لا شيء يُعطى للإنسان تلقائيًا، لا المعرفة، ولا الثقة بالنفس، ولا السَّكينة الداخلية، ولا الطريقة الصحيحة لاستخدام العقل ، فكلّ قيمة يحتاجها أو يريدها الإنسان عليه اكتشافها، تعلّمها واكتسابها. – آين راند.





اكتب تعليق

أحدث أقدم